أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بشير الحامدي - الثورة في تونس:إصلاحات برجوازية أم تغيير جذري















المزيد.....

الثورة في تونس:إصلاحات برجوازية أم تغيير جذري


بشير الحامدي

الحوار المتمدن-العدد: 3312 - 2011 / 3 / 21 - 21:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


1 ـ من قام بالثورة

الثورة التونسية التي إنطلقت يوم 17 ديسمبر 2010 وأطاحت يوم 14 جانفي 2011 بالدكتاتور زين العابدين بن علي ولئن كان سببها المباشر والظاهر هو حادثة محمد البوعزيزي إلا أن أسبابها الحقيقية تتجاوز ذلك وتمتدّ عميقا في الواقع الإقتصادي والسياسي والإجتماعي للعمال ولفئات وشرائح واسعة من الشعب أصبحت رافضة لنظام قائم على الدكتاتورية والقمع ومصادرة الحريات وكذلك غير قادرة على مواصلة العيش في ظل الإنهيار المتواصل لأوضاعها على كل المستويات نتيجة الإستغلال الفاحش والتفقير والبطالة والإقصاء والتهميش الذي أنتجته السياسات المتبعة المملاة من البنوك العالمية ومن إتفاقيات الشراكة غير المتوازنة.
واقع الإستغلال والبؤس وغياب الحريات الذي تعمق في السنوات الأخيرة إضافة لتأثيرات الأزمة الراسمالية أدى إلى حصول إنفجارات إجتماعية على إمتداد الثلاثة سنوات التي سبقت الإطاحة بالدكتاتور كانت أبرزها إنتفاضة البلدات المنجمية في 2008 وكلها أشرت إلى أن وضع الإستغلال واللاتوازن في التنمية بين الجهات وواقع الإضطهاد والتفقيروغياب الحريات أوضاع لم تعد قابلة للإستمرار و تهدّد بالإنفجار في كل حين وتراكم ولئن ببطء لحالة من الرفض الشامل للسياسات القائمة قد تقود إلى إحتجاجات أعنف وأشمل.
لقد كانت كل الأوضاع تدفع في إتجاه إنفجار كبير.
وكما في كل ثورة كان لابد من شرارة تنطلق لتعلن أن التراكم أقصاه فتندفع الجماهير إلى خوض صراعها مع مستغليها وقامعيها متخلصة من خوفها المستبطن واعية و بالملموس وتدريجيا قوتها ولا تتوقف في صراعها دون أن تبلغ هدفها المباشر. هكذا كان مسار ثورة الحرية والكرامة فمن حادثة البوعزيزي وإنتفاض مدينة سيدي بوزيد تطورت الأوضاع بسرعة لتتحول الإحتجاجات والمعارك مع النظام الدكتاتوري إلى ثورة شاملة أطاحت بالدكتاتور في أيام معدودة.
ثورة الحرية والكرامة والتي إنطلقت عفوية كانت ثورة قطب طبقي سحقه الإستغلال والقمع طيلة أكثر من عشريتين ووحدته موضوعيا مصالحه الطبقية في وجه مستغليه وقامعيه. الكتلة الطبقية التي ثارت مطالبة بتحقيق مطالبها الإجتماعية والسياسية كتلة دفعت بها الإختيارات الإقتصادية والسياسية للطبقة البرجوازية التابعة المرتبطة بإقتصاد السوق والمتحكمة بكل دوليب الدولة وأجهزتها إلى أن تعيش حالة إفقار مطلق وصل في قطاعات منها إلى حد أصبح لا يطاق وهو ما مكنها وإبان الثورة من أن تخوض صراعها بكل تصميم وإصرار.
القطب الطبقي الذي قام بالثورة هو الشعب هو هذه الكتلة الطبقية الممثلة بالعمال والمعطلين الشباب وشرائح عديدة من البرجوازية الصغيرة المدينية المفقرة والتي إنحدرت أوضاعها المعاشية وأصبحت شبيهة إلى حد كبير بأوضاع العمال.
إن ثقل البؤس الذي تعيشه الجماهير المكونة لهذا القطب الطبقي وحدّة القمع الذي كانت تعانيه وإنسداد أي آفاق أمامها لتجاوز واقعها المتردي هو الذي دفع إلى كل ذلك النشاط الثوري الذي إنخرطت فيه والذي تصاعد بوتيرة سريعة وأدى إلى أسقاط نظام بن علي .
لكن وبرغم كل تلك التعبئة وكل ذلك الإصرار فإن الجماهير لم تتمكن وأثناء نشاطها الثوري من وعي ضرورة التنظم في وجه عدوها الطبقي وتجاوز عفويتها والتسلح بأداة ثورية تمكنها من التعبير عن مطالبها في برنامج سياسي جذري يتمثل هذه المطالب ويؤمن لها أكثر ما يمكن من العوامل كي لا يتوقف نشاطها الثوري أو يتلاشى.
إن ثورة الحرية الكرامة كانت ثورة تتقدم دون أداة منظمة للجماهير ودون برنامج سياسي واضح.

