أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان الدراجي - قصة اغتصاب ظل














المزيد.....

قصة اغتصاب ظل


عدنان الدراجي

الحوار المتمدن-العدد: 2322 - 2008 / 6 / 24 - 08:26
المحور: الادب والفن
    


عرفته حين كنت أتصيد ولائم الموسرين إذ كان يجتذب أمثالي بطراوة حديثه وحكاياته المبتورة,أدمنت الإنصات إلى قصصه وتشبعت بعوالمه حتى كدت أميز صدقه من كذبه.
حدثنا في احد الأيام بحكاية غريبة سأسرد ما علق منها في ذاكرتي حيث قال كنت في شرخ شبابي طالب حق مهتضم ولما يزل, متقلدا سيفي الأصدق ومؤتزرا جَلَدي الراسخ ومتوشحا بدعاء أمي وزغاريد حبيبتي التي احتضنت جراحي, أردت رفع خصومتي إلى قاضي القضاة لكي ادرأ ذرائع القاعدين الراكنين إلى اللسان دون الجنان فترقبت موكب القاضي ورفعت صوتي صارخا مستنجدا الغوث الغوث يا سيدي القاضي، فتمهل من فوره والتفت إليَّ قائلا ألا تعلم ان السلام بسملة الكلام.
قلت اغتصبه خصمي, اقسم يا سيدي ان خصمي اغتصب الأرض والسلام.
فقال القاضي ائتني بخصمك حالا.
قلت لن يجيب دعوة حق.
قال فليرافقك جلواز.
قلت جميع الجلاوزة متواطئون معه يا سيدي.
انتاب القاضي سعال كاد ان يخنقه, فهرع الحاجب بقدح ماء بلوري عب منه القاضي ثم مسح لحيته بكفه وبعد هنيهة أشار إليَّ ان أعود إليه لاحقا في دار القضاء.
وما ان عم ضياء اليوم التالي حتى أسبغت وضوئي واعتمرت عمامتي ويممت وجهي صوب دار القضاء ولم ابرح حتى ناداني الحاجب فمثلت بين يدي القاضي.
سألني: ما أسمك؟ قلت: كنعان.
فسألني مرة أخرى: أين تسكن ؟ قلت: في خيمة تائهة في منافي الأرض.
قال: ما ظلامتك يا كنعان؟ قلت: سلبوا ارضي.
قال: ارض الله واسعة ! قلت: لم تقبلني ارض سواها.
قال: أفنيت قبيلتك ؟ قلت: كلا.
فقال: الجأ إليهم , قلت: فعلت لكنهم عرضوا وجعي للبيع في سوق عكاظ(سمعت مناديهم يقول ان وجع كنعان وجعنا).
قال: الم يعطوك شيئا ؟ قلت: فتافيت طعام وقصائد حمل بعير!( بعضهم مات دونه وبعضهم التقط قطرات دمه النازف ليوفر ثمن جارية)
قال: فماذا تريد, قلت: ارضي وحسب.
قال اخبرني خصمك انك بعتها بطيب خاطر, قلت أتباع رفاة الأسلاف؟!(لعله أراد نفي الإشاعات التي تقول انه باع جزءا من أرضه فعلا)
قال: لدى خصمك وثيقة ممهورة بختم السلطان الأعظم فماذا لديك ؟ قلت: تشهد لي الصخرة والمعراج ومفاتيح بيتي وتراب الأرض وضفاف النهر ومد البحر.
قال: ألديك وثائق ؟
قلت: زيفها الغاصب!
فتأوه القاضي بتصنع متقن(شهد له جاري الذي عمل طويلا خادما في بيته برهافة الحس وصدق النية) وقال: موقفك حرج!فشهودك غير عدول ووثائقك مفقودة!!
قلت: تبغونها عوجا وانتم شهداء. فنهرني متوعدا وقال: لا سبيل لنكث البيع.
