أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عاصم بدرالدين - علمانية الخميني بين الولاية المطلقة والغيب المقدس!















المزيد.....


علمانية الخميني بين الولاية المطلقة والغيب المقدس!


عاصم بدرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 2322 - 2008 / 6 / 24 - 10:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


علمانية الخميني بين الولاية المطلقة والغيب المقدس!


"قد يكون الخميني اكثر براغماتية من بن لادن، لكنه بالتأكيد ليس اقل ظلامية وتحجّراً من الوهابية التي تعتمدها "القاعدة" والتيارات المتماهية معها. بل انه يجوز القول انه رغم كل الخلافات الفقهية والطائفية، فان ما بين الخمينية والوهابية من نقاط التقاء فكرية، قد يفوق نقاط التمايز.." سمير قصير.
في البداية أسأل: هل هنالك تعصب أفضل من أخر لينال المديح؟ هل هنالك ديكتاتورية أحسن من أخرى لتنال التبجيل؟ هل هنالك قتل أرقى من أخر لينال الإعجاب؟ هل هنالك خرق لحقوق الإنسان أقل وطأة من خرق أخر لنصفق له؟ أعتقد أن التعصب هو واحد والدكتاتورية الشيء نفسه وكذلك القتل والخرق. لا فرق بين أن تقتلني أنت وأن يقتلني آخر (صديق أو عدو). لا فرق بين أن يقمعني الماركسي أو الديني. لا فرق بين أن يهنني الخميني الشيعي، أو الوهابي السني. علينا أن نكون أكثر وضوحاً في علاقتنا مع الفكر الديني المتعصب(والفكر الدنيوي المتطرف أيضاً)، فهو نفسه من حيث الشكل والنمط والأفعال حتى لو إختلفوا في المتون والأفكار والمبادئ. الخمينية لا تعترف بالأخر كذا الوهابية. الخمينية تمارس البطش في إيران والأمر نفسه للوهابية المتواجدة في السعودية والمتمثلة أيضاً في تنظيمات القاعدة. لا تفضيل بين الإثنين لأنهما رجعيان متسلطان ومتخلفان.
إنتقائية علمانية عربية
يقال أن أدونيس الشاعر السوري عقب إنتصار الثورة الإيرانية كتب قصيدة مطولة إمتدحها فيها. ثم أخفاها لاحقاً ونفاها. وأدونيس نفسه من فترة أشهر قال عبر وسيلة إعلامية إيطالية أن العلمانية هي الحل الوحيد للمجتمعات العربية والإسلامية! هذا هو التناقض العلماني العربي "الإنتقائي" حقيقة. الخمينية (بما أننا متفقين على سلبية الوهابية القصوى، وعلى تأييد الإسلامية التركية) نقيض تام للعلمانية، وللفكر العقلاني، ويستحيل أن أكون علمانياً وأن أصل إلى هذه الدرجة من الدفاع عنها وتكييل المديح لها، إلا -وحسبي هذا- إن كنت مدفوعاً بسبب أخر. الغيبية لا يمكن أن تتوافق مع العقلانية. التبعية المطلقة إلى شخص ما بإنتظار أخر (المخلص) لا يمكن أن تتماشى مع الحرية والفردية. فتاوى القتل (سلمان رشدي مثلاً صاحب رواية آيات شيطانية، ومنع فيلم "بيرسبوليس" الإيراني الذي يتناول حكم الشاه وحكم الخميني في إطار المقارنة النقدية.. هذا ما يصل إلينا من أخبار وهناك طبعاً المزيد.. زد على ذلك مآثر الخمينيين في لبنان في قتلهم للبعثيين والشيوعيين) في حق الناس والمفكرين، عكس إحترام الرأي الأخر والبوح به والتعبير والدفاع عنه. التمييز العنصري والعرقي (ضد البهائية والعرب لصالح الفرس) لا تعيش مع المساواة والعدالة بين الناس جميعاً بناء على الإنسانية الجامعة دون النظر إلى أي إنتماء آخر.

