أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فخر الدين فياض - أبو محلوقة..!!القصة الفائزة بالمركز الأول في مهرجان المزرعة الأدبي والفني في سوريا _2002















المزيد.....

أبو محلوقة..!!القصة الفائزة بالمركز الأول في مهرجان المزرعة الأدبي والفني في سوريا _2002


فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري

(Fayad Fakheraldeen)


الحوار المتمدن-العدد: 1340 - 2005 / 10 / 7 - 11:09
المحور: الادب والفن
    


أبو محلوقة..!!
القصة الفائزة بالمركز الأول في مهرجان المزرعة الأدبي والفني في سوريا _2002
لم يكن يدري من أين أتاه هذا اللقب (أبو محلوقة)!!
هو يحب مدينته وحجارتها السوداء حتى العظم..
وفي لحيته الكثة يختزن أحزان فقراء تلك المدينة الريفية وهمومهم.. يختزن غبار الأرصفة الحبيبة ورائحة خبزها ودوابها.
قرأ أشياء عن (الثورة العالمية) وأشياء عن (البروليتاريا)..
أحب كوبا وموسكو حتى العبادة.. وانتظر مهللاً لأفق أحمر.. ومناجل ومطارق وغدٍ يحمل له خبزاً وحرية.
لكن لقب (أبو محلوقة) يعكر عليه حبه للأشياء الحمراء.. والحلم الأحمر!!
وأغلب الظن أن لقب (أبو محلوقة) كان يتعلق بلحية أبيه.. الذي لم يكن يضبط (البارومتر) الحراري داخل سراويله، فيردعه (المشايخ) بتقليم لحيته عقاباً له على زلاته و (ولدنته)!!.
طالما رفض الهجرة.. وعاند، مثل صخور بلاده أية فكرة للرحيل يوسوس له بها أحد (البرجوازيين الصغار) هؤلاء (الشياطين الجبناء) و(الحشرات الطفيلية على الثورة) كما يحب أن يسميهم.. ويردف باعتزاز: (هل سمعت يوماً أن صخرة قد هاجرت من منبتها.. فقط الحساسين الضعيفة هي التي تهاجر)!!.
لم يكن يأبه لفقر وغلاء معيشة وانعدام فرص العمل.. وفرص الحياة.
إن الزخم النضالي والقطاع العام والمنظمات الشعبية و(التحولات الثورية!!) نحو (التقدم والاشتراكية!!) كل ذلك كان يشعره بنشوة النصر والارتياح.. ويعانق الجنرالات العظام بنياشينهم وأوسمتهم، وتتحول المدن الرثة الثياب إلى (بطرسبورغ) و(سايغون) و(هافانا) وغالباً ما كانت يده تمتد إلى لحيته باعتزاز فيلامس فيها لحية "كاسترو" الفدائي.. وينبعث من طياتها الكثيفة رائحة "الفكر المناضل" عند لينين وستالين.. المشكلة فقط آنذاك هو "أبو محلوقة" حين يخطر في باله هذا اللقب البغيض "الذي لا حول به ولا قوة " ترتجف أصابعه وتبتعد عن ذقنه هاربة!!.
لم يكن لديه مشكلة إلا بهذا اللقب (اللعين)!!
فطالعه البرجي يتعلق بالمشتري.. كوكب الانتصارات وتحقيق الآمال والطموحات.. وهذا سر من أسرار "أبو محلوقة" كان يملؤه ثقة بالمستقبل الثوري للبلاد.. رغم أن ضميره كان يبكته من هذا الإيمان بالأبراج وبعض الغيبيات ويجعله يشعر وكأنه يرتكب خيانة للمجلدات الحمراء والزرقاء المصفوفة على رفوف غرفته الفقيرة..
وحين يقرأ شيئاً عن الأبراج كان ينظر إلى تلك المجلدات البراقة نظرة خجل واستحياء من تلك اللحى المفكرة التي تركت هذه النصوص "الخالدة"!!، ولا يلبث أن يخفي تلك النسخ القديمة من (الأبراج واعرف بختك وتنبؤات فلكية وغيرها) داخل كرتونة قديمة قريبة من الأحذية.. ويرفع نظره آنذاك إلى المجلدات التي زالت عنها تكشيرتها وغضبها منه وعادت منشرحة القسمات والثنايا.
وحين تزوج "أبو محلوقة" كان (المشتري) يرقد بكل ثقله في بيت أحلامه.. لم يقبل إلا زواجاً بروليتاريا (على سن ورمح) إنها تلميذته النجيبة، كتلة حماس وثورة، مليئة بالرفض والعناد لكل ما يسميه عادات وتقاليد موروثة. إنها "روزا" العرب بقامتها القصيرة، ووجهها الدائري وعينيها اللتين تدوران بمحجريهما مثل عيون الصقر!!
(هكذا الرجل المبدئي.. لا يفصل بين حياته العامة والخاصة).
كعادته حدث نفسه منتشياً بهذا الإنجاز الأحمر.. رغماً عن الهمسات (البرجوازية الصغيرة) حول سيقانها المربعة و(عنطزتها) عليه. ولسانها السليط.
لكنها كما يقول الأعشاكوف بن قيسخوف:
هركولة فنق درم مرافقها كأن أخمصها بالشوك ينتعل
أحب قامتها القصيرة كما أحب سراويل "لينين" المنكمشة على الغسيل.. أما (عنطزتها) ولسانها السليط فهو سوط يلهب ظهر الإمبريالية والطبقات الرجعية..!! وبئساً لسقراط حين قال (لا يُظلمُ قصير..).
