أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - فخر الدين فياض - حوار مع حسن عبد العظيم الناطق باسم التجمع الوطني الديموقراطي في سوريا















المزيد.....


حوار مع حسن عبد العظيم الناطق باسم التجمع الوطني الديموقراطي في سوريا


فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري

(Fayad Fakheraldeen)


الحوار المتمدن-العدد: 1323 - 2005 / 9 / 20 - 09:30
المحور: مقابلات و حوارات
    


ـ سيبقى قانون الطوارىء سيفاً مسلطاً على رقاب الناس إذا لم يقتصر على مناطق التماس مع العدو الإسرائيلي.. والحدود.
ـ على من يرغب بالعمل السياسي أن يرفض العنف، وأن لا يستقوي بالخارج.. وأن يرفض أي عدوان تحت أي ذريعة.
ـ إلغاء المادة الثامنة من الدستور هو المدخل لتعددية سياسية حقة وقانون أحزاب فاعل وجدي.
ـ بقي من الجبهة الوطنية التقدمية (كوتا) في مجلس الشعب وأخرى في الوزارة والإدارة المحلية.
ـ تدعيم الجبهة الداخلية بالديموقراطية هو الطريق الوحيد لمواجهة أميركا ومحاربة الفساد.
ـ لا يوجد غزل بيننا وبين السلطة،إنما ننتمي نحن وحزب البعث إلى التيار القومي التقدمي.
يمثل حزب الاتحاد الاشتراكي الديمقراطي العربي في سوريا نموذجاً هاماً للفكر الناصري كما أراده الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.. من حيث الاعتزاز بالأمة العربية وآفاقها البعيدة ضمن رؤية استراتيجية لم تغيرها مشاريع (الدولة القطرية) وانحسار البعد القومي لمعظم الأحزاب العربية. ومن جهة ثانية مثل فكر عبد الناصر رؤية منفتحة ومتطورة على العصر، ولم يدخل ضمن دهاليز (العقائدية) المتحجرة و(المبادىء) التي لا تتغير مع تطورات ومتغيرات الواقع المحلي والعالمي. فقد بدأت الناصرية كتجربة سياسية ثم بدأت تتحول مع مرور الزمن إلى منطلقات نظرية وأفكار تتغير لاحتواء المستجدات، دون أن تتراجع عن ثوابتها القومية، وما يمثله العالم العربي بكل أبعاده التاريخية من عروبة وإسلام منفتح..
ولقد اختار الحزب في سوريا منهجاً سياسياً ـ منذ عدة عقود ـ قائماً على التغيير السلمي والنضال الديمقراطي دون اللجوء إلى أي شكل من أشكال العنف، ومنذ خروجه من الجبهة الوطنية التقدمية عام 1972 بسبب تثبيت المادة الثامنة في الدستور، والتي تعطي حزب البعث دوراً قيادياً للمجتمع والدولة، مثّل الحزب الأم في الاتحاد الاشتراكي ونموذجاً لحزب موحد لم تخترقه المتغيرات تنظيمياً كما عبر ذات يوم الأمين العام للحزب الأستاذ حسن عبد العظيم حين قال:
(الانشقاقات لم تحدث لدينا، ومنذ خروجنا من الجبهة لم يحدث انقسام واحد لا فردي ولا مجموعة، فهذه الانشقاقات التي تحسب على الناصريين تحدث عند أناس غير ناصريين بالمطلق، وهنا لا بد أن نميز بين الانشقاقات الانتهازية والانشقاقات الفكرية التي حدثت في الستينيات فقط)..
بعد المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في سوريا، حملنا تساؤلاتنا إلى الأستاذ حسن عبد العظيم.. وتداولنا في توصيات هذا المؤتمر وما يمكن أن تمثله على الصعيد الوطني، وعن المشروع الكوني للولايات المتحدة وضغوطها التي تمارسها على سورية..