لا يمكن أن يصل مديح سلطان الدين إلى هذا السفور وهذه البجاحة. لما يحق للخميني أن يحجب المرأة ويفرض عليها واقعاً متخلفاً من عصور الجاهلية المقيتة (إجتماعياً على الأقل)، بينما لا يحق للوهابية أن تفرض الأمر نفسه وتعتبره أنت نفسك أمراً متسلطاً وغير منطقي. للأول تبرر بحجة أنه ينال ثقة الشعب (أذكرك بما كانت تفعله الخمينية اللبنانية في بداياتها، عندما كانت تدفع أموالاً لكل إمرأة ترتدي الحجاب، وأقصد العباءة أو "الشادور"، النمط الأكثر تخلفاً للحجاب: هل هذه برأيك حرية وثقة الشعب؟) ومن قال أن الوهابيون أيضاً لا يوافقون على إعتبار المرأة نصف إنسان، إن لم يكن أقل؟ مع الإعتذار منهن طبعاً. هل سمعت بالشرطة الدينية التي تتجول في المدن الإيرانية للمحافظة على الأخلاق والقيم الدينية (مثل أحمر الشفاه -أنظر الصورة- وهل سمعت بـ المنتزهات الخاصة بالنساء!) ومعاقبة المنحرفين والمعارضين مثلها مثل "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" الشرطة الدينية في السعودية الوهابية. وهل سمعت بأحدث أنواع العقاب في إيران الخمينية الرجم والجلد المشابهة لتلك الموجودة في النظام الوهابي؟ هذا المنطق الإنتقائي أو الإزدواجي مستغرب. ومن قال لك أصلاً أن الإيرانيين موافقين على سياسة بلدهم؟ (مظاهرات الشبان في الجامعات والتي تقمعها السلطة الحاكمة أهي على لا شيء أو مجرد ترف؟) إلا إذا كنت تعتبر الصمت في الأنظمة الشمولية الدينية (مثله في الأنظمة الديكتاتورية المدنية أو العسكرية) نوعاً من الموافقة والتأييد؟ كيف تطلب مني أن أتعايش مع إسلام الخميني والذي هو إجتهاد فقهي متمثل في ولاية الفقيه، وسمته الأساسية القمع والتنكيل والتكفير لمجرد الإختلاف معه، والتهمة غالباً ما تكون جاهزة بالعمالة للغرب والشيطان الأكبر والصهيونية (خاتمي أتهم مؤخراً بذلك لأنه إصلاحي!)؟ لما رُفض ترشيح العديد من الشخصيات الإيرانية مؤخراً لدخول مجلس الشورى؟ هذه هي الديمقراطية الإسلامية الإيرانية المُدافع عنها والتي تمثل إرادة الشعب؟ طبعاً إلا إذا كنت من مؤيدي العبقرية العربية (مثال على أحدهم: "المفكر" عزمي بشارة أو "شيخ العدميين" كما أسماه رمزي سعد في جريدة الحياة رداً على تنظيراته في "تجديد الفكر القومي" وهو في أحضان القومية العربية البعثية القمعية في سوريا!)، التي تقول أن الديمقراطية والحريات والإنسانية إهتمامات ثانوية أمام مواجهة الإستعمار.

هل نحن مع القمع ضد الإستعمار والإحتلال؟ هل القمع والإضطهاد والتزمت الديني والتعصب المذهبي والقتل والإعتقال هو سبيل لمكافحة القوى الإمبريالية؟ تجربة الخميني تؤيد هذه الأفكار، والنظام البعثي عراقياً وسورياً أيضاً، كذا الناصرية والكوبية (كوبا). ما رأيك في تجربة فيديل كاسترو؟ أهي مميزة وتستحق الثناء؟ هل تعرف أن الأنترنت والهواتف المحمولة والــ DVD لم يدخلوا كوبا إلا منذ شهرين بعد رحيل كاسترو المناضل الفذ ومجيء شقيقه راؤول في محاولة لتقليد العرب بالتوارث؟ وهل تعرف لما كانوا ممنوعين على الشعب الكوبي؟ لأنهم من نتاج الإمبريالية ويشكلون خطراً على الأمة والنظام الإشتراكي، يا للسخافة! ألا ترى هذا؟