فصرخت: الظلم قبيح يا قاضي القضاة! فهم بيَّ جلواز أشقر ليبطش بي إلا ان القاضي أشار إليه بإصبعه ثم ناداني برفق قائلا لست وحدك مظلوما يا ولدي، فخصمك طرد من أوطانه مرارا وقُتل من أهل بيته ما لا يعد, كما لا يُنكر ان له حقا في هذه الأرض.
فتفجر الغضب البارد في أحشائي وصرخت بأعلى صوتي أي حق لشذاذ الآفاق في ارض المقدسات!!!
اسمع يا هذا قالها القاضي بلين مصطنع(لو حكم له القاضي لما تحامل عليه), أنا امقت الظلم والظالمين وأشاطر المظلومين شقاءهم وما أراك وخصمك إلا أبنا عم جنى الدهر عليكما فنصب أحدكما العداء للآخر وعُمِي عما أصاب خصمه من أهوال, ثم امرني القاضي بالجلوس ودنا مني قائلا بهمس اسمع يا ولدي لا سبيل لك على خصمك فبراهينه دامغة والعظماء يؤازرونه وقد استأثر بمال قارون وورث دروع داود، ويقال ان عصا سليمان بحوزته(انا اعلم ان القاضي كان صادقا بوصفه لخصم كنعان) ولسوف أسُرك بأمر لن يطلع عليه غيرك لتعرف كم هي سطوته!
قلت: ما هذا السر؟
قال: اخبرني بالأمس كبير عسسي انه لم تبق حنجرة ولا لسان لم يستأجرها خصمك, صدقني يا ولدي لقد وجدت أسماء أشقائك في قائمة أُجرائه, أما أنت فقد بان عظمك وهزلت راحلتك وقل ناصرك فلا تركبنَّ الصعب بل عليك اقتناص السانح وإلا فلن تعودنَّ إلا بخفي حنين (يا لنصيحة القاضي الطيب).
فسألته ما السانح؟
قال: خصمك يمني نفسه بالسلام وأنت تهفو إلى الأرض فتقايضا تربحا كلاكما وأنا سألقي على عاتقي أمر جمعك مع خصمك في داري العامرة وسأكون شاهدا وضامنا,فماذا تقول؟
قلت أهناك شروط مسبقة؟
قال أمرها يسير.
قلت اخبرني بشروطكم؟
قال تتنازل عن ظلك ثم رفع ساعديه ليشهد الله على صلاح سريرته فانكشف وشم نجمة زرقاء على ذراعه(وشم قديم لا يدل على تواطئ القاضي مع الخصم كما يلمح كنعان دائما).
د.عدنان الدراجي
[email protected]



#عدنان_الدراجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صعلكة
- سياحة
- الوطن البكر
- نزوة شجرة
- قصة أنفاس الفجر
- قصة رائحة بلدي
- نبتة الخلود


المزيد.....




- مش هتغيرها أبدا.. تردد قناة وان موفيز “one movies” الجديد 20 ...
- دق الباب.. اغنية أنثى السنجاب للأطفال الجديدة شغليها لعيالك ...
- بعد أنباء -إصابته بالسرطان-.. مدير أعمال الفنان محمد عبده يك ...
- شارك بـ-تيتانيك- و-سيد الخواتم-.. رحيل الممثل البريطاني برنا ...
- برنامج -عن السينما- يعود إلى منصة الجزيرة 360
- مسلسل المتوحش الحلقه 32 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- -الكتابة البصرية في الفن المعاصر-كتاب جديد للمغربي شرف الدين ...
- معرض الرباط للنشر والكتاب ينطلق الخميس و-يونيسكو-ضيف شرف 
- 865 ألف جنيه في 24 ساعة.. فيلم شقو يحقق أعلى إيرادات بطولة ع ...
- -شفرة الموحدين- سر صمود بنايات تاريخية في وجه زلزال الحوز


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان الدراجي - قصة اغتصاب ظل