2 ـ قطب طبقي غير منظم ودون برنامج سياسي.

لئن بدا تصميم الجماهير كبيرا على الإطاحة بنظام بن علي منذ أن توسعت الإحتجاجات وعمت مختلف أنحاء البلاد إلا أن هذا التصميم وهذا النشاط سرعان ما تراجعا وإنحدرا ما إن سقط رأس النظام حيث لم تتمكن الجماهير من وعي أن مهماتها لم تكن تستهدف فقط راس النظام بقدر ما كان تستهدف النظام القائم برمته وأن مصالحها الجوهرية لا يمكن تحقيقها إلا إذا واصلت نشاطها الثوري وربطت مطالبها السياسية بمطالبها الإقتصادية وهو ما يعني إستهداف كامل النظام السياسي والإقتصادي القائم.
هذا التوجه ولئن بدا جنينيا في الأول في وعي الجماهير و عبرت عنه بجملة من الشعارات كما ببعض حالات التنظم الذاتي إلا أنه بقي مراوحا ولم يتطور.
لم تع الجماهيرأنه لابد لها لإنجاز مهمات ثورتها من أن تخلق ومن داخل حركتها ذاتها أداتها التنظيمية المستقلة وبرنامجها السياسي المتمثل لمصالحها بإعتبارهما ضرورة لابد منها لمواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها.
غياب هذا الوعي كان أحد أهم نقاط الضعف في الثورة و نقطة الضعف هذه هي التي أتاحت لبقايا النظام هامشا كبيرا للمناورة لوقف الثورة في البداية والإلتفاف عليها فيما بعد.
لقد غاب عن الجماهير أن العامل الذي لابد منه للإستمرار في الثورة وقطع الطريق على بقايا النظام والقوى البرجوازية والليبرالية والإصلاحية والبروقارطية النقابية لترميم نظام الدكتاتورية هو أن تتسلح الجماهير الثائرة نفسها في الأحياء والمصانع وفي كل أماكن تواجدها بسلاح التنظم الذاتي من أجل الإدارة الذاتية لكل مناحي الحياة ومن أجل خلق حالة من إزدواجية السلطة.
تنظم الجماهيرالذاتي في شكل لجان مواطنية مقاومة لعنف الدولة وسيطرتها ومتشبثة بمواصلة الثورة وتجذيرها ولئن نشأ في شكل جنيني في بعض المدن والبلدات الصغيرة الداخلية كما في العاصمة وفي المدن الكبرى ووصلت إليه الجماهير عن طريق تجربتها الذاتية في المواجهة إبان صعود نشاطها وتحديدا في الأسابيع الثلاثة التي سبقت الإطاحة بالدكتاتور وفي فترة قصيرة لاحقة عقب ذلك مباشرة لما حاولت العصابات المسلحة من بقايا النظام بث حالة من الفوضى والخوف والرعب بإستهداف المواطنيين بالقتل عشوائيا في محاولة للتمهيد لبعض رموزالنظام الأشد دكتاتورية وفسادا للعودة للحكم فإنه خبا بمرور الوقت ولم يتطور إلى شكل من الإدارة الذاتية المواطنية لكل دواليب الشأن المحلي والجهوي في ما عدى تلك التحركات التي فرضت تراجع الحكومة عن تعيين ولاة ومعتمدين من التجمع الدستوري والتي هي بدورها لم تكن حركة شاملة ولم تستهدف الوزارات وكل الإدرات والمصالح العمومية أو تنظيم اعتصامي القصبة الأول والثاني وإعتصام صفاقس والتي أشرت وخصوصا الإعتصام الثالث الذي وقع تعليقه غداة تولي الباجي قايد السبسي رئاسة الوزراء إلى دخول هذه اللجان في وضع من الإرباك نتيجة غياب تصور واضح لمهامها ولبرنامجها السياسي والناتج عن تأخرها في التوحّد تنظيميا وسياسيا والإعلان عن نفسها كقيادة للثورة.
