أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - بعيداً عن بغداد كتاب جديد للفوتوغراف العراقي قتيبة الجنابي















المزيد.....

بعيداً عن بغداد كتاب جديد للفوتوغراف العراقي قتيبة الجنابي


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1947 - 2007 / 6 / 15 - 06:40
المحور: الادب والفن
    


صدر عن دار " أقواس " للنشر في هولندا كتاب فوتوغرافي يحمل عنوان " بعيداً عن بغداد " للمصوِّر العراقي قتيبة الجنابي. وقد تضمّن الكتاب خمسة فصول، حيث توزع الفصل الأول على عدد من الصور المُلتقطة في بودابست وبقية المدن الهنغارية، إضافة الى صور أخرى التقطها الجنابي في كل من باريس وسلوفاكيا. أما الفصل الثاني فقد ضمَّ نحو ثلاثين بورتريهاً أغلبها لشعراء وأدباء وفنانين ومؤرخين وسياسيين عراقيين يعيشون في المنفى البريطاني منذ سنوات طوال. اشتمل الفصل الثالث على بورتريهات ومناظر طبيعية لكردستان العراق. فيما تضمن الفصل الرابع صوراً لأناس يعيشون في مخيَّمات اللاجئيين الفلسطينيين في لبنان من بينها " برج البراجنة، وعين الحلوة والرشيدية ". أما الفصل الخامس والأخير فقد ركّز على بغداد التي زارها الجنابي أول مرة بعد الاحتلال عام 2003 حيث التقط صوراً لجوانب من المدينة التي تتصاعد في سمائها أعمدة الدخان، كما لم تفلت من عينه الفوتوغرافية الثاقبة الصروح الفنية الشامخة مثل " نصب الحرية " وغيره من معالم المدينة التي ترقد وطأة الاحتلال الأمريكي. كتب مقدمة الكتاب الفنان والأستاذ المحاضر لمادة الفوتوغراف أنتوني لام. كما مهّد له الفنان ومحرر مجلة " فوتو " الهنغارية الأستاذ آبيل بيتر. فيما ترجم كاتب هذه السطور التمهيد والمقدمة الى اللغة العربية. ولتسليط الضوء على تجربة الجنابي الفوتوغرافية لا بد من الإشارة أن هذا الفنان قد تعرّض الى النفي القسري، إذ وجد نفسه مضطراً الى الرحيل عن بغداد، العاصمة التي أحبها، وتعلّق بها، وظل مسكوناً بها طوال سنوات الغربة والترحال. وحينما استقر به المقام أول مرة في بودابست التحق بمدرسة " براتر أوتكا " للتصوير، ثم واصل دراسته لاحقاً في كلية الفيلم في بودابست، ونال شهادة علياً في هذا المضمار، غير أن ولعه ظل موزعاً بين التصوير الفوتوغرافي من جهة، وبين التصوير السينمائي من جهة أخرى. وبين أوان وآخر كانت تشتعل في أعماقه رغبات فنية أخر مثل الإخراج السينمائي فلم يجد بُداً من إطفائها بإخراج بعض الأفلام الوثائقية والقصيرة لعل أبرزها " خليل شوقي. . الرجل الذي لا يعرف السكون " و " المراسل البغدادي " وعشرات الأفلام القصيرة التي تمحورت حول الغربة والوحدة والترحال والحنين الى وطن تلاقفته الدكتاتوريات والحروب. وكدأب المنفيين العراقيين الذين لا يعرفون السكون قرر الجنابي أن ينتقل الى لندن علّها توفر له مساحة أوسع في التصوير والإخراج. وربما ذهب اليها تحت وطأة الإحساس الشديد بأن الضحية تبحث عن جلادها حتى من دون أن تُدرك تلك المعادلة العجيبة. وعبر هذه الرحلة الطويلة التي استغرقته ربع قرن من الزمان إلتقط الجنابي عدداً هائلاً من الصور الفوتوغرافية، ويبدو أنه قد صنفها على أساس مكاني مبتدئاً بهنغاريا وبعض مدنها، مروراً بالعاصمة السلوفاكية براتيسلافا، وباريس، وكردستان العراق، وانتهاءً ببغداد التي تخلصت من فك الدكتاتورية لتجد نفسها في فكّي الإحتلال.
تقنية العين الثالثة
قال آبيل بيتر، محرر مجلة " فوتو " الهنغارية " أن قتيبة يختار الطريقة الأصعب: إنه لا يروي الأحداث بطريقة مباشرة، وإنما يبرقها بطريقة غير مباشرة. هو لا يذهب الى معمعانها حينما تندلع الحرب، فهو ليس مصوراً صحفياً. إنه يبحث عن القصص الشخصية في عيون الناس الذين يعانون، يشاركهم أحزانهم، ويرى الرعب الكامن في تلك العيون." ويكاد هذا التوصيف ينطبق على مجمل فصول الكتاب الخمسة، فحتى صور المناظر الطبيعية تكاد تقتبس من قتبية عزلتها ودراميتها وميلها الى السكون الفلسفي المطبق. فالمسافرون العابرون يقفون على سكة لا رصيف لها، والغرباء يعاقرون وحدتهم في البارات والخمارات الليلية وكأن اللغة بين المنفيين والغرباء هي وسيلة انفصال لا إتصال. أما المشرَّدون فلا يجدون سوى ألواح الكارتون