|
في 8 آذار ... عن أم في العراق !
ابراهيم جابر ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 1849 - 2007 / 3 / 9 - 13:55
المحور:
ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2007 -حجاب المرأة بين التقاليد الأجتماعية والبيئية والموروث الديني
ينشغل العالم المترف اليوم بالتزلف للنساء ؛ كأنما الرزنامة في غيريوم المرأة ، مكتظةٌ بفتوحات الرجال الأشاوس ! أنا أقترح أن نتجاهل كل ذلك الهراء .. وأن نحتفل اليوم بامرأةٍ واحدةٍ فقط ؛ تلك التي في العراق . * * *
المرأة التي صارت أرملة ً دون أن يلفت ذلك انتباه أحد ؛ حتى أطفالها ، تظل كل الليل تعدّ أبناءها على أصابعها ، ... ولكي يظلّوا كاملين تقطع اصبعاً كلما أكلت الحرب منهم واحداً ! المرأة التي يناديها الجيران كلهم : أم عليّ . لكن البيت فارغ من رائحة " علي " ومن صراخه ومن دفاتره ومن ضحكته التي كانت تخُضّ السُكّر في عروق البلح ! المرأة التي ابنها مع المقاومة وابنتها البكرماتت تحت ركام " العامرية " واخوها مع العالقين في المطارات وحبها الاول في جبال الاكراد ... المرأة التي قلبها أرق من ستارةٍ خفيفةٍ في الهواء ! التلميذة التي كانت تخطر بمريولها المدرسي عصراً في " شارع الأميرات " ، وترى ظلها الحلو أطول من ظل النخلات ، وتركض للبيت بقلب يتنطّط : ما أجملني يا أمي ؛ كل الفتية همسوا لي ، ومشوا بخطواتٍ ماكرةٍ خلفي ! صارت الآن ارملة يتوزع حولها خمسة أيتام بملابس الحداد ! المرأة التي كانت تحمل طفلين على كتفيها الممشوقين .. التقطتها " كاميرات الاخبار " تحمل جثة والدها وتجرّ الى القبرأجمل أيام العمر .. وتبكي الرجل الكان يعبيء جيبيها بالفستق وأحلى ضحكات الآباء ! الأم إذ تستغني كل ليلة عن " فراش ووسادة " لأن الأولاد نقصوا واحداً ... الصبية الكانت تسهرفي ميعة نضارتها مع الاغنيات ، وتقرأ شعرا كشأن النساء العاشقات ، وترسم أحلاماً حول الزوج واطفال يلثغون براء " العراق " ؛ وتُصر أن يكون البيت من طابقين ومدفأة في الجدار ... تضع يدها على خدّها الآن وهي تبيع الدّخان الرديء على أرصفة المنفى البارد ! المرأة التي كانت تصحو كل فجرلتعدّ الاولاد لمدارسهم ، وتمشط شعرالشيطانة الصغيرة ، والزوج الكسول تغمزه من خلف ظهر البنات ، وتلحقهم بالشاي والدعوات للباب ... تقف اليوم على الباب وحيدة ومهجورة كعتبة البيت الارمل : لا اولاد ولا زوج ولا بنات ، ولا ضيف تسامره غير سائق سيارة الاسعاف ! الام التي كان لها أهل ، ومرآة صغيرة للزينة ، وأسرارمع الجارات ، وقمصان نوم مغوية ، ومطبخ تنظفه باستمرار ، وساعة للتأمل في حماقات الصبا ، وبلكونة تترقب منها رجوع الزوج والابناء ، والبوم للصور ، وخاتمان من الألماس ... صارت الآن صورة في ارشيف الصحف في جارور كتب عليه : " نساء عراقيات " !! الصحفي الذي يحتاج صورة لخبره يقلب بسرعة بين صور متشحة بالسواد ، ولا ينتبه للحيوات البشرية وخزائن الذكريات التي تساقطت بين اصابعه في لحظةٍ !
#ابراهيم_جابر_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الراقصة والشيخ والشاعر !
-
ايميل الى اطوار بهجت في ذكراها الاولى
-
لقميص خفيف على بحر - غزة - !
-
بنادق مخزية
-
حروب ايران
-
هل - الظواهري - فعلاً الرجل الثاني ؟!
المزيد.....
-
كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم
...
-
طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة
...
-
مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
-
الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
-
ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا
...
-
بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
-
انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج
...
-
مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
-
غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
-
ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟
المزيد.....
-
اثر الثقافة الشرقية على المرأة والرجل
/ جهاد علاونه
المزيد.....
|