أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - لماذا يستهدفوننا؟














المزيد.....

لماذا يستهدفوننا؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1924 - 2007 / 5 / 23 - 11:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



يقوم جزء كبير من الخطاب الدعوي القومجي والإسلاموي على العويل، والندب، واللطم ونتف الشعر، والصراخ لأن العرب والمسلمين مستهدفون دائماً، وأبداً من قوى خارجية كافرة وحاقدة وحاسدة، ولا تنفك عن بذل الغالي والرخيص في سبيل حبك الدسائس، والمؤامرات للتخلص من هذا العرق الفذ والنادر، والتآمر عليه، وعلى وجوده برمته. وأن كل ما يحصل لهم من هزائم ونكبات وتعثر وبلاء، هو بسبب ذاك الاستهداف الرخيص، والمؤامرات الدنيئة التي لا تنقطع. وما يحصل الآن، مثلاً، من مذابح في دارفور ولبنان، ومجازر فتح وحماس، وشلالات الدم في العراق والجزائر واليمن والصومال، والمواجهات والاقتتال اليومي الدامي مع قطعان الوهابية في السعودية، مرده قاطبة لنظرية الاستهداف ليس إلا، فالعرب والمسلمون، حسب الخطاب إياه، قوم مسالمون طيبون بريئون ودعاء، ولم يعرفوا يوما التقاتل والتطاحن والثأر والانتقام والغزوات، أو سفك الدماء، ولا سمح الله، وتاريخهم مثل الفل ناصع البياض.

ويتخطى ذاك الخطاب، وكتـّابه المساكين الغلابة، بإصرار متعمد، حقائق قاهرة وفاقعة على شاكلة أنه ليس هناك من موروث استبدادي تراكمي مخزِ في هذه الأصقاع يوجه السلوك العام والخاص ويتحكم به. وأن ليس هناك تناحر مجتمعي تاريخي بين هذه القبائل والطوائف والشعوب والأقوام، وأن الموروث المعرفي لا يفتقر لتجارب زاهية يمكن محاكاتها أو التعويل عليها عند السعي لاستنباط نماذج تاريخية ما. ويعزل كتاب التأسلم السياسي والعوربة العصماء مجمل هذه الصراعات عن شرطها التاريخي والموضوعي ليلصقوها إما بطائفة، أو بشخص، وتيار، أو ردها للغرباء والأغيار، وذلك للتنصل من أية مسؤولية قيمية معيارية داخلية، أوعملية نقد ذاتي بناء عما يحصل من مهازل وويلات حصلت وتحصل قد تفضح زيف هذه المزاعم الدعوية الفارغة الزائفة والكاذبة الجوفاء. لأن في ذلك إدانة، لا لبس فيها، لمجمل ما تحمله من يقين عقيدي متزمت لا ينفي عن ذاته الطهرانية والعصمة المطلقة. وسينسف، عندها، لو تمت مقاربته بشكل موضوعي وحيادي، كلية، مجمل ما يقوم عليه هذا الخطاب من أساس.

وقد يكون جزء من ذاك الخطاب، حتى ولو أخذ على علاته، صحيحاً، تماماً، فيما لو كان العرب والمسلمون، قد سطروا، ولا سمح الله، تاريخاً ناصعاً وزاهياً يعتد به، ويعتبر قدوة للأجيال، أو أنهم اليوم، وبعيداً عن الرومانسية التاريخية، إياها، يشكلون كياناً متماسكاً تحكمه القوانين والدساتير الوضعية، وقوة سياسية واحدة موحدة جبارة، ويحسب لها ألف حساب، ولها جيش موحد منظم وقوي ويمتلك ترسانات عسكرية هائلة، وأسلحة فتاكة، وأسراراً علمية خارقة، واكتشافات عظيمة، ولديها مجتمعات موحدة لا ينخرها أي داء أو سوس ووباء. وأن شعوبها تتحلى بأفكار، وعقول مستنيرة مبدعة خلاقة قادرة على التكيف مع متطلبات العصر ومواكبة التقدم الحضاري والإنساني، وأنهم يعيشون بأمن وأمان وسلم أهلي يحسدون عليه من قبل الآخرين، وأنهم يقدسون الفرد، والعقل والمبادرة الفردية، ويحترمون حقوق الإنسان، ويحرصون على عدم التمييز والعنصرية ضد المرأة والأقليات ولا يعرفون الاضطهاد. ووصلوا إلى مراحل متقدمة من الحضارة البشرية تجعل الآخرين مغتاظين وحانقين لما حققه العرب والمسلمون من إنجازات يستحيل على الآخرين إنجازها في يوم ما.

ولتبرير الفشل العربي الذريع، وحالة العجز والركون والتشرذم الإسلامي المرير، وتلكؤ وانهيار جميع المشاريع القومجية وانتهاؤها إلى ما يشبه الكوارث الوطنية والإنسانية ( تناحر وتنابز قبلي وطائفي وعشائري مقيت، وتفكك وطني مريع ومخيف، وتحلل مجتمعي وخلقي وضيع، ومقابر جماعية مهولة، وبلدان مهلهلة، وأوطان بائسة مقفرة يعشش فيها الجهل، والتخلف، والأمية، والفقر الجماعي، ودول بوليسية جائرة، ومجازر دموية سافرة...إلخ)، فإنهم يعزون كل ذلك لنظرية الاستهداف إياها، فقط، وليس لعدم امتلاكهم للأدوات اللازمة للانخراط في روح العصر، ولعدم مواكبتهم جملة وتفصيلاً لفكر وروح العصر الحديث، وعدم قدرتهم على التكيف مع متطلبات الحداثة والتطور والارتقاء الإنساني من معايير وقيم ومفاهيم جديدة وإصرارهم على البقاء في محيط القرن السابع الميلادي، وعدم مبارحته، ما أدى لتجمد أدمغتهم، وتحجر عقولهم، وتكلس رؤوسهم، ووقوفها عند مرحلة بدائية ومتواضعة من التاريخ البشري، وتحديداً على أعتاب أولئك البدو الجهلة الأجلاف أعجوبة الزمان الكبرى، يتمثلون سلوكهم في كل شاردة وواردة، معتبرين إياها عتبات "مقدسة" لا يجوز تجاوزها، أو التحلل من طغيانها ووقعها عليهم، أبداً، وهي تطبق عليهم وتجعلهم كطير صغير أسير وقع في حبائل شرك مكين.

والسؤال الآن لماذا يستهدفوننا إذا كان هذا هو واقع العرب والمسلمين الحالي المؤلم؟ ووفق، المعطيات المتوفرة عنهم أكاد أجزم، وأتعهد، بأن أحداً لن يستهدفهم البتة طالما هم ما عليه من تشرذم وفقر، وجهل، وبغي، واستبداد، وتناحر وتردِ وانحطاط عام وهم لا يحتاجون لأي استهداف أو عدوان بل فرق إنسانية لفض الاشتباكات. وهم، والحال إياه، ليسوا أكثر من مجرد كومبارس عددي على المسرح الدولي، لا يقدم ولا يؤخر، و"لا للسيف ولا للضيف ولا لغدرات الزمان"، يتأثرون، ولا يؤثرن بالأحداث، ولذا تراهم لا يلفتون بال واهتمام ولا حتى خوف، أو فضول أي كان، ولا يثيرون، وفي المطلق، أكثر من مجرد العطف، والشفقة، والحنان، والمساعدات الإنسانية البسيطة من قمح وذرة وفتات وشراشف وبطانيات، للبقاء، والاستمرار في الحياة، ليس إلا.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمة إرضع !!!
- مبروك لإسرائيل
- لا حياء في السياسة
- خرافة الدولة الدينية
- لا لتركيا الإسلامية
- شكراً فينو غراد
- من يشتري الهوية العربية؟
- حوار مع آفاق
- لماذا لا يكرهوننا؟
- هل العولمة شريرة؟
- هل كانت الأديان ضرورية؟
- الاتجاه المعاكس
- وزير تربية سوري بحاجة لتربية!!!
- توضيح حول مؤتمر زيوريخ
- أنظمة الاستبداد: من يزرع الرياح الأصولية يحصد العواصف الإرها ...
- حوار مع أصولي
- حذارِ من الضحك والابتسام !!!
- أقليات الشرق الأوسط بين الواقع والطموح - 2
- أقليات الشرق الأوسط بين الواقع والطموح 1
- مؤتمر زيوريخ: لماذا؟


المزيد.....




- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - لماذا يستهدفوننا؟