أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - حروب ضد العقل يخوضها قتلة .. والضحايا نساء وأطفال















المزيد.....

حروب ضد العقل يخوضها قتلة .. والضحايا نساء وأطفال


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 1641 - 2006 / 8 / 13 - 10:23
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


منذ ولدت في بداية الثلاثينات من القرن العشرين وأنا أشهد الحروب في بلادنا وفي بلاد العالم، حتى هذه الحرب الدائرة اليوم على أرض لبنان، وأرض فلسطين، وأرض العراق، وأرض أفغانستان، الدماء المراقة كل يوم والمذابح الجماعية، آخرها مذبحة قانا في لبنان بالأمس القريب.
غالبية القتلى نساء وأطفال، ومعظم القتلة رجال (وتوابعهم من النساء) من جيوش الاستعمار الجديد والقديم، التي تسعى الى امتلاك الموارد والأرض بالقوة، كما يسعى الرجال الى امتلاك أجساد النساء، وعقولهن بالقوة.
حرب عسكرية وحرب ضد العقل في آن واحد، على المكان وعلى الزمان، وعلى الجسد والروح، والوجدان.
كانوا في طفولتي من الانكليز، وأصبحوا اليوم متعددي الجنسية الأميركية - الإسرائيلية - البريطانية - الفرنسية وسواها.
حتى منظمة «الأمم المتحدة» أصبحت جزءًا لا يتجزأ من هذه الكتلة المعتدية على أرواح الشعوب ومواردها المادية وغير المادية، وجزءًا من الخداع بالكلمات، الذي هو أخطر الأسلحة في رأيي، لأنه يقضي على العقل والوجدان (الوعي واللاوعي)، والوعي الجماعي للشعوب، واللاوعي الجماعي أيضًا.
منذ ولدت وأنا أشهد أيضًا الحرب بين النساء والرجال، في أسرتي وقريتي ومدينتي، وفى العائلات التي أعرفها عن قرب أو بعد، وفي البلاد الأخرى التي سافرت او لم أسافر اليها، في الشرق والغرب، في البلاد المسيحية واليهودية والإسلامية والبوذية واللادينية.
وقد لعبت الكلمات دورها في الحرب العسكرية الاقتصادية عن طريق التمويه والخداع، تمامًا مثل الخدع العسكرية التي تضلل وتصرف الأنظار عن الأهداف الحقيقية، والخدع الذكورية التي توهم النساء بأشياء لا علاقة لها بالواقع، وتمكن الرجل من امتلاك المرأة جسدًا وعقلاً، تحت اسم حمايتها من خطر الرجال الآخرين، وهو خطر وهمي خارجي للتغطية على الخطر الأشد، أي الداخلي، داخل الأسرة، مثل الخطر الوهمي الذي يخلقه الاستعمار والاحتلال الأجنبي للتغطية على الخطر الحقيقي النابع من وجوده.
دخل الجيش البريطاني الى مصر عام 1882 وقتل الآلاف من الشعب واحتل الأرض واستولى على الموارد وأهمها القطن المصري. فعل كل هذه الجرائم تحت اسم «الحماية»، حماية مصر من خطر آخر موهوم، مصنوع باللغة والثقافة والإعلام.
كلمة «حماية» جميلة ولها وقع إنساني. ينطق بها الرجل دائمًا في علاقته بالمرأة. تحت اسم الحماية للمرأة عانت النساء في الماضي، ويعانين في الحاضر، بدرجات مختلفة في جميع البلاد، وفي كل الثقافات والأديان.
تحت اسم «الحماية» التي تغيرت لغويًا الى كلمة «الديموقراطية» يقتل الجيش الأميركي والإسرائيلي الآلاف من النساء والأطفال، ويستخدم كلمة جديدة في القاموس العسكري، هي كلمة «تحرير المرأة»، للتمويه على هذه الجرائم، وكغطاء للاحتلال العسكري من أجل الاستيلاء على الموارد أهمها البترول، في المنطقة التي أعيش فيها.
تفضح نساء العراق تحت الاحتلال الأميركي اليوم، كذب هذه الشعارات الجميلة مثل الديموقراطية، السلام، تحرير المرأة، التنمية، التحضر. ويعلنون أن هذه الكلمات البراقة أصبحت غطاء كثيفًا لأبشع أنواع الحروب والفتن الطائفية.
يقسم الاستعمار الأميركي الشعب العراقي الى شيعة وسنة وجعافرة وأكراد من أجل تفتيته الى فرق متنافرة حتى يسهل حكمه، كما فعل الاستعمار البريطاني القديم بالشعب المصري واشعل الفتن بين المسلمين والأقباط واليهود وغيرهم.
هذه الكلمات الخادعة التي تشمل أيضًا حقوق الإنسان، التعددية، الهوية، الخصوصية الثقافية، قيم العائلة، الإنسانية، الأنوثة، الرجولة، الأمومة، الأبوة، الحضارة والرقي والتقدم والحداثة وما بعد الحداثة.

* النساء

ماذا نعني بكلمة النساء؟
هل نعني التكوين البيولوجي الذي يجعل للمرأة شكل الأنثى؟
الا يمكن أن تكون المرأة «أنثى» بيولوجيا لكنها «ذكر» من الناحية العقلية والنفسية والسياسية؟
مثلاً هؤلاء النساء من أمثال كوندوليزا رايز وزيرة الخارجية في ادارة جورج بوش الأميركية، التي شهدت مذابح النساء والأطفال في لبنان، وابتسمت في هدوء قائلة إن هذه الدماء المراقة هي المخاض لولادة شرق أوسط جديد!
انها تستخدم عبارات نسائية إنسانية مثل مخاض ولادة الحياة الجديدة لتصف بها أبشع أنواع القتل، لتصف بها أخطر أنواع الحروب المستترة تحت كلمة السلام، وأقبح أنواع الديكتاتوريات المستترة تحت كلمة الديموقراطية، وأشد أنواع الاستغلال والنهب تحت اسم التنمية، ولتخفي جثث النساء المقتولات تحت اسم تحرير المرأة.
وأصبح لدينا الكثيرات من هذه النماذج الأنثوية بيولوجيًا فقط.
الناعمات البشرة بفضل الاستهلاك المتزايد لأنواع متزايدة وأكثر جودة من «الدهانات»، وعمليات التجميل الصناعية الجراحية المتطورة التي تشد البشرة بإتقان أكثر.
كوندوليزا التي تشاهد جثث النساء والأطفال (في الصحف فقط) وتعلن بصوت ناعم أن عمليات القتل لن تتوقف حتى يولد الشرق الأوسط الجديد. ثم تجلس الى البيانو لتعزف الموسيقى الرومانطيقية الحالمة.
أصبحت كوندوليزا المثال الأعلى للتفوق والنجاح، والنموذج العالمي للأنثى المثالية، الفيمينيست التي تؤمن بالمساواة بين الجنسين.
وهيلاري كلينتون التي أعلنت منذ أيام أن إسرائيل بهذه الحرب تدافع عن نفسها، وتدعم الحضارة الأميركية، هذه الحضارة التي تقتل وتشجع القتل من أجل مزيد من الاستيلاء على أرض الغير ومواردهم!
حضارة الغابة والإرهاب المتخفية تحت اسم مكافحة الإرهاب، حضارة القنابل الذكية التي تقتل بذكاء الروبوت الحديد بلا مشاعر بشرية، حضارة تكنولوجيا الإعلام الذي يغرق العقول في معلومات مغلوطة ومقلوبة، وتكنولوجيا الحرب المتطورة التي تهدم وتقتل بمجرد الضغط على زر في آلة صماء.
أصبح الإنسان في هذه الحضارة مثل الآلة لا عقل له، يتحرك بأوامر تصدر اليه من قوى لا يراها ولا يعرفها، أشبه بالقوى الغيبية في السماء، الا أنها فوق الأرض.
تزايد عدد النساء اللائي صعدن الى أعلى المناصب السياسية والعسكرية في هذه الغابة، أصبحن رئيسات حكومات أو دول، أو وزيرات خارجية، أو وزيرات «حربيات» أو ما يسمى اليوم وزيرات «دفاع».
لم تغير وزيرة الحربية شيئًا في وزارتها الا الاسم، أصبح اسمها وزارة الدفاع، كأنما الحرب التي تشنها على الآخرين هي دفاع عن النفس.
تدافع إسرائيل عن نفسها بإبادة شعوب الشرق الأوسط لتحقيق حلمها الوارد في التوراة، الأرض الموعودة الممدودة من نهر الفرات الى نهر النيل! أصبحت آية في كتاب ديني منذ ثلاثة آلاف عام هي السياسة العسكرية الاقتصادية للحضارة الأميركية الإسرائيلية. أصبح «الدين» ورقة ضمن اللعبة العسكرية الاستعمارية الجديدة، كما كان في الاستعمار القديم.
دخل الدين ضمن تكنولوجيا الحرب العسكرية المتطورة بين الدول، مثلما دخل ضمن الحرب الاجتماعية المتطورة بين الجنسين.

* الديموقراطية

اذا كانت النساء نصف المجتمع فهل يمكن أن تكون هناك ديموقراطية من دونهن؟
واذا كانت نظم الحكم في العالم قائمة في جوهرها على النظام الرأسمالي (الطبقي) الأبوي فهل يمكن أن تتحقق الديموقراطية الحقيقية، التي تعني المساواة الكاملة بين المواطنين بصرف النظر عن الطبقة أو الجنس أو الدين أو اللون أو العرق أو غيرها؟
هل يمكن أن تخضع نواة المجتمع (الأسرة) للديكتاتورية ثم تكون هناك ديموقراطية في المؤسسات الاجتماعية الأخرى ومنها البرلمان أو المدرسة أو المصنع أو مكاتب العمل؟
هل يمكن أن يصبح الأب المستبد في أسرته ديموقراطيًا بمجرد خروجه من بيته؟
هل يمكن أن يقوم قانون الدولة على القوة والحرب ويقوم قانون العائلة على العدل والسلام؟
في بعض الأســـر المصريـــة (ومنهــــا أسرتي) أصبحت العلاقات ندية وعادلة بين الجنسين، وتساوت المسؤوليات والأعمال خارج البيت وداخله، ومنها مسؤولية الإنفاق والأعمال المنزلية ورعاية الأطفال. ولم تعد هناك سلطة أبوية أو أمومية، وتغيرت مفاهيم الرجولة والأنوثة والأبوة والأمومة.

القاهرة 3-8-2006

* مناضلة ومفكرة ماركسية مصرية.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل كانت سيمون دوبوفوار متحررة ؟!
- من هن أقوى نساء العالم ؟
- أنا أفكر، إذاً أنا لا أصلح رئيس دولة!
- برنامج الدكتورة نوال السعداوي الانتخابى فى الترشيح لرئاسة ال ...
- الحوار المبتور عن المرأة والدين والسياسة
- الطيران فى الحلم
- إجهاض الثورة
- ورقة لم تقدم في مؤتمر المرآة والإبداع
- الباحثة عن الحب - أوراقى حياتى : الجزء الثالث
- من مفكرتى السرية عام 1947
- تضامن النساء
- نوال السعداوي في أكثر حواراتها اثارة تقول لـ- ايلاف-:أنا اهم ...
- قضايا المرأة إذ تتجلى في النهاية شأناً سياسياً
- تحرير المرأة ما بين مسلسل قاسم أمين وخطاب كولن باول... حداثة ...
- كاتبة مصرية في نيويورك : عن بوش وبلير والرومانسية والفساد وا ...
- عالم جديد ممكن . علي منصة القضاء في المحكمة الشعبية العالمية ...
- نحو فلسفة إنسانية لإحياء الضمير ج2
- نحو فلسفة إنسانية لإحياء الضمير
- نحو فلسفة إنسانية لإحياء الضمير ج1


المزيد.....




- “أغاني الأطفال الجميلة طول اليوم“ اسعدي أولادك بتنزيل تردد ق ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- موضة: هل ستشارك السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون للمرة الأ ...
- “مش حيقوموا من قدامها” جميع ترددات قنوات الاطفال على النايل ...
- الحكم على الإعلامية الكويتية حليمة بولند بالسجن بذريعة “الفج ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- شاهد.. أرجنتينية بالغة من العمر 60 عاما تتوج ملكة جمال بوينس ...
- إلغاء حكم يدين هارفي واينستين في قضايا اغتصاب
- تشييع جنازة امرأة وطفلة عمرها 10 سنوات في جنوب لبنان بعد مقت ...
- محكمة في نيويورك تسقط حكما يدين المنتج السينمائي هارفي واينس ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - حروب ضد العقل يخوضها قتلة .. والضحايا نساء وأطفال