فراشاً وعري السماء الباردة غطاءً، وربما ينامون بأحشاء تتضور جوعاً وفقراً ومرارة. وحتى نساء الليل فإنهن ينتظرن الزبائن عند جدران متآكلة عارية بفعل الريح والمطر وفظاظة الصقيع. إنها ببساطة عين الدخيل، أو الغريب، أو المنفي، أو المُهجَّّر، أو اللامنتمي الذي يُضفي مزاجه على هذه الموضوعات بعد أن يُغرقها بفيض أحاسيسه وشلال مشاعره الداخلية العميقة الجياشة. فالصورة بالنسبة للجنابي، هي ليست صورة طارئة في مشهد عابر، فلا مجال للعشوائية في صوره الفنية. أنها تكوينات مدروسة أخذت من روحه مأخذاً كبيراً، كما استعارت من أحاسيسه الشيء الكثير. تتصف صور الجنابي بالحميمية التي تجمع بين عين الكامير، التي تقف وراءها عين الفنان نفسه، وبين الموضوع المراد تصويره مُجرداً من أي مصدر من مصادر الضوء الإصطناعية. فضوء الطبيعة " ليلاً ونهاراً " هو العلامة الفارقة في المنجز الفني لقتيبة الجنابي. وعلى رغمٍ من أن الجنابي قد عمل مصوراً صحفياً في جريدة " طريق الشعب " التقدمية آنذاك، إلا أن تيار الصورة الصحفية العاجلة التي تنقل خبراً سريعاً خاطفاً لم يجرفه، إذ ظل أميناً الى طبيعة العلاقة القوية بينه وبين الموضوع المُراد تصويره والتي تحتاج الى وقت أطول من زمن الصور العابرة التي لا تجد طريقها الى التأمل وإطالة النظر. ثمة صور بيئية وأخرى مدينية وثالثة مُغرقة الذاتية الضائعة وسط حشود من التجمعات البشرية العشوائية ضمّها الفصل الأول أيضاً. ربما يكون الفصل الثاني هو أكثر الفصول المُحببة لروحية المثقف العراقي ومزاجه، إذ إزدان هذا الفصل بـ " 29 " صورة فوتوغرافية لأسماء أدبية وفنية وسياسية معروفة مثل بلند الحيدري، البياتي، سعدي يوسف، صادق الصائغ، ناهدة الرمّاح، ضياء العزاوي، فيصل لعيبي، سعاد الجزائري، روناك شوقي، زهير الجزائري، سعدي عبد اللطيف، جاكوب قوجمان، محمد بحر العلوم، شاؤول ساسون وآخرين، وهؤلاء يشكلون من دون شك جزءاً كبيراً ومثيراً من الذاكرة العراقية على أكثر من صعيد. وهناك صور أخرى لأناس من شرائح اجتماعية ووظيفية مكملة للجوانب التي أشرنا إليها آنفاً في رسم لوحة المغتربين العراقيين في المنفى البريطاني. منذ أوائل التسعينات من القرن الماضي أتيح للفنان قتيبة الجنابي أن يزور كردستان، بوصفها المكان البديل لبغداد. فالجزء يفضي الى الكل، ويعبِّر عنه على وفق المفهوم السينمائي. لذلك حمل الجنابي عدته وذهب الى كردستان غير مرة، فصوَّر عدداً من المشاهد التي لفتت نظره في مدينتي أربيل والسليمانية. كما ذهب أبعد من ذلك حيث أخذنا الى أمكنة غير معروفة حيث تجلس امرأة متأملة تنظر في فراغ موحش، أو فلاح كردي يمسك بشفتيه المتيبستين سيجارة ملفوفة من التبغ الرخيص، ورجل كردي آخر يجلس متكئاً على جدار مليء بالخربشات، وثالث يتشبث ببندقية قديمة، ورابع يتأمل حركة الحياة من مكان شاهق. وقبل أن ينتهي الفصل تطالعنا صورة للقائد الكردي الراحل الملا مصطفى البارزاني، وصورة أخرى لصبيين كرديين يعيشان بعيداً عن كردستان في منفاهما اللندني الأثير. احتفى الفصل الرابع بصور معبّرة التقطها الجنابي في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان في الثمانينات من القرن الماضي. وثمة مقاربة قوية بين صور اللاجئين الفلسطينيين وصور المنفيين العراقيين الموزعين في الشَتات، فالإثنان تعرضا الى نفي وتهجير قسريين وإن اختلفت الأسباب وتساوت النتائج، وأصبحا شعبان بلا وطن يحملون ذكرياتهم في حقائب السفر التي يتنكبونها أنى حلّوا، وحيثما ارتحلوا. أما الفصل الخامس والأخير فهو الأكثر درامية بين الفصول كلها. فبعد ربع قرن من الغربة والنفي والترحال يعود الجنابي الى بغداد، فتصدمه الحرائق، وتخذله أعمدة الدخان المتصاعدة من حرائقها وانفجاراتها المتلاحقة التي لم تخمد حتى هذه اللحظة، فكانت صورة بغدادة المحترقة هي التي سارعت لكي تتسيّد الغلاف الأول للكتاب، وتهمين حتى على عنوانه الممض " بعيداً عن بغداد " فلقد غدت هذه المدينةُ البعيدةُ قريبةً، وصار بامكاننا أن نذهب إليها رغم دوّي القنابل، وأزير الرصاص، وإنفجارات السيارات الملغَّمة، وعلينا أن نتشبث بها كي لا تنأى كثيراً، ويشتط بها المزار، وتصبح أثراً بعد عين!



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفنان جمال بغدادي: أشبِّه الأصوات الجميلة بالورود، ولكل ورد ...
- الفنان جمال بغدادي: أشبِّه الأصوات الجميلة بالورود
- الروائي برهان الخطيب ل - الحوار المتمدن -: لم أخرج بعيدا عن ...
- الدورة السابعة لمهرجان الفيلم العربي في روتردام
- في - عرس الذيب - لجيلاني السعدني: تنجو الذئاب القوية، فيما ت ...
- المخرج هادي ماهود في فيلمه الجديد ليالي هبوط الغجر
- بيت من لحم فيلم جريء لرامي عبد الجبار ينتهك المحرّم والمحجوب ...
- فيلم - 300 - للمخرج الأمريكي زاك سنايدر
- الروائي الأمريكي كورت فَنَغوت يستعين بالسخرية والكوميديا الس ...
- فاضل العزاوي على غلاف مجلة -بلومسبوري ريفيو-: دعوات ودواوين ...
- كوبنهاغن، مثلث الموت - نص توثيقي، وسيرة مدينة بامتياز
- متابعات صحفية
- معجبة تعثر على رواية مخطوطة لجينيت ونترسن وتعيدها لدار نشر ب ...
- بريطانيا تودِّع أبرز كتاب الرواية البوليسية وأدب الجريمة
- طارق هاشم في فيلمه الجديد www.Gilgamesh.21 مقاربة في تسخير ا ...
- في شريطه الجديد - ماريا / نسرين -: محمد توفيق ينجز السيرة ال ...
- تقنية - البوتو - في مسرحية - الراقص - لحازم كمال الدين: تثوي ...
- مونودراما - أمراء الجحيم - إدانة مباشرة لثقافة التطرّف والظل ...
- في المعرض الشخصي الجديد للفنان آراس كريم: كائنات متوحِّدة تس ...
- كاظم صالح في شريطه الجديد - سفر التحولات-: محاولة لتدوين الس ...


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - بعيداً عن بغداد كتاب جديد للفوتوغراف العراقي قتيبة الجنابي