أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حكمت الحاج - الفيلسوف التونسي د. فتحي التريكي في حوار مع حكمت الحاج حول الفلسفة في تونس والعالم العربي















المزيد.....

الفيلسوف التونسي د. فتحي التريكي في حوار مع حكمت الحاج حول الفلسفة في تونس والعالم العربي


حكمت الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 1818 - 2007 / 2 / 6 - 11:36
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


التفلسف نضال يومي ومقاومة مستمرة ضد الاستبداد واللامعقول في العالم

كتب حكمت الحاج من تونس:

هل لدينا فلسفة بالمعنى الدقيق للكلمة: أين هي اليوم؟ ما هي إنجازاتها؟ إشكالياتها؟ ماذا حل بالفلسفة في العالم العربي؟ سؤال كبير تتفرع منه كل الأسئلة المتلهفة لأجوبة تشفي الغليل... ومع هذا فليس هناك أجوبة نهائية.. بل مجاذبات تأمّلية لعلها أن تجعل العينَ ترى أبعد، والأذن تلتقط أبعد من الإصغاء...أن تستحث العربي إلى استجلاء معنى مجيئه إلى هذا العالم؛ قيمة فرديته الخلاقة: أن يخرج من تراب الأسطورة الى فضاء التفكير.

هكذا يقدم المحرر الثقافي لـمجلة "إيلاف" الشاعر عبد القادر الجنابي لهذا الملف الهام والإشكالي، الخاص بوضعية الفلسفة في العالم العربي، ومعه نقول حقا إن أحدى الخسائر الكبرى التي مني بها العقل العربي في كل حروبه الإيديولوجية هي فقدانه لحاسة التأمل الفردي، أي التفلسف، بالمعنى الذي يورده "كانط" للكلمة، وأضيف أيضا، صفة "النقدي" لذاك التأمل المنشود. ولكن هل حقا واقع الحال كما يقال؟ أليس هناك من استثناء؟

كتبت الدكتورة منى نجار في المجلة الالكترونية "قنطرة" Qantara.de التي تصدر بالعربية والألمانية مقالا تحت عنوان "الفلسفة هي الأكثر مبيعاٌ في معرض تونس الدولي للكتاب لعام 2003" قائلة إن "ما يميز القراء التونسيين هو اهتمامهم الكبير بالفلسفة. لقد بيعت بكثرة هذه السنة أيضا كتب لهايدغر، وعنه، ولأدورنو أو هابرماس والتي تجد إقبالا متوسطا في البلدان العربية الأخرى".

وتكاد أن تكون هذه هي صورة الحقيقة، حقيقة الفلسفة في تونس. ولم يجانب الدكتورة منى النجار الصواب، ولا جانب غيرها، عندما تتم الإشارة الى تفرد ذلك النشاط العلمي البحثي النقدي الفلسفي، سواء في الصروح الأكاديمية، أم بالممارسة الحرة وتطبيقاتها، من الدين إلى الفن، في تونس، ولربما كان وسيبقى إلى أمد غير معلوم، مَعْلَمَا خاصا بتونس ودالا على ثقافتها بل ودورها الحضاري.

مثال أو مثالين نعطيهما في هذا السياق للدلالة على صدق ملاحظات المتعمق في التجربة الفكرية التونسية. فلا أعتقد أن هناك من بلد عربي أو عالم ثالثي طرح على طاولة النقاش والسجال والمُساءلة، عبر نخبته المفكرة، موضوعا كـ "العولمة" أو "الهوية" أو "الحداثة"، بمثل هذا الكم والزخم والعنفوان والجدية والمواصلة، كما هو الأمر كائن في تونس.. ولا داعي هنا لذكر كل تلك الندوات واللقاءات والمنشورات والجلسات والشخصيات التي تدور في هذه الأفلاك.. وكلها تؤكد شيوع التفلسف الصحيح في تونس، وإرادة التطبيق الفلسفي على شتى الميادين حتى تلك التي تبدو للوهلة الأولى إنها أبعد ما تكون عن الفلسفة.

من جهة أخرى، حَقَّ لنا أن نتساءل عن أهم مقومات الفكر الفلسفي في تونس، وهل هناك "فلاسفة" في تونس، أم هناك فقط أساتذة ومدرسون للفلسفة؟ ما هي أهم مميزات الفلسفة في تونس التي تعزلها عن غيرها من الاتجاهات في العالم العربي ومن ثم العالم؟ هل الفلسفة في تونس في وضعية التماس مع "الشارع" و"الناس" أم أنها ما تزال أسيرة جدران الجامعات والنخبة؟ هل ثمة مستقبل للفلسفة في تونس؟ وان كان الجواب بـ نعم، فما هي ملامح ذلك المستقبل؟

ذهبت بهذه المقدمات إلى فيلسوف تونسي معروف مشرقا ومغربا هو الدكتور فتحي التريكي، الذي أرشدني مشكورا إلى أن نحقق معا الخطة التالية على أن تنشر في "إيلاف" جميعها، وتتضمن، إضافة إلى الحوار الشيق الذي ستطالعونه الآن، مقالة حول تدريس وتعريب الفلسفة في تونس حتى عام 1986، مدعمة بإحصاءات دقيقة. ثم نظرة سريعة على الفلسفة في تونس بعد العام 1986 وحتى الآن، وحوار مع الأستاذ محمد علي ألكبسي حول تيارات الفكر الفلسفي في تونس، ولقاء مع الدكتور الطاهر بن قيزة حول الفلسفة في تونس عبر تجربة "مختبر الفلسفة" التي ينشط فيها. وبعد ذلك جلسة خاصة ثانية مع الدكتور التريكي حول القضايا الفلسفية الكبرى للفكر الفلسفي في تونس في الوقت الراهن، وأخيرا، تدوينات جدّ مهمة عن حضور الفلسفة الأوروبية في تونس بلحمها وشحمها، والعنوان العريض هو "فلاسفة أوروبيون في تونس: فرانسوا شاتلييه، ميشيل فوكو، جاك دريدا.. وغيرهم.

والدكتور فتحي التريكي هو فيلسوف تونسي من مواليد 1947 بصفاقس, حاصل على الدكتوراه في الفلسفة السياسية من جامعة السوربون بباريس- وعلى دكتوراه الدولة في الفلسفة بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس- أستاذ كرسي اليونسكو للفلسفة بجامعة تونس - من مؤلفاته : أفلاطون والديالكتيكية عام 1986- الفلاسفة والحرب (بالفرنسية) 1985- قراءات في فلسفة التنوع 1988- الروح التاريخية في الحضارة العربية الإسلامية 1991- الفلسفة الشريدة 1988- فلسفة الحداثة 1992- مقاربات حول تاريخ العلوم العربية 1996- استراتيجية الهوية 1997- فلسفة العيش سويا 1998- العقل والحرية 1998. الحداثة وما بعد الحداثة 2003.

التقيناه في مكتبته العامرة بتونس العاصمة، فكان هذا الحوار:


* لنسألك في البداية من حيث يمكن للفرد أن يسأل عن الفلسفة، مازجا معها السياسة بالتاريخ: هل الفلسفة في تونس هي نتيجة للاستعمار الفرنسي الذي عرفته تونس في القرن التاسع عشر أم أن لها جذورا تاريخية؟