وما يتفرع عن هذا من مواقف المعارضة السورية إزاء عدة قضايا داخلية تتعلق بقانون الطوارىء وقانون الأحزاب ومستقبل العمل السياسي في سوريا فضلاً عن دور (الجبهة الوطنية التقدمية).. وغير ذلك من الأمور الساخنة التي تجتاح الساحة الإقليمية..
والأستاذ حسن عبد العظيم تسلم الأمانة العامة لحزب الاتحاد العربي الاشتراكي الديمقراطي بعد وفاة أمينه العام السابق الدكتور جمال الأتاسي، والذي مثل رمزاً وطنياً وقومياً اجتمعت في جنازته، كل رموز المعارضة مع رموز السلطة..
والأستاذ حسن عبد العظيم هو الناطق الرسمي باسم التجمع الوطني الديمقراطي في سوريا منذ 9 أيار 2000 الذي يضم أربعة أحزاب إلى جانب حزب الاتحاد العربي الاشتراكي الديمقراطي وهي:
حزب الشعب الديمقراطي السوري بزعامة رياض الترك، وحزب العمال الثوري بزعامة طارق أبو الحسن، وحركة الاشتراكيين العرب بزعامة عبد الغني عياش، وحزب البعث العربي الديمقراطي بزعامة إبراهيم ماخوس..
حوار: فخر الدين فياض
* كيف تنظرون إلى المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث العربي الاشتراكي؟ وهل شكل نقلة نوعية في حياة البلاد من حيث التوصيات المتعلقة بقانون الأحزاب والطوارىء وما يخص المادة الثامنة من الدستور؟
ـ لم يشكل المؤتمر القطري أي نقلة نوعية كما وعد الرئيس في خطابه أمام مجلس الشعب بتاريخ 5 آذار. فالإبقاء على حالة الطوارىء المعلنة منذ 42 عاماً، وعلى المادة الثامنة من الدستور التي تؤسس لاحتكار السلطة كان تعبيراً عن استمرار النهج الشمولي وعدم قدرة الحزب ومؤتمره على تجاوز عقلية الماضي ونهج الاستئثار بالسلطة.
وأما ما يتعلق بقانون الأحزاب، فلقد مضىت ثلاث سنوات على أول حديث عن قانون الأحزاب.. ومع ذلك شكلت التوصية الصادرة عن المؤتمر اعترافاً بوجود قوى سياسية حقيقية على أرض الواقع خارج (الجبهة الوطنية التقدمية) أي خارج إطار السلطة. وهذه الأحزاب من حقها أن تكون مرخصة وأن يكون لها مقرات وصحافة وإعلام، وكل ذلك لا يمكن تحقيقه إلا بقانون أحزاب، من حق كل القوى السياسية الموجودة فعلياً أن يكون لها حرية العمل السياسي العلني وينبغي أن يكون هناك توجه جدي لتفعيل قانون الأحزاب وطنياً، وأن لا يأتي قانوناً مرتجلاً ومفاجئاً، بحيث يكون عدمه أفضل من وجوده مشوهاً أو ناقصاً.
ولكي يكون القانون حقيقيا يجب إلغاء المادة الثامنة من الدستور لأن وجود هذه المادة يعني بقاء هيمنة حزب البعث على الدولة والمجتمع وبالتالي إلغاء الآخرين ولا معنى لقانون أحزاب أو تعددية سياسية آنذاك.
أتى في التوصيات أن قانون الطوارىء سوف يعدل ليقتصر على الجرائم المتعلقة بأمن الدولة وهذا ليس جديداً إذ أن هذا القانون شرع من أجل هذا.. ولكن التجاوزات الكثيرة في استخدام هذا القانون جعلته يطال الجرائم العادية كما طال الحريات الأساسية وحقوق الإنسان بما في ذلك ما يتعلق بحقه في التظاهر والاعتصام السلمي. ونتج عن ذلك منع حرية التعبير والرأي والحراك السياسي والثقافي السلمي.
