أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - جارتي والحرب














المزيد.....

جارتي والحرب


صبيحة شبر

الحوار المتمدن-العدد: 1855 - 2007 / 3 / 15 - 11:51
المحور: الادب والفن
    


تأخذ المراة الجارة ، بالتنقل بين غرف المنزل ، مرتبة ، منظفة الأثاث من الأوساخ العالقة ، ماسحة الغبار المتراكم ، بقطعة قديمة من قماش ، استمع الى صوت فيروز الجميل المنعش ، بعد أن هدني التعب ، وأمضني الترقب ، وحاولت الاستسلام للنوم ، فجاء متقطعا على غير رغبة مني ، اشعر ان جسدي منهك وروحي متعبة ، بذلك الألم الشديد والمتواصل ، والقلق المستمر ، ولكني حين رأيت جارتي تتنقل في أرجاء المنزل ، لتبعث بالحيوية المفقودة ، من جراء الإجهاد الطويل شعرت بنوع من السعادة ،كنت افتقده
اسمع صوتا خافتا للمذيع ، وهو يقرأ نشره الأخبار الأخيرة ، القتلى بالآلاف ، والجرحى يتكدسون على ممررات المستشفيات ، يحلمون بالشفاء العاجل ، بعد ان أصابت أرواحهم القنابل الفتاكة ،قبل ان تصيب منهم الأجساد
المراة النشطة ، خفيفة الحركة ، تتنقل كالنحلة من مكان الى آخر ، تدخل الى المطبخ لتهيئ لي طعاما مقويا ، يساعدني على استرجاع عافيتي الناقصة ،ويعين في الإكثار من در الحليب ، فكري مشغول ، والأوجاع تستبد بي ، ماذا يمكن ان يحل بهم ، ليمنعهم من المجيء الي كما هو دأبهم ، ولم اسمع الهاتف يرن ليطمئنني ، على سبب غيابهم الطويل ، كنت آمل ان استمع الى صوتهم الحنون المميز ، والذي يحمل لي غصونا خضراء من الحب والجمال

- حساء الخصروات غذاء مجرب ، وهو سهل الهضم ، لذيذ المذاق ، يساعدك في عملية الإرضاع
استمع للمراة القادمة الينا ، بعد ان أعياني الحال ، وأدركت ان الوالدة لا تستطيع المجيء ، على اثر المنع الجديد للسفر ، الذي طال كل المواطنين الا من استطاع ان يحصل على توصية من بعض مناطق النفوذ
خفت ان أكون وحيدة ، وأنا أترقب هذا الحدث السعيد ، الذي أشهده لأول مرة ، وكدت أموت خشية ، من عدم التمكن من استقباله
يستمر المذيع في إلقاء نشرته الإخبارية ، والعدد الكبير من القتلى والجرحى ، والمفقودين في تلك الديار الغريبة ، يفجعني ، أتساءل بيني وبين نفسي
- لم يشعل الحكام الحروب ؟ وما الفائدة منها ؟ ولماذا يحشرون الناس عنوة في تلك الجيوش ؟
تواصل المراة الجارة تنقلها ، في أنحاء المنزل الواسع ، الذي أصبحت غريبة فيه ، ومهجورة بعد ان سافر لأداء واجبه العسكري كما قال ،تساءلنا ، ماهو الاسم الجميل الذي نطلقه على وليدنا المرتقب ، عددنا الكثير من الأسماء الرائعة وذات المعاني السامية ، ولم نكن نفضل جنسا محددا ، كل ما يرزقه الله جميل
اسمع صوت تنظيف الصحون من المطبخ ، كانت كثيرة ، ولم اقو على أداء ذلك الواجب الثقيل ، بعد ان ثقل حملي ، وأصبح السير شديد العبء ،كذلك الوقوف الطويل ، وحتى الأشغال المنزلية التي كنت مدمنة عليها ، أضحت صحتى عاجزة عن القيام بها
تأتيني المراة بقدح من الحليب الساخن ، استرد فيه بعضا من العافية التي احتاج إليها ، في هذه المهمات العسيرة ،التي علي ان أقوم بها
لم يتصل بي كما وعدني ، وكان تواقا الى رؤية ولده البكر ، ولكن ماذا بالامكان فعله والبلاد في حرب مستعرة ؟
اشرب جرعات من الحليب ، تقف المراة بجانب سريري ، لم استطع ان أبادلها الحديث ، انا لا افقه لغتها ، وهي لاتعلم من العربية شيئا ، اشعر كما لو ان الله قيض لي أختا حبيبة في ديار ، ابتعد عني الأحباب فيها ، وهاجر الزوج مرغما على أداء واجب ثقيل ، يصرخ الطفل راغبا بالحنين ، محتجا على استقبال الحياة بمفرده ، وكان يحلم ان يكون الأب فرحا متهللا ، بقدومه السعيد
تعينني الجارة باحتضان الطفل ، وحالما يهدأ ويرغب عن الصراخ المحتج ، حتى أعيده الى المهد ، وكأن هذه الحركة البسيطة قد استنزفت قوتي
يواصل المذيع قراءة نشرة الأخبار ، القتلى والجرحى بالآلاف ، هل تدرك تلك المراة ان جيشنا يعمل فيهم قتلا وتجريحا ، كما يفعل جيشهم فينا ؟
تضع المراة يدها على جبهتي ، رغبة في قياس درجة الحرارة ، تنطق ببعض الكلمات التي لا افهمها ، تأتيني بطفلي الصغير ، وتعينني في إرضاعه ، تنبعث من المطبخ رائحة لأكلة شهية ، انتهت تلك المراة من تجهيزها لي ، تساعدني أولا في تناول الدواء الذي وصفه الطبيب ، تؤشر لي بيدها إشارة افهم منها النصيحة لي ، بالنوم بعد سهر متواصل ، تساعدني في تغيير ملابسي التي تبللت من جراء ارتفاع الحرارة وانخفاضها
تطمئن الى راحتي ، وتغلق الباب بهدوء بعد ان انتهت من عملية التنظيف والطبخ وغسل الملابس ،




#صبيحة_شبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القيود المكبلة لالاف النساء
- حقوق الانسان في التقاعد
- الشاهدة : قصة قصيرة
- المصالحة في مجتمع العراق
- مجتمع مدني في العراق
- لماذا يهاجم جميعهم شخصية الرسول ؟
- الازمة التي يعيشها الاساتذة
- قراءة في المجموعة القصصية ( لائحة الاتهام تطول)
- مزاح : قصة قصيرة
- اندهاش
- تقدم المجتمع والمدارس
- الرهان : قصة قصيرة
- المراة في عام 2007
- هل لنا ان نتفاءل ؟؟
- تأنيب : قصة قصيرة
- الى صديقتي
- الزائرة
- حول المواقع الالكترونية والابداع
- هل الصراع طائفي ؟؟
- أريد حلا


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - جارتي والحرب