أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - خالد جلال - انتفاضة المجتمع المدني ضد الغلاء وضرب القدرة الشرائية وسياسة التجويع















المزيد.....

انتفاضة المجتمع المدني ضد الغلاء وضرب القدرة الشرائية وسياسة التجويع


خالد جلال

الحوار المتمدن-العدد: 1706 - 2006 / 10 / 17 - 10:04
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


يعرف المغرب مؤخرا جوا من التوثر وحالة من الاحتقان الاجتماعي وموجة من الحركات الاحتجاجية التي انطلقت شرارتها بعد إقدام الحكومة على زيادات مفاجئة همت في البداية أثمنة المحروقات التي وصلت إلى حد لم يسجل من قبل ثم تلتها بعد ذلك سلسلة من الزيادات في أسعار مجموعة من الخدمات والمواد الأساسية التي لها ارتباط وثيق بالمعيش اليومي للمواطنين. فبعد أن كانت شرائح واسعة من المجتمع المغربي وأغلبهم من محدودي الدخل تنتظر أن تتحسن أجورهم وأوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية والتي عرفت تدهورا ملموسا وتراجعا ملحوظا، عاش المواطنون صيفا حارا بكل المقاييس بحيث اكتووا بلهيب الشمس من فوق لعدم قدرتهم على قضاء عطلة صيفية بجوار شواطئ مغربهم الجميل ولهيب نار الأسعار من تحت والتي أجهزت على ما تبقى من قدرتهم الشرائية التي تشهد تدنيا غير مسبوق وهبوطا صاروخيا يوما بعد يوم.
إن الأوضاع الاجتماعية المتدنية التي تعاني منها فئات واسعة من المواطنين في الوقت الراهن كانت متوقعة منذ سنين وخصوصا بعد المصادقة على ميزانية 2006 ، التي تمت تزكيتها من طرف إحدى التنظيمات النقابية، والتي كانت بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس بحيث لم تولي البعد الاجتماعي أي اهتمام يذكر وعمدت إلى استحضار البعد الماكرو اقتصادي بهدف الامتثال لإملاءات وتوجيهات المؤسسات المالية الدولية وإرضائها. إن الاختيارات الطبقية والمعتمدة أساسا على الليبرالية المتوحشة واقتصاد الريع والخوصصة وتفكيك القطاعات العمومية واعتماد المرونة والهشاشة في الشغل وعدم اعتماد السلم المتحرك للأجور... وغيرها هي التي كانت وراء انهيار القدرة الشرائية للمواطنين والإجهاز على حقهم في العيش الكريم وتنامي ظاهرة البطالة وإفلاس بعض القطاعات الحيوية كالتعليم والصحة وغيرها واستفحال ظاهرة البطالة ، ناهيك عن الفساد بمختلف أشكاله الذي أصبح مستشريا، مما ينذر بقرب حدوث كارثة اجتماعية واقتصادية.
فبعد الجولة الأولى من الحوارالاجتماعي وتقديم المركزيات النقابية لمجموعة من القضايا والملفات الساخنة على طاولة التفاوض، ظهرت إلى الوجود بعض المقترحات الحكومية بخصوص التخفيض في نسب الضريبة العامة عن الدخل (IGR) وبدأت تطبل لها وتزمر مع العلم أنها لن تخفف من وطأة تأثير الزيادات الأخيرة على محدودي الدخل. والسؤال المطروح هو لماذا لم تلجأ الحكومة إلى التخفيض من نسبة الضريبة على القيمة المضافة (TVA) والتي تعتبر سببا مباشرا في اشتعال أسعار الخدمات والمواد الأساسية؟ والجواب هو أن الحكومة لن تستطيع أن تعدل عن هذه الزيادة التي تم اعتمادها في ميزانية 2006 لأنها ببساطة ترتكز عليها بشكل رئيس في إيجاد حلول لأزمتها المالية ولتسديد ديونها على حساب الشرائح الكادحة من الشعب.
بالرغم من بعض الإجراءات التي تقوم بها الحكومة والمبادرات في مجال التنمية الاجتماعية والتي تعتبر مجرد مسكنات ومحاولات للتسويق والاستهلاك وصرف الأنظار وزرع الوهم، تزداد الأوضاع الاجتماعية لفئات واسعة من المجتمع تدهورا وتدنيا من جراء سياسة التفقير والتجويع والتهميش التي بدأت تأجج مؤخرا نار الحركات الاحتجاجية الشعبية التي أصبحت تتسع دائرتها. لقد بدأت تؤدي الطبقة العاملة وعموم المواطنين ثمن اختياراتها الانتخابية وكذا ثمن سكوتها وعدم رفضها وانتفاضتها ضد كل السياسات اللاشعبية واللاديمقراطية وضد أعداء الطبقات الكادحة لمدة سنوات مضت. لكن، ومع ظهور زيف كل البرامج الانتخابية التي كانت مجرد حبر على ورق وتعرية حقيقة الاختيارات الحكومية التي تدعي وقوفها إلى جانب الجماهير الشعبية وكذا كذب تلك البرامج الاجتماعية المزعومة التي كانت بمثابة مساحيق سخيقة سرعان ما انمحت وظهر الوجه الحقيقي وقبح الواقع المعيش وزيف الشعارات التمويهية والتنويمية، كانت الصدمة جد قوية على هذه الطبقات وكان الواقع المفروض والمر يعكس فداحة الأزمة الاجتماعية الخانقة التي تتخبط فيها بل صارت هذه الأزمة تستفحل بشكل خطير وتأخذ أبعادا أخرى إلى أن وصلت الأمور إلى حد لا يطاق.
ونتيجة لذلك وفي ظل الأجواء العامة والمتسمة بالغضب والتذمر والاستياء الشعبي الواسع، فقد قررت مختلف مكونات المجتمع المدني العدول عن صمتها وتفرجها وتنظيم صفوفها وتوحيد نضالها من أجل فضح هذه السياسات اللاشعبية وبالتالي الخروج إلى الشارع العام وإعلان الحرب على ضرب قدرتها الشرائية وضد كل التوجهات والبرامج الرامية إلى التفقير والتجويع. وفي هذا الإطار، تأسست العديد من التنسيقيات المحلية لمناهضة ارتفاع الأسعار والمشكلة من المنظمات الديمقراطية السياسية والنقابية والحقوقية والجمعوية والتي كان لها الدور البارز والفعال في تجميع وتوحيد هذه الإطارات وكذا وتأطير المواطنين من أجل تنظيم وقفات احتجاجية ومهرجانات خطابية ولقاءات تواصلية وندوات تحسيسية. إن هذه المبادرات التنظيمية لهذه الهيئات الديمقراطية والانخراط المكثف والمنظم لعموم المواطنين في مختلف المحطات النضالية ليعكس بشكل لا يبعث على الشك مدى سخطهم وتذمرهم من أوضاعهم المعيشية المتردية وكذا نضوج الوعي الاحتجاجي الشعبي والسلمي لدى المواطن المغربي الذي أصبح مستعدا أكثر من ذي قبل للتظاهر والانتفاض وإيصال صوته إلى كافة الجهات المسؤولة بهدف وقف كافة أشكال التهديدات التي تطال عيشه الكريم واستقراره النفسي والاجتماعي والاقتصادي.
وبالرغم من أهمية هذه المبادرات الوطنية والمحلية واستقطابها لأعداد مهمة من المواطنين وتحسيسهم بخطورة الأوضاع الاجتماعية المتردية، يطرح العديد من المتتبعين مسألة محدودية هذه الحركات الاحتجاجية التي أصبحت لا تؤثر بالشكل المطلوب على مراكز القرار الرسمية بحيث أضحت هذه المبادرات والاحتجاجات لا تحرجها ولا تخيفها بل أصبحت تتعايش معها وتعتبرها أحيانا ظاهرة صحية تستثمرها للواجهة الخارجية لتسويق الممارسة الديمقراطية الشكلية خارج البلاد. فهل يتم الاقتصار فقط على هذه الأشكال الاحتجاجية دون التفكير في صيغ أخرى أكثر جرأة وتأثيرا؟ وهل المجتمع المدني ببلادنا مستعد للانخراط في أشكال احتجاجية جد متطورة؟ وإلى متى يمكن الاستمرار والتمسك بنفس هذه الأشكال رغم عدم فعاليتها؟ وهل خيار تنظيم المسيرة الوطنية الاحتجاجية ضد غلاء المعيشة أصبح واردا؟ وإلى متى لا يستعمل الإضراب العام كوسيلة للضغط ؟ وهل أصبح الإضراب العام يخيف المركزيات النقابية أكثر من الحكومة؟ وهل يمكن اعتبار الأزمة الاجتماعية الخانقة التي يشهدها المغرب حاليا مبررا قويا للدعوة إلى إضراب عام؟ وهل يمكن أن تتوخى الطبقة العاملة وعموم المواطنين خيرا من الحوار الاجتماعي الدائر حاليا؟ وإلى متى يستمر تطبيق "السلم الاجتماعي" بشكله الحالي؟.... لقد أصبحت كل هذه الأسئلة وغيرها تطرح بحدة في أوساط شرائح واسعة من الشعب المغربي الذي بات حائرا وتائها بين مطرقة غلاء المعيشة وضرب قدرته الشرائية والبحث عن الشغل والعيش الكريم وسندان التجاهل الحكومي والسياسات اللاشعبية التي تحكمها إملاءات وتوجيهات الدوائر المالية الدولية.



#خالد_جلال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المركزيات النقابية بالمغرب أمام امتحان عسير مع بداية جولات ا ...
- الطبقة العاملة المغربية تطالب بحوار اجتماعي حقيقي 2/2
- الطبقة العاملة المغربية تطالب بحوار اجتماعي حقيقي 1/2
- بعد مرور أكثر من نصف عشرية التربية والتكوين وبعد تبني الوزار ...
- تأخير غير مبرر في صرف رواتب الأساتذة الملحقين سابقا بدول الخ ...
- مسلسل ضرب القدرة الشرائية متواصل لتعميق أزمة المعيش اليومي ل ...
- الدخول الاجتماعي والسياسي على إيقاع الاستعدادات للجولات الما ...
- اختتام الموسم الدراسي 2005-2006 على إيقاعات الاحتجاجات الفئو ...
- الحريات النقابية : بين مطرقة التدخلات القمعية العنيفة للأ ...
- : انتهاء الموسم الاجتماعي 2005-2006 في ظل أوضاع اجتماعية متر ...
- الحركة الانتقالية الجهوية: إعطاء دينامية جديدة لحركية المدرس ...
- الأساتذة المغاربة الملحقون سابقا بدول الخليج العربي: بين مطر ...
- المسيرات الشعبية كشكل من اشكال الاحتجاج الجماهيري
- تنامي الحركات الاحتجاجية كرد فعل على سوء تدبير الملفات الاجت ...
- في ذكرى فاتح ماي 2006 قطاع التربية والتكوين بالمغرب: بين واق ...
- لتنعبأ ضد انتهاك الحريات النقابية ومحاكمة النقابيين بسبب مما ...
- عيد الشغل - العيد الأممي للطبقة العاملة - 2006 : الحصيلة وال ...
- كلنا ضد ارتفاع الأسعار وضد ضرب القوة الشرائية للمواطن المغرب ...
- التكتل والتوحد النضالي في مواجهة السياسات اللاشعبية
- تأجج نار الاحتجاج بقطاع التعليم بالمغرب في مواجهة اللامبالاة ...


المزيد.....




- مبروك عليكم .. سلم رواتب المتقاعدين في العراق 2024 بعد الزيا ...
- “وزارة المالية” تُعلن زيادة 500 ألف دينار على رواتب المتقاعد ...
- بزيادة 467500 ألف دينار عراقي.. وزارة المالية العراقية رواتب ...
- “ 350.000 دينار عراقي“ وزارة المالية العراقية تعلن عن سلم رو ...
- ” عاجل زيادة 100 ألف ” تعرف على الزيادة الجديدة في سلم رواتب ...
- توقعات بارتفاع معدل البطالة بين الفلسطينيين إلى 57 % خلال ال ...
- هتجيب كحك العيد.. موعد صرف علاوة غلاء المعيشة 2024 لجميع الع ...
- “خلال أيام في رمضان”.. موعد صرف مرتبات شهر مارس 2024 بالزياد ...
- نقابة الصحافيين ترحب بقرار أوروبي يدين إسرائيل وتطالب بالمزي ...
- “هتقبض بواكي وألوفات“ كيفية التقديم في مسابقة العمال بوزارة ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - خالد جلال - انتفاضة المجتمع المدني ضد الغلاء وضرب القدرة الشرائية وسياسة التجويع