أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - في - عرس الذيب - لجيلاني السعدني: تنجو الذئاب القوية، فيما تسقط الواهنة منها في الفخاخ المنصوبة لها تباعاً















المزيد.....

في - عرس الذيب - لجيلاني السعدني: تنجو الذئاب القوية، فيما تسقط الواهنة منها في الفخاخ المنصوبة لها تباعاً


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1940 - 2007 / 6 / 8 - 07:29
المحور: الادب والفن
    



ضمن برنامج " كرافان السينما العربية – الأوروبية " الذي يسبق فاعليات مهرجان الفيلم العربي في روتردام في دورته السابعة قررت اللجنة التنظيمة التي يشرف عليها كل من د. خالد شوكات والاستاذ إنتشال التميمي عرض " 12 " فيلماً روائياً ووثائقياً طويلاً وقصيراً على مدى ثلاثة أيام في العاصمة الهولندية أمستردام. وفي الدراسة الآتية قراءة نقدية لفيلم " عرس الذيب " للمخرج التونسي المعروف جيلاني السعدي الذي يحاول مع نخبة من أقرانه التأسيس لسينما تونسية جادة ومتفردة وذات بصمة فنية خاصة بها. ومن بين الأفلام المنتخبة لهذا الكرافان نذكر " ظلال الليل " للمخرج الجزائري ناصر بختي، و " ليالي هبوط الغجر " للعراقي هادي ماهود، و " في. أج. اس كجلوشة " للتونسي نجيب بالقاضي.
يسعى المخرج التونسي جيلاني سعدي لترسيخ تجربة سينمائية مغايرة، وجريئة. فقد سبق له أن أنجز فيلمين قصيرين وهما " المساومة الليلية " 1994، و " مقهى نزل المستقبل " 1997، إضافة الى فيلمه الروائي الطويل الأول " خورما " الذي أنجزه عام 2003 ونال إثره شهرة طيبة وضعته في مصاف المخرجين التونسيين الشباب المندفعين نحو تأسيس سينما تونسية جادة ومتفردة ببصمتها الخاصة، ونكهتها المحلية حتى وإن أفادت من الواقعيّة الإيطالية ومدرسة " دوغما ـ 95 " كما يذهب الناقد بيار أبي صعب في إشارته الذكية " لرفض المنمقات الأسلوبية، واعتماد البساطة في الديكور ". يأتي فيلم " عرس الذيب " تتويجاً لمسيرته الفنية القصيرة. وقد تعرّض هذا الفيلم الى الكثير من الدراسات النقدية التي تمجّده تارة، وتنال منه تارة أخرى. وللوقوف على طبيعة هذا الفيلم من الناحيتين الفنية والفكرية لا بد من تشريح ثيمة الفيلم أولاً، وتفكيك منظومة البنية الفكرية له أسلوبياً وجمالياً.
قاع المدينة القديمة
اختار المخرج جيلاني السعدي المدينة القديمة مسرحاً لأحداث فيلمه المعنون بـ " عرس الذيب " وقد منح الفيلم عنواناً آخر بالإنجليزية وهو " Tender is the wolf " ويعني " رقيق هو الذئب " غير أن المعنى الدقيق هنا هو " ضعيف أو واهن أو هش أو قابل للكسر، أو محب أو حنون أو ناعم هو الذئب " الذي ظهر أمامنا في هذا الفيلم طالما أنه ينتمي الى مجموعة من " الذئاب " البشرية التي تفترس كل يوم ضحية جديدة من أبناء وبنات الحي القديم في العاصمة التونسية التي تمثل القاع الساخن لهذا البلد الذي لم ينصف مواطنيه، ولم يفتح لهم أبواب الأمل والعمل والحياة الحقيقية التي تليق بالشباب في أي مكان من هذا العالم الملئ بالتناقضات. احتج البعض نقاداً ومشاهدين تونسيين على أن الفيلم لا ينتمي حقيقة الى الواقع التونسي على رغم من إقرارهم بأن حادثة الإغتصاب يمكن أن تقع في أي بلد في هذا العالم غير أن لا وعيهم الجمعي العميق لا يحبِّذ أن تكون تونس مسرحاً لهذه الواقعة التي تجرح أحاسيسهم الداخلية العميقة. ومع أن القاع في أي مدينة في العالم يشهد كل يوم مئات وربما آلاف الحوادث التي تنتهك أعراض أناس شرفاء أو من الضحايا الذين نصفهم ظلماً وجوراً بصفات منحطة ولا أخلاقية، إلا أن هؤلاء المعترضين فضلّوا الإعتراض على ثيمة الفيلم ومناوءة فكرته الأساسية التي وجدوا فيها تجنياً على أخلاقية المجتمع التونسي الذي لا يستحق هذا التلويث المتعمَد لردائه الأخلاقي الأبيض.
تعدد الثيمات والمحاور
لا بد من الإشارة الى أن نسبة غير قليلة من المخرجين العرب هم الذين يكتبون سيناريوهات أفلامهم الروائية أو الوثائقية، وربما لا يجد بعضهم حرجاً في التصوير والمونتاج وما الى ذلك من أمور فنية وتقنية تحت حجج وذرائع شتى. في حين أن واقع الحال يتطلب التخصص. فحينما يكون المُمنتِج شخصاً آخر فإنه سيرمي ما لا حاجة به فنياً الى سلّة المهملات، بينما يجد المخرج الذي صوَّر الفيلم بنفسه صعوبة في اقتطاع العديد من المشاهد التي بذل فيها جهداً كبيراً ومضنياً بحسب اعتقاده، لذلك فإن مقصه لا يكون قاسياً في هذه الحالة، بينما يفعل العكس لو كان المونتير شخصاً ثانياً. كتب قصة هذا الفيلم المخرج جيلاني السعدي نفسه، ولذلك فقد ظل أميناً على أطروحاته الفكرية، ووفياً لقناعاته الخاصة التي لا يرى فيها عيباً أو زللاً، أو تجنياً على الحقائق. لا يقتصر هذا الحرص على القناعات وحدها، وإنما يمتد ليشمل الجوانب الفنية والتقنية برمتها. فالفيلم من وجهة نظره يعالج ثيمات عدة لعل أبرزها بحسب المساحة التي شغلتها في الفيلم هي ثيمة " الإغتصاب " و " البطالة " و " العنف الأسري والاجتماعي " و " التشرد " و " التمرد " وما الى ذلك. لنبدأ العنوان الذي إنضوى تحت دلالة إشكالية مركبّة وهي " عرس الذيب " فأي من الذئاب البشرية نستطيع أن نحيل إليه العرس، هل نحيله الى الذئب الجريح الذي لم يعتدِ على المومس الراقصة، ولم يلمسها إلا لاحقاً بعد أن أحبها، ومارس معها حباً لم ترفضه. أم أن الذئاب الأخرى هي أقامت عرساً جماعياً على ضحية واحدة وجدت نفسها في لحظة غامضة بين مخالب شهواتهم الآنية التي لا ترحم؟ ومع امكانية قبل الاحتمالين، إلا أن الإحالة الأولى هي أقرب الى الحقيقة لأنه في عالم الذئاب يدفع، الذئب الأضعف أو الأرق أو الأكثر هشاشة، ثمناً فادحاً وغالياً، لأن الذئاب القوية المتجبرة تنجو بجلدها غالباً، فيما تقع الذئاب الضعيفة الواهنة في كل الفخاخ المنصوبة إليها تباعاً. وهذا هو التفسير الأكثر عقلانية في سياق النص الفكري والبصري الذي شاهدناه ولمسناه لمس اليد. فصطوفة " محمد قريع " هو شاب تونسي عاطل عن العمل، ولا يزال يعتمد على والده في تحصيل مصروفه اليومي. وقد اشتبك مع والده في مشادة كلامية ترك إثرها المنزل ليلتحق بأصدقائه المشردين الذين ينتمون الى القاع الاجتماعي ذاته حيث كانوا يشربون " البيرة " على قارعة طريق في حي شعبي يتوسط المدينة القديمة. وحينما تأخذهم نشوة الخمر يمسكون بـ " سلوى " التي تقمصت شخصية المومس الراقصة بإتقان عالٍ الفنانة " أنيسة داوود " ويغتصبونها تباعاً من دون أن يتدخل أي من أفراد الحي القديم وكأن ما يحدث مسألة عابرة وعادية لا تستحق العناء والاهتمام. وعلى الرغم من أن " صطوفة " حاول منعهم غير مرة، إلا أنه تعرّض للضرب والإهانة والتقريع. وحينما تقرر سلوى الانتقام من هذه " الشلة " لا تستثني صطوفة الذي دافع عنها، وتعاطف معها، غير أن نظرية الذئب الأضعف التي يؤمن بها جيلاني السعدي هي التي تحققت وسادت في سياق النص البصري. فلقد دفع صطوفة الثمن غالياً حيث هجم عليه عصبة من الشباب يقودهم شقيق سلوى المجرم، وأشبعوه ضرباً ولكماً، ثم خلعوا ملابسه، وقذفوا به فوق أكداس النفايات ليلتقطه بعض المارة ويحملوه على عربة خضار الى المستشفى عارياً إلا من لباسه الداخلي. وفي المستشفى يرفض صطوفة الكلام، وحينما تسنح له أول فرصة يهرب من المستشفى عارياً في شوارع الحي القديم حتى يصل الى منزله، ويرتدي ملابسه مقرراً الانتقام من سلوى. وفي الليلة ذاتها يذهب الى الملهى الليلي الذي تغني وترقص فيه. وبالفعل يتمكن من خطفها وحبسها في شقة عارية من الأثاث تقريباً، غير أن اللافت للنظر هو تفجر علاقة حانية غير متوقعة بينه وبين سلوى تفضي الى ممارسة الحب عن قناعة. وفي خضّم التواصل الجنسي يطلب صطوفة الزواج منها، وهو ما لا تريده سلوى التي اعتادت على حياة الرقص والغناء والمتاجرة بالجسد. وفي الصباح تنسى سلوى عرضه السخي للزواج منها والهروب الى جزيرة " Cap Vrede " كي يحتسي " الروم " ويشوي " السمك" ويستمع إلى سيزاريا ايفورا. أما بقية أفراد العصابة فكل ينال حصته من الضرب المبرح والإهانة اللهم إلا الكائن الأمهق أو الأشهب حيث يؤنبه ضميره ويقرر إلقاء نفسه تحت عجلات القطار غير مرة، لكن صديقه صطوفة ينقذه في اللحظة المناسبة، ويعلن توبته من الإثم الكبير الذي أرتكبه هذا " الألبينو " الذي يشبه خروفاً أسوداً في قطيع أبيض.
جرأة الفنانة أنيسة داوود
سبق لأنيسة داوود أن إشتركت في فيلم " هي وهو " للمخرج الشاب ألياس بكار، ولم تجد حرجاً في أن تؤدي بعض الأدوار الساخنة فيه، وهي أدوار إيروسية تتطلبها ثيمة الفيلم ضمن سياقه البنائي العام. أي أنها ببساطة لم تقع في فخ الإغراء أو العري أو الجنس المبتذل. وقد تكررت هذه التجربة في " عرس الذيب " أيضاً. فمشهد الإغتصاب لم يكن تفادية إلا بالطريقة التي تكشف وتدين عملية التناوب في إغتصابها وانتهاكها في منتصف الليل، كما لم يستطع المخرج أن يتفادى مشهد التواصل الجنسي الذي حدث برضاها مع صطوفة الذي وقع في حبها من دون مبررات مشجعة أو مقنعة لهذا الحب الذي انفجر من دون سابق إنذار. ومما يؤاخذ عليه المخرج في هذا الفيلم هو المبالغة في العديد من المواقف أبرزها نقل صطوفة على عربة خضار لمدة طويلة من الزمن كان يمكن تفاديه بلقطة موحية واحدة. كما أن مشاهد الرقص والغناء كانت طويلة ومملة ولا تحتاج هذا الإسهاب لكي يدرك المشاهد أنه في ملهى أو علبة ليل. وربما يكون رأي الناقد أمير العمري دقيقاً جداً حينما وصف الكثير من لقطات ومشاهد الفيلم بـ " الثرثرة البصرية " اللامبررة و الفائضة عن الحاجة.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المخرج هادي ماهود في فيلمه الجديد ليالي هبوط الغجر
- بيت من لحم فيلم جريء لرامي عبد الجبار ينتهك المحرّم والمحجوب ...
- فيلم - 300 - للمخرج الأمريكي زاك سنايدر
- الروائي الأمريكي كورت فَنَغوت يستعين بالسخرية والكوميديا الس ...
- فاضل العزاوي على غلاف مجلة -بلومسبوري ريفيو-: دعوات ودواوين ...
- كوبنهاغن، مثلث الموت - نص توثيقي، وسيرة مدينة بامتياز
- متابعات صحفية
- معجبة تعثر على رواية مخطوطة لجينيت ونترسن وتعيدها لدار نشر ب ...
- بريطانيا تودِّع أبرز كتاب الرواية البوليسية وأدب الجريمة
- طارق هاشم في فيلمه الجديد www.Gilgamesh.21 مقاربة في تسخير ا ...
- في شريطه الجديد - ماريا / نسرين -: محمد توفيق ينجز السيرة ال ...
- تقنية - البوتو - في مسرحية - الراقص - لحازم كمال الدين: تثوي ...
- مونودراما - أمراء الجحيم - إدانة مباشرة لثقافة التطرّف والظل ...
- في المعرض الشخصي الجديد للفنان آراس كريم: كائنات متوحِّدة تس ...
- كاظم صالح في شريطه الجديد - سفر التحولات-: محاولة لتدوين الس ...
- ظلال الصمت - لعبد الله المحيسن وإشكالية الريادة الزمنية: هيم ...
- الخبز الحافي- لرشيد بن حاج: قوة الخرق والإنتهاك للأعراف الإج ...
- الشاعر العراقي كريم ناصر ل - الحوار المتمدن -: الشعر يستدعي ...
- الروائي المصري رؤوف مسعد: يجب أن أخرج بقارئي من المألوف المع ...
- الروائي المصري رؤوف مسعد: أدلِّل النص و- أدلَِعه - مثلما أدل ...


المزيد.....




- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - في - عرس الذيب - لجيلاني السعدني: تنجو الذئاب القوية، فيما تسقط الواهنة منها في الفخاخ المنصوبة لها تباعاً