أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد العراف العياشي - في انتظار عودة المختفى














المزيد.....

في انتظار عودة المختفى


احمد العراف العياشي

الحوار المتمدن-العدد: 1652 - 2006 / 8 / 24 - 06:54
المحور: الادب والفن
    


تتعاقب المواسم و هو ينتظر والكل يتسابق في مساحات الوهم كجياد بدون صهيل ينتظر ابنه الغائب الذي اختفى بعد المظاهرات التي نظمت في رحاب الجامعة، شعارات فصائل تطرح مشاريعها نقط نظام وتعقيبات تطول وليس لهل نهاية. مظاهرات حول نقطة نظام توجيهية ومسطرية، وضاع معها شاب في مقتبل العمر تهمته سجال فكري نابع من طموح وغيرة، مواجهة مع الأمن، اختفى لينضاف اسمه إلى لائحة المختفين، بحث الأصدقاء والفاصل الفلاني والعلاني، ولكن يبقى اختفاؤه لغزا محيرا للجميع، صورة ملأت ردهات الجامعة، عقدت حلقيات لمناقشة الوضعية، تناست الفصائل تناقضاتها الرئيسية وحولوها إلى ثانوية هكذا يقول العرف الطلابي. عم الحزن كل الأرجاء تناسلت الأسئلة سؤال يقتل آخر وجواب يحيل إلى مسلك والمسالك إلى متاهة لتكون العودة إلى نقطة انطلاق الأسرة تنتظر وكتبه المحتفظة بها في بهو المنزل تحاول إن تنسى العائلة الخطب الذي حل بها، صوره المتوجة بإشارة النصر بيده اليسرى تؤثث كل أركان البيت المتواضع، كوفية فلسطينية تتوسط كل هذه الأشياء لتشهد أن عمر كان صاحب قضية ولم يكن مجرد طالب عادي كان يحاول بكلماته و مداخلاته أن يهدم الأسوار السميكة المبنية بإتقان، ولكن الأسوار تحطمت ولا عمر بقي بين أفراد أسرته، التي تعبت ذاكرتهم، فالذكريات المحيطة بها لم تعد سوى صوت لصدى يتبدد في الخواء فقد أغلقت في وجههم أبواب النسيان، فالأب يعتزم تقديم شكاية، ولكن السؤال الذي يتبادر إلى ذهنه هو ضد من؟ ومن المتهم؟ فيعدل عن المبادرة، ويعود إلى نقطة الانطلاق التي هي نقطة نهاية فيستسلم ليضاجع حلم العودة،ويرحل الحلم مؤقتا إلى حين... كل المساء يتوجه الأب إلى ضفة النهر يقرفص تحت شجرة كان يجالس ابنه ويراقبه وهو يؤدي واجباته المدرسية، والأب يتذكر أن الابن كان يطالبه أن يتحلى بصبر أيوب وبأنه سيدرس الحقوق وسيصبح وزيرا أو برلمانيا أو...وكان الأب يبتسم ويرد عليه مازحا: يا بني إذا أردت أن تكون وزيرا عليك أن تتخلى عن أنفك وعن أذنيك وأن يكون لديك ذيل تبصبص به. يسترجع الأب كل الذكريات ويبتسم، وكانت كنزة تقطع عليه الخلوة لأنها هي الأخرى تقصد نفس المكان لتسترجع أحلى الذكريات التي تتحول إلى سراب بعدما اغتالتها الأيادي الخفية، تبحر في وجم الصمت والوجوم ويحضر عمر كالبدر في الليلة الظلماء، وتنسى الزمن العاهر المحيط اللقيط الذي حرمها واغتال حلمها لتعيش في التيه والضجر، فقد صيرتها كل الأشياء إلى مجرد باحثة عن مجهول في عالم أصيب بالجنون، ورأسمالها ازميل الذكريات: وطيف حبيب يحضر بين الفينة والأخرى يثملها برحيق الأم أمل العودة، بعد انفراج الإعصار، ولكن عمر لن يعود، فهي تنتظر وينتظرون، حتى معطفه المهترئ، احتفظت به في الصوان تعطره كل جمعة، الأب حائر لا شهادة وفاة ولا جنازة أقامها لابنه، ينام على جمرات اللظى في انتظار عودة المختفي، يواسي كنزة قائلا عوض أن تبكي ادع ربك يبعث لنا بحوت يونس عله يلفظ ابنه المختفي، أما الأم مشغولة ترتق جوارب ابنها الغائب، وتنظف بعناية مرآة المنزل التي كان عمر يقف أمامه منتشيا مزهوا خصوصا عندما كان يريد لقاء كنزة، وهي مرآة أصابها الصدأ وكستها التجاعيد ورغم ذلك فالأسرة تحتفظ بها لأن، عمر يطل بين الفينة والأخرى، أهل الحي والخلان والأتراب يقيمون له ذكرى كل سنة وهم على ذلك متعاهدين في انتظار القديس الذي سيمزق الشرنقة ، ويتم ختم الذكرى بقراءة فاتحة مظفر نواب، أما المختفي فيبقى مجرد ذكرى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.



#احمد_العراف_العياشي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعر
- الغريبة
- حكيمة


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد العراف العياشي - في انتظار عودة المختفى