ايران وحقوق القوميات ، بمناسبة 21 فبراير اليوم العالمي للغة الام

جابر احمد

الحوار المتمدن-العدد: 1831 - 2007 / 2 / 19 - 02:43
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    

اللغة هي ثمرة تطوروتفكير العقل البشري وهي بالاضافة الى كونها اداة معبرة عن الافكار والعقائد ، فانها وسيلة للتخاطب بين ابناء المجموعة البشرية وهي ما يميز الانسان عن غيره من المخلوقات ، لا بل ذهب البعض الى ابعد من ذلك حينما قالو ان اللغة هي الانسان وهي الوطن والاهل ، ويرى المختصون في الدراسات الاجتماعية ان اللغة هي من اهم مكونات الهوية القومية فاذا اردت ان تقضي على شعب او امة من الشعوب ما عليك الا ان تتوجه الى القضاء على لغتها .
من هنا فان اللغة بالاضافة الى التاريخ و العادات والتقاليد والارض تشكل ركن هاما من اركان هوية اي شعب على هذه الكرة الارضية وانكار اللغة يعني تدمير المظاهر العلمية والفنية والادبية والتقاليد الاجتماعية و التاريخية لاي شعب لان اللغة تشكل جزء لا يتجزاء من هويته و تراثه الثقافي والحضاري .
وعلى اساس ذلك عندما ضمت ايران بلادنا الى كيانها في 20 نيسان من عام 1925 فان اول شي استهدفته هو لغتنا حيث تم حرماننا من التعلم بلغة امنا وفرضت علينا لغة لا تربطنا باصحابها ولا بمروجها اي روابط تقافية او اجتماعية الا اللهم تلك الروابط التي تندرج في الاطار الانساني العام ، حيث تعتبراللغات واحدة مكملة للاخرى ووسيلة للتواصل الحضاري والانساني بين الشعوب .
ورغم ان الشعب الفارسي لا يمثل الا اقل من 50% من بين الشعوب في ايران الا ان لغته تبدلت الى وسيلة ايدلوجية من اجل القضاء على الهوية القومية للشعوب الغير فارسية وذلك عبر دمج اللغات القومية الاخرى و صهرها في بوتقة اللغة الفارسية .
لقد شغل موضوع اللغة بال العديد من الحركات والاحزاب السياسية التي نشأت بين اوساط الشعوب القاطنة في ايران ولعل ابرز مظاهر ذلك ما نراه في دستور جمهموريتي اذربايجان وكردستان ذات الحكم الذاتي حيث اكد دستورهما على اعتماد اللغة القومية كلغة رسمية في حدودهما الجغرافية التاريخية ، كما ان مثل هذا الطلب نجده في النقطة الخامسة من برنامج حزب السعادة العربي الاهوازي الصادر عام 1946 الذي اكد في المادة الخامسة على ايجاد مراكز تعليمية من اجل تدريس المواطنين لغة الام العربية ، كما نشاهد التعاطي مع هذه المادة في برامج بعض قوى اليسار الايراني ، قبل ثورة شباط 79 و ما بعدها .
وبعد الثورة نظر رجال الدين الذين امسكوا بزمام الامور في طهران الى اللغة العربية نظرة دينية حيث ورد في المادة السادسة عشرة من دستور الجمهورية الاسلامية مايلي :
" بما ان لغة القرآن والعلوم والمعارف الاسلامية هي اللغة العربية وان الادب الفارسي ممتزج معها بشكل كامل فانه يجب تدريس هذه اللغة بعد المرحلة الابتدائية حتى نهاية المرحلة المتوسطة في جميع الصفوف ، والحقول الدراسية "، رغم هذا التاكيد الا ان رجال الدين المتربعين على دفة الحكم في ايران يبدون امتعاضا شديدا من مطالبة المواطنين العرب الاهوازيين في تعلم لغتهم وتجبرهم على تعلم اللغة الفارسية في مرحلة تعد من اخطر مراحل اعمارهم حيث يدخلون المدرسة وهم يتعاملون مع لغة لا يعرفون ماذا تعني مفردتها بالنسبة لهم ،كما منعت السلطة وعلى سبيل المثال النواب العرب الاهوازيين من الخطابة باللغة العربية في البرلمان الايراني ، ولاتزال الحكومة الايرانية تفرض حظرا شاملا على تعليم اللغة العربية حتى في مدارس القطاع الخاص ورياض الاطفال في المناطق العربية .
