أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - [59]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب حول تجربتها الأدبيّة والنّقديّة والتّرجمة والتَّشكيل الفنّي














المزيد.....

[59]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب حول تجربتها الأدبيّة والنّقديّة والتّرجمة والتَّشكيل الفنّي


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 6123 - 2019 / 1 / 23 - 10:10
المحور: الادب والفن
    


صبري يوسف

59. كيف يتصالح الإنسان مع ذاته ويتسامى رويداً رويداً مع الآخر ويحقِّق وئاماً مشتركاً مع بني جنسه؟

د. أسماء غريب

صعبٌ جدّاً أن يتصالحَ الإنسانُ مع ذاته، لأنّ ما ارتُكِبَ إلى اليوم في حقّ الإنسانيّة جمعاء من مجازر وجرائم بيد الإنسان نفسه، يجعلُ مسألة المصالحة هذه أمراً شبه مستحيلٍ! أيْ نعم، قَدْ يَتَفَيْقَهُ بعضُ رجال العرفان والدّين ويقولُ إنّ بابَ العودة مفتوح دائماً للجميع، وإنّ من حقّ كلّ إنسانٍ أن يعود عن غيّه، ويهتدي إلى طريق الصّلاح والفلاح ويلتزم بالخويْصة، ويبقى مرابضاً على عتبة الطّريقة المثلى، لكنّي أقول إنّ هذا الأمرَ واردٌ حقّاً لكنّه ليس بالسّهولة الَّتي قد يتصوّرُهَا البعضُ، إنّما الأعمالُ تُحْصى ويُحاسَبُ عليها النَّاسُ جيلاً بعد جيل في الدّنيا قبل الآخرة، وكلّ ما نراه اليوم من ألمٍ وعذابٍ إنَّما هو من سوء العمل الَّذي يُرَدُّ إلى الخَلْقِ كما هُوَ، ليسَ لأنّ خالقَهم هو من يردُّهُ عقاباً وتجبُّراً منه، وإنّما هي مسألة فيزيائيّة كونيّة قديمة قدم الإنسانِ مفادُها أنّ لكلّ فعل ردّة فعل مساوية له في المقدار ومعاكسة في الاتّجاه، والفعلُ هنا يشملُ القولَ أيضاً، ولننظُر ماذا وكم فعلَ وقالَ الإنسانُ إلى اليوم، ولنَقِس بهِ ردّة الفعل المُساوية والموازية له، ولنكتشفْ على الأقلّ شيئاً واحداً: رحمةَ الخالق وعدله، لأنّه لو كان حقّاً يؤاخِذُ كلّ مخلوق بجرائره لما بقي على ظهرها أحد.

ويبقى الشّاهدُ على جرائم الإنسان جسدُهُ الغيبيّ الأثيريّ الّذي أشرتُ إليه في الجواب السّابق، إذ حينما يحينُ "الأجلُ" تضطربُ الرّوحُ وهي ترى الجسدَ التّرابيَّ يتهاوى ويتشقّقُ فتخرجُ قواه وأرواحه وصورُ الأعمال والأقوال والاعتقادات متجسّدةً أمام عينيه بكلِّ أثقالها وأوزارها، وهناك يصبح كلّ شيء يتحدّثُ بلسان الحقِّ والعدل والحساب مصداقاً لقوله عزّ وجلّ في سورة الزّلزلة: (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا، وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا، وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا، يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا، بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا، يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ، فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).
على الإنسانِ أن يُزلْزِلَ أرضَ بدنهِ، هذا هو الحلّ الوحيد من أجل تحقيق المصالحة مع نفسه ومع الغير، عليه أن يَرى أعمالَهُ وجهاً لوجه، أن يُقارعَ نفسَه ويُسَايِفَ إبليسَ الرّابض فيه. وإذ أتحدّثُ عن الزّلزلة هنا فإنّي لا أعني بها الموتَ الأكبر ولا القيامةَ الكبرى، وإنّما الموتَ الأصغر الَّذي هو صلبُ الرّوح على خشبة الحساب، وإلّا فكيف سنسعى إلى خلاصنا ما لم نحملْ صلباننا ونذهبْ باحثينَ عن سيّدِنا، أليسَ هو من قالَ: اترك نفسكَ وتعالَ؟! إذن هو ترْكُ النّفس الَّذي يجبُ القيام به، إنّه موتٌ من نوع آخر، وهو لا يتحقّقُ للجميع وعبثاً يدّعي الكثيرُ من النّاس سهولة وبساطةَ الأمر، فهُم لا يعرفون حقيقةً من تكونُ النّفسُ، ولا كيف هيَ ولا مدى قوّتها وكيْدها وجبروتها، وما الخرابُ الَّذي يعيشه العالم سوى أكبر دليل على ذلك.