هذا الضعف أتاح من جهة لجبهة بقايا النظام أن تخرج من حالة الفراغ التي كانت تتخبط فيها وان تجر إلى أرضيتها أغلب القوى السياسية سواء من اليمين أو اليسار كما أتاح أيضا بروز لجان حماية الثورة في أغلب الجهات وهي لجان مكونة في أغلبها من نقابيين وناشطين سياسيين من كل الإتجاهات ظهرت عقب تشكل جبهة 14 جانفي و مجلس حماية الثورة إلا أنها وفي أغلبها لجان لم تظهر عنها إلى حد اليوم أي مبادرة نضالية مركزية ولم تنخرط في التعبئة لمواصلة الثورة بشكل واضح.
إن الأمر المهم والذي لابد من تدعيمه والدفع في إتجاهه هوأن تحافض هذه اللجان الجهوية والمحلية والقطاعية على إستقلاليتها تجاه جبهة 14 جانفي وتجاه مجلس حماية الثورة واللذان ظهرا بالملموس أنهما ليسا على أرضية مستقلة على كل قوى الإلتفاف وأن ترتبط أكثر باللجان الشعبية المواطنية وأن تتجاوز وضعية اللامركزة التنظيمية والسياسية بالمبادرة بعقد مؤتمر وطني للجان الشعبية والمجالس المحلية والجهوية لحماية الثورة تنبثق عنه وثيقة سياسية برنامجية مثمثلة لمهام اللجان وأهداف الثورة لسحب البساط من كل قوى الإلتفاف. هذا هو المطلوب الأن من هذه المجالس وهذه اللجان لتجسيم شعار الثورة المستمرة ولمواجهة جبهة اليمين ومواصلة إنجاز مهام الثورة .
نقطة الضعف الثانية والتي كان لها دور كبير في تمكين بقايا النظام من الإلتفاف على الثورة هي عدم قدرة القوى السياسية التي تنسب نفسها لليسار وللتقدمية كما المعارضة النقابية صلب الإتحاد العام التونسي للشغل والتي تعتبر نفسها معنية بالثورة وبإستمرارها على الإستقلال عن جبهة أعداء الشعب جبهة اليمين والإستناد إلى قوى الثورة الحقيقية والعمل معها وفي صلبها والدفع في إتجاه بروز القطب الطبقي القائم بالثورة وصاحب المصلحة في مواصلتها وتحقيق مهماتها بوصفه قطبا طبقيا منظما وببرنامج سياسي جذري.
فجبهة 14 جانفي مثلا ولئن شكل ظهورها ومن الناحية السياسية حدثا مهما في سياق الثورة بإعتبار أنها وإلى حد ما كانت تمثل إحدى الإجابات المطلوبة لتجاوز الضعف التنظيمي والسياسي الذي عليه قوى الثورة وهو ما أشر له بيانها التأسيسي إلا أنها وبحكم رهانات مكوناتها المؤثرة وإصلاحيتهم ووسطيتهم لم تقدر لا على الإرتباط بقوى الثورة ولا على المحافضة على إستقلاليتها على المستوى السياسي عن جبهة اليمين المكونة من بقايا النظام وداعميه البيروقراطية النقابية والقوى الإصلاحية والبرجوازية لما قبلت بالعمل على قاعدة أرضية المجلس الوطني لحماية الثورة وهي مبادرة خططت لها ونفذتها بقايا الدكتاتورية مع البيروقراطية النقابية.
إن إلتحاق مكونات جبهة 14 جانفي ولو كمكونات بهذا المجلس الذي يظم أحزابا وهيئات وجمعيات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار لا يمكن موضوعيا أن تجمع بينها جامعة لايعني سياسيا غيرأنها لم تعد معنية بأرضيها التي صدرت في بيانها الأول وأنها تخلت عن برنامجها وإلتحقت بجبهة اليمين التي رتبتها اللاشرعية حكومة الغنوشي السابقة وخليفتها حكومة الباجي قايد السبسي ورئاسة الجمهورية التي نُصب فيها فؤاد المبزع بالإستناد إلى جهازي البوليس والجيش وجهاز الدكتاتورية الدستوري وأداته الساقطة دستور 1959 .
موقف المعارضة النقابية وتفويضها للمركزية البيروقراطية في أن تكون صاحبة الموقف الأخير من سياسة الإتحاد العام التونسي للشغل في علاقة بالثورة وبقوى الثورة وباللاشرعية وعدم إستقلاليتها عنها وسحب البساط منها لصالح موقف مستقل عن جبهة اليمين ديمقراطي ومنحاز للثورة ولقواها ودافع في إتجاه النضال ضد الإلتفاف عليها وتوقيفها مثل أيضا نقطة ضعف كبيرة سهلت موضوعيا ولصالح بقايا النظام هامش المناورة لأعادة تنظيم جهازها السياسي وفرض حالة الأمر الواقع على قوى الثورة والإلتفاف على شعاراتها ووقفها دون تحقيق أهدافها. إن نقل المعركة اليوم إلى داخل الإتحاد العام التونسي للشغل من أجل إستقلال التيار النقابي المعارض عن البيروقراطية النقابية وعزلها وتحجيم دورها وإرتباط هذا التيار بقوى الثورة لهو من أوكد مهمات المعارضة النقابية الديمقراطية.
لذلك نقول أن القطب الطبقي الذي قام بالثورة مازال إلى اليوم قطبا غير منظم ولا يمتلك برنامجا واضحا للتعبير عن مصالحه ولمواصلة ثورته في بعديها السياسي والإجتماعي.
إن جنين الأداة والبرنامج موجودان وتمثلهما من جهة اللجان الشعبية والمجالس المكونة في الجهات ومن جهة أخرى المعارضة النقابية فماعلى اللجان والمجالس الشعبية إلا وعي أنه عليها المبادرة بإعلان نفسها كهئة وطنية موحدة لمواصلة الثورة وما على المعارضة النقابية محليا جهويا وقطاعيا غير المبادرة بإستقلاليتها عن البريوقراطية النقابية وإعلان إنحيازها الصريح لقوى الثورة.
إن ما ينطبق على المعارضة النقابية ينطبق على القوى اليسارية الجذرية التي مازالت لم تحسم أمرها في علاقة بتواجدها في جبهة 14 جانفي وفي مجلس جماية الثورة وفي مستوى قبولها بالعمل على أرضية جبهة اليمين. إنه مطروح عليها هي أيضا تجاوز وسطيتها والحسم نهائيا في هذه الهيئات والإستناد للقطب الطبقي الذي قام بالثورة والعمل في صلبه ومع قواه الحقيقية. إنها فرصتها التاريخية للإرتباط بالجماهير والإنغراس في الحركة الشعبية. إن موقعها الطبيعي يجب أن يكون إلى جانب قوى الثورة.
إن من يرفع شعار التصدي للإلتفاف على الثورة ومن يعتبر نفسه معني بالثورة ومواصلتها وينسب نفسه للقطب الطبقي صاحب المصلحة في إستمرارها حتى تحقيق أهدافها لابد أن يكون على أرضية مستقلة على كل قوى الإلتفاف. إن المراوحة والوسطية والتاخر عن حسم الأمر لصالح قوى الثورة لا تعني في الأخيرغير الوقوف في صف الثورة المضادة صف جبهة اليمين.

3 ـ من أجل أداة ثورية وبرنامج ثوري لإستكمال الثورة

أثبت تطور الأوضاع في تونس منذ إندلاع الثورة إلى الآن أن حصر الثورة في بعد واحد من أبعادها ألا وهو البعد السياسي و رؤيتها كثورة لا يتعدى أفقها المطابة بالديمقراطية السياسية وترك أمرالترتيب لها و إنجازها بيد حكومة الباجي قايد السبسي ومن إلتحق بمشروعها من الأحزاب والهيئات والشخصيات المدعوة وطنية هو أفق لم ولن يحقق شيئا من مطالب الجماهير السياسية والإقتصادية والإجتماعية فدمقرطة الدولة وتكريس التداول على السلطة لا يعدو أن يكون إلا تدعيما لهيمنة الطبقة صاحبة النفوذ الإقتصادي ومالكة وسائل الإنتاج ولحلفائها الإمبرياليين وأقصى ما يمكن أن يأتي به هذا المسارهو قوانين مبتورة وبرلمان برجوازي سيشرّع كما كل البرلمانات البرجوازية لسيادة الطبقة البرجوازية التابعة على كل مجالات الحياة . إنه من قبيل الأوهام الإعتقاد أن الثورة التونسية أو الثورات في البلدان التابعة في القرن الحادي والعشرين هي ثورات ديمقراطية أي برجوازية الطابع أوالتعويل على البرجوازية أوالبرجزازية الصغيرة في إنجاز مهماتها. لقد ثبت ذلك تاريخا وفي عديد الأماكن من العالم كما أن واقع الثورة التونسية نفسه يؤكد أنها ثورة سياسية إجتماعية ذات مهام تتجاوز الحريات السياسية إلى مهام ذات طابع إقتصادي وإجتماعي تستهدف النظام الرأسمالي والدولة البرجوزية وما المهام ذات الطابع الديمقراطي الصرف إلا مهام تحل في إطار عام وأشمل أي في إطار برنامج إنتقالي يشمل ما هو سياسي وما هو إقتصادي وإجتماعي برنامج يتمثل المهمات الحقيقية للثورة ومطالب القطب الطبقي طاحب المصلحة الفعلية فيها.
إن حصر الثورة في بعدها السياسي لن يحل مسألة التشغيل ولن يحل مسألة اللاتوزن التنموي بين الجهات ولا معضلة الحيف القائم في تنظيم الجباية ولن يحل مسألة الإستثمارالأجنبي ولا مسألة الشراكة مع الدوائر ألإمبريالية ولا مراجعة الخصخصة في قطاعات التعليم والصحة ... إلخ .
إن مهمات ثورتنا هي مهمات إنتقالية وبرنامجها برنامج إنتقالي وقواها الطبقية التي قامت بها هي ذلك القطب الطبقي الذي تتعارض مصلحته جوهريا سياسيا وإقتصاديا مع مصلحة الطبقة البرجوازية التابعة ودولتها وكل مؤسساتها. ليس ذلك فقط بل إن برنامجها ومصالح قواها تتعارض كذلك مع برامج كل القوى الإصلاحية البرجوازية الصغيرة والتي لمسنا ومنذ اللإطاحة بالدكتاتور بن علي كيف أنها إنتقلت إلى لعب دور المعيق لتقدم الثورة وإستمرارها وكيف إستسلمت وركنت للمساومات الرخيصة والمناورة مع بقايا نظام الدكتاتورية متخلية عن الثورة وعن الحركة الشعبية.
إن الثورة الثونسية وبوصفها إحدى الثورات التي تحدث في بلد حيث يرزح الشعب [الطبقة العاملة وجمهور المعطلين ومهمشي المدن من الكادحين وفئة البرجوازية الصغيرة المدينية والريفية المفقرة والقريبة في أوضاعها المعاشية من أوضاع العمال] تحت سيطرة دكتاتورية برجوازية طفيلية مرتبطة بالإمبريالية فإن مصالح هذه الكتلة الطبقية التاريخية والمباشرة متناقضة جوهريا مع مصالح مستغِلِيها وحلفائهم وبالتالي فهي في تعارض كامل مع طبيعة النظام الرأسمالي وطبيعة دولته بإعتبارهما السبب في كل ماهي عليه من إستغلال وقمع وتهميش وتفقير وإستبعاد . لذلك نرى أن إلتقاء هذه الكتلة الطبقية في النظال ميدانيا وتوحدها في وجه عدوها الطبقي هو الذي أدى إلى إسقاط الدكتاتوروطبع ثورة الحرية والكرامة بذلك الطابع الطبقي الواضح برغم غياب القيادة والبرنامج الثوريين .
إن مهمة بناء الأداة الثورية والبرنامج الثوري ومن داخل قوى الثورة لهو اليوم المهمة المركزية في عمل الثوريين للإستمرار في الثورة وقطع الطريق على كل قوى التي تفعل على الإلتفاف عليها.
إن قوى الثورة اليوم لهي في حاجة لهذه الأداة ولهذا البرنامج ومصلحتها المباشرة تقتضي منها كما تفرض على كل القوى السياسية الثورية المعنية بالثورة وكل المجموعات الثورية المعارضة لجبهة اليمين أن تسير في نفس الإتجاه لأن الإستمرار في الثورة وإستكمال مهماتها وإنجاز برنامجها الإنتقالي لا يكون إلا إذا تجاوزت قوى الثورة عفويتها وتشتتها وقدرت على التوحد و إستتقلت تنظيميا وسياسيا.
إنه مطروح اليوم على اللجان الشعبية وعلى مجالس حماية الثورة وعلى المعارضة النقابية الديمقراطية وعلى القوى الثورية المعنية بالثورة وبمواصلتها كما على كل المجموعات الثورية المعارضة لجبهة اليمين أن تعمل على التكتل سياسيا وتنظيميا على قاعدة برنامج الثورة في قطب طبقي مستقل عن جبهة بقايا النظام والبيروقراطية النقابية والليبراليين والإصلاحين وكل الإنتهازيين.
إن ذلك لهوالخطوة الأولى والتي لابد منها لأستنهاض الجماهير من جديد للنضال من أجل تحقيق مطالبها ولإعادة قاطرة الثورة إلى طريق التغيير الجذري طريق الثورة وليس طريق الإصلاحات البرجوازية البائسة.



#بشير_الحامدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ثورة الحرية والكرامة المجلس التأسيسي ليس مهمة من مشمولات ...
- الثورة في تونس مستمرة نعم ولكن كذلك قوى الثورة المضادة مازال ...
- تونس من أجل توسيع حالة الفراغ من حول حكومة الغنوشي من أجل إ ...
- الثورة مستمرّة وحكومة الغنّوشي تتخبّط في الفراغ والشّعب يمار ...
- تونس حتى لا يقع وقف المسار الثوري وإجهاض الثورة
- ثورة الحرية والكرامة في تونس مستمرة وبكل تصميم تكنس نظام الد ...
- تونس كي لا نعود إلى وضع ما قبل الإنتفاضة
- تونس إنتفاضة الحرية الحل لايكون إلا بكنس الدكتاتورية
- تونس تجذر الإنتفاضة وإستمرارها هو الطريق لإسقاط حكومة الفسا ...
- تونس إنتفاضة سيدي بوزيد إنتفاضة عفوية ولكنها رفعت عاليا راية ...
- تونس تجمع عمالي وطلابي في بطحاء محمد علي بالعاصمة ومسيرة حا ...
- إنتفاضة سيدي بوزيد في تونس طريق القمع طريق مسدودة لنفرض الح ...
- تونس مدينة سيدي بوزيد في الوسط الغربي للبلاد التونسية تنتفض ...
- حول موقف بيروقراطية الإتحاد العام التونسي للشغل من مشروع الح ...
- من أجل معارضة نقابية ديمقراطية مستقلة وكفاحية لا تعيد إنتاج ...
- هل ستنجح الحكومة التونسية في تمرير مشروع إصلاح نظام التقاعد
- لما لا يكون التمسك بالفصل العاشر من النظام الداخلي للإتحاد ا ...
- عامان مرا على قمع انتفاضة المناجم في الجنوب الغربي التونسي
- ورقة إعلامية حول ندوة نقابية من أجل إصلاح تربوي ناجع في تون ...
- في انتظار 1 ماي القادم


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بشير الحامدي - الثورة في تونس:إصلاحات برجوازية أم تغيير جذري