تكرر هذه الجملة كثيراً :"لا معنى للعلمانية اذا تعارضت مع ارادة الشعب"، ولكنك لم تفسر ماذا تعني لك إرادة الشعب؟ الخمينية تمثل الشعب وفيها قمع سياسي وعسكري وديني؟ وطبعاً الإيمان بالمطلق شخصاً (الخميني: "الشخصية المتكاملة" كما يسميه وضاح شرارة في كتابه دولة حزب الله الصادر عن دار النهار) وعقيدة؟ وكيف تدعوني أنا العلماني أو غيري إلى النظر إلى الخمينية بطريقة علمانية؟ كيف سأتقبل الغيب والتأويل الإعطباطي للظواهر الإجتماعية خارج نطاق العقل النقدي؟ أقول لك: لا معنى للعلمانية خارج الحرية. ولا قيمة لها من دون ديمقراطية. ولا يمكن أن نقبل ديكتاتورية كيفما كانت وإن كانت، حتى، تدعمنا في مواجهة إسرائيل. فهذه لا تنسينا تلك. الديمقراطية والحرية هما الطريق الأولى لمكافحة الإستعمار، لأنهما هما وحدهما يؤمنان التماسك الداخلي للمجتمع، وهما سبب الإبداع والتطور والخلق. أما كيف تدعم إيران حماس السنية، فأنا أدعوك إلى الركون لقول سمير قصير المذكور أعلاه. ولا تنسى أن الظواهري قد أيد حزب الله مرة!
وتشير إلى أن ثورة الخميني قامت لرفع الظلم عن الشعب وتخليصه من الفقر. برأيك هل رُفع هذا الظلم وهل شح الفقر ونقص؟ إسمح لي أن أشيد بعدم إضطلاعك على الحال الإيرانية مجتمعاً وأفراداً.. كما أن النظرة إلى إيران ببراءة، وجعلها دوماً في موقع الضحية المعتدى عليها أثار في نفسي الشفقة والآسى لحالها. وإن كنت تشير إلى الحرب العراقية-الإيرانية، فلا بد من أن ألفت إنتباهك إلى سبب إندلاعها فهو، فضلاً عن غباء صدام حسين وعدوانيته الإجرامية الفطرية، سعي إيران الدؤوب لتصدير ثورتها ونهجها وفكرها إلى ما كان يعتبره صدام حسين مُلكاً خاصاً به أي العراق.. أما اليوم فكما نؤمن أن الأميركيين هم السبب الأصل لما يجري فيه لكن لا يمكنا تجاهل الأيادي الإيرانية الخفية أيضاً وإلا كيف نفهم ونفسر ونعلل المفاوضات الإيرانية-الإميركية حوله؟

الأحزاب العلمانية والخمينية اللبنانية
تسمي بعض الأحزاب العلمانية اللبنانية وتقول أنها الوحيدة التي حافظت على علمانيتها وكأنك تشير إلى رشاقتها.. ممتاز أهو مسحوق قد إستعملته للمحافظة عليها؟ أم أنه من بركات آيات الله خميني وجنوده الأبرار من أبناء حزب الله وصلواتهم؟ أعتقد أن الأحزاب التي سميتها، صارت هياكل عدمية وفارغة، واحدة للإنهيار والشتات (ولقد سميت أحد الاسماء لكي نعرف من تقصد!) والثانية للفاشية العسكرية والعسس المخابراتي و"الفحولة الذكورية" (كما يقول محمد إبي سمرا في nowlebanon.com) والنضال في شوارع بيروت بعد أن سَكَر الخميني ذاته في وجههم جبهة النضال ضد العدو الصهيوني جنوباً (أو اليهودي!). فلا مجال للحديث عنهما ولا أهمية لذلك حتى.
لكن لنأخذ الأمر من وجهة نظر أخرى وسأجسدها في هذا السؤال: ما هي غاية هذا "العلماني" في لبنان؟ (وضعته بين مزدوجين لأننا، كما تبدى لي، حتى الساعة لم نتفق من هو العلماني، أهو ذاك المؤمن بـ"الماركسية الغيبية" أم بالعقلانية النقدية. أم أنه المؤيد للقمع والديكتاتورية في شكل إنتقائي طبعاً أم المعارض لها. أم صديق الأنظمة الدينية والشخصيات الأسطورية المقدسة المطلقة المعصومة. أو الذي يحب التلقين أم المحاجة؟ والذي يفضل أن يكثر من الشهداء والجثث ليصير الموت عادة ضرورية للإستمرار الدنيوي، ولا يأبه للإنسانية ولا لقيمة الإنسان أم العكس. ويبهج لفلسفة الإستشهاد الإنتحارية. أم الذي يعتبر الوعي الديني -الجامد- منطلقاً للإبداع...؟!)