الإصرار على قانون الطوارىء وعدم حصره على الحدود ومناطق التماس مع العدو الإسرائيلي يجعل من هذا القانون سيفاً مسلطاً على رقاب الناس، وفيما يتعلق بضم رئيس الحكومة ورئيس مجلس الشعب للقيادة القطرية بصفتيهما فهو إصرار على احتكار السلطة والمواقع الهامة في حزب البعث ويقطع الطريق على المشاركة أو التداول السلمي للسلطة.
* بعد صدور توصيات المؤتمر.. تم إسقاط التهم عن الأستاذ أكثم نعيسة ألا يعتبر ذلك مؤشراً على أن قانون الطوارىء في طريقه إلى الإلغاء أو الترشيد؟.
ـ المطلوب ـ تبعاً للتوصيات ـ أن تلغى المحاكم الاستثنائية التي تأسست على قانون استثنائي وأن تعود الأمور إلى القضاء العادي الطبيعي فقانون الطوارىء ـ مع الأسف ـ قد عطل كثيراً من النصوص الدستورية الهامة التي تتعلق بالحريات الأساسية وحقوق الإنسان.
* هل ترى أن النظام في سوريا قد استوعب متغيرات العالم بعد انتهاء الحرب الباردة وتحول أميركا إلى قوة وحيدة مهيمنة على مقدرات الشعوب؟
ـ لم نلمس شيئاً حقيقياً حتى الآن.. انتخب المؤتمر قيادة جديدة وأنهى بذلك العهد القديم فإلى أي حد ستتمكن هذه القيادة الجديدة من استيعاب المتغيرات الإقليمية والدولية والتعامل معها، وإلى أي حد ستتخلى عن النهج الشمولي وتقتنع بالتعددية السياسية والحزبية وقبول الرأي الآخر وحق كل القوى في المشاركة السياسية الحقيقية لبناء الوطن. ومحاربة الفساد وآلياته، على القيادة الجديدة أن تختار الديموقراطية خياراً نهائياً، لأن النهج الديمقراطي يوفر عاملين أساسيين: الرقابة الشعبية من جهة ومشاركة القوى الوطنية الفاعلة.. الأولى تمثل كابحاً أساسياً للفساد، أما الثانية فهي تتيح الفرصة للكوادر التي تتمتع بالمصداقية والكفاءة الوطنيتين للإصلاح والتغيير.. وهذا ما ستبينه الفترة القريبة القادمة.
* ماذا تريد أميركا من دعوتها إلى الديمقراطية في العالم ودعوتها إلى تغيير الأنظمة الشمولية وكيف يؤثر ذلك على عملية التغيير والتطوير المطروحة داخلياً؟
ـ أميركا لها مشروعها الكوني المتعلق بالهيمنة على العالم من خلال الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً في ظل الإدارة اليمينية المتطرفة والمسيحية المتصهينة التي تحكم الآن في البيت الأبيض، وجاءت أحداث أيلول لتعطي لهذا المشروع الإمبراطوري مبرراته وتعطيه آلية الدفع والتسارع بحجة الحرب على الإرهاب، وعندما يقال الإرهاب فالمقصود به العرب والمسلمون، فبدأ احتلال أفغانستان بحجة القضاء على نظام طالبان المعزول دولياً.. ثم احتلال العراق بذريعة أسلحة الدمار الشامل.. والعلاقة مع تنظيم القاعدة وتبين زيف الذريعتين فتمسكوا بذريعة الديمقراطية والقضاء على النظام الديكتاتوري وتحرير شعب العراق، وما يحدث الآن هو انتشار الفوضى والتسويق لحرب أهلية وطائفية وعرقية ومحاولة تقسيم العراق بما يتماشى مع مشروع الشرق الأوسط الجديد..
ودول المنطقة لا تعادي أميركا إلا لانحيازها الأعمى لنظام شارون وعدوانه المتواصل على الشعب الفلسطيني.