كل الأشياء كانت تترك وقعاً طيباً في نفسه.. حياة منظمة وثورية (اللبن غذاء كامل!!) واللعنة على كل الرفاه الغذائي طبقياً (الحمراء الطويلة، أشرف من مارلبورو شيكاغو.. سيجارة!!).
(روزا العرب.. أحلى من ستين مادونا)
النضال.. الحس الشعبي.. التحرك الجماهيري.. البروليتاريا الوطنية.. القطاع العام.. الإرشاد الزراعي.. الارتباط بالثورة العالمية..).
هكذا الحياة وإلا فإنها لا تستحق أن تعاش!!
صحيح أن (زحل) يقترب من برجه وقريباً سيدخل بكل متاعبه وتعقيداته وهزائمه ليرقد في بيته.. ولكن (كذب المنجمون ولو صدقوا).. وصحيح أن لقبه اللعين يؤرقه.. فيترك في اللبن طعماً غير مستساغ.. وتغدو الحمراء الطويلة رثة الصنع يتبعثر رمادها ذات اليمين وذات الشمال.. ومع روزا، يترك هذا اللقب نشازاً عاطفياً وجمالياً، تصبح سيقانها قصيرة جداً.. وجسدها مدعبلاً مثل (القفة) فضلاً عن أنها يحن ينتابها (العصبي) وتترك للسانها حرية (الإنمغاط) فإنها تتحول بقدرة قادر من روزا العرب إلى (براقش) العرب والعياذ بالله، ويهمهم قولاً ماثوراً (شرّكم أقربكم إلى الأرض) إن زُحل بدأ يفعل فعله!!.
وأولى الرؤى السوداء كانت حين حطموا له جدار برلين (هؤلاء المنحرفون قومياً).. حطموا له قلبه وهو يرى الجدار يتهاوى على شاشات التلفزيون.. صرخ من أعماقه (خونة.. شوفينيون)!! جدار برلين.. أين منه جدار الصين!! وتحطم!!.
وحين دب التفكك والضعضعة داخل (المنظومة) المدللة والمحببة إلى قلبه. استعاذ بكل الآلهة من كوكب زحل (الله يجيرنا منه.. آه لو كان زحل رجلاً لانتزعت قلبه بأظافري.. إنه يخرب العالم)!!.
وحين بدأ الجنرالات العظام يتحدثون بلهجة أممهم ومصالحها القومية شعر بالخيانة أيضاً (إن الجنرالات يخضعون لتأثير زحل.. أمر لا شك فيه.. ويخونون أسلافهم العظام إنهم يخونون (أبو محلوقة) شخصياً!!.
(إن الثورة في حالة ارتداد) هكذا همهم بعد أن لعن أخت وأم (زحل).. أين آماله العريضة؟! أين التغيير الذي يحلم به.. بل أين القطاع العام.. والمنظمات الشعبية.. ولماذا يرى الشارع جائعاً تعلوه قيم الانتهازية والاستهلاك والرغبة في النوم؟!..
إن (زحل) يجعل من التخلف كائناً عملاقاً يتقدم نحو العصر والحضارة والثورة.. يتقدم وهو يحمل معه كل (عفنة القديم) بقمعه وجهله ومحاكم التفتيش القيصرية.. ويسحق في طريقه كل (اليوتوبيات) التي تكوّنت تاريخياً منارات للتقدم والتغيير.. فضلاً عن "روزا" التي أصبحت متطلبة مع تأثيرات (زحل) اللئيمة..
أصبحت تنتهره كثيراً حتى أنها بدأت تسخر من مبادئه (المشرشحة) وأفكاره (المرقعة) ونضالاته (النورية) وحين ضاقت بإيجار البيت المتراكم ومشكلة أصحاب (الدكاكين) الذين وحدوا جهودهم وركزوا مراقبتهم على الطرق الملتوية التي يسلكها "أبو محلوقة" و"روزا" للوصول إلى منزلهما بعيداً عن عيونهم، وحين لم تعد تجدي معها كل الحيل التي يستخدمها "أبو محلوقة" لتزجية الوقت من (طرنيب كبة) وأحلام بكنز دفين.. فضلاً عن (البروليتاريا) والثورة التي (تهل) بشائرها!! كل ذلك لم يعد يجدي مع "روزا".. إن نجمها الخفيف يجعل منها لقمة سهلة بي فكي (زحل) هكذا همس لنفسه معزياً.
ولكن (الجوع أبو الكفار) فحين أضحت معدتها خاوية.. تحولت آنذاك إلى قطة تعض وتخمش.
كان "أبو محلوقة" يرى كل ذلك ويعض على جرحه.. لكنه ما زال يلعن الإمبريالية والارتداد الثوري وبالطبع (الطامة الكبرى) زحل.. وحين أتاها بكيس (اللبن) على أنه الغذاء الكامل..
لم تتورع عن (بصقه) واسعة من فمها الفضفاض ملأت له ذقنه.. امتدت يده إلى لحيته مذعوراً.. تلك اللحية التي لم تعد تشبه لحية (كاسترو) أبداً.. مسحها بقلبه.. وانهمرت دمعة كبيرة من عينيه.. هو الذي لم يهزمه الفقر ولا العوز.. لم يركع لمركز شرطة أو غيره.. هو الذي قضى سنين عمره مكافحاً، يأتي عليه اليوم الذي لم يعد يعرف فيه نفسه.. أفكاره.. مبادئه.. الناس الذين أحبهم.. روزا تبصق عليه!!
إذاً ماذا ستفعل معه الإمبريالية؟!.. إن زحل عميل إمبريالي.. مؤامرة فلكية إمبريالية.. تتعلق بخلو المسار لتضرب الإمبريالية آنذاك البلدان الضعيفة وتقضي على أي مخاض ثوري اشتراكي.. (آه.. وألف آه من زحل!!).