وقد اكد وفد الشعب العربي الاهوازي في مذكرته التي رفعها للحكومة المركزية عام 1979 على موضوع اللغة العربية واهميتها حيث جاء في المادة 4: اللغة العربية تكون اللغة الرسمية في المنطقة. المادة 5: يتم التعلم باللغة العربية في المدارس الابتدائية. المادة 6 :تاسيس جامعة باللغة العربية.
وقد جرى اول احتفال لليوم العالمي للغة الام في ايران من قبل المواطنين الاتراك الايرانيين الذين احتفلوا بهذه المناسبة في قلعة بابك الشهيرة عام 2004 و قد اشترك في هذا الاحتفال وفد يمثل الشعب العربي الاهوازي ممثلا ببعض الشخصيات الادبية والسياسية الاهوازي .
وانعقد المؤتمر الثاني للاحتفال بهذا اليوم وبالتنسيق مع قوى القوميات في ايران في اقليم الاهواز وذلك في يوم 21 من فبراير اشباط من 2005 الموافق 18 اسفند 1383 حيث احيت جماهيرنا العربية هذا الاحتفال على مدرج كلية العلوم الانسانية في جامعة الاهواز وقد شارك فيه ممثلون عن القوميتين التركية -الاذرية والكردية اللتان تعتبران من اكبر القوميات في ايران ، واثتاءها اعرب المشاركين عن تضامنهم مع بعضهم البعض وذلك عبر الحديث عن معاناتهم القومية وعن خيبة املهم تجاه نوايا السلطة الايرانية التي سكرت اذنيها تجاه مطالبهم العادلة واحدة من طين واخرى من عجين ، وقد تحدث في هذا المؤتمر العديد من شعراء و مثقفي شعبنا ونشطاءه السياسين .
وقد جاء في البيان الختامي الصادر عن هذا الاحتفال مايلي :
نحن المشاركون في هذا المؤتمر للاحتفال باليوم العالمي الاول للغة الام والذي ينعقد لاول مرة في مدينة الاهواز والمؤتمر الثاني الذي ينعقد على مستوى البلاد نعلن ان المطالب التي نطالب بها ونناضل من اجلها هي مطالب عادلة تنسجم ومايتماشى مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، العهد الدولي للحقوق المدنية - السياسة ،العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي اقرتها هيئة الامم المتحدة تحت رقم 153| 74 وبتاريخ 1992 مع الاخذ بعين الاعتبار ان اكثر من 70% من سكان البلاد في ايران يتمتعون بخصوصيات ثقافية ولغوية مختلفة كالعرب في الاهواز – عربستان -، الاتراك في اذربايجان ، والعاصمة ، الاكراد ، اللر في لرستان والبولش في سيستان وبلوشستان والتركمان .
واكد المؤتمر في بيانه الختامي على 8 نقاط رئيسية منها التدريس بلغة الام واعتبارها اللغة الاولى في الاقاليم الايرانية القومية ، وتقديم الدعم والمساندة المادية من اجل اشاعة لغة الام وترويجها بين جميع القوميات الايرانية .
وياتي 21 من فبرايرمن هذا العام وشعبنا العربي الاهوازي يمر باصعب مرحلة من تاريخه السياسي منذ الاطاحة بنظام الشاه وحتى يومنا هذا حيث قامت الحكومة الايرانية و انتفاضته في الخامس عشر من نيسان عام 2005 وحتى اليوم باعلان حالة الطوارئ وممارسة الحصار الاعلامي وقيامها بالتعتيم كامل على ما يجري من خلال عسكرة المنطقة وفرض الاحكام العرفية ، كما اصدرت احكاما جائرة باعدام عدد كبير من نشاطاءنا السياسين بالاضافة الى اعتقال العديد واصدار احكام جائرة بحقهم .
اننا ومن خلال هذه المقالة اذا نقدر هذه الظروف الصعبة التي يمر بها ابناء شعبنا والتي فرضتها عليه حكومة احمدي الاجرامية ندعوا المواطنين الكرام الى التمسك بهويتهم والى الاحتفال بهذا اليوم كل حسب طريقته الخاصة وذلك من خلال اقامة الندوات والتجمعات في داخل البيوت وعدم التحدث في ذلك اليوم الا باللغة العربية والتذكير باهميتها والاكتفاء باصدار البيانات التي تذكر باهمية هذا اليوم كما ندعوهم الى مشاركة اخوانهم من ابناء القوميات الاخرى الذين يستعدون من الان للاحتفال بهذا اليوم اذا كانوا متواجدين هناك .

#جابر_احمد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات