أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - محاكمة صدام: فشل سياسة الجواكر البوشية














المزيد.....

محاكمة صدام: فشل سياسة الجواكر البوشية


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1731 - 2006 / 11 / 11 - 08:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بذاك المزيج المعتاد من التشفي، والغل، والتهليل، والحقد البدوي المزدهر في هذه الأصقاع، وبغريزة الثأر، والانتقام المتأصلة، في جذور هذه المجتمعات المتعطشة للدماء، ومنذ ما قبل الجاهلية الأولى، قوبل، قرار الحكم بالإعدام، على الرئيس العراقي السابق، صدام حسين المجيد التكريتي. وفي الحقيقة، لم يكن من المتوقع أن تبرز ردود أفعال مغايرة لما ظهرت عليه، باستثناء تلك القلة القليلة من فلول البعثويين، والقومجيين، والمتأسلمين، والتي رأت في حكم الإعدام انهياراً لمشروعها، ووضع حد لتطلعاتها الإمبراطورية والدينية، ونهاية لأحلامها الأسطورية، واللاهوتية.

وقبل الولوج في الموضوع، لا بد من التأكيد على فشل مسرحية المحاكمة هذه المرة، وعدم فاعلية، واستنفاذ فرص هذا "الجوكر" السياسي، في تحقيق أية مكاسب بوشية، لحسم انتخابات الكونغرس النصفية لصالح الجمهوريين. ويبدو أن مهارة استخدام الجواكر هي صناعة جمهورية بامتياز، ومنذ عهد ريغان، وبوش الأب، للانقضاض على الامبراطورية الحمراء الممثلة بالاتحاد السوفييتي "الكافر الشرير". وقد سار بوش الابن على هدي أوليائه، وآبائه الصالحين، ولجأ لاستخدام هذه الجواكر، ومثيلاتها، عند كل "زنقة" سياسية صارت تواجهه، كما هو الحال بالنسبة للجوكر الأول، أسامة بن لادن، الذي يدين له بوش بالفضل الكبير في بقائه في البيت الأبيض حتى الآن. وفي حال اختفاء بن لادن، والظواهري، وبقية "الجواكر" الأخرى، ولا سمح الله، فلن يكون بمقدور بوش أن يقوم بأي فعل على الإطلاق، ولن يكون له، عندئذ، أي مستقبل سياسي. ولذا، بدا، جورج بوش، أكثر الحزانى، طراً، لإحراق هذا الجوكر الهام، وفي هذا الوقت بالذات، في سبيل هدف سياسي، ليس إلا، ولتمكين حزبه الجمهوري، وليس من أجل عيون العدالة العراقية. والمغامرة تستأهل التضحية بأحد الجواكر المهمين، غير أن رياح الناخب الأمريكي، سارت بعكس ما تشتهي الجوكر البوشي الرهين.

لن تستطيع عشرات أحكام الإعدام، التي قد تصدر على الرئيس المخلوع، أن تقتص منه، وذلك عقاباً له على عشرات الجرائم، وعمليات الإبادة، والمقابر الجماعية، التي حدثت في عهده. كما لن تستطيع أن ترد الروح لملايين الضحايا التي سقطت نتيجة الرعونة السياسية التي تحلى بها على مدار حكمه الدموي.

الرجل مدان بكل المقاييس. تورط أم ورط. ضُحك عليه أم ضحك على الآخرين. اعترف أم بقي صامتاً. إنه ميت سياسياً، ومعنوياً، وقبل أن يعلـّق على حبل المشنقة، ويشهق شهقته الأخيرة. فأعين الشعوب، وقلوبها، وعقولها، تراقب، وتعرف كل حركة تجري أمامها، وهي القاضي، الأول، والحكم الرئيس على كل شيء، وحكمها هو المبرم، والصحيح، ولا يحتاج لتصديق، ولا لأي نقض، أو استئناف، وتمييز. ولم تكن العملية، برمتها، بحاجة لهذه الزفة، وكل هذه "الهيصة" لإدانته، ولإثبات انحرافه السلوكي. فحكم التاريخ، والجماهير، سابق بكثير لهذا الحكم القضائي المسرحي، المخصص للعرض، والاستثمار السياسي، بين جمهور الولايات الأمريكية، وليس بين "الفيدراليات" العراقية، التي كانت إحدى تداعيات حقبة صدام الأليمة. كما أن التاريخ القضائي، والعدلي، لهذه المنطقة، لم يكن مشرّفاً، على الدوام، حتى يعتد، ويؤخذ به، وكان الحكم دائماً للمهيمن والقوي، وفي صالح القوى الطبقية، والسياسية النافذة.

وتاريخ العرب، والمسلمين الفضائي، وبرغم كل ذاك الصخب، والضجيج الإعلامي الإسلاموي الرومانسي المجيد، وتلك الشذرات القليلة والنادر، هنا، وهناك، والتي يتم تضخيمها، فهو لم يحفل بتلك الإشراقات العدلية المؤسسية البيضاء، وكان بقبضة المتنفذين، والأقوياء، وما ورثناه، وموجود على الأرض، يذهب كله في هذا الاتجاه، وقصص الفساد القضائي، وتبعية، ولا استقلالية القضاء، وسلحفاتية الإجراءات، تزكم الأنوف، وصارت تياراً، وتقليداً، ومدارس، لها رواد، وأساتذة كبار، ومريدون، ومدافعون عنها، ومتعيشون، وأتباع .

لا زال هناك مسافة طويلة، وإجراءات معقدة، لتنفيذ حكم، قد لا يقع، مطلقاً، لاعتبارات شتى. وما سمعناه من تسريبات لأقطاب عربية فاعلة، يدعم، يذهب في هذا الاتجاه. غير أن المأمول، والمرتجى، ولو بشكل، مهرجاني، واحتفالي، دعائي، هو أن يُؤسَسَ، في العراق الجديد، لعهد جديد، وثقافة جديدة من التسامح، لا ينفذ فيها حكم الإعدام، أبداً، لا بصدام، ولا بغيره، وتدفن معها كل ذاك الإرث الدموي الثأري المعهود الفتاك، الذي لن يكون صدام آخر وقوده البشري، في هذه الحال.

إلا أنه، ومن الظاهر، أن المجزرة، وسيرك الموت العراقي، مستمران، بصدام، أو بدونه، وقد لا يكون هذا الحكم، والمشهد العبثي، إن لم تتغير التركيبة الإيديولوجية، والعقائدية، والإرث الثقيل، سوى فصل قصير، وعابر، في طاحونة أرواح، ومسلسل دموي طويل.

ويبقى السؤال الأهم: هل تبقى ثمة جواكر لم تحرق بعد؟ وأي من الجواكر المتبقية، والمعروفة، سيفلح في نشل بوش الصغير، من حضيض مأزقه السياسي المرير؟



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزب الله الفلسطيني: والخيارات الإلهية!!!
- الجريمة والنقاب
- هل هي قصة لحم مكشوف، أم فكر مكشوف؟
- جبهة الخلاص الوطنية الأمريكية وطريق الضلال
- مثلث برمودا الفكري: نقاب، وحجاب، وجلباب
- قناة الشام الفضائية: الكوميديا السورية السوداء مستمرة!!!
- كل ربع ساعة وأنتم بخير
- المزرعة الإخوانية
- الحوار المتمدن في دائرة الاستهداف
- رئيس مغتصب، و زير نساء
- لا، ........يا وفاء سلطان
- العرب بين فسطاطين
- الفبركة الأمنية، والأبواق السعودية، في محاولة تفجير السفارة ...
- وزارة الاتصالات السورية تكافح الإدمان
- هل ستصبح القومية إرثاً من الماضي؟
- قطر تمنع فضيحة عربية في الأمم المتحدة
- صعود التوتاليتاريات الدينية
- هل يصبح شافيز رائداً من رواد القومية العربية؟
- الغادري: حين يطقّ شرش الحياء
- للبيتِ ربٌّ يحميه


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - محاكمة صدام: فشل سياسة الجواكر البوشية