وسأجيب ببساطة: أن تقوم دولة العدالة الإجتماعية والمساواة (بحدها الأدنى على الأقل، لست أفلاطونياً مثالياً). أن تكون المواطنة الرابط بين المواطنين والدولة. أن يعلو الولاء للدولة على الولاءات الأولية التقليدية. أن تكون الأحزاب هي إطار العمل السياسي المنظم لا الطوائف والملل. أن تسود الديمقراطية والحرية. تحديث أطر المجتمع وتنميته. أن تكون العقلانية العلمية هي المبدأ الأساس. أن يكون الإنسان العنصر الأهم. أن يكون الفرد هو العامل الإبداعي الأول. أن تكون الثقافة هي خبزنا لا العسكرة ولا الدين... مع فتح مجال واسع للأخير (الدين) كي يمارس ما يشاء من طقوس وعادات بعيداً عن التجييش والتخوين والتكفير ونبذ الأخر.

هل حزب الله يساعدنا للوصول إلى هذه الأهداف والغايات؟ أحسب أن الإجابة لا تحتاج إلى أي نوع من التحوير واللفلفة وهي بكل تأكيد: لا. لا بل إنه يمارس عكس كل هذه الأمور ويضطهدها ويدمرها. فهل أنت معه؟؟ أما أنا؟ فطبعاً: لا. وسأستبق عليك، ربما، وأقول لك أيضاً أن تيار المستقبل (الذي تعشعش في داخله السلفيات بطواطئ مثير مع العائلة الحاكمة أي آل الحريري المقدسين أيضاً، والتي تعبث بهم -أي السلفيين- شاددة الحبل مرة وراخية إياه في أخرى حسب مسار اللعبة السياسية!!) ومشاريع الحريري الأب والإبن والأخرون لا يساعدون للوصل إلى هذه الأهداف، إنما هم إعاقات صرفة لهذا المشروع. لذا يجب أن يكون الموقف العلماني اللبناني، موحداً في النظر إلى أشاوس الطوائف والمذاهب لا في الرأي والأيديولوجيا. وبعيداً عن الإنتقاء: كأن تفضل حضرتك مثلاً مشروع حزب الله على مشروع المستقبل!
لا يمكننا بحجة أنه يقاوم، أن نسكت عن مشاريعه وأفكاره ونوازعه. ليست المقاومة سحر ولا "تابو". الجميع يستطيع أن يقاوم ويجب أن تدخل في النقد وتسقط عنها القداسة والإطلاقية الأبدية. ولا نريدها إن كانت ستلعب دور السيف المسلط على رقابنا وطموحاتنا ودولتنا. ثم هل يمكننا كما يدل رأيك، أن نقدم الطاعة له ونتحالف معه لمجرد أنه تخلى عن مشروعه الداعي إلى بناء الدولة الإسلامية في لبنان. إذاً: نشكرك روح الله خميني، و سيدي نصرالله، هذا جميل كبير منكما على رقاب اللبنانيين لن ننساه أبداً وعدُ صادق هذا. تصبح في حدود المسخرة إن وصلنا إلى هنا. هل سمعت بـ "التقية"؟ لا ضرورة للدخول بها الآن، لأن هذا المشروع لم يعد تبطينياً بل صار سافراً وقحاً ظاهراً. تفضل يا سيدي وأنظر في حال معاقل حزب الله ألم يبدأ برأيك مشروع إقامة الدولة الإسلامية العسكرية؟ هل من الضروري أن أحكي لك عن الشواهد، وأحسبك لا تراها؟ وأنا متأكد أنك تراها.