#فخر_الدين_فياض (هاشتاغ)       Fayad_Fakheraldeen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هدى ..ذبيحة ما ملكت إيمانكم
- فهرنهايت.. والفحش الثقافي العربي
- طفولة ..قصة قصيرة
- الجنرال ..قصة قصيرة
- طفولة ..إلى حلم لم تعشه هدى أبو عسلي ..وفتيات بلدي
- بغداد 2005 لحمي على الحيطان لحمك ..ياابن أمي
- ذاكرة ...قصة قصيرة
- فرسان الطاولة المستديرة ..والفيدرالية
- حوار مع حسن عبد العظيم الناطق باسم التجمع الوطني الديموقراطي ...
- الإصلاح التاريخي ..سوريا إلى أين؟
- !!( الديموقراطية أولا وإلا ..(كش مات
- اللهم أنقذنا من (إنسانية) جورج بوش !!
- النافذة قصة قصيرة
- نحن محكومون بالحرية
- شآم نزار قباني ..والورثة
- المثقف الديموقراطي بين جورج بوش ..والحجاج بن يوسف الثقفي
- !!كيسنجر ..وعرب 2005
- الأيديولوجية تغتال الفكرة رد على الردعلى_ لاتنتقدوا النظام ا ...
- مورفين الخوف
- امرأتان.. في ظل النظام العالمي الجديد


المزيد.....




- مدينة الورود بالجزائر تحيي تقاليدها القديمة بتنظيم معرض الزه ...
- تداول أنباء عن زواج فنانة لبنانية من ممثل مصري (فيديو)
- طهران تحقق مع طاقم فيلم إيراني مشارك في مهرجان كان
- مع ماشا والدب والنمر الوردي استقبل تردد قناة سبيس تون الجديد ...
- قصيدة(حياة الموت)الشاعر مدحت سبيع.مصر.
- “فرحي أولادك وارتاحي من زنهم”.. التقط تردد قناة توم وجيري TO ...
- فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي ...
- ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ ...
- بعد مسرحية -مذكرات- صدام.. من الذي يحرك إبنة الطاغية؟
- -أربعة الآف عام من التربية والتعليم-.. فلسطين إرث تربوي وتعل ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فخر الدين فياض - أبو محلوقة..!!القصة الفائزة بالمركز الأول في مهرجان المزرعة الأدبي والفني في سوريا _2002