أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس عبد الحسين - دموع تحت الصفيح














المزيد.....

دموع تحت الصفيح


فراس عبد الحسين

الحوار المتمدن-العدد: 4086 - 2013 / 5 / 8 - 22:47
المحور: الادب والفن
    


دموع تحت الصفيح
قرب احدى اشارات المرور, وفي احدى ظهاري تموز الحارقة يتنفس بصعوبة وهو يحمل اكياس الكلينكس. كان يتفيأ بصوره عملاقة لاحد مرشحي مجلس المحافظة من الشمس القاسية التي تكاد تذيب رأسه الصغير وريح السموم التي كانت تلفح وجهه كسياط لجلاد حاقد, مع ذلك انها اهون عليه من نضرات الاستحقار التي يراها بعيون بعض المارة..
ينضر للسيارات وهي تجئ وتذهب. ويأتي غيرها طوال اليوم كالقطار الطويل بلا نهاية له. ينظر لمن فيه بعيون متوسله عسى ان يشتري احدهم من علبه البائسة, وهم غير مبالين لحاله ينعمون ببرد سياراتهم القارص.
احيانا يشتري البعض منه لعطفهم عليه بعد رؤيه نظراته المستجديه بألم وانكسار. وللون وجه الاسمر المسود من اثر الشمس ولجسمه النحيل وملابسه الرثة المرقعة. او لأنه كان حافيا والحرارة قد تجاوزت ال50 مئوية. لكن كان يضحك البعض على حاله باستهزاء واستكبار, يحسهم يكرهوه او يحقدون عليه بلا سبب.
كان ينظر بعين الحسد لقطه بقربه وهي تأكل من كومه للقمامة بهدوء بلا مذله او الم, بلا استحقار الناس ونظراتهم السخيفة, يا ليتني كنت قطه مثلك؟ ولم اخلق بين هؤلاء الوحوش, فلا يوجد بينكم قطط اغنياء واخرى فقيره جائعه وتتوسل لقمه العيش من غيرها بذله ومهانه.
كان يراقب بعض للأطفال وهم عائدين من مدارسهم برفقه ابائهم والبسمة تملئ وجوههم البريئة. وكيف كان احد الابوين يضل لطفله من حراره الشمس اللاهبة. وينظر بحسره لجمهره الاطفال وهم يشترون من محل المرطبات القريب تمنى ان يكون معهم. احس بالجوع وحراره العطش.
حتى سقطت عيناه مصادفة بعيني صبي بعمره تقريبا بعد ان اشترى والده منه علبه الكلينكس كان يحدق به من نافذه سيارة والده المكيفة. اطالا النظر بعيون بعضهم على طول الطريق لحين ان توارت السيارة عن انظاره مع نضرات الصبي الغريب. ضل مشغول البال لحين اذان المغرب, الموعد المعتاد لنهاية يوم عمله الشاق والمؤلم.
رجع لغرفه علب الصفيح والتي ملئ جدرانها بصور الائمه الصالحين. وبعد دخوله على والدته العمياء بقي ينظر لها وهي تركع للصلاة وتدعوا بصوت عالي مسموع. انتظرها لحين ان انتهت ثم قبلها من جبينها كعادته.
وبعد انتهائهما من رغيفي الخبر مع الماء عشاءهما المعتاد. ترنح صامتا بفراشه محدقا بسقف الغرفة الايل للسقوط دون كلام او حديث يرتسم على وجه الالم. حتى سؤال امه: ما بك اليوم يا علي لا اسمع لك صوت او حديث. رد عليها بسؤال بعد صمت قصير ودموعه تسيل على خده: امي لماذا ننام جياع كل يوم؟ ما كل هذه القسوة بالحياة لماذا هذا الظلم اين العدالة؟ لولاك لتركت هذه الدنيا غير اسف, من اجلك فقط اتحمل قسوة هذه الحياه وظلمها كل يوم.
ردت والدته بعد نزلت دمعتها على خدها المجعد: نم يا ولدي ارجوك فلديك عمل في الصباح الباكر وسأدعو لك مع كل صلاه. صمت طويلا وهمس مع نفسه: من سنين طويله وانت تفعلين. غطى وجهه ببطانيته الرثة. لم تغمض له عين الليل بطوله وهو يتذكر الصبي الغريب, لحين اذان الفجر موعد نهوضه لبدء يوم عمل جديد...نهض بتثاقل والدموع تغسل وجهه المسود.



#فراس_عبد_الحسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احذروا الحليم اذا غضب
- شيوعيا انا
- التغيير بات بأيديكم
- كابوس
- الشيوعي العراقي ..والانتخابات
- الشباب والربيع العربي
- الاشتراكيه ...حلم البشريه
- مفهوم الديمقراطيه و الربيع العربي


المزيد.....




- الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود ...
- “نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ ...
- تونس.. مهرجان الحصان البربري بتالة يعود بعد توقف دام 19 عاما ...
- مصر.. القضاء يحدد موعد الاستئناف في قضية فنانة سورية شهيرة ب ...
- المغربية اليافعة نوار أكنيس تصدر روايتها الاولى -أحاسيس ملتب ...
- هنيدي ومنى زكي وتامر حسني وأحمد عز.. نجوم أفلام صيف 2024
- “نزلها حالًا للأولاد وابسطهم” .. تردد قناة ميكي الجديد الناق ...
- مهرجان شيفيلد للأفلام الوثائقية بإنجلترا يطالب بوقف الحرب عل ...
- فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي ...
- انقاذ سيران مُتابعة مسلسل طائر الرفراف الحلقة  68 Yal? Capk? ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فراس عبد الحسين - دموع تحت الصفيح