- عرفت تونس الفلسفة منذ القدم. ومع الحضارة "القرطاجنية" كان هناك مثلا "أبوليوس" صاحب أول قصة في العالم، "الحمار الذهبي". ومن المعلوم انه كان أرسطي الاتجاه في فكره. أما بعد الفتح الإسلامي، فقد تنامى بتونس عدد كبير من المفكرين والمناطقة والفلاسفة واللغويين، انتظموا في اتجاهات ثلاث: أولها أدبي ويمثله "ابن رشيق القيرواني"، وثانيها في فلسفة الدين ويمثله "الإمام سحنون"، وثالثها في فلسفة المجتمع ويمثله العلامة "عبد الرحمن بن خلدون". في العهد الإسلامي، كما هو الشأن في العهد القرطاجني، جنحت الفلسفة إلى أن تكون عاملة أكثر في ميادين تطبيقية مثل المنطق الرياضي والدين. وهكذا أنتجت الفلسفة في تونس فلاسفة كبار من "أبوليوس" وصولا إلى "ابن خلدون" أول عالم اجتماع في العالم.


* ماذا حصل بعد ذلك؟

- ما حصل بعد ذلك هو انحسار الفلسفة داخل الميدان الديني مع توجه جديد جاء مع القرن التاسع عشر، أقصد التوجه نحو الفلسفة السياسية حيث ألف "خير الدين التونسي" كتابه الشهير "أقوم المسالك إلى معرفة الممالك" ذلك الكتاب الذي حاور فيه المفكر الأمريكي "بيرس" فيما يخص الليبرالية. ولا ننسى كذلك كتاب المصلح الكبير الطاهر الحداد "امرأتنا في الشريعة والمجتمع" الصادر أوائل القرن العشرين. إذن، صار التوجه الفلسفي ينحو إلى جانب التطبيق في الدين، إلى فتح الآفاق أمام الفكر السياسي ليتقدم. وقد تأسس تحديث المجتمع التونسي على هذه التطبيقات الفلسفية المذكورة أعلاه. وبشكل دقيق نستطيع القول إن الميتافيزيقيا غابت، والتطبيقات هي التي شَرَّعت للمجتمع التونسي.


* وأي عنوان نضع للفلسفة في تونس في العصر الحديث؟

- في العصر الحديث نستطيع أن نضع عنوانا عريضا ليدل على الفعل في التاريخ ألا وهو "الفلسفة تدريسا". ولكن برغم ذلك لم تترك الفلسفة جانبا وإن ضعف تدريسها داخل جامع "الزيتونة" حيث كان ينحصر في دروس علم الكلام والمنطق. وبشكل عام بقيت الفلسفة موجودة في الدرس الجامعي، حتى جاءت الإصلاحات الكبرى للزيتونة أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، عندها دخلت بعض القضايا الكبرى مثل القضايا الاجتماعية لاسيما في "المعهد الخلدوني"، ولكن سيلعب، على الجهة الأخرى، "المعهد الصادقي" دورا كبيرا جدا في الحركة الفلسفية إذ انه إضافة إلى المصلحين التونسيين في أوائل القرن العشرين ثم فيما بعد الحرب العالمية الأولى فالثانية، سيتخرج جيل متشبع بالأفكار الفلسفية الغربية، وعلى أيديهم ستترسخ "الحداثة" في المجتمع التونسي.


* ألم يكن المعهدان اللذان ذكرتهما، يتوجهان صوب الأفكار نفسها؟ كنت أتصور إن الصراع كان بين "الزيتونة" و"الصادقية"؟

- تستطيع أن تقول إن المعهد الخلدوني كان يمثل العصرنة المنبثقة من التراث العربي الإسلامي، أما المعهد ألصادقي فكان يمثل العصرنة والحداثة كاملتين. كما انه جدير بالذكر أن نقول إن الكثير من رواد الحداثة هم من خريجي "الزيتونة" من أمثال عبد العزيز الثعالبي ومحمد الفاضل بن عاشور والطاهر الحداد والشاعر أبو القاسم ألشابي. ولكن كلامك صحيح من جهة أخرى، فإننا نؤشر وجود رافدين فلسفيين للنهضة في تونس: "الزيتونة" مع إصلاحها وتجديدها، و"المدرسة الصادقية" بروحها العصرية. ولقد كان هناك صراع بين الاثنتين في أغلب الأحيان مما أحدث رَجَّة جعلت تونس تصبو دائما إلى الأمام ولكن وهي منشدة إلى تراثها.


*هل هذا يعني انه كان ثمة صراع ما بين "الشريعة" و"الحقيقة"؟

- نحن تحدثنا عن ملامح الجذور الفلسفية للمجتمع التونسي.. ولكن أيضا يجب أن نؤكد إن كل تلك التناقضات والاصطراعات كانت في انسجام مع الدين الإسلامي مما يعني انه لم يكن هناك صراع مطلقا بين الشريعة والحقيقة إلا فيما ندر.


* وماذا نسمي إذن موقف علماء "الزيتونة" من الطاهر الحداد وكتابه "امرأتنا في الشريعة والمجتمع"ّ؟

- عندما نادى الطاهر الحداد بتحرير المرأة لم يكن ذلك صراعا بين الفلسفة والدين بقدر ما كان صراعا بين المستنيرين وأهل الظلمات.


* حسنا.. لنأت الآن إلى مرحلة الاستقلال؟ كيف أثر ذلك على وضع الفلسفة؟ وعلى أية أسس بدأ النظام السياسي الجديد يتعامل مع الفلسفة بوصفها مَعْلما اجتماعيا، كما سبق أن أشرنا إلى ذلك، وخاصة فيما يتعلق بمسألة الثقافة الفرنسية في تونس؟

- بعد الاستقلال قام "الحبيب بورقيبة" بإصلاح جذري للتدريس في تونس طال المناهج الدراسية بالتأكيد، وجعل من درس الفلسفة مادة إجبارية في كل الاختصاصات وفي جميع المعاهد، بل وأنشأ قسما للفلسفة في الجامعة التونسية، وأخيرا عمل "بورقيبة" على التفريق ما بين الفلسفة في نمط تناولها الحديث والمعاصر، وبين الفلسفة الإسلامية.. كان هم بورقيبة في ذلك دون شك هو تنوير الشباب التونسي والتوجه به نحو المعرفة والعلوم والتكنولوجيا، ولكن اللغة الفرنسية التي كانت عائقا كبيرا وحقيقيا أمام أية محاولة لربط القضايا الفلسفية الكبرى باهتمامات الشارع التونسي، لذلك صار المفكر التونسي في عزلة عما يحدث على النطاق الثقافي والفني للمجتمع. وهكذا تقرر تعريب الدرس الفلسفي في تونس عام 1975 فكانت انطلاقة جديدة للفلسفة بحيث تفاعلت كثيرا مع الفكر المعيشي اليومي والإبداعات الثقافية والأدبية والفنية، وتكاثرت المؤلفات الفلسفية باللغة العربية، وأحدثت الفلسفة نقاشات محتدمة على الساحة الفكرية والأدبية في تونس، وحتى على الساحة السياسية. هذا مع العلم إن الجامعة التونسية بتعريبها للفلسفة قد تركت المجال لتدريس الفلسفة باللغات الأجنبية كي لا تحدث قطيعة [كما حدثت في بلدان عربية أخرى] بين اهتمامات المواطن التونسي وبين ما يستجد من أفكار ومشاغل على الصعيد العالمي. وكانت تجربة فريدة من نوعها، إذ إن في تونس الآن فلاسفة يقرؤون الفلسفة باللغات الفرنسية والإنكليزية والألمانية والأسبانية، وهو ما جعل المدرسة الفلسفية التونسية ثرية في اهتماماتها، ومتجددة على الدوام وفي علاقة تواصل ومواصلة مع أكبر فلاسفة الغرب، طبعا من دون التخلي عن البحث في التراث ومقوماته ولكن بطريقة علمية فكرية بعيدة كل البعد عن التمجيد والاعتداد الأجوف.. أي، بطريقة نقدية.


* وهل بقيت الفلسفة تبعا لهذا أسيرة الجدران؟

- إن من مستتبعات هذا التعريف نشوء أو تكون جمعيات غير حكومية تهتم بالفلسفة وشؤونها، مثل "الجمعية التونسية للدراسات الفلسفية"، ومثل جمعية "مدارات" و"الجمعية التونسية للإنشائية والجماليات" التي تشرف عليها الدكتورة رشيدة التريكي، وغيرها. كما تكونت في الجامعات والكليات فرق بحث متعددة في الفلسفة، منها ما هو مختص بالفلسفة السياسية، ومنها ما هو مختص بفلسفة العلوم والمنطق وفلسفة اللغة. وأخيرا تكون "مختبر الفلسفة" في جامعة تونس وهو يبحث ويعنى في قضية شديدة الراهنية ألا وهي "الثقافات والتكنولوجيات المعاصرة والمقاربات الفلسفية". وهذا المختبر هو أول مختبر من نوعه في العالم العربي. علما بأن الدولة التونسية قد رصدت له اعتمادات مالية لا يستهان بها على الإطلاق.


* هل الأمر كذلك في ميدان النشر؟

- إلى جانب الكتب والمؤلفات والدراسات الكثيرة التي صدرت عن الجامعات ودور النشر العامة والخاصة، فإن هنالك دوريات ونشريات متخصصة في الفلسفة نذكر منها:

1. مجلة الدراسات الفلسفية وهي مجلة فلسفية بحتة أي أنها لا تبحث إلا في القضايا الفلسفية الشائكة ولها توجهان، علمي وبيداغوجي تربوي.

2. مجلة "مدارات" وهي أيضا تهتم بالفلسفة إلى جانب اهتمامها بالعلوم الإنسانية بصفة عامة. والمجلتان المذكورتان أعلاه تصدران باللغات العربية والفرنسية والإنكليزية.

3. دورية "إنشاء" وهي مجلة تهتم بالجماليات تحديدا وقد صدر منها لحد الآن ثلاثة أعداد فقط.



* هل هذا بالإضافة طبعا إلى حوليات الكليات والجامعات والتي تخصص أعدادا منها للفلسفة كل عام..؟

- نعم.. ولا يفوتنا في هذا المجال ذكر الصحف والمجلات العامة مثل "الحياة الثقافية" الشهرية، حيث يتم نشر المقالات والمراجعات الفلسفية فيها بين حين وآخر. وحتى الإذاعة والتلفزة التونسية لا تخلو شبكة بث فيهما من برنامج أو أكثر يتناول الفلسفة أو أعلامها كما حصل مع "فوكو" و"دريدا"، كما قدمت بعض البرامج عن "الإنشائية"...الخ.. ومن الجدير بالذكر أن نقول إن معظم مجلات ودوريات الفكر والفلسفة في العالم العربي يساهم في رفدها ونشرها والكتابة فيها فلاسفة ومفكرون من تونس، مثل "الفكر العربي المعاصر" و"كتابات معاصرة" و"فكر ونقد" المغربية، و"أوراق فلسفية" في مصر....


* وطبعا، هنالك ترجمة أمهات الكتب الفلسفية، أليس كذلك؟

- ترجمة الفلسفة في تونس قليلة ولكنها مفيدة وعميقة ودقيقة وعلمية. لقد انتقلت الظاهرة من مصر إلى تونس.. ففي أماكن أخرى ترى ترجمات فلسفية غير دقيقة وغير أمينة إطلاقا.


* ما هي أهم الاختصاصات التي تشتغل عليها المدرسة التونسية في الفلسفة؟

- المدرسة التونسية في الفلسفة تشتمل على كل الاختصاصات الكبرى. ففي تاريخ الفلسفة تجد الاختصاص في اليونانية وفي فلسفة ديكارت وسبينوزا، وفي الفلسفة الألمانية كما عند كانط وهيغل وهايدغر، كما تجد الاختصاص في تاريخ الفلسفة الفرنسية من الوجودية إلى فلسفة فوكو ودريدا ودولوز. إضافة إلى الاختصاص في تاريخ الفلسفة العربية الإسلامية إذ لدينا في تونس كبار المختصين في فلسفة ابن سينا [حاتم الزغل وأحمد الحسناوي] وفي الفلسفة الاندلسية بعامة وابن عربي بخاصة [مقداد عرفة منسية]... وفي الماركسية نشير إلى د. حميد بن عزيزة [بالفرنسية كحال معظم الدراسات الأكاديمية في الماركسية حيث بقيت تكتب بتلك اللغة] وغيرهم... وفي العالم العربي الآن، في الوقت الحاضر، فإن الاتجاه الأكثر وضوحا وبروزا هو الفلسفة اللانسقية، أو ما يطلق عليه بـ "فلسفة التنوع"، هذا الاتجاه الذي انطلق مبكرا من تونس ليجوب الوطن العربي كله..


* كان كتابك "قراءات في فلسفة التنوع" هو البداية على ما أذكر..؟

- نعم، صحيح، ثم تتالت الأجيال، ولدينا الآن من أشهرهم على سبيل المثال لا الحصر "سليم دولة" و"فتحي المسكيني" و"محمد علي الكبسي" وغيرهم كثير... وإجمالا، ضع عنوانا عريضا للفلسفة التونسية هو "فلسفة التنوع والتنوير"..


* دعني أسألك أخيرا، هل من ضرورة لكي نتفلسف، نحن العرب، اليوم؟

- حتى نجيب على هذا السؤال، يجب أن نفهم ما هو هدف شعب ما أو أمة ما. فإذا كان الهدف يتمثل في أن نعيش فقط بين الأمم لا غير، فلا ضرورة هنا إذن للتفلسف بما إننا سنستهلك أفكار غيرنا وعلوم غيرنا وتكنولوجيا غيرنا، ونستهلك، إن شئنا، كل ما نريده مستوردا من غيرنا. أما إذا أردنا أن نكون فاعلين في عالمنا هذا وأن تكون لنا في الآن نفسه إرادة الحياة وإرادة القوة،
فعلينا أن نتعلم العلوم لنحذقها، ونسيطر على التكنولوجيا لنستعملها أحسن استعمال، من ناحية، ولتكون لنا فيها إضافات، من ناحية أخرى. وكل ذلك يستدعي أن نرتقي بالفكر إلى أعلى مستواه، أعني إلى التفلسف. ولكن التفلسف يفيد التعقل، بيد أن التعقل لا يفيد الاستسلام ولا الاستكانة، بل هو نضال يومي ومقاومة مستمرة ضد الاستبداد وضد كل اللامعقول في العالم. إذن التفلسف ضرورة ملحة لنا لأنه مَجْلَى إبداعنا في ميادين العلم والفكر والمعرفة. ولما كنا في الماضي مبدعين في هذه المجالات، فقد كانت لنا فلسفة راقية ظلت إلى يومنا هذا حية معترفا بها في جميع أنحاء العالم مثل فلسفة الفارابي وابن رشد وابن خلدون وابن عربي وغيرهم.. والغرب عندما سيطر على العلوم والتكنولوجيا في القرن التاسع عشر كانت له فلسفة ظلت إلى يومنا هذا حية أيضا ومفيدة وتهيمن تقريبا على كل أنحاء الفكر في العالم.. أفيشك أحد في ضرورة أن نتفلسف نحن العرب اليوم؟
_______________________________




#حكمت_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذلكَ -الْجَازْمَانْ- المُذْهل المُتَحَكّم في الصمتْ
- نصّ مدهش عائد إلى لغته الأمّ : قصيدة نثر طويلة عن بستانيّ ال ...
- لا تَتَبَاهَ يَا موتُ بنفْسِكَ
- سائلي عن العراق نحن عراقات كثيرة
- نقش على ضريح الطاغية


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حكمت الحاج - الفيلسوف التونسي د. فتحي التريكي في حوار مع حكمت الحاج حول الفلسفة في تونس والعالم العربي