ثم تطلع علينا بالتحالفات التي يقيمها حزب الله مع الأحزاب العلمانية، من دون أي حجل أو خزي. هذان الأخيران (الخجل والخزي) لا يأتيان من حزب الله نفسه، لأننا لم نصل ولن نصل حكماً إلى هذه الدرجة من العداوة أو الكره، إنما من سخافة الإعتقاد بوجود هذا التحالف وفعاليته وأهميته. ربما عليّ أن أذكرك بقصة النائب السابق نجاح واكيم وحزبه "حركة الشعب". هل تذكر يا عزيزي إنتخابات عام 2005 النيابية في بيروت وكيف لعب "التكليف الشرعي" (أحد أشكال الديمقراطية الخمينية أليس كذلك؟) دوراً فاعلاً في إسقاط النائب المذكور لصالح مرشح تيار المستقبل النائب نبيل دو فريج على ما أذكر. ثم هل تذكر الإنتخابات الأخيرة في بيروت عقب إغتيال النائب في تيار المستقبل وليد عيدو، وترشح عن الحركة نفسها وقتها الأستاذ عباس الحلبي مواجهاً لمشرح من تيار المستقبل من آل عيتاني وتخازل حزب الله وإستنكافه عن دعم حليفه؟ وكيف أعلن النائب السابق واكيم وقتئذ إنسحابه من المعارضة؟ أهذا هو التحالف الذي تمني به نفسك العلمانية الغراء؟
أما الحزب الشيوعي فحدث ولا حرج، فسياسات التجاهل الإلهية لقيادة هذا الحزب لا تنتهي من تحرير الأسرى عام 2001 وكان بينهم الأسير الشيوعي المناضل أنور ياسين (الذي وقف الحزب الإلهي ضده في إنتخابات الجنوب النيابية عام 2005 بحجة الدفاع عن سلاح المقاومة حماية للشيعة الذين ستنتظرهم البواخر بعد عام واحد من ذاك التاريخ لترميهم في عرض البحر وعمقه!!) ولم يدع وقتها الحزب الشيوعي للمشاركة الرسمية في المهرجان الإستقبالي، إلى إجتياح بيروت الأخير وما قبله من أحداث وما بعده. هل سأل حزب الله الشيوعيين مؤيدين وقيادة عن رأيهم قبل الهجمة الشرسة لغاية فتح بيروت وتحريرها من المجوس والكفار والعاهرين والصهاينة والمثقفين؟ لا أعتقد ذلك ويا له من تحالف جبار و"خنفوشاري". إلا إذا كنت تعتبر هذا الأمر شيء ثانوي لا يحتاج إلى المجادلة أو النقاش لا بل هو بديهي. على أي حال أذكر لي أمراً واحد يتخذ فيه رأي هذه الأحزاب العلمانية الهيكلية؟
لن تجد.. مع الأسف الشديد. أين هو التحالف إذاً؟ أهي مجرد تسمية وبالية أيضاً؟ أم فعل وعمل وتعاون؟ هذا إستتباع وإستلحاق وليس تحالفاً. وهذه نظرية: الأقوى هو الذي يحكم ويأمر. والأمر نفسه ينطبق على الأحزاب العلمانية الموجودة في الطرف الآخر وخاصة بعد تلاشي وإنهار الوجه الوطني المدني لإنتفاضة الإستقلال 05، وتحولها إلى ثورة ملل ومحاصصة!

وتأتي على ذكر حزب الله المتسامح المتعاون مع الجميع، الذي لا يكفر الأديان الأخرى ولا يقاتلها. بداية حزب الله أساساً كانت صراعاً مع مسيحيي ضاحية بيروت الجنوبية لتطردهم منها قبل أن تستحيل معقلاً مقفلاً (وعلى ما يبدو أن التخطيط لهذا الحصن كان منذ نشأته في أواسط الثمانينات) كذا مع مسيحيي منطقة زحلة الموالين آنذاك للحزب السوري القومي الإجتماعي في أواخر الثمانينات وكان الصراع طائفياً وليس عقائدياً (وضاح شرارة دولة حزب الله لبنان مجتمعاً إسلامياً- دار النهار) وقد أبرزت بعض الشاشات التلفزيونية غصباً عنها أو قصداً بعض الشعارات المذهبية التي كان يتفوه بها جمهور حزب الله، وطبعاً مع رد مشابه وقرف ومقزز من الطرف الآخر فضلاً عن تحول "أيام عاشوراء"، والتي جعلها حزب الله فنتازيا تاريخية وأدرجها في سياق الخيال الديني لكثرة ما أدخل عليها من مؤثرات، إلى ميدان لتجديد الشحن وإعادة التعبئة ضد المذهب الإسلامي الآخر... وإلخ!

هي ثقافة المقاومة الجامعة إذاً؟
يقولون لك "ثقافة المقاومة" أين هي هذه الثقافة؟ وأين هو نتاجها؟ ومن هم شخوصها (نعيم قاسم؟ علي عمار؟ أم نواف الموسوي؟ أو وئام وهاب؟ أسعد أبو خليل؟ خضر عواركة؟)؟ إلا إذا كانت سلاحاً؟ هل السلاح ثقافة؟ وهل هناك مقدس في الثقافة؟ وهل الإستشهاد لدخول الجنة ومضاجعة حور العين ثقافة؟ أوضح من ذلك: هل القتال لأجل الموت فقط وفقط (رغبة به)، والإستشهاد من أجل الله ثقافة؟ وهل الدورات العسكرية تثقيف؟ وهل بناء المساجد والحوزات الدينية التلقينية والتحريضية ثقافة؟ وهل تسكير تلفزيون المستقبل وجريدته (على قرفهما) ثقافة؟ وماذا تعني الثقافة؟ هل هي الحتمية والثبات والسكون والمطلق والمقدس؟ أم السجال والجدال والنقد والإختلاف؟ وهل يقبل حزب الله كل هذا؟ وهل للعلمانية معنىً خارج حقل الثقافة؟ وهل العلماني يؤمن ويقبل بثقافة حزب الله؟ وكيف يمكن أن تفهم السياسة (سياسة حزب الله) من دون أن تنظر إلى ثقافته مصدر مواقفه إلا إذا كنت تراها أمراً إبداعياً منزهاً عن الخطأ منزلاً من الله كما يرى الحزب نفسه في شخص وليه الفقيه؟ أم أن نرجسية المقاومة تعمي؟ وهذه لعمري طامة لا تغتفر!

لا معنى للعلمانية خارج الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان. وحزب الله (والخمينية -الولاية المطلقة- والوهابية السلفية) لا يفهم ولا يطبق واحدة من هذه الثلاث وهي أصلاً لا تعنيه، لأن الدنيا والوجود الدنيوي لا يهمه وهذه الشروط مرتبطة حكماً وحصراً بالواقع لا الغيب. لذا لا يمكنا أن نعيش معه. فما يبعدنا عن الخمينية وثورتها ورجالها وفكرها أكثر مما يجمعنا بها، إن كان هناك ما يجمعنا!

بيد أني نسيت أن أذكرك بعمر الثورة، هو في حوالي الـ 28 سنة. ألا تعتقد أنها كبرت كثيراً، ومن المفترض أنها نضجت وخرجت من "طور الإختبار" كما تقول؟ وربما فشلت في تحقيق حلم الشعب الإيراني الذي ثار معها وفيها؟

إضافة أخيرة، في مسيرة التدليل والإضاءة على الحرية الخمينية:
{تشرح مصادر حزب الله موقفها من ولاية الفقيه كما يلي: «لا علاقة لموطن الولي الفقيه بسلطته كما لا علاقة لموطن المرجع بمرجعيته. فقد يكون عراقياً او ايرانياً او لبنانياً او كويتياً او غير ذلك (...) فالامام الخميني كوليّ على المسلمين، كان يدير الدولة الاسلامية في ايران كمرشد وقائد وموجه ومشرف على النظام الاسلامي هناك، وكان يحدد التكليف السياسي لعامة المسلمين في البلدان المختلفة... هذا «والارتباط بالولاية، كما يقول الشيخ نعيم قاسم – تكليف والتزام يشمل جميع المكلفين، حتى عندما يعودون الى مرجع آخر في التقليد، لأن الإمرة في المسيرة الاسلامية العامة للولي الفقيه المتصدي.... اما الولاية فهي مطلقة وعامة، وهي تشمل كل صلاحيات النبي والأئمة المعصومين من دون نقصان أو استثناء»} مقتبسة من مقالة للأستاذة الجامعية اللبنانية منى فياض بعنوان "ولاية الفقيه وإمكانية حرية الإعلام" نشرت في جريدة الأوان الكويتية 13/6/2008 وهي بأي حال مأخوذة عن كتاب نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم (حزب الله، المنهج، التجربة، المستقبل-بيروت 2003)

ولم أكن أحسب يوماً أني سأجادل علمانياً يؤمن بالغيب والمقدس والتأليه والمطلق، أو الأصح: يدافع عن مريديهم فيفكك العلمانية لأجلهم مركباً إياها لاحقاً، خالقاً شكلاً جديداً لها لا يمت بأي صلة للعلمانية الأولى وقواعدها الأساسية.. بحجج واهية

-----
كتب هذا المقال رداً على مقال: "كيف نتعايش مع الاسلام؟" لمحمد قطيش
http://tsaleb.com/web/index.php?option=com_content&task=view&id=1046&Itemid=1
----
الصورة المشار إليها في النص: إمرأة إيرانية تمسح أحمر الشفاه بطلب من شرطيتين إيرانيتين تبدوان أيضاً في الصورة (رويترز)
http://tsaleb.com/web/images/stories/224214-10.jpg



#عاصم_بدرالدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذلك السلاح.. في إنتظار التسوية
- ليس بئس العلمانية التركية، على بؤسها، إنما بئس الإسلام العرب ...
- الطائف ليس المشكلة الأساس
- إستفحال الإستغباء بالتصفيق
- العلماني خارج دائرة الإنغلاق
- وماذا عن الجيش؟
- صراع أبدي
- الإنتفاخ الطائفي
- متى الحرية؟ متى السيادة؟
- في ذكرى سمير قصير: أسئلة دائمة
- الدولة المعلقة والحرب والمعلقة
- هل العلمانية حل لمشكلة الأقليات اللبنانية؟
- لا نساء في الكويت
- ماذا بقي من الديمقراطية؟
- أخطئ سعد الحريري
- وأيضاً سمير قصير؟
- لا تنسى
- نماذج علمانية تخريبية
- سقطوا
- فضائل النقد والمجتمعات الغيبية المقدسة


المزيد.....




- بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو ...
- مسؤول أمريكي يكشف مكونات اتفاق التطبيع بين السعودية وإسرائيل ...
- شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل ...
- غزة : هل تبددت آمال الهدنة ؟
- تونس.. تواصل غلق معبر راس جدير الحدودي مع ليبيا واكتظاظ كبير ...
- هل تفجر انتفاضة الجامعات حربا أهلية في أمريكا؟
- - أشعر أنني منبوذة لأنني لا أريد إنجاب أطفال-
- بايدن: احتجاجات طلبة الجامعات لم تجبرني على إعادة النظر في س ...
- الولايات المتحدة تتهم روسيا باستخدام أسلحة كيميائية في أوكرا ...
- أردوغان غاضب من -نفاق الغرب-.. وأنقرة تعلن تعليق التعاملات ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عاصم بدرالدين - علمانية الخميني بين الولاية المطلقة والغيب المقدس!