أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بسام العيسمي - الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا الجزء 11















المزيد.....

الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا الجزء 11


بسام العيسمي

الحوار المتمدن-العدد: 1740 - 2006 / 11 / 20 - 09:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن طغيان الهيمنة الشخصية والفئوية على العملية السياسية وتداعياتها في منطقتنا يغيّب المؤسسات العامة ويفقدها أهميتها وقدرتها على الحركة في حال وجودها مما تبقى هياكل كرتونية فاقدة الروح وعاجزة عن القيام بدور فعال في عملية صنع وإنضاج القرار السياسي حيث يتم صنع هذا الأخير من وراء الكواليس وفي الغرف المغلقة عبر شبكة مسارب العلاقات الشخصية والفئوية خارج تلك المؤسسات التي ينحصر دورها كواجهة شكلية ويتضيّق إلى حدود جعلها أداة وختماً (كليشة) بيد السلطة الحاكمة تستخدمها فقط لتمهر بها قراراتها وسياساتها وتوجهاتها لإكسابها صبغة الشرعية المزيفة دون أن تستطيع تجاوز ذلك الدور أو دون أن تملك الخيار في مهر هذه الورقة أو تلك. أو اتخاذ هذا الموقف أو ذاك. وإنمّا مساحة الخيار الكاملة يبقى بيد السلطة التنفيذية أو الحاكم لاستخدامها وتوظيفها في سياق إنتاج شرعية شكلية لا تخرج في مضمونها عن كونها شكلاً من أشكال ممارسة الاستبداد باسم الشعب والمؤسسات لصالح السلطة التي تستبد وتستأثر بموقع القرار.
ويمكن القول إن ثمة خصائص مشتركة للبيئة السياسية العربية من حيث ممارسة السلطة تتمثل في استمرار هذه السلطات والنخب الحاكمة بتوجهها القديم الجديد المتمثل في مركزة السلطة والإدارة بيدها وتهميش المجتمع وإبعاده عن أي مشاركة في الشأن العام وتمثلت هذه المركزة كممارسة عملية في تاريخنا العربي المعاصر بتركيز السلطة العسكرية والسياسية والأمنية في يد شخص رئيس الدولة أو الحاكم وقد يساعده في ذلك بعض الأشخاص ضمن دائرة مغلقة تعمل بشكل حثيث على ضبط المواقع الهامة والحساسة والمفصلية التي تؤمن حمايتها وتحافظ على ديمومتها واستمراريتها من خلال تعميم الإطار الشمولي عامودياً وأفقياً في المجتمع وفرض خط سير واحد للقرارات والتوجيهات والتعليمات والأوامر من الأعلى إلى الأسفل وليس العكس من خلال قيام هذه الأنظمة بتهيئة المناخات والأرضية لإنجاح ذلك من خلال تحكمها القسري وشبه المطلق بمجمل النشاطات الاجتماعية والسياسية والفكرية وإلغاء الاختلاف وقمع الرأي الآخر وتغييبه لتأمين فرض اللون الواحد بعقلية استبدادية تُلغي الطاقة السياسية من المجتمع وتعمل أيضاً على التحكم بمجمل النشاطات الاقتصادية كقوة إضافية تدعم ممارساتها الأخرى وتؤهلها للقيام بدور ووظيفة رب العمل ليسهل عليها مساومة الأفراد على رغيف خبزهم من خلال امتلاكها لقرار التوظيف والاستخدام للأفراد في دوائر الدولة ومؤسساتها أو منحهم بعض الامتيازات مقابل بعض الاشتراطات والمواصفات التي تتطلبها منهم وغالباً لا تكون بقرارات معلنة وواضحة. وإنّما تأتي في سياق الممارسة الفعلية لسياستها وتعاملها مع المجتمع ؛ وعلى سبيل المثال حينما يتم الإعلان عن مسابقة ما في دولة ما من منطقتنا لاختيار بعض الشواغر لبعض المواقع الوظيفية نلاحظ أن الشروط المعلن عنها لهذه المسابقة وغالباً ما تكون هذه الشروط ضمن حدود القانون ومطابقة له ومنسجمه معه كأن يكون المتقدم من مواطني الدولة وأن يكون حائزاً على الشهادة المطلوبة وأن لا يكون محكوماً بجناية أو جنحة تمنعه من العمل.. وإلخ ذلك. وهذه لا خلاف عليها أو فيها. ولكن الشروط المطلوبة الأخرى غير المعلنة والتي تكون أساساً في قبول الاستخدام من عدمه فإنها تأتي في إطار الممارسة العملية والفعلية من قبل الجهات المختصة وهي محسوسة ولا تحتاج لأي دليل إثبات كونها مثبتة من داخلها والشواهد على ذلك كثيرة وواضحة للصغير والكبير وللمتهم بالشأن العام أو لغيره؛ والمسألة لا تنتهي عند قبول الاستخدام للأفراد في الوظائف العامة بل يبقى القلق والخوف يراودهم ويطبع تحركاتهم وتصرفاتهم ومواقفهم ويدفعها جميعها إلى التلون بلون الأنانية والمصلحة الضيقة والانتهاز والتملق للنظام والولاء الأعمى له على حساب القناعات والميول للحفاظ على مورد الرزق أو الوظيفة أو الامتياز لتجنب أن يُسجّل عليه موقف أو كلمة قد تؤدي به إلى التسريح التعسفي لأسباب سياسية لا تتصل بمدى أهليته للعمل فينـزلق عبر بوابة الانتهاز والوصولية.
فالممارسة الفعلية لتلك الأنظمة ومحاصرة المجتمع وأفراده وإسكات صوتهم بالمنع والقمع والمضايقات الأخرى التي تصل إلى حد مساومته على رغيف خبزه وتسريحه ، ويتم هذا على مستويات متعددة ترهيباً وترغيباً بما يؤمن لها القدرة على إخضاع الناس للاصطفاف قسرياً ومصلحياً ضمن الأطر التي تحددها بما يخدم مصالحها.
إن كل هذه الممارسات مجتمعةً تأتي في سياق إنتاج خطابٍ سلطوياً لا يهدف إلى الإقناع بل إلى الإخضاع ينحدر من الأعلى إلى الأسفل ليفرض على الرعية أو الشعب الطاعة ولتصبح العلاقة بين السلطة وتعابير المجتمع المختلفة علاقة أمر ونهي وامتثال وقبول مما أنتج ذلك أسر حاكمه أو أنظمة تغيّب الدولة وتبتلعها إعلاءً لمصالحها الضيقة وتعمل على تكييفها لمتطلبات القبيلة أو الطائفة أو الأسرة من خلال بناء السلطة المستبدة التي تولي الأهمية الاستثنائية لأجهزة الأمن ومواجهة المجتمع بالقمع والإرهاب السياسي وفق تراتبية تضمن مصالحها واستمراريتها في الحكم التي تتطلب كم الأفواه وتغيب الرأي الآخر.
هذه الخاصية تكاد تكون شبه عامة ومشتركة بين معظم الأنظمة العربية بغض النظر عن الأيديولوجية السياسية لهذا النظام أو ذاك. ولا فرق إن كان جمهورياً أو ملكياً إذ تعمل هذه الأنظمة بمنطق الرعوية التي تتصف بالمركزية الشديدة التي تتطلب سلوكاً عنيفاً اتجاه المجتمع مما حققت إنجازاً كبيراً في تغييب المشاركة الشعبية وإبعادها عن مراحل صنع القرار. والرعوية هي مدلول وتعبير عن علاقة فردية بين الراعي والقطيع لايملك هذا الأخير في سيرورة هذه العلاقة إلاّ الخضوع والامتثال دون اعتراض أو مناقشة.
كما إن الخطاب الأيديولوجي السياسي لهذه الأنظمة وعبر تاريخنا العربي كان ولا يزال يتصف بالشمولية والتعميم والغموض ويأخذ صيغته الأمر والنهي والبعد عن الواقع ليدخل مضمار الممارسة ويتحول إلى معيار للحكم. لأن الوضوح والشفافية تعني المصارحة وتتطلب الحوار وهذا ما لا تريده هذه الأنظمة حيث تتمسك بخطابها الديماغوجي المبهم للهروب من مواجهة الاستحقاقات الفعلية والمطلوبة على أرض الواقع إن كانت على مستوى إعادة الاعتبار للذات الإنسانية العاقلة والواعية واحترامها كإرادة حرة وأصيلة وفق معايير الكرامة الشخصية في احترام الحقوق المدنية والسياسية للأفراد أو كان على مستوى الإصلاحات المستحقة في المجالات والمستويات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية من خلال خطاب واضح وشفاف يعترف بالأزمة ويشرك المجتمع في توصيفها واقتراح الحلول لها لا القفز من فوقها وتجاهلها كما هو سائد الآن. مما انعكس ذلك سلباً على بنية العقل والذهن العربي في سيرورة تطوره عبر القرون الماضية وحتى الآن مما جعله مؤسساً على مساحة تراكمت عليها شتى أنواع حالات الاستبداد كممارسة اجتماعية تحكم علاقات المجتمع بنمطيات قهرية إن كان ذلك على مستوى الأسرة أو العائلة أو القبيلة حتى أصبحنا مؤهلين لقبول الاستبداد السياسي المترافق مع الاستبداد الديني في كثير من الحالات حيث انقلبت المفاهيم الاجتماعية حتى أضحى قبول الظلم طاعة والتعبير عن الرأي وقاحة ، ونقد سياسات الأنظمة خروجاً عن الوطنية، والإشارة إلى السلبيات جريمة توهن نفس الأمة إلى غير ذلك من المصطلحات.
فوضوح الخطاب وشفافيته شرط أساسي من شروط وضوح الفكر وينقله من موقع التعمية والالتباس والاستلاب وحالة السلبية وانعدام الوزن إلى الحالة الإيجابية والتفاعلية مع الواقع ومتطلباته ومتغيراته وتحولاته.
فلا زالت المممارسة الفعلية للأنظمة العربية وخطابها السياسي يكثر من الشعارات البراقة والعموميات في ظاهره وفي الممارسة على الواقع يعبّر عن مصالح فئوية وجهوية ضيقة لسلطات استبدادية تفرض نفسها على المجتمع.
وبشكل عام لم نصل في منطقتنا أو في دولنا أإلى سلطات منظمة وشفافة تقيم دولة يخضع لها الجميع حكاماً ومحكومين إلى سلطة القانون. بل لازلنا نعيش في ظل أنظمة تغيّب القانون وتعطله وتسخّره لخدمة مصالحها وأهدافها.
ومها اتخذت من يافطات وتسميات مختلفة لشكل حكمها وممارستها للسلطة ومهما طعمتها بشعارات شكلية تقحمها بمفردات خطابها وإن أقامت بعض المؤسسات التمثيلية الشكلية في المجتمع التي لا تكون للتعبير عنه أو إشراكه في قضاياه وإنما لأدلجته وضبط إيقاع حركته والسيطرة عليها وتوجيهها لخدمة مصالحها مما أنتج ذلك شعوراً مجتمعياً سلبياً ويائساً تنعدم فيه الثقة بين الحاكم والمحكوم وتعززه الممارسة الفعلية لتلك الأنظمة التي تريد من هكذا مؤسسات أن تكون صورية ليس لها أي فعاليّة سياسية أو حقيقية وبعيدة عن تمثيّل طموحات والآلام وآمال الجماهير التي لازالت تنظر إلى هذه السلطات بمختلف تسمياتها وأنواعها بأنها سلطات مشخصنة تسخر النظام والقانون والبشر وتحدد التخوم وحدود المسموح والممنوع والثواب والعقاب لخدمة مصالحها ولإحكام سيطرتها على المجتمع والحفاظ على ما حققته وما تحققه من امتيازات ومكاسب ومصالح من خلال احتكارها لأسباب ومكامن القوة وتكسب شرعيتها الفعلية كأمر واقع من خلال مواجهة المجتمع وتعبيراته السياسية والمدنية بالعنف واستخدام القوة وليس بشرعية دستورية وانتخابية تحترم المصالح والميول والقناعات لكسب الشرعية من الإرادات الجمعية للمجتمع.
14/11/2006 ... يتبع...
المحامي
بسام العيسمي



#بسام_العيسمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليس لدينا في سوريا معتقلي رأي ... الكل يعرف
- االديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا ...
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا الجزء التاسع
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا-الجزء الثامن
- .. الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا ..الجزء ال ...
- أنت جاحدةٌ وناكرةٌ للجميل أيتها الشعوب
- الدستور ما بين مبضع الأنظمة والحقوق الإنسانية للأفراد الجزء ...
- تمنيت لو لم أسمعك ...أنت تبثُّ سماً زعافاً يا غادري
- لا تكتمل حرية الوطن إلا بضمان الحقوق الإنسانية لمواطنيه
- الدستور ما بين مبضع الأنظمة والحقوق الانسانية للأفراد الجزء ...
- الشرق الأوسط لايبنى على دماء أطفالنا يا أمريكا
- الدستور ما بين مبضع الأنظمة والحقوق الإنسانية للأفراد - الجز ...
- الدستور ما بين مبضع الأنظمة والحقوق الانسانية للأفراد ...... ...
- الديمقراطية خياراً وطنياً وانسانياً لمجتمعاتنا 6
- الديمقراطية خياراً وطنياً وأنسانياً لمجتمعاتننا- الجزء الخام ...
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانيا الجزء الثالث
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا 2
- الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا معوقاتها وشرو ...
- الفساد و ظاهرة اللامبالاة


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على بيان -حماس- بشأن مفاوضات وقف إط ...
- الجنائية الدولية: ضغوط سياسية وتهديدات ترفضها المحكمة بشأن ق ...
- أمطار طوفانية في العراق تقتل 4 من فريق لتسلق الجبال
- تتويج صحفيي غزة بجائزة اليونسكو العالمية لحرية الصحافة
- غزة.. 86 نائبا ديمقراطيا يقولون لبايدن إن ثمة أدلة على انتها ...
- هل تنجح إدارة بايدن في تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل ...
- -ديلي تلغراف-: ترامب وضع خطة لتسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا ...
- صحيفة أمريكية: المسؤولون الإسرائيليون يدرسون تقاسم السلطة في ...
- رسالة هامة من الداخلية المصرية للأجانب الموجودين بالبلاد
- صحيفة: الولايات المتحدة دعت قطر لطرد -حماس- إن رفضت الصفقة م ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بسام العيسمي - الديمقراطية خياراً وطنياً وإنسانياً لمجتمعاتنا الجزء 11