أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داود روفائيل خشبة - أشتات حول الإلحاد، الثقافة، الحضارة














المزيد.....

أشتات حول الإلحاد، الثقافة، الحضارة


داود روفائيل خشبة

الحوار المتمدن-العدد: 4646 - 2014 / 11 / 28 - 21:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




يبدو أن غباء القائمين غلى الديانات المؤسسية – ويعنينى بالطبع بشكل خاص المسيحية والإسلام – يدفع المزيد والمزيد من الشباب للإلحاد. هل نفرح نحن اللادينيين بهذا؟ متحدثا عن نفسى أقول إن مشاعرى تجاه الأمر مختلطة. هذا الإلحاد السلبى الذى ينبع من التحدى والرفض ضحل الجذور وقد يؤدى إلى فراغ آو ما هو أسوأ من الفراغ. إننا نحتاج ثقافة عقلانية تستند إلى تراث ثقافى عميق، ثقافة تفهم الدين فهما موضوعيا باعتباره مرحلة فى مسيرة العقل الإنسانى، كانت لها إيجابياتها فى وقتها، لكنها تصبح فادحة الضرر حين نغفل عن تاريخيتها وضرورة تجاوزها. وحين نفهم الدين هذا الفهم التاريخى العقلانى يمكننا أن نحتفظ حتى ببعض أساطير الدين وحتى ببعض طقوس الدين كجزء من موروثنا الثقافى، بمثل ما نجد فى أساطير مصر الفرعونية أو فى أساطير اليونان الكلاسيكية من مغزى ورمز ومتعة.
يقودنى الحديث عن حاجتنا إلى ثقافة عقلانية تستوعب التراث الإنسانى إلى ذكر واقعة كشفت لى عن مدى افتقارنا الفاضح لا لمثل هذه الثقافة فحسب بل للحد الأدنى من الثقافة المطلوبة للعيش فى العالم المعاصر. كنت أتناقش مع رجل يحمل مؤهلا جامعيا وصُدِمت حين تبيّنت أنه يفتقر تماما لأدنى فكرة عن تاريخ أو أساسيات العلوم الحديثة. وجدت محدّثى مقتنعا تمام الاقتناع بما حشت به المدرسة دماغه من أكاذيب عن حضارتنا وتاريخنا وأن ليس فى الأرض شىء من علم أو رقى غير ما قدمته مصر للإنسانية. حين حاولت أن أنبهه إلى ما قدّمه الغرب، وأوروبا تحديدا، من علوم فى نحو القرون الأربعة الأخيرة وأن كل ما ننعم به من تقدّم فى الطب وفى تكنولوجيا المواصلات والاتصالات هو ثمرة تلك العلوم، لم أجد لكلامى أى صدى عنده كأننى كنت أهذى هذيان محموم لا يحمل أى معنى. وأعود فأوكد أننى أتحدث عن شخص تلقى تعليما جامعيا ولا ينقصه الذكاء.
ويقودنى هذا بدوره إلى الحديث عن موقفنا من الغرب وثقافة الغرب وحضارة الغرب. فحتى مثقفونا يختلط عليهم الأمر، فإن لم يختلط فى عقولهم فهو يختلط فى حديثهم، فيتحدثون عن الغرب كأنه كتلة مصمتة لا يأتينا منها إلا الشر والضرر. صحيح أن الاستعمار الغربي اقترف فى بلادنا وفى أفريقيا وآسيا الكثير من الظلم وكان السبب فى كثير من التخلف فى هذه البلاد. وصحيح أن الهيمنة الغربية، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، فيما بعد الحقبة الاستعمارية، كانت ولا تزال السبب الرئيسى فيما ترزح تحته البلاد المتخلفة من مرض وفقر وجوع وتخلف، كنتيجة حتمية لمقتضيات النظام الرأسمالى. كل هذا صحيح، لكن الغرب هو مستودع ما انتهت إليه المسيرة الإنسانية من فكر وثقافة وحضارة. هذه المسيرة الإنسانية التى انطلقت من حضارات مصر وما بين النهرين وفارس والهند، وأسلمت الشعلة لليونان والرومان، ثم العرب الذين دفغهم المدّ الإسلامى للاختلاط بالحضارات السابقة واكتساب منجزاتها، حتى تسلمت أوروبا الشغلة فمضت بها قدما، وكان بين ما ورثته الحضارة الغربية ما استوعبته المسيحية من الفلسفة الأفلاطونية بما فيها من روحانية ومثالية وإعلاء لشأن العقل. كل هذا تراث إنسانى من حقنا ومن واجبنا بل من ضرورات الخياة لنا أن نستوعبه.
لن ينصلح أمرنا بأن ننكفئ على أنفسنا ونتقوقع، ولا بأن نعكس اتجاه المسيرة فنطلب العودة لما فات، بل بأن نأخذ حقنا من التراث الإنسانى الذى أسهمنا فيه قديما لكنه مضى بعيدا عما كنا فيه وعلينا أن نلحق به حيث بلغت المسيرة.
مدينة السادس من أكتوبر، مصر، 28 نوفمبر 2014



#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شكل كلمات المصحف
- سقراط يناقش أرسطو
- خطاب السيسى: خمس ملاخظات
- مائة يوم
- تأأبين ماهر جرجس (قصّة)
- الحقيقة الميتافيزيقية
- هوامش على حديث وزير الأوقاف
- كوميديا العرب السوداء
- قنطرة الذى كفر: تساؤلات أثارتها رواية عبقرية
- خواطر حول الحرب على الإلحاد
- ما يختبئ فى ثنايا صراع الأوقاف والسلفيين
- السيسى يتخبّط
- محاربة الإلحاد
- تقديس النص
- هل هناك حضارة إسلامية؟
- بعض الأمل
- هل استحق السيسى الرئاسة؟
- إلى الرئيس القادم، مطلب ونبوءة
- الذين يحرثون فى البحر
- لماذا لن أنتخب السيسى


المزيد.....




- طيور وأزهار وأغصان.. إليكم أجمل الأزياء في حفل -ميت غالا 202 ...
- حماس تصدر بيانًا بعد عملية الجيش الإسرائيلي في رفح وسيطرته ع ...
- التعليم حق ممنوع.. تحقيق استقصائي لـCNN عن أطفال ضحايا العبو ...
- القاضي شميدت يتحدث عن خطر جر بولندا إلى الصراع في أوكرانيا
- فيتنام تحتفل بمرور 70 عاماً على نهاية الاستعمار الفرنسي
- نشطاء مؤيدون للفلسطينيين يحتلون باحة في جامعة برلين الحرة
- الأردن: إسرائيل احتلت معبر رفح بدلا من إعطاء فرصة للمفاوضات ...
- باتروشيف: ماكرون رئيس فاشل
- روسيا.. الكشف عن موعد بدء الاختبارات على سفينة صاروخية كاسحة ...
- الإعلام العبري يتساءل: لماذا تسلح مصر نفسها عسكريا بهذا الكم ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داود روفائيل خشبة - أشتات حول الإلحاد، الثقافة، الحضارة