وكلّ من يتركُ نفسَه فهو غريبُ الدّاريْن؛ هنا وهناكَ، لأنّهُ يغتربُ من أجلِ خالقِهِ ويحاولُ أن يقطعَ في سبيلهِ كلّ المسافات والعوائق الحائلة بينهُما فيحدثُ أن يستهجنَهُ النّاسُ ويعتبرونه شاذّاً عنهُم وعن حياتهم، فينعتونه تارة بالجنون، وتارة بالزّندقة وتارات أخرى بأشياء ما أنزل اللهُ بها من سلطان.

وغربة الإنسانِ من أجل تصالحه مع ذاته واسترجاع جسده الملكوتيّ تقتضي الكثيرَ من الصّبر والجَلَدِ، وأعني بهذا، الصّبرَ باللهِ وفيه، أيْ في تجلّياتِ صفاته والاتّصاف والتّحلّي بها، فهل فينا من يستطيعُ ذلك؟ إذا حدثَ هذا فقد نجا الإنسانُ الَّذي ليس لي سوى أن أهمس في أذنه قبل ختم هذا الجواب: احذر أخي الإنسان المعلّمينَ المزيّفين فما أكثرهم في هذا الزّمن، ولتجعل معلّمكَ وملجأكَ الوحيد، سيّدُك وخالقُكَ الّذي ما خابَ أبداً من طرق بابَه والتجأ إليه، لأنّه هو وحده نِعْمَ الأب والمُعَلّمِ والرّكنِ والسّند، وما عداه فغثاء أحوى يا هذا! واسمع معي التَّوحيديّ وهو يقولُ لكَ: ((أنت الغريبُ في معناك. أيُّها السَّائل عن الغريب! اعملْ واحدة ولا أقلَّ منها، وإذا أردتَ ذِكرَ الحقّ فانسَ ما سواه، وإذا أردتَ قُرْبَه فابعدْ عن كل ما عداه، وإذا أردتَ المكانةَ عنده فدَعْ ما تهواه لما تراه، وإذا أردتَ الدّعاء إليه فمَيِّزْ مالكَ ممّا عليك في دعواه. طاعاتُك كُلّها مدخولة، فلذلك ما هي ليست مقبولة. همِمُكَ كُلّها فاسدة، فلذلك ما ليست هي صاعدة. أعمالك كلها زائفة، فلذلك ما ليست نافعة. أحوالك كلها مكروهة، فلذلك ما ليست هي مرفوعة. ويلَك! إلى متى تنخدع، وعندك أنّك خادع؟ وإلى متى تظنّ أنك رابح، وأنت خاسر؟ وإلى متى تدّعي، وأنت منفيّ؟ وإلى متى تحتاج، وأنت مكفيّ؟ وإلى متى تُبدي القلق، وأنت غنيّ؟ وإلى متى تهبط وأنت عَلِيّ؟ ما أعجبَ أمراً تراه بعينِكَ، ألهاكَ عن أمرٍ لا تراه بعقلك)).



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- [58]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [57]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [56]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [55]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [54]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [53]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [52]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [51]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- الجزء الثاني: كلمة صبري يوسف، رحلة المئة سؤال وجواب رحلة فسي ...
- مقدّمة الأديب والتَّشكيليّ صبري يوسف والخاصّة بالكتاب النّقد ...
- مقدّمة الأديب والتَّشكيلي صبري يوسف والخاصّة بديوان (99 قصيد ...
- 50. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ح ...
- [49]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [48]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [47]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [46]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [45]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [44]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [43]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...
- [42]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب ...


المزيد.....




- -بث حي-.. لوحات فنية تجسد أهوال الحرب في قطاع غزة
- فيلم سعودي يحصد جائزة -هرمس- الدولية البلاتينية
- “مين بيقول الطبخ للجميع” أحدث تردد قناة بطوط الجديد للأطفال ...
- اللبنانية نادين لبكي والفرنسي عمر سي ضمن لجنة تحكيم مهرجان ك ...
- أفلام كرتون طول اليوم مش هتقدر تغمض عنيك..  تردد قناة توم وج ...
- بدور القاسمي توقع اتفاقية لدعم المرأة في قطاع النشر وريادة ا ...
- الممثل الفرنسي دوبارديو رهن التحقيق في مقر الشرطة القضائية ب ...
- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...
- بمشاركة 515 دار نشر.. انطلاق معرض الدوحة الدولي للكتاب في 9 ...
- دموع -بقيع مصر- ومدينة الموتى التاريخية.. ماذا بقى من قرافة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - [59]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب حول تجربتها الأدبيّة والنّقديّة والتّرجمة والتَّشكيل الفنّي