والديمقراطية التي تنادي بها تحتاج إلى قوى داخلية تقتنع بها وتناضل من أجل تحقيقها وتشكل الحامل الاجتماعي الأساسي لها وهي لا تأتي بضغط خارجي..
وسوريا الأن تتعرض بعد العراق لتهديدات جدية وحقيقية وخاصة بعد الانسحاب من لبنان ومواجهة هذه التهديدات والضغوطات الأميركية والإسرائيلية تقتضي تحصين الجبهة الداخلية وترتيب البيت الوطني من خلال اعتراف النظام بكل القوى الوطنية والاستجابة لمطالب الديمقراطية وإنهاء حالة الطوارىء وإلغاء المادة الثامنة من الدستور والإفراج عن كل المعتقلين السياسيين وغلق ملف الاعتقال السياسي وملف المنفيين والمفقودين والتعويض على عائلاتهم.. وحل قضية المواطنين الأكراد ونزع فتيل الاحتقان عندهم من خلال الاستجابة لمطالبهم حول الهوية والجنسية. وإصدار قانون عفو عام وشامل، والدعوة لجمعية تأسيسية منتخبة تعيد صياغة الدستور بما يحقق الفصل الواضح بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية ويجعل من السلطة التشريعية سلطة قادرة على محاسبة السلطة التنفيذية وعلى منح أو سحب الثقة منها كحكومة مجتمعة أو وزراء منفردين.
كما يقتضي إصدار قانون أحزاب متفق عليه، وتعديل قانون النقابات بحيث تصبح مستقلة عن السلطة.. إذا تم ذلك تتحصن الجبهة الداخلية ولا تضطر السلطة إلى تقديم التنازلات للقوى الخارجية نتيجة ضعف الجبهة الداخلية..
تقوم المعادلة على شعب واحد متماسك موحد وعلى سلطة قوية، وبالتالي دولة قوية تستطيع مواجهة الأخطار الخارجية.
* وهل تعتقد أن المعارضة مهيأة للمشاركة الفاعلة في العملية السياسية في حال مدت الحكومة يد المشاركة لهذه المعارضة؟
ـ طبعاً.. لأن أحزاب المعارضة منذ 1979 أخذت نهج التغيير الديمقراطي السلمي عبر الحوار الوطني.. ومؤخراً طرحت فكرة المؤتمر الوطني الجامع لكل القوى من المعارضة والسلطة وفعاليات المجتمع المدني ليتم الاتفاق على ميثاق عمل وطني مشترك يؤسس لعقد اجتماعي جديد قائم على التوافق والتراضي.. ولكن السلطة صمت آذانها عن أي حوار مع المعارضة مدعية أنها ضعيفة.. وفي حالة موافقة السلطة فالمعارضة جاهزة لمناقشة العروض بجدية وعناية.
* في جنازة المرحوم د. جمال الأتاسي الأمين العام السابق لحزبكم، تواجدت وجوه مهمة من السلطة، وكنتم قد تحدثتم عن إصلاح هادىء وتدريجي.. ما سر هذه العلاقة بينكم وبين السلطة؟
ـ لا شيء خاص بيننا وبين السلطة كما يعتقد البعض..وليس هناك غزل معين، اخترنا النضال السلمي منذ البداية ودعونا لحوار وطني دعما للجبهة الداخلية، ومواجهة مشاريع الهيمنة الخارجية.
* ما الأمر المشترك بينكما فكراً أو منهجاً؟ وهل تعتقد أنكم قد تشكلون جسراً بين المعارضة والسلطة؟
ـ نحن وحزب البعث ننتمي إلى التيار القومي التقدمي، وكان الأمين العام للاتحاد الاشتراكي الديمقراطي بعثياً سابقاً.. وكذلك الأمين العام للتجمع الديمقراطي. وأحزاب التجمع متتزمة بميثاق 1979 وببرنامجها السياسي بالدعوة إلى التغيير الديمقراطي السلمي ونبذ العنف، وحتى الأستاذ رياض الترك الذي أمضى أكثر من 18 عاماً في السجن دون محاكمة لم يطرح طرحاً متطرفاً وقال: إذا اقترب النظام منا خطوة نقترب خطوتين.. ونحن كحزب ـ جزء من التجمع الوطني الديمقراطي ونذكّر أن التجمع والفعاليات التي تنسق معه (لجان إحياء المجتمع المدني، المنظمات التي تدافع عن حقوق الإنسان في سوريا) مع التغيير السلمي الديمقراطي والحوار الوطني وبناء نظام وطني ديمقراطي تعددي مؤمن بالرأي والرأي الآخر...
