أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح هرمز الشاني - حدائق الرئيس. . بين التناص والإيحاء. . لمحسن الرملي.















المزيد.....



حدائق الرئيس. . بين التناص والإيحاء. . لمحسن الرملي.


صباح هرمز الشاني

الحوار المتمدن-العدد: 6642 - 2020 / 8 / 10 - 16:50
المحور: الادب والفن
    


صباح هرمزالشاني

هذه هي الرواية الرابعة لمحسن الرملي التي أقرأها، كما قرأت الروايات الأخرى بتمعن وأكثر من مرة. وهي الرواية الأطول، بعد روايته (ذئب الحب والكتب) من بين رواياته الثلاث الأخرى البالغ عدد صفحاتها (324) صفحة، بينما روايته (الفتيت المبعثر) هي أقصر رواياته الخمس، والبالغ عدد صفحاتها ست وثماني صفحة، بعد إضافة الجزء الثاني من روايته ( حدائق الرئيس) التي من المؤمل صدورها عن قريب. جئت بهذه المقدمة وفي داخلي أقول، كلما تناولت رواية لمحسن الرملي، وبدأت بقراءتها، أجد نفسي من السطور الأولى، أسيرا لها، ومشدودا لمتابعة أحداثها الى النهاية. وندرة من الروايات العراقية والعربية بوسعها أن تشد المتلقي اليها، وإنما بالعكس، بقدر ما تجعله ينفر منها. وهذه إحدى أهم وأبرز إشكالات الرواية العراقية على وجه الخصوص، والعربية عموما. ذلك أن مفتاح نجاح أي رواية، مرهون في ماهية صياغة إستهلالها، وعدم غلق مفاتيح نهايتها، وفي معظم رواياته، تحديدا هذه الرواية، فقد أهتدى الرملي الى هذا المفتاح. وهذا ما سنتناوله لاحقا.
تدور أحداثها في إحدى القرى التابعة لمحافظة الموصل، وهذه القرية تكاد أن تكون القرية نفسها التي تناولها في روايتيه: (أصابع التمر) و(الفتيت المبعثر). ولعل تكرار وقوع أحداث رواياته في قرى تتشابه بعضها مع البعض، دليل واضح على أنه يستمد أحداث رواياته من واقع حياة قريته (سدرة) التابعة لقضاء الشرقاط، حيث تدور أحداثها حول ثلاثة أصدقاء هم: عبدالله كافكا، إبراهيم القسمة، وطارق المندهش، الذين تجمع بينهم صداقة قوية منذ صغرهم، إذ ولدوا الثلاثة في العام نفسه 1959. ولشدة أواصر هذه العلاقة ومتانتها، لا يمكن لأي قوة أن تفرق فيما بينهم إلآ قوة الظلام التي تلف القرية ليلا، ما يضطرهم لأن ينصرف كل واحد منهم الى منزله للنوم، بعد قضاء طول النهار معا. ولهذا: (( أطلقت عليهم تسميات مختلفة، مثل (الثلاثي الأبدي)، أو (الثلاثي المرح)، أو حتى (الثلاث مؤخرات في لباس واحد)، أو (الثلاث خصيات)، ما عدا التسمية التي أشتهروا بها والأكثر تداولا كانت: (أبناء شق الأرض)): (معا أصيبوا بمرض الحصبة ومعا شفوا منها، معا تعلموا المشي والسباحة وصيد العصافير، تربية الحمام، سرقة البطيخ والرمان وألعاب الرماية والإختباء والقفز العالي وكرة القدم. معا دخلوا المدرسة وكانوا يدافعون عن بعضهم أمام إعتداءات بقية التلاميذ، ويدرسون للإمتحانات وسط الحقول أو في غرفة أحدهم.).
وعلى الرغم من الألفة والمحبة التي تجمع بين الأصدقاء الثلاثة، إلآ أن كل واحد منهم يتمتع بمزايا تختلف عن مزايا شخصية صديقيه. فعبدالله كافكا مثلا: ( كل شيء عنده أسود، فهو شيخ المتشائمين بلا منازع)، وقوعا تحت تأثيرات أفكار سارتر الوجودية، ذلك أنه فضلا عن ذلك يجهل والديه، وظل عشرين عاما أسيرا في سجون إيران، أبان الحرب العراقية الإيرانية. أما إبراهيم الذي كان: ( أقواهم بدنا وأكثرهم هدوءا وطيبة)، فقد بترت إحدى ساقيه في حرب الخليج، وعمل فلاحا في حدائق الرئيس، فحفار قبور، وأغتيل مع ثماني جثث أخرى من قريته، لتوثيقه الأماكن التي دفنت فيها ضحايا النظام في حدائق الرئيس التي تحولت الى مقبرة للدفن الجماعي قبل حرب الخليج. بينما كان طارق: ( أكثرهم عناية بمظهره وشغفا بالقراءة والبنات، يشبه والده في الكثير من الصفات، لكنه أطيب منه قلبا، ودرس في المدرسة التي درس فيها والده بعد أن تحولت الى معهد للشريعة). كما إن والد طارق، (ظاهر)، ووالد إبراهيم ( سهيل الدمشقي) صديقان، ولكن ليس على غرار صداقة طارق وإبراهيم ومستوى حجمها، وذهبا مع قطعات القوات العراقية الى حرب فلسطين عام 1948. ولهذا الحدث حكاية طريفة، وإن بدا هذا الحدث كذلك، أي بقالب كوميدي، ويدعو الى السخرية، غير أنه من أهم أحداث الرواية وأبرزها، بتحوله الى تراجيديا، أثر اقترانه بمقتل أم عبدالله. ( وهذا ما سنتناوله لاحقا أيضا).
