أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - زهر اللّوز -7-














المزيد.....

زهر اللّوز -7-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5160 - 2016 / 5 / 12 - 15:26
المحور: الادب والفن
    


لو كانت الدّنيا شفّافة بلون نظارتي
ع ترى كلّ الأشياء عن بعد
الدنيا هنا ليست مثل الدنيا هناك
في حياتنا قليل من الكلمات
وبعض التّهم، والتّرهات
. . .
لو كنت أرتدي الدّنيا في كلّ مساء
تفوح منها رائحة السماء
لكنت أجمل في الرّقص والغناء
وملأت الدّروب بجداول رقيقة
يقفز على أطرافها الزهر
تنحني النّفوس تواضعاً
ينتشر الحبّ
وتبدأ الحياة
.. .
هي كلمات أغنّيها كلّ ليلة لا بنتي عندما تنام.
صوت عذب يأتي إلى مسامعي من الخارج الآن.
صوت الرّعيان قادم من فجّ عميق، أحدهم يغنّي، والكلاب تعلن عن وجودها في القطيع.
سوف أركض كي ألتقي بالقطيع عندما يعبر من الشّارع الآخر ، أشّمّ رائحة الرّبيع ، وأسمع صوت الحياة.
عليّ أن أكسر القيود، أغير عاداتي، لم أعرف من هذه الدّنيا شيئاً.
في بعض الأحيان أجلس قرب شجرة اللّوز التي تقع قرب الباب الكبير في حديقتي الخلفيّة. يتراءى لي العالم من خلف نظّارتي جميلاً. أحاول أن أصافحه ، ومهما فعلت لا أصل إليه.
يمكن للإنسان أن يحقّق ما يريد إذا آمن به، لكن ليس أنا. لا أستطيع السّير حتى خطوة واحدة خارج هذا المكان إن لم يرافقني مكرود. لا أعرف أن أركب الحافلة، ولا أن أحجز تذكرة سفر، ولا أزور مدرسة ابنتي.
أجيد التّخيل، أهرب إلى ذاتي كي أعيش عالماً جميلاً بعيداً عن هموم الحياة. ما دمت لا أستطيع حلّ أيّ أمر . لماذا أخرج من حلمي؟
عندما يجلس مكرود يشاهد أخبار العالم على الفضائيات أمتعض. أتمنى لو نتحدّث معاً حول أيّ أمر. أعتقد أن مكرود فقد النّطق. منذ زواجنا توقّف عن الكلام. لكنّه يعوّض بحاسّة السّمع ، ويكتفي بالتّلفاز . مكرود رجل من طين لم ينفخ في جسده الرّحمن بعد.
سوف أتغيّر الآن:
يقع بيت ابنة عمّي رياء قرب الجّامع الكبير.
خلقت رياء جميلة وصاحبة لسان جميل. يسميها زوجها السّاحرة. أحسدها .
في كلّ المناسبات التي كنّا نحضرها سوّية كان زوجها يسرّ لها في أذنها أشياء تدفعها للابتسام. كنت أغار منها، وأندب حظّي ، أعود إلى المنزل حزينة، أقرّر عدم الذّهاب إلى المناسبات. هذا خطأ. أعترف بخطأي. لماذا أغار؟ الغيرة مرض
كيف أمنع نفسي من الغيرة؟
لا أستطيع . الغيرة هي التي تشكّل داخلي. ربما هي ليست غيره لكنّها مقارنة شفّافة.
أكلّم نفسي بينما أسير في الشّارع. أتمنى أن أكفّ عن الانشغال بحديث دائم مع نفسي.
وصلت قرب الجامع، نسيت أين يقع بيت رياء.
إنّه هو. اشترى لها عمّي هذا المنزل معتقداً أنه ضمان لحياتها.
قرعت الجرس. فتحت الباب امرأة لم أعرفها إلا بعد لحظة. كم تغيّرتْ!
-تفضّلي يا زنزلخته. اجلسي. عاتبة عليك . لم تسألي عنّي منذ ثلاث سنوات . هل هكذا تكون صلّة الرّحم؟
-لم تخبريني بشيء، أنا بدوري عاتبة عليك. لم تسألي عنّي.
-أنت محظوظة بزواجك. مكرود رجل بسيط ، وطيب. كم كنت أحسدك عليه . كان زوجي لا يحبّني، لكنّه كان يجيد التّمثيل، صدّقته . في عيد ميلادي الأربعين أخبرني عن نيّته بالزواج بأخرى. سرق منّي شبابي، وحياتي، وحتى هذا البيت الذي أعطاني إياه أبي سجّله باسمه. طلب منّي أن أسجّله باسمه كي يستطيع سحب قرض وشراء سيّارة كي تكون مرتبتنا الاجتماعيّة عالية.
أسماني أبي رياء كي أستطيع كسب الحياة ، وكانت أمّي تعلّمني كيف أحافظ على زوجي. تودّدت له رغم أنّه لا يحبّني . فعلت كلّ شيء لإرضائه، تزوج يوم ميلادي الأربعين بامرأة أخرى لا يحبّها . هي في الخامسة والأربعين لديها مال كثير.
أعلّم ابنتي الآن أن تكون صادقة مع نفسها فقط، وأن لا تنسى نفسها. عندما لا يبادر الرّجل بالحبّ يمكنها أن لا تبادر.
تحسدني رياء على مكرود، وأنا التي كنت أغار منها.
لم أحدّث نفسي في طريق العودة . شيء ما استيقظ داخلي.
هل مكرود فعلاً بسيط يمكن أن أكون في أمان معه؟
دخل إلى قلبي الشّك. إن كان كذلك فلماذا أشعر بكلّ ذلك الاغتراب، والتّوحد معه؟
لماذا أشعر بالرغبة بالبكاء عندما نخرج معاً ؟
لن أفكّر بهذه الطّريقة.
لن يتغيّر مكرود مهما فعلت. عليّ أن أتغيّر من أجل نفسي، أبحث عن ذاتي التي فقدتها.
وصلت إلى المنزل.
أجلس الآن على الدّكة التي تقع قرب شجرة اللوز التي تقع قرب الباب الكبير لحديقتي الخلفية .
حدّثتها عن كلّ ما جرى معي .
أسمعها تقول: لماذا تخاف النّساء؟
النّساء بشر مثل كلّ البشر، يمكن للإنسان البدء من جديد.
لكنّ بعض النّساء ظالمات، ولسن مظلومات يا أمّ الزّهر.
تقول لي شجرة اللّوز: هاتي أمثلة على ذلك.
لا أعرف الإجابة. كلّ شخص يدّعي أنّه مظلوم سواء كان رجلاً أو امرأة ، كلّ ما أعرفه أنّ غريزة الأمومة تدفع المرأة إلى الاستمرار، ولا تخبئ وراء ظهرها أسرار حول كونها أمّ ، ولو كان البعض من النّساء ليس لديه إحساس بهذا الشعور، هنّ قلّة.
لا أحبّ هذا الحديث، ولا حتى حديث ابنة عمّي. الشّعور أنّك ضحيّة يجعلك فعلاً كذلك.
لن أحدّث نفسي بهذا الموضوع. من يرغب بالرحيل فليرحل، إنّني باقية هنا ، وسوف أجلس كلّ ليلة على دكّة قربي شجرة اللوز التي تقع قرب الباب الكبير في حديقتي الخلفية.
وفي كلّ ليّلة سوف أغنّي لا بنتي أغنيّة قبل أن تنام.



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زهر اللّوز -6-
- زهر اللّوز -5-
- زهر اللّوز -4-
- زهر اللّوز -3-
- زهر اللّوز -2-
- زهر اللوز -1-
- حكاية الفحل،والقارورة
- نضال الطّبقة العاملة من أجل عالم أفضل
- وقوع الطّبقة العاملة في فخ - الحرب ضدّ الإرهاب -
- من - عمى ألوان-
- تأثير الفكر الدّيني المتشدّد على المرأة
- نضال الطّبقة العاملة من أجل حقوقها
- الأوّل من أيّار - يوم العمّال العالمي-
- رحلة البحث عن حذاء -1-
- دور المرأة العاملة في المجتمع
- قانون تعنيف الرّجل من قبل المرأة
- نحن من يصنع الرّموز
- الهروب
- بيوتٌ لا يدخلُها النّور
- مسٌّ من ربيع


المزيد.....




- “فرحي أولادك وارتاحي من زنهم”.. التقط تردد قناة توم وجيري TO ...
- فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي ...
- ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ ...
- بعد مسرحية -مذكرات- صدام.. من الذي يحرك إبنة الطاغية؟
- -أربعة الآف عام من التربية والتعليم-.. فلسطين إرث تربوي وتعل ...
- طنجة تستضيف الاحتفال العالمي باليوم الدولي لموسيقى الجاز 20 ...
- -لم أقتل زوجي-.. مسرحية مستوحاة من الأساطير الصينية تعرض في ...
- المؤسس عثمان الموسم 5.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 باللغة ...
- تردد قناة تنة ورنة الجديد 2024 على النايل سات وتابع أفلام ال ...
- وفاة الكاتب والمخرج الأميركي بول أوستر صاحب -ثلاثية نيويورك- ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - زهر اللّوز -7-