|
في نقد الثقافة الهامشية من اجل ثقافة بديل
آدم روبي
ناشط حقوقي وسياسي مغربي وباحث سوسيولوجي
(Roubi Adam)
الحوار المتمدن-العدد: 5923 - 2018 / 7 / 4 - 09:38
المحور:
الادب والفن
إن مهمة المثقف ليس فقط بناء ثقافة بديلة تعبر عن الطبقات المسحوقة و تقوم بإرساء أسسها لدى اوسع الجماهير الشعبية كجزء من الصراع الايديولوجي الذي يخوضه المثقف العضوي مقابل الثقافة السائدة التي تروج لها وتحافظ عليها الطبقات المسيطرة في مجتمعاتها الطبقية كجزء من بنائها المجتمعي الفوقي. بل ان مهمة المثقف اليوم يجب ان تتعدى ذلك عن طريق استيعاب و تطوير الثقافة الهامشية للجماهير، ومن ثم خلق وعاء ثقافي مركب يحتوي تلك الثقافة التي تعتبر ثقافة هجينة افرزت نتيجة التناقض بين الافكار الطبقية السائدة والواقع الموضوعي الذي تعيشه الطبقات الكادحة بالمجتمع، فهي مجمل الافكار و الاراء السياسية والثقافية والرياضية و الاخلاقية والدينية التي يعبر بها عموما الكادحين ببلادنا بشكل معرفة حسية عن معاناتهم اليومية وواقعهم المأزوم، و هي في اوقات كثيرة ان لم تكن في معظمها تعبر عن اراء لا سلطوية تعترض مع الطبقات المسيطرة اكثر مما تتفق معها وتأيدها. فهي ليست ثقافة سلطوية و مثقفها لا يساند السلطة الا اذا سقط في ذلك، يقول مهدي عامل عن المثقف الهامشي: "الهامشي اذا هو القادر على الكلام على كل شيء، او هكذا يتوهم نفسه، ويوهم الاخرين بانه كذلك، وهو ليس كذلك الا بوهم القدرة على الكلام من موقع رفض المواقع جميعا، من موقع وهمي هو موقع اللاموقع الذي هو موقع الصفر". لقد حاول العديد من المثقفين العضويين كشف هذه الثقافة و توجيه النقد لها واغلب هؤلاء المثقفين كانوا شعراء خصوصا اواسط القرن الماضي بمجتمعاتنا الا ان ذلك النقد ظل حبيس السخرية، وكما يقول مهدي عامل: "لا نريد للسخرية ان تكون وحدها اداة للنقد."، فاننا نرى هاته الثقافة الهامشية في ظرفية صعبية تجتازها الثقافة الشعبية ببلادنا وكافة البلدان التبعية، متميزة بعزلها و تدميرها من طرف النظام الرأسمالي والامبريالية التي تروج لثقافة تقوم على التفسخ و الميوعة و الافراغ العلمي و المعرفي لكافة الارث الثقافي الانساني عموما و للثقافة الديمقراطية و الاشتراكية على وجه الخصوص، وهنا وفي ظل هذه الشروط يمكننا بل من المفروض على المثقف ان يطور أساليبه باستمرار لايجاد اوعية تأطر الثقافة الشفهية الهامشية و تجعلها اكثر تأثرا و ارتباطا بالنظرة النقدية و العلمية للعالم، وذلك عن طريق تعميق اساليب ذلك الربط بماهو سياسي بالدرجة الاولى، فتعميق ذلك المستوى لدى اوسع الجماهير الشعبية هو المدخل الذي سيربط بين هذه الثقافة المرتبطة والمنعكسة في الوهلة الاولى من واقعها الاقتصادي المعيشي اليومي إلى معارف و آراء مدركة. تلك المهمة التي يصعب على المثقف ان يقوم بها اذا لم يكن يسترشد بنظرة مدركة لواقع الصراع الطبقي ببلادنا وبالعالم و مطلع على مستجدات الوضع السياسي محليا ودوليا.
#آدم_روبي (هاشتاغ)
Roubi_Adam#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفن التقدمي ودوره كسلاح ضد القمع والاضطهاد
المزيد.....
-
كرنفال الثقافات في برلين ينبض بالحياة والألوان والموسيقى وال
...
-
ما الأدب؟ حديث في الماهية والغاية
-
رشيد مشهراوي: مشروع أفلام -من المسافة صفر- ينقل حقيقة ما يعي
...
-
شاهد الآن ح 34… مسلسل المتوحش الحلقة 34 مترجمة.. تردد جميع ا
...
-
مصر.. تأييد الحكم بالسجن 3 سنوات للمتسبب في مصرع الفنان أشرف
...
-
بعد مسرحية عن -روسيات ودواعش-.. مخرجة وكاتبة تواجهان السجن ف
...
-
بقضية الممثلة الإباحية.. -تفاصيل فنية- قد تنهي محاكمة ترامب
...
-
مصر.. القبض على فنان شهير بالشيخ زايد بتهمة دهس سيدتين
-
صلاح الدين 25 .. متابعة مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 25 م
...
-
غزة تحت النار.. الشعراء الشهداء إذ ينثرون إبداعاتهم
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|