* لم يستمر الحوار الذي جرى بينكم وبين الأستاذ عبد الحليم خدام عام 2001 لماذا؟
ـ كان لقاءً وليس حواراً.. وكان له هدف أساسي هو رسالة للمعارضة، وباعتباري الناطق باسم التجمع الوطني الديمقراطي والأمين العام للحزب، مؤداها: البعض من المثقفين يتخذون من خطاب الرئيس في مجلس الشعب 17 تموز حول احترام الرأي الآخر، والنقد الموضوعي ذريعة، ويحاولون تفسير هذا الكلام بأكثر مما يحتمل، يحاولون إزاحة الهموم على الحزب والهجوم على النظام وهدفهم إزاحة الحزب والنظام من السلطة، تماماً كما حصل في بولونيا والاتحاد السوفياتي وأوروبا الشرقية، وأشار آنذاك أن النظام سيأخذ بتجربة الصين، التي بدأت بالإصلاح الاقتصادي أولاً، ثم الإداري ـ جامعة وتربية وتعليم... ـ ثم يأتي الإصلاح السياسي أخيراً، أوضحت له آنذاك، أن سورية غير الصين، الاقتصاد السوري غير الاقتصاد الصيني، وليس هناك في المعارضة من يطرح شعار إسقاط النظام أو الحزب، وإنما هذه القوى تطرح التغيير السلمي الديمقراطي والتعددية السياسية الحقيقية وليست التعددية الشكلية على طريقة (الجبهة الوطنية التقدمية).
ولغتنا لغة حوار وليست لغة صِدام، وقلت له: إن قضية سورية تشابه قضية البحرين، أمير البحرين السابق حكم 30 عاماً وملأ السجون والمنافي بالمواطنين، فحين أتى الابن واستلم السلطة بعد وفاة الأب، أصدر عفواً عاماً وشاملاً في الأيام الأولى، وأعاد المنفيين وأفرج عن المعتقلين ودعا إلى مؤتمر وطني لكل القوى، واعترف بعشرة أحزاب معارضة، وعمل المؤتمر الوطني الذي أسس لتعديلات دستورية وميثاق وطني وخلق انفتاح وحريات، وفي الأردن في 1996 كذلك كان هناك تجربة في الديمقراطية وفي المغرب الملك الحسن في 96/1997، انفتح على المعارضة وسلّم أكبرها رئاسة الوزراء، آنذاك طلبت منه أن يقيس الأوضاع في المنطقة في إيران أثناء ثورة 1979 تمت انتخابات رئاسة جمهورية وانتخابات برلمانية صحيحة وبالتالي تداول سلمي للسلطة.. هذا ما قلته للأستاذ خدام لكن القيادة القديمة كانت مستمرة في نهجها ولا ترغب بالاعتراف بالمعارضة، وعلى المعارضة أن تنتظر مرحلة الإصلاح السياسي التي تأتي بعد الانتهاء من الإصلاح الاقتصادي والإداري والمالي هم يحاولون ترميم (بيت الجبهة) هذا البيت السلطوي من خلال إضافة حزب إليها أو وضع وزير جديد هناك.
* الحديث عن الجبهة يذكّر بما يقال من أن التعددية السياسية موجودة منذ عام 1972 متمثلة بالجبهة الوطنية التقدمية إلا أننا بعد 30 عاماً نرى أن السلطة ستصدر قانون أحزاب يفضي إلى تعددية سياسية.. ما معنى هذا؟
ـ معنى ذلك أنه لم يكن لدينا تعددية سياسية.
* أنتم كمعارضة.. تختلفون عن المعارضة من الخارج، وتختلفون عن أحزاب (الجبهة الوطنية التقدمية) ما الخلاف الجوهري بينكم وبين هذه الأحزاب؟
ـ الخطأ الذي ارتكبته أحزاب الجبهة، وهو خطأ قاتل، عندما وقف حزب الاتحاد العربي الاشتراكي في 1972 ضد المادة الثامنة من الدستور (في لجنة الدستور وفي مجلس الشعب) وآنذاك كنت شخصياً أمثل الحزب. كل أحزاب الجبهة وقفت معي في لجنة الدستور ضد المادة الثامنة، عدا البعث، وصوّتوا معي، (9 أصوات من 21 صوت في لجنة الدستور، و 65 صوت من 180 في مجلس الشعب)، كنا (12) عضواً في مجلس الشعب من الاتحاد الاشتراكي، إلا أن بقية أحزاب الجبهة لم يجرؤوا على اتخاذ موقف مثل حزبنا في الخروج من الجبهة بعد إقرار نص المادة الثامنة، لأن المادة الثامنة تلغي فكرة الجبهة التي يبدأ ميثاقها بأن الجبهة الوطنية التقدمية ترسم الاستراتيجية السياسية ـ الاقتصادية ـ الاجتماعية ـ الثقافية وتقرر مصائر السلم والحرب، والمادة 25 من النظام الأساسي تقول: القيادة المركزية للجبهة هي قيادة لكل الأحزاب المنضوية في الجبهة، يعني قيادة فوق القيادة القطرية وفوق قيادة كل الأحزاب، شيوعية أو ناصرية أو غير ذلك، المادة الثامنة قلبت الهرم على رأسه، أعادت حزب البعث قائداً للدولة والمجتمع، وبالتالي أصبح دور الجبهة شكلياً، وانتهى مفعولها، وبقي لها دور (كوتا) في مجلس الشعب، (كوتا) في الوزارة، (كوتا) في الإدارة المحلية وبعض الوظائف ولا دور لهم في أي قرار سياسي ـ اقتصادي ـ اجتماعي، أي تخلي عن القرار المستقل لكل حزب من هذه الأحزاب، وألغيت التعددية.. وبالتالي أصبح هناك نسخة أصلية هي حزب البعث ونسخ كاربونية تدعى أحزاب الجبهة وحتى حزب البعث لم يكن يرسم السياسة الاستراتيجية للبلاد، وإنما كانت ترسم هذه السياسات له، وبالتالي لم يكن هناك جبهة، نحن نمثل التعددية الحقيقية.
* يبدو أن هذه الأحزاب تخلت عن دورها أيضاً كأحزاب تشكلت تاريخياً وكان لها في وقت ما حضور سياسي وكوادر وجماهير؟
ـ لذلك لم يبق منها سوى (دكاكين).. إنهم يبحثون عن مرشح لهم في النيابة، كل الحزب أحياناً لا يوجد لديه شخص يمكن انتخابه في محافظة، لذلك يستعيرون (واحدا)، يقولون له: خصص لنا مقعداً في طرطوس مثلاً، وأنت كنت ذات يوم (وحدوي اشتراكي) مثلاً.. فتعال للبرلمان...
* الدولة الوطنية.. هل هي راهنة؟ وبالتالي هل أصبح المشروع القومي ضعيفا.. و إذا كانت السياسة فن التعامل مع الممكن، فما هي العلاقة بين القومي والوطني كما تراها؟
ـ الاتحاد الاشتراكي تأسس على أنه اتحاد اشتراكي عربي وعلى أنه جزء من اتحاد اشتراكي على المستوى العربي مقره القاهرة أيام جمال عبد الناصر، ونحن أضفنا للتجربة الناصرية فكرة أن الحزب يمثل جزءاً من المجتمع وليس كله وأضفنا التعددية السياسية، وبناء الدولة الوطنية مسألة هامة، وإذا لم يستطع أي حزب بناء الدولة الوطنية فهذا يعني أنه متخلف.
جمال عبد الناصر حاول بناء دولة حديثة بكل المعايير، وعزز التحرر السياسي والاقتصادي وأقام المصانع وغيرها وأنجز حالة تنمية مستقلة، والقول بتأجيل بناء الدولة الوطنية إلى أن تنجز الدولة القومية لا يبني الدولة الوطنية ولا القومية، والفكر القومي الحديث والمتطور يقول إن بناء الدولة الوطنية هو جزء من بناء الدولة القومية، وبناء الدولة الوطنية يجب أن يكون على أسس واضحة وصحيحة نبني الدولة الوطنية ونؤسس للقومية.. يجب أن تبقى الدولة القومية هدفاً استراتيجياً.. وأن يواكب نضالنا الوطني نضال قومي..
نحن في عصر التكتلات الكبرى ـ أوروبا تتوحد على مختلف قومياتها وألسنتها.. والنمور الآسيوية كذلك..
الدولة الصغيرة إن بقيت كذلك سوف تلتهمها العولمة وسيكون أمنها مهدداً وبالتالي لا يمكن لها أن تعيش إلا في إطار قومي موحد ونحن لا نطلب أن يكون الوطني لصالح القومي أو القومي لصالح الوطني المعادلة قائمة على جناحين: على بناء الدولة الوطنية.. وعلى طريقة بناء الدولة القومية من خلال اتحاد يمكن أن يبدأ بالتوحيد الاقتصادي فالتشريعي فتوحيد السياسات.. يمكن أن تكون أساليب الوحدة متعددة ومتدرجة، ولكننا لم نتراجع عن هدفنا بالنسبة لبناء الدولة القومية..
نقطة ثانية نرغب في التركيز عليها، نحن ننطلق من عملنا الوطني دون أن نسعى لقيام حزب قومي قبل أن تتم وحدة وطنية قائمة على التعددية، وعندما أقمنا جبهة وطنية عام 1968 بين قوى وطنية واتجاهات متعددة، وعندما دخلنا الجبهة عام 1972 على أساس التعددية.. وعندما سعينا وشاركنا في تأسيس التجمع الوطني الديموقراطي انطلقنا من فكرة أن بناء الدولة الوطنية يمهد لبناء الوحدة القومية.. ورفضنا الانتماء إلى حركة قومية لا تمر بالوطنية.. ولقد أطلق جمال عبد الناصر عام 1967 شعار الحركة العربية الواحدة وقال إن الحركة العربية الواحدة هي مهمة كل ثوري وكل القوى الثورية لأن أي قوى ثورية لا تبني قواعد وطنية على أرضها تكون عبئا وعالة على الحركة العربية الواحدة..
إذاً.. لا بد من بناء القاعدة الوطنية والانطلاق إلى العمل القومي.
* ما الرسالة التي ترغب في أن ترسلها للمعارضة خارج البلاد؟
ـ أقول لحزب الإصلاح إذا كان يعتبر نفسه من القوى الوطنية فعليه أن يهتم بالوطن أولا،وألا يستقوي بقوى خارجية،وألا يعيد تجربة الجلبي في العراق. نحن مع أي قوة وطنية أو حزب سياسي قومي أو ليبرالي أو تيار وطني أو إسلامي ومع حقه بالعمل السياسي بشرط أن ينبذ أمرين أساسيين: العنف في عمله الوطني... والاستقواء بالخارج.. ويرفض أي عدوان أو احتلال تحت أي قناع..
وفيما يتعلق بالتجمع القومي الموحد.. السيد رفعت الأسد كان جزءاً من النظام السياسي في سورية وشارك بأفعال وأخطاء كبيرة ويتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية في تلك المرحلة. وإن أراد العودة فعليه أن ينتقد أخطاءه ويتحمل مسؤوليتها فيما لو أراد ممثلو الشعب محاسبته وما ينطبق عليه ينطبق على القوى الأخرى..
وما يتعلق بالأحزاب الكوردية خارج البلد فنحن ننظر إلى الأمر من زاوية وطنية.. ليغيروا فكرة الأساس العرقي للحزب وليتجهوا وطنياً ويرفضوا أية رؤية انفصالية من حيث محاولة اقتطاع أي جزء من سورية بما يسمى (كوردستان) وأنا متعاون معهم ولا أختلف معهم.. حتى لو أسسوا حزباً لا ينتسب إليه إلا الأكراد.. إنما تحت عناوين وشعارات ومسميات وطنية...
* فكرة أخيرة؟..
ـ هناك قرار دولي بإنهاء دور سورية الإقليمي في لبنان والعراق وفلسطين أي منع تدخلها في شؤون البلدان المجاورة، ودفعها لمساعدة السياسة الأميركية في المنطقة هذا من جهة، ومن جهة ثانية هناك سعي حثيث من الإدارة الأميركية لإبقاء الهوة بين النظام وبين الشعب، وبين النظام وبين قوى المعارضة، كل ذلك لإضعاف دور سوريا وتقليصه ليتماشى مع المطالب الأميركية ـ الإسرائيلية.. ولا يوجد أمامنا سوى طريق واحد للوقوف بوجه هذه الأخطار هو تدعيم الجبهة الداخلية من خلال تحويل توصيات مؤتمر حزب البعث إلى واقع حقيقي يتمثل بحماية الحراك السياسي والشعبي داخل البلاد دون اللجوء إلى أية وسائل قمعية تمنع المعارضة الوطنية والشارع الشعبي من التعبير بشكل صحيح وحقيقي عن التوجهات التي تراها مناسبة ضمن إطار وطني ديمقراطي معادٍ لمشاريع الهيمنة الأجنبية...



#فخر_الدين_فياض (هاشتاغ)       Fayad_Fakheraldeen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإصلاح التاريخي ..سوريا إلى أين؟
- !!( الديموقراطية أولا وإلا ..(كش مات
- اللهم أنقذنا من (إنسانية) جورج بوش !!
- النافذة قصة قصيرة
- نحن محكومون بالحرية
- شآم نزار قباني ..والورثة
- المثقف الديموقراطي بين جورج بوش ..والحجاج بن يوسف الثقفي
- !!كيسنجر ..وعرب 2005
- الأيديولوجية تغتال الفكرة رد على الردعلى_ لاتنتقدوا النظام ا ...
- مورفين الخوف
- امرأتان.. في ظل النظام العالمي الجديد
- لا تنتقدوا النظام السوري في لبنان حتى لا يغتالكم - الشرق الأ ...
- مصباح -علي بابا-.. والديموقراطية!!
- فيدرالية.. ومن بعدي الشيطان!!


المزيد.....




- السعودية.. الشرطة تتدخل لمنع شخص بسلاح أبيض من إيذاء نفسه في ...
- فيضان يجتاح مناطق واسعة في تكساس وسط توقعات بمزيد من الأمطار ...
- إدانات ألمانية وأوروبية بعد تعرض نائب برلماني للضرب
- مقتل مراهق بأيدي الشرطة الأسترالية إثر شنه هجوماً بسكين
- مجتمع الميم بالعراق يخسر آخر ملاذاته العلنية: مواقع التواصل ...
- هايتي.. فرار عدد من السجناء ومقتل 4 بأيدي الشرطة
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل أحد حراس القنصل اليوناني أثناء مراس ...
- قتيلان في هجوم استهدف مرشحا لانتخابات محلية في المكسيك
- محلل سياسي مصري يعلن سقوط السردية الغربية حول الديمقراطية ال ...
- بيلاروس تتهم ليتوانيا بإعداد مسلحين للإطاحة بالحكومة في مينس ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - فخر الدين فياض - حوار مع حسن عبد العظيم الناطق باسم التجمع الوطني الديموقراطي في سوريا