أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صائب خليل - االعلمانية والديمقراطية الإسلامية – الجزء 2 - غض النظر عن الآخرين















المزيد.....


االعلمانية والديمقراطية الإسلامية – الجزء 2 - غض النظر عن الآخرين


صائب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 1853 - 2007 / 3 / 13 - 13:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هل صحيح ان الإرهاب في العالم اليوم جله اسلامي, ام ان الجرائم لا توصف بالإرهاب إلا إذا كان القائمون بها مسلمون؟ هل التكفيريون كلهم اسلاميون ام ان الكنيسة تمارس التكفير دون تركيز مماثل للأضواء عليها, وان تم ذلك التركيز فتتهم "الكنيسة" لوحدها دون المسيحية, بينما يتهم الإسلام كله في مثل هذه الحالة؟ هل يتصرف المجتمع الإسلامي وحده بشكل متخلف ومخالف لحقوق الإنسان ام ان الآخرين يفعلون ذلك ايضاً دون ان يثير احد ضجة حولهم, وان فعل فانما يشير الى الجهة الفاعلة دون ان يتهم دينها كله؟ وهل الإسلام وحده من يريد التدخل بالسياسة لينقض مبدأ الديمقراطية في فصل الدين عن الدولة, ام تنجح اديان اخرى بشكل اكبر كثيراً دون ان يحس بها احد او يتكلم عنها احد؟

ان كثرة المغالطات الدافعة باتجاه "شيطنة" الإسلام (اظهاره بصورة سلبية بالغة) تثير الإنتباه وتدفع المرء الى التساؤل, حتى ان لم يكن اسلامياً مستهدفاً بذاته, وحتى ان لم يكن من المتحمسين لنظرية المؤامرة, تدفعه الى التساؤل ان كان الأمر فعلاً عفوياً غير مخطط. لننظر الأمر.

غض النظر عن الآخرين

لعبة حاسبة تدعو لقتل غير المسيحيين وجيش ارهابي لتنفيذ الوصايا العشرة وحزب يدعو الى حرية ممارسة الجنس مع الأطفال والفاتيكان يتوب عن فضائح ممارسات القساوسة الجنسية مع الأطفال واميركا تدرس كيفية منع الإسلاميين من الفوز بانتخابات بلادهم بحجة تخليص السياسة من الدين بينما تعمل على تزايد سلطة المسيحية على السياسة في اميركا والغرب. الكنيسة القبطية تمارس التكفير, والغالبية الساحقة من القتل والإحتلال في العالم يقوم به مسيحيون, ومنظمات الأمم المتحدة والغرب تقر بإن المسلمين يتعرضون للإضطهاد. ورغم ذلك فالإسلام هو الدين الوحشي الوحيد والمتخلف الوحيد والمتدخل الوحيد في السياسة والدين الدكتاتوري الوحيد والإرهابي الوحيد في العالم. مسألة تدعو للمراجعة.

فضيحة امام ام فضيحة إعلام هولندي؟

مع بعض التساهل, يمكن اعتبار الحملة الإعلامية الهولندية ضد الإسلام قد بدأت قبل بضع سنين ببرنامج "نوفا" الذي استضاف الإمام "المومني" بعد ان دعاه للحديث من اجل حث الشباب المسلمين على عدم مضايقة مثليي الجنس (الهومو). وخلال البرنامج تحدث الإمام عن الموضوع مؤكداً ان الإسلام لايسمح بالإعتداء على احد الخ..لكنه في سؤال عن موقف الدين من الهومو اكد انه يرفضه وانه يعتبره مرضاً, او شيء من هذا القبيل.
لم يتورع احد اشهر واهم برامج المناقشات السياسية في التلفزيون الهولندي ان يحذف كل ما كان قد اخبر "المومني" ان البرنامج يسجل من اجله, اي الجزء الذي يمنع المومني فيه الشباب من العنف, ليبث الفقرات المضادة للهومو من موقف الإسلام منها, لتقوم القيامة على الإسلام, ويحاكم المومني بدلاً من محاكمة البرنامج!

وفي هذه الأثناء كانت برامج اخرى تلتقي شخصيات اخرى اسلامية لتطرح عليها موضوع الهومو, وكان المسلم في هذه الحالة يعامل كانه قادم من المريخ: شخص يرفض الهومو؟ يعامل المرأة بشكل يختلف عن الرجل؟ هل سمع احد بمثل هذا المخلوق من قبل؟ لم يحدث ولا مرة واحدة في مئات البرامج التي بثت في الموضوع ان استضاف احدها قساً او رابي ليقارن الإسلام مع الآخرين...وكان الآخرين صامتين تماماً كأنهم جميعاً ابرياء من المواقف السلبية من الهومو والمرأة, تاركين "الإسلام" ياخذ ضربة الإعلام لوحده, و"يتشيطن" لوحده في أذهان الهولنديين حول امور يقفون منها موقف الإسلام بالضبط!

صمت الهولنديون الا القليل الذي نبه الى الأمر. صمت المسيحيون واليهود بجبن ونفاق فرحين بتحطيم الثالث حتى وان كان يدافع عن مبادئ يقفون منها مثل موقفه, الا القليل منهم, وهو نفس موقف العلمانيين من اصل مسيحي حالياً حينما تنهال الإتهامات من فم الدكتورة وفاء سلطان على مواقف اسلامية تشترك فيها بقية الأديان كأن الأمر لا يعنيهم وكانهم ليسوا المسؤولين ان يقولوا الحقيقة التي يعرفونها اكثر من غيرهم..دع الإسلام ياخذ الضربة لوحده, هذا هو الشعار العام.

هولندا: احزاب مسيحية متخلفة؟

بعد ان هدأت الضجة قليلاً وثبت الإسلام شيطاناً في اذهان الهولنديين اثير تساؤل كان مفاجأة لمن لا يعرفه مفاده ان حزب الـ اس خي بي (SGP ) المسيحي المتشدد الذي يمتلك مقعدين في البرلمان, يمنع النساء من الحصول على عضوية كاملة فيه, وهذا مسجل في نص لوائحه الرسمية, مما دفع البعض, وقبل سنتين فقط, الى مناقشة تناقض لوائح الحزب مع الدستور الهولندي, والمطالبة (لا بمنع الحزب من الإستمرار بأسلوبه بل) بوقف الدعم المالي الحكومي له, ولم يصدر امر بتنفيذ ذلك إلا قبل بضعة اسابيع ولا اعلم ان كان قد نفذ فعلاً!
أما حزب الـ "كريستن يوني" (الإتحاد المسيحي), الذي تضاعفت مقاعده في البرلمان الى ستة, ودخل تشكيلة الحكومة الجديدة, فان اعضاؤه ومناصريه يمارسون علناً طقوساً اشبه بالدروشة ولا يجد من يختبئ خلف الكواليس ليصور ما يحدث, لكننا عرفنا ذلك خلال الفترة الإنتخابية الأخيرة حين عرض الأمر كشيء طبيعي, وانه نوع من العلاج النفسي.
ولا ننسى ان حزب الـ سي دي آ (CDA) المسيحي اكبر الأحزاب الهولندية, يدعوا الى ادخال ما يشير الى مسيحية الدولة ومسيحية اوربا في دساتيرها, (وهي امور يستنكرها العلمانيون العرب (بحق) حين يشار الى ان دين الدولة الرسمي هو الإسلام) ويستقبل اعضاؤه وممثليه في البرلمان بحماس, الدعوات الى تدريس نظريات "دينية" في الخلق في المدارس كنظريات منافسة للنظريات العلمية, كما فعلت وزيرة التعليم الهولندية السابقة, وحينها علقت على ذلك البرلمانية من اصل مغربي من حزب الخضر قائلة لها: "خطوة اخرى وتقترحين ان ندرس السحر الأسود ايضاً كنظرية, في المدارس."
من الملفت للنظر ان احدى الحجج التي حاول بها مؤيدوا هذا الإجراء تسويقه للناس, ان المسلمين يجدون فيه طرحاً قريباً من فكرهم الديني لذا فسيعمل مثل هذا الإجراء على تقارب المسلمين من المجتمع الهولندي! فجأة اصبح المجتمع الهولندي الذي يسلخ المسلمين والإسلام يومياً في كل وسائل اعلامه بالحق والباطل, المجتمع الذي يرفع اي ناقد للإسلام مهما كان سطحيا ومغالطاً الى رتبة العلماء والمناضلين, اصبح هذا المجتمع مستعداً لتدريس مادة غير مقنعة علمياً, ارضاء لميول المسلمين الذي "يعتقد" انهم ربما يتفقون معها!

هذا التناقض كان من ابرز المؤشرات على ان نقداً كان يمارس على الإسلام على امور يشترك فيها الآخرين, بل على امور كان يجري العمل على نشرها وتنشيطها واحكام سيطرتها على المجتمع في فترة حكم بوش (للعالم, بدرجة ما) وهو ما اوقع الحكومة الهولندية في هذا التناقض المضحك المحزن, وليس لدي اي شك ان قصصاً مماثلة انتشرت وتنتشر في مختلف دول اوروبا الغربية تنتظر من يكشف عنها.

حزب هولندي يدعو لحرية الجنس مع الأطفال

من المفيد ان نذكر ان مهاجمة الإسلام غير المنصفة (مؤكداً هنا ان هذا لايعني ان جميع الإنتقادات غير منصفة) اعتمدت غالباً على بضعة حيل منطقية اساسية وقديمة هي: "محاسبة الماضي بقيم الحاضر" و "مقارنة افعال المسلمين بمبادئ المسيحية, وليس افعال المسيحيين" و "انتقاء النصوص السلبية فقط من القرآن والحديث" و "تجنب المقارنة" حيث يتم اغفال افعال المسيحيين وفتوحاتهم حين التحدث عن افعال المسلمين وفتوحاتهم, واغفال نصوص الإنجيل والتورات في نفس الموضوع الذي تتم فيه مناقشة نصوص الفرآن فيه.

ننتقل الى موضوع الجنس مع الأطفال, وقد اثار بعض العلمانيين في العديد من مقالاتهم ومناقشاتهم مثل الدكتور عبد الخالق حسين والدكتورة وفاء سلطان موضوع "مفاخذة" النبي محمد لزوجته الطفلة حتى تكبر باعتباره جريمة تاريخية تكاد تقف وحدها في نوعها في تأريخ البشرية.
لكن ذلك ليس صحيحاً, ويعرف ذلك من يتذكر اخبار فضائح الكنيسة الكاثوليكية التي اثيرت مؤخراً عن احداث قريبة لم تحدث قبل حوالي 1500 عام, وهي فضائح ابعد بكثير من اية فضائح اسلامية في التأريخ حول الموضوع, كما انها ممارسة جرمية في قياس زمنها وليست شيئاً معتاداً في فترته كما فعل النبي محمد.
ومن المبدع المثير للإعجاب ان تمكن الإعلام بشكل ما من القاء اللوم في ذلك على "الكنيسة" والرهبان دون ان يقدم الأمر باعتباره جريمة "مسيحية".....ففي حين يتردد "رنين" كلمة "مسلم" او "اسلام" ليرتبط لغويا في الذاكرة بكل جريمة يرتكبها مسلم, بقي رنين كلمة "مسيحية" في الذهن, نظيفاً من الجرائم حتى التي ارتكتبها الرهبان بشكل واسع خاصة في اميركا الشمالية وايرلندا وغطت الكنيسة نفسها على الجريمة التي امتدت عشرات السنين بأوامر رسمية قام البابا الحالي بإصدارها لمنع كشفها خارج الكنيسة حتى لم يعد ذلك ممكناً, فدعا على لسان الواعظ الشخصي له الى اعلان يوم للصوم والتوبة عنها!


وتختلط السياسة بالإخلاق في الخبر المقزز ان حزباً تأسس مؤخراً تحت اسم حزب "المحبة والحرية والتنوع"(NVD) (*) في احدى اكثر دول "العالم المسيحي" تحضراً, هولندا, يدعو الى السماح بممارسة الجنس (وليس المفاخذة فقط!) مع الأطفال, حالياً ابتداء من سن الـ 12 ومستقبلاً في اي عمر كان, كهدف بعيد المدى. يرى احد مؤسسي الحزب "اد فان دن برخ البالغ من العمر 62 عاماً ان التربية تعني ايضاً تعرف الأطفال على الجنس. ويحتج فان دن برخ على طريقة تعامل المجتمع مع "محبي الأطفال" امثاله ويقول انه لم يعد امامه سوى دخول السياسة. لم يتمكن هذا "الحزب" من جمع ما يكفي من الأصوات للسماح له بالمشاركة بالإنتخابات البرلمانية التي جرت قبل بضعة اشهر. لم يثر, ولن يثير, هذا الخبر العلمانيين, ولا اتهمهم بالتقصد ولكن السير في القافلة, والذين وقفوا درعاً بين الإسلام والضحايا من الأطفال, فما دام غير الإسلام هو من يقف في الجهة الثانية, فهو امر يمكن حله بالنقاش الهادئ او ان الزمن كفيل بحله, لذا فلا يستحق حتى الإشارة الى امثاله, فيختفي من الأخبار ويختفي من عقول الناس ليبقى رنين كلمة "اسلام" وحده مرتبطاً بمثل تلك الأمور.

تزايد تأثير الدين على القرارات السياسية في العالم, والغرب خصوصاً

في اذار الحالي 2005, نشر مركز الدراسات (National Intelligence Council ), الذي يقدم المشورة للحكومة الامريكية عن الموضوع, نشر دراسة تبين تزايد تأثير الدين على القرارات اليساسية والعالمية حتى عام 2020. واشار التقرير الى الصين حيث يتزامن التراجع في الايديولوجية الماركسية مع نمو قوي للمسيحية والبوذية. ينبه التقرير الى اننا نتوقع ان تتكون في كل من الصين ونيجيريا اكر المجتمعات المسيحية على الارض, مما سيؤثر على شكل المسيحية المستندة حاليا على مفاهيم غربية. كذلك يشير التقرير الى تنامي شعبية الكنيسة الروم-كاثوليكية في اميركا اللاتينية.
يؤكد التقرير ان نسبة عالية من المتدينين سيكونون فعالين سياسيا, ولهم رأيهم الحدي في الخير والشر, وانهم سيحاولون تغيير المجتمعات التي يعيشون فيها بشكل حاسم نحو ما يرونه, وان ذلك سينطبق على الهندوس والمسيحيين واليهود والمسلمين على السواء.

من جهة اخرى نشرت مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي (Carnegie Endowment for International Peace) دراسة لها بعنوان "الأمة المختارة: تأثير الدين علي السياسية الخارجية الأمريكية" تنظر إلي استخدام إدارة الرئيس جورج بوش للدين من خلال كلمات خطاباته التي ذكر في بعضها عبارات مثل "المهمة التي أوكل إلينا بها الله خالق الجنة".
تقول الدراسة: "ورغم أن بوش يستخدم لغة خطابية دينية أكثر ممن سبقوه في إدارة البيت الأبيض، إلا أن ما يفعله بوش ليس استثناء في هذا الإطار، فقد استخدم كل الرؤساء الأمريكيين الدين بصورة أو أخري مفردات الخطاب الديني عند التعرض لقضايا السياسة الخارجية. ومنذ حرب الاستقلال الأمريكية ضد المملكة المتحدة في أواسط القرن السابع عشر حتى الآن يستغل الدين سياسيا، إلا أن الجديد في حالة الرئيس بوش إنه يجعل من المفاهيم الدينية عنصرا أساسيا ليس فقط كمؤثر في السياسة الخارجية، بل يتعدى ذلك ليجعل الدين أحد أهم هذه العوامل علي الإطلاق."

كذلك نقرأ انه وخلال استعدادات الجمهوريون للانتخابات التكميلية لمجلس الشيوخ في العام الماضي, ان وزيرة داخلية ولاية فلوريدا السابقة كاثرين هاريس نددت بالفصل بين الكنيسة والدولة، لافتة إلى أن الله لم يرد أن تكون الولايات المتحدة أمة خاضعة للقوانين المدنية. وان الفصل بين الكنيسة والدولة "كذبة روجوها" لإبعاد المؤمنين عن الحياة السياسية.
وأضافت هاريس "إذا لم تنتخبوا أناسا مسيحيين فالقوانين التي يتم التصويت عليها تغدو قوانين الخطيئة"
وبرزت هاريس خلال الانتخابات الرئاسية عام 2000 يوم كانت وزيرة داخلية ولاية فلوريدا، حين الغت إحصاء ثانيا للأصوات في هذه الولاية لترجيح فوز جورج بوش على آل غور, ففاز بوش في فلوريدا بفارق ضئيل وصار رئيسا للولايات المتحدة.

أما اعتذار بوش للمسلمين وتوضيحه عن تصريحه ان حربه "حربا صليبية" فلم يعد يمتلك المصداقية بعد تصريحه الأخر: "لقد أمرت من الرب ان أغزو العراق", وكذلك طمأن وفداً فلسطينياً زائراً للبيت الأبيض ان "الله امره ان ينشئ دولة فلسطينية, ولذلك سيفعل"

وفي اوروبا نقرأ ان المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أعلنت في مقابلة صحافية ( ك2 2007) أنها تؤيد الإشارة إلى القيم المسيحية في الدستور الأوروبي معتبرة أنه يجب على أوروبا أن "تكون مستعدة للنضال" من اجل قيمها.

وفى حواره الذى بث على القناة التليفزيونية (ITV) في آذار 2006، وفى معرض حديثه عل قرار إشراك بلاده فى العدوان على العراق فاجأ " بلير" المشاهدين بقوله ان "الله هو الذى سيحاسبه على هذا القرار".
بهذا التصريح انتهك بلير أحد أهم المبادئ التى تحكم الحياة السياسية فى أوروبا عموماً، وبريطانيا خصوصاً ، ألا وهو الفصل بين الدين والدولة .
ويلفت النظر المقال الافتتاحي لجريدة " الديلى تلجراف" الصادرة يوم السبت الماضى، بعنوان " لا يستطيع بلير ان يكون متأكداً أن الله معه", وجاء فيه " ان خطورة كلام بلير فى المسألة الثانية هو أنه يكرس حقيقة مفزعة هى لجوء السياسيين إلى الله، عز وجل، باعتباره الجهة الوحيدة المنوط بها الحكم على قراراتهم."

أما عن "حرية التعبير عن الرأي", فقد شاهدت اليوم خبراً عن مؤتمر تقيمه جامعة ليدن في هولندا عن "حرية التعبير الأكاديمي", والمؤتمر موجه كما هو متوقع الى الإسلام. خطر في بالي فوراً المنع المخجل الذي يضعه الغرب امام التشكيك بالمحرقة وحتى عدد ضحاياها, فيجب ان تقر ان عددهم 6 ملايين وإلا تعرضت للسجن في عدد من دول الغرب مثل المانيا وكندا والنمسا, وقد حاولت اميركا اصدار قراراً من الأمم المتحدة بهذا الشأن بداية العام الحالي.
د. نصر حامد ابو زيد لم يفته ان يشر الى هذه النقطة, فقد كانت امانته العلمية ارهف حساً من ان يغض الطرف عن هذه النقطة التي يرهب الإشارة اليها الغالبية العظمى من المفكرين في الغرب, اسلاميين او غيرهم, فذكرها في المقابلة التلفزيونية القصيرة التي ظهرت كخبر عن الموضوع. تحيتي للدكتور نصر.

الكنيسة القبطية

تكفيرات غير اسلامية

وافق المجمع المقدس للأقباط الأرثوذكس بالكنيسة الأرثوذكسية المصرية "الكرازة المرقسية" بالإجماع على حرمان الدكتور جورج حبيب بباوي وفصله من الكنيسة الأرثوذكسية.

الدكتور جورج حبيب بباوي اتهم قرار المجمع المقدس بعدم الدستورية، وبأنه صدر غيابياً دون أن يسمح له بالاطلاع على التهمة المنسوبة إليه، وإعطائه الحق في تفسيرها أو الدفاع عن نفسه بشأنها، أو الدخول في مناقشة مع كبار الكهنة حول صحة أو عدم صحة ما كتبه وقاله في هذا الصدد.

الدوائر المؤيدة للبابا شنودة والمدافعة عنه ترى أنه لا يجوز مخالفة البابا شنودة لأنه البطريرك، وأن البابا شنودة هو حامي الإيمان المسيحي في العصر الحديث وأن أحداً لا يستطيع أن يصل إلى العلم اللاهوتي الذي وصل إليه.

السيد جمال أسعد عبد الملاك عضو مجلس الشعب سابقا وأحد الرموز السياسية والقبطية في مصر، حين جاهر برفضه لتدخل البابا في الشأن السياسي عاقبه البابا بإصدار قرار يمنع حضور أي كاهن أو رمز مسحي رسمي لأي مؤتمر أو حديث له في مكان عام. و منع جمال أسعد من الكلام في وجود أحد الكهان بمؤتمر لحزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي بالإسكندرية رغم أنه كان أحد قيادات هذا الحزب في ذلك الوقت.

الأب إبراهيم عبد السيد كاهن كنيسة حدائق المعادي، والذي انتقد بعض التصرفات الخاصة ببعض رجال الكنيسة، فتم طرده من الكنيسة, وظل مطروداً إلى أن مات عام 1999 وعندما مات رفض البابا شنودة أن يصلي عليه أو يسمح لأحد من الكهنة بالصلاة عليه أو حتى بدخول جثمانه إلى إحدى الكنائس في طول مصر وعرضها، وقد تنقل جثمان الرجل من الإسكندرية إلى القاهرة ولم يتم السماح بدخوله أي كنيسة.
ثم اضطر أهله إلى إقامة الصلاة على جثمانه بالشارع وعن طريق أحد "العلمانيين" أي غير رجال الدين المسيحي وتم دفنه!! وهو ما أثار وقتها نوعاً من الشعور بالغثيان والأسى داخل المجتمع المصري. (#)

الكيل بمكيالين لأقباط مصر, نبهتني اليه مشكورة السيدة داليا سامي التي كتبت ايضاً:
"وأقرا حضرتك هذا المقال على موقع الاقباط الاحرار: انت تفكر.. اذا انت كافر بتاريخ 4 مارس .. فى الاشارة لتكفير الازهر للمفكرين (##). لكن وفي نفس الوقت اصبح العلمانيون المتمثلون فى ماكس ميشيل وجورج بباوي وكمال زاخر اعداء الكنيسة .. بتاريخ 4 مارس ايضا (###). اين العلمانية وحرية التفكير التى يروجون لها يا سيدي الفاضل؟ هل علمانية وتفكير نوال السعداوى وكريم عامر وسيد القمني وامثالهم فقط, بينما تصبح علمانية وحرية تفكير كمال زاخر وجورج بباوي كفر وعداوه للكنيسة؟ "

عصام نسيم: في موقع "الأقباط متحدون" (&)
"ان شذ وانحرف اي شخص عن هذه الشركه وجب قطعه وحرمانه حتي لا يؤثر بفكره المنحرف والغريب علي باقي الجماعه وهذا تعليم الكتاب المقدس وقوانين الكنيسه كما يشهد التاريخ الكنسي , فالكتاب المقدس وتعاليم الاباء وتاريخ الكنيسه يؤكد لنا معاقبة كل منحرف عن الايمان السليم المسلم لنا بالحرم من شركة الكنيسه فالكتاب المقدس يقول:
+ و لكن ان بشرناكم نحن او ملاك من السماء بغير ما بشرناكم فليكن اناثيما ( غلا 1 : 8 )
+ كما سبقنا فقلنا اقول الان ايضا ان كان احد يبشركم بغير ما قبلتم فليكن اناثيما <محروما > ( غلا 1 : 9 )
+ ان كان احد ياتيكم و لا يجيء بهذا التعليم فلا تقبلوه في البيت و لا تقولوا له سلام ( 2يو 1 : 10 )
اي قطع الشركه مع اي انسان ياتي بتعليم مخالف للتعليم الكنسي السليم .
كذلك يشهد التاريخ الكنسي بحرمان كل من ياتي بتعليم غريب عن ايماننا وعقيدتنا الارثوذكسيه مثل نسطور واريوس ومقدنيوس وغيرهم"

"نحن معك ان البابا ليس الكنيسه والهجوم علي البابا ليس هداما للكنيسه ولكن ايمان البابا هو نفس ايمان الكنيسه والهجوم علي ايمان البابا هو هجوم علي ايمان الكنيسه وبالتالي يصبح الامر مختلف تماما فعندما يهاجم شخص ايمان كنيستنا وجب علي الكنيسه اتخاذ الازم معه."

"واخيرا الامور الكنيسه ليست شان عام بل هي امر خاص بالاقباط فقط وليس من حق اي احد ان يتدخل في هذا الشئون التي تحكمها ايات الكتاب المقدس وقوانين الكنيسه."

وفاءان في الكنيسة القبطية

وفاء قسطنطين زوجة الراهب يوسف عوض تركت أبو المطامير برغبتها و إرادتها الحرة .. و أعلنت اسلامها في أحد أقسام الشرطة حتى تستكمل الإجراءات القانونية لإشهار إسلامها .. إلا أن الدنيا قامت، و لم تقعد حتى يسلّم جهاز الأمن وفاء قسطنطين إلى رجال الكنيسة الذين كانوا مُصرِّين على أنها واقعة تحت ضغوط و تأثير، وبحاجة إلى دروس "نصح و ارشاد" وإيداعها دير وادي النطرون الذي يعتكف فيه رأس الكنيسة القبطية البابا شنودة الثالث. وفاء اخرى (د. وفاء سلطان) القت محاظرة في الكنيسة عن اضطهاد الإسلام وحرية المرأة دون التطرق الى الـ وفاء الأولى ولا الى التكفيرات! (&&)

عدا هذه الأمور, تمتلئ الأخبار اليومية بما لايلفت الكثير من النظر, مثل اخبار مجازر جيش الرب المستمرة في أوغندا الذي يؤكد جوزف كوني الذي يتزعمه أنه يريد الإطاحة بحكومة موسيفيني ليقيم محله نظاما يستند إلى الوصايا العشر في الكتاب المقدس.
ومثل لعبة كمبيوتر جديدة في الأسواق الأمريكية تسمى "المنبوذون والقوات الأبدية" تلقى رواجا في أوساط المحافظين، حيث تدعو اللاعبين أن يحولوا غير المسيحيين – ممن يحملون أسماء عربية وإسلامية - إلى المسيحية بالقوة أو أن يقتلوهم حتى يفوزوا في اللعبة، كما أن اللعبة تستهدف كذلك "قتل" متبعي ديانات ومذاهب أخرى مثل اليهود والكاثوليك.

المقصود
ليس المقصود من تعداد مثالب العالم الغربي او المسيحي او اليهودي, تبرير اخطاء ونواقص بل وكوارث العالم الإسلامي ايضاً, ولكن المقصود هو اعطاء تقييم واقعي لدرجة نقاوة هذه العوالم واعادة النظر بدقة الصورة التي يسهم اعلام كبير في تشكيلها لدينا.
ليس كل النقد الموجه الى ا لإسلام نقد فارغ, وليس كل الناقدين له مراوغين مثل الدكتورة وفاء سلطان وهناك الكثير مما على الإسلام والمسلمين ان يتعلموه لإقناع جماهيرهم والآخرين بمبادئهم وبأنفسهم كممثلين لتلك المبادئ. فلا يمكن الإنتصار في معركة الديمقراطية الحديثة بالإكتفاء بدراسة القرآن والحديث, ولا يمكن كسب الآراء بالطريقة التي كان يزعق بها احد الشيوخ بوجه غريمته وفاء سلطان صائحاً: هل انت ملحدة؟ هل انت ملحدة؟ إن الإستنتاج من هذه المقالة ان الإسلام او المسلمين في وضع مثالي او حتى جيد ومقنع استنتاج خاطئ تماماً, انما اردت القول ان الكثير مما يهاجم الإسلام به مزيف ومبالغ به, وان بقية الأديان والمجتمعات تعفى بشكل تعسفي من مثل هذا النقد. مقالي هذا دعوة الى العلمانيين للوقوف بشجاعة بوجه المقولات الكاذبة والمتحيزة, حتى التي تصب في صالح ايديولوجياتهم, ثقة منهم بان تلك الإيديولوجيات ليست بحاجة الى الكذب ليدافع عنها.
ان تبيان بعد المجتمع الغربي عن المثالية يقدم الأمل ببناء ديمقراطية تدريجية ومعقولة كما تمكن الغرب من ان يفعل ذلك, وان لاحاجة الى القفزة الكبيرة التي تدعوا الى اليأس وتصيب الإنسان بالشلل كلما فكر فيها, القفزة المباشرة من كل انواع الأمراض الإجتماعية والتخلف الى حالة مثالية ديمقراطية حضارية. ان من يدعي ان الديمقراطية والبناء الحديث لا تبدأ الا بمثل تلك القفزة انما يدعو الناس الى البقاء فيما هم عليه, لإستحالة تنفيذها.


(*) (http://www.pnvd.nl )
(#) http://www.aljazeera.net/NR/exeres/D4C99A07-A028-4DFF-877A-225F75D92EAC.htm
(##) http://freecopts.net/arabic/arabic/content/view/1209/32/
(###) http://freecopts.net/arabic/arabic/content/view/1212/29/
(&) http://www.copts-united.com/wrr/esn.php
(&&) http://www.aklaam.net/forum/showthread.php?t=5909



#صائب_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنتخابات حكومات المحافظات الهولندية غداً
- العلمانيين والديمقراطية في عالم اسلامي
- الفرق بين ازعاج عمار الحكيم و دماء المواطن العراقي
- شيعة العراق صفويين ومجاهدي خلق عرب اقحاح
- إعدام المدن بلا محاكمة
- الهنود الحمر يجيبون وفاء سلطان
- وفاء سلطان: -عدنان القيسي- العلمانيين
- أرهاب بريء من الطائفية
- البحث عن راحة الإستسلام: رد على هجوم زهير المخ على مبدأ السي ...
- الوحي زار حاكم العراق في المنام
- مسرحية الإعدام ودفع العراقيين لخيار بين الجنون واحضان الإحتل ...
- إعدام ومقاييس مختلة -1
- محاكمة العراق الناقصة، قمة عالمية في العدالة يصعب تكرارها
- مقطعان ملفتان للنظر من رسالة صدام حسين الوداعية
- الخوف من محاكمة الحقائق- رد على سامر عينكاوي
- ارهابيي الرياضة والرمز: وعي متقدم لاطائفي
- دفع المالكي الى الإنتحار
- القابض على الجمر: مراجعة للتهم الموجهة الى جيش المهدي
- ثلاثة افكار من اجل رد ثقافي على الطائفية والإرهاب
- عادل امام يصالح السنة والشيعة


المزيد.....




- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...
- ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
- توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي
- مسلسل الست وهيبة.. ضجة في العراق ومطالب بوقفه بسبب-الإساءة ل ...
- إذا كان لطف الله يشمل جميع مخلوقاته.. فأين اللطف بأهل غزة؟ ش ...
- -بيحاولوا يزنقوك بأسئلة جانبية-.. باسم يوسف يتحدث عن تفاصيل ...


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صائب خليل - االعلمانية والديمقراطية الإسلامية – الجزء 2 - غض النظر عن الآخرين