تبدأ الرواية من حيث تنتهي، والقرية تستيقظ على تسعة صناديق موز، في كل واحد منها رأس مقطوع لأحد أبنائها، ومن بينها رأس إبراهيم. لتذكرنا هذه الصناديق بصناديق الأحذية في روايته (أبناء وأحذية)، وأول من يراها، خال عبدالله كافكا، الراعي الأبله إسماعيل: ( ليتخلص من شعوره بالذنب الذي ظل يلاحقه في الكوابيس، بسبب قطعه للسان عنزة أزعجته. . . بعد أن راح يصرخ . . . حتى أبصر بعض الناس يهرعون اليه، ثم كل الناس من كل البيوت. . .).
تنبني حبكة الرواية، لسعي معظم شخصيات الرواية في تخلصها من (الشعور بالذنب)، على هذه الجملة، ولاسيما الأصدقاء الثلاثة الذين فرقتهم الحرب عن بعضهم البعض، أو تأنيب الضمير التي رافقت بقية شخصيات الرواية في حياتها، لسوء تصرف بدر منها، وتتكرر ست مرات. في المرة الأولى كما هو واضح من قبل إسماعيل الراعي، لقطعه لسان الماعز، وفي المرة الثانية من قبل إبراهيم تجاه صديقه أحمد النجفي الذي أستشهد في الحرب، لأنه ترك جثته في الصحراء ولم يأخذها الى أهله، وفي المرة الثالثة من قبل قسمة، لتعاملها بشكل جاف وسيء مع والدها، والرابعة لما سيتركه جلال من سمعة سيئة لوالده، نتيجة طيشه وتهوره بممارسة الجنس مع(زكية) أم عبدالله كافكا، الأمر الذي يؤدي بها الى الحمل منه. والخامسة أثناء ذهاب عبدالله مع طارق وقسمة، بحثا عن جثة أبراهيم، والسادسة، لتكرار ندم إبراهيم ثانية وشعوره بتأنيب الضمير، جراء تركه لجثة صديقه في العراء.
لم يأت شعور الشخصيات بالذنب أو تأنيب الضمير عن فراغ، بقدر ما جاء عن التحول الذي طرأ عليها من فعل الشر الى فعل الخير، وإصطدامها بمفاجآت لم تكن تخطر ببالها، فقد أدى بإسماعيل الراعي الى تجاوز حالة الخرس التي أصابته أول رؤيته للرؤوس في صناديق الموز، ربما لعدم توقعه لما يراه بأم عينيه، وأغلب الظن أنه لأول مرة يرى رؤوسا بشرية بلا جثث، وبإبراهيم الى مصرعه، وسقوطه شهيدا، لقيامه بتوثيق الضحايا في القبور التي دفنت فيها، إخلاصا لصديقه أحمد النجفي الذي لم يستطع دفن جثته. وقسمة من نفورها من والدها الى البحث عن جثته بهدف دفنها في مكان يليق بتضحيته بوصفه بطلا تفتخر به، مثلها مثل موقف أنتيجونا في دفن جثة شقيقها، وبجلال الى الاعتذار من أبيه.
وإذا كانت هذه التقنية قد أدت الى التحول في معظم شخصيات الرواية من السلب الى الإيجاب، ما عدا شخصية طارق، فإن أود زكية رجما بالحجارة وهي موثوقة اليدين والرجلين في حفرة، حفاظا على سمعة المختار لحملها من أبنه، لا تقل شأنا عن تقنية ماركيز في مائة عام من العزلة في أسلوبه المعروف بالواقعية السحرية، وهو يجعل من (ريميديوس) تطير محلقة في السماء، وهي تنشر الملابس فوق سطح المنزل. ويتطابق كلا النموذجين، نموذج الرملي مع نموذج ماركيز، بتهمة الزنا التي ألصقت ببطليهما ريميديوس وزكية، ولكن بقتل بطلة الرملي، وصعود بطلة ماركيز الى السماء، حفاظا على سمعة كلا الفتاتين والأسرتين. وبالمآل صعود كليهما الى السماء.
مائة عام من العزلة:(في اللحظة التي بدأت فيها ريميديوس الجميلة ترتفع في الجو. كانت أورسولا هي الوحيدة التي أحتفظت بالهدوء لتحدد طبيعة تلك الريح التي لا راد لها، فأفلتت الملاءات، وهي ترى ريميديوس تلوح لها بيدها مودعة.. . ظن الغرباء أن ريميديوس قد استسلمت أخيرا لمصيرها المحتوم كملكة نحل، وأن أسرتها تحاول إنقاذ شرفها بخرافة صعودها.).
حدائق الرئيس:1- وأد زكية: (أوقفها في وسط الحفرة وتناول من تحت أبطه قطعة قماش بيضاء، وحين فتحها كانت على شكل كيس كبير. كانت كفن. ألبسه في رأسها فبدت كشبح واقف في وسط الحفرة. . فارتعبت هي حين احست بقوة الشد والربط على جسدها، تململت محاولة التملص لكن المختار صرخ بأذنها عاليا أن تتوقف، فيما ظاهر يقول لها: هذا من أجلك انت ومن أجل روحك. . ما هي لحظات قليلة وينتهي كل شيء فتجدين نفسك في عالم أكثر راحة. . . ثم رأيتهما يتناولان حجارة ويشرعان برجمها وهي تصيح حتى سقطت، أو أسقطوها ممدة في الحفرة. . . ).
وهذا المشهد، مشهد رجم الحجارة، ليس جديدا لا على الرواية العالمية ولا العربية، لأنه سبق وأن وظف قبل هذه الرواية بروايتين أخريين، هما ( الإغواء الأخير للمسيح) لكازانزاكي، و(العزازيل) ليوسف زيدان. وبهذا فإن هذه الرواية الى جانب تناصها مع مائة عام من العزلة، فهي تتآخم بالتناص مع هاتين الروايتين أيضا.
كما أن تأجيل جدة عبدالله كافكا لموتها لحين عودة حفيدها من الأسر، هو الآخر يدخل ضمن أسلوب ماركيز في الواقعية السحرية، ذلك أن تحكم الإنسان بمصيره، كما في جدة عبدالله، مثله مثل طيران ريميديوس، لا يمكن تصديقه على أرض الواقع، ولكن بالعكس يصبح مقبولا هذا اللاواقع، عندما يترجم الى الفن، أو يصير فنا: ( (لم يكن عبدالله كاذبا حين قال بأنه أبن شق الأرض، فهذا ما كان يعرفه آنذاك، وهذا ما يعرفه الجميع. أما الآن وهو يقترب من الخمسين من عمره، فهو الوحيد الذي يعرف أصل الحكاية، أعلمته بحقيقته زوجة المختار التي كانت تؤجل موتها حتى عودته من أعوام الأسر الطويلة في إيران.).
مثلما تعول هذه الرواية بالتناص مع رواية مائة عام من العزلة، كذلك فهي تعتمد على النهج نفسه في تناصها مع مسرحية (أنتيجونا) لإسخيلوس وسوفوكليس، وذلك من خلال إصرار قسمة على دفن جثة والدها، شأنها شأن أنتيجونا التي تطالب خالها كريون بدفن جثة شقيقها. وكلاهما أنتيجونا وقسمة يلاقيان العقبة ذاتها، وهي عقبة السلطة، متمثلة في أنتيجونا بكريون، وفي روايتنا هذه بالرئيس.
مسرحية أنتيجونا:
- أنتيجونا: وعلى ذلك فإن أحد هذه الأوامر هو الذي منعني من أن أترك جثة أخي بدون دفن، فلو أن أمرا عد عملي هذا حماقة لكان هو نفسه الأحمق.
حدائق الرئيس:1- (وحدها قسمة الأرملة التي صارت يتيمة الأبوين منذ هذا الفجر، أعترضت وأرادت الإبقاء على رأس والدها الى أن يتم العثور على جثته، لكن إعتراضها ذهب سدى حين واجهها الرجال بالرفض.) ص10- 11
2- ( في النهاية حسمت قسمة الأمر وقررت أن تذهب الى بيت عبدالله كافكا، فهو الوحيد الذي بإمكانه مساعدتها على تنفيذ نيتها بالبحث عن جثة أبيها.) ص31
تتمركز هذه الرواية في محورين، أولهما دكتاتورية الرئيس، والثاني في تخلف الدين، وكلاهما يلتقيان مع بعضهما في نقطة واحدة، ألا وهي كبت حرية الفرد، من أجل إعلاء شأنهما، خدمة لمصالحهما الشخصية، كما حدث للمغني المعروف الذي قتل على يد الرئيس، لأنه صرح بعدم وجود الديمقراطية في البلد، أو لأن التقرير الذي وصله عن المغني، يحتوي هذا المعنى. وكما حدث لزكية التي قتلت على يد المختار وظاهر بأسم الدين، لتضل الفضيحة التي أرتكبها أبن المختار بحق والدة عبدالله (زكية) شبه المعتوهة. هذا من ناحية الحد من الحرية الممنوحة للفرد لكلا الطرفين، وإن يعد الفرد أنموذجا في الفن. أما من ناحية الحد من الحرية الممنوحة للعامة، فتتمثل في الحروب التي خاضها الرئيس مع إيران ودول الخليج، دون أن يأخذ رأي الشعب بها، وهو يقود شباب العراق نحو هاوية الموت. وإذا كان الرئيس يبيد شعبه علانية، فإن الدين متمثلا بشخصيتي ظاهر والمختار، يبيده خفية، لتغطية مثالبه، وإبراز نفسه بالأنموذج، كما حدث في التهدئة السحرية، وحرب فلسطين، وحمل زكية، ورفض زواج سميحة بعبدالله. ولبلوغ السارد التناقضات القائمة في فكر الشخصيتين اللتين تمثلان الدين، يعمد الى إجراء وجه المقارنة بين كل أثنين من هذه الأحداث. التهدئة السحرية مع حرب فلسطين، وحمل زكية مع رفض أبنته سميحة التي تحب عبدالله الزواج به.
لعل إطلاق السارد للصفقة التي عقدها ظاهر مع أهل العريس والعروس، ليتزوج العروس في الليلة التي قتل فيها عريسها بالتهدئة السحرية، أنسب توصيف لخداع الناس السذج، عبر ترديد بعضا من الآيات القرآنية. ذلك ان مثل هذا الزواج لا يتم إلآ عن طريق السحر والدجل والضحك على ذقون الناس البسطاء، وظاهر يمتلك هذه القدرة، قدرة أن يظهر بمظهر الرجال الأكابر، مع أنه من أجبن الناس على الكرة الأرضية قاطبة. ولجبنه هذا حكاية أخرى، مع سهيل الدمشقي، والد إبراهيم، في حرب فلسطين عام 1948: (حين أنفجرت قنبلة قربهما قذيفة مدفع بال ظاهر في سرواله، وأنقلب سهيل على ظهره من شدة الضحك، فيما أنقلب ظاهر على بطنه من شدة الخوف، وهو يرتعد ويبكي بهستيريا. وبعد عشرة أيام نبتت دملة في أنف سهيل، أدت الى تآكل أنفه.. . كان لابد لهما أن يتفقا على ما سيقولانه عند عودتهما الى القرية، وكان اكثرهما حرصا على هذا الأمر هو ظاهر، ففضيحة أن يبول الرجل في سرواله جبنا أشد وطأة من فقد الأنف بسبب دملة وسط ظروف المعركة. . . وتعاهدا عهد رجال أبدي بأن يستر أحدهما الآخر ويتكتم على سر صاحبه حتى الموت.). ولم يكتفيا بهذا العهد فحسب، وإنما قررا أن يظهر الواحد الآخر، أمام أهل القرية بالبطل من خلال دفاعهما المستميت عن فلسطين.
وهنا يتجلى التناقض في شخصية ظاهر، من خلال هذه المقارنة، مقارنة بين قوة إقناعه للناس، عبر الآيات التي يحفظها عن ظهر قلب، وبين ضعفه في ساحة الحرب، أي أن ظاهرا لو جرد من هذه الآيات، لعاد الى طبيعته الأصلية، وأصبح إنسانا عاديا كأي إنسان آخر، بدون سحر، وزواج بعروسة في سن أبنته. والمقارنة الثانية التي يلجأ اليها السارد لتوضيح هذا التناقض في شخصية ظاهر هي في رفضه لعبدالله الزواج بأبنته، تحت ذريعة كونه أبن الزنا، وما زاد بلة هو أن أقرب أصدقائه وهو طارق شقيق سميحة، ضاعف من إصرار والده على رفض طلب عبدالله، بمسوغ التشاؤم والكآبة اللتين لا يستطيع التخلص منهما، فضلا عن الكسل الذي هو واحد من أبرز صفاته، ولكنه لم يذكر السبب الثالث الذي إن دل على شيء، فإنما يدل على تخلف الإنسان الشرقي بإمتياز، وهو ضخامة عضو عبدالله. وهذا ما لا يستطيع طارق تصوره وإحتماله.
إن السارد بإحاطته لما يدور في دواخل شخصياته، بقدر ما يعتمد هذا الأسلوب على السارد العليم الذي يستعين بضمير الغائب، فهو بالقدر ذاته يلم الوجه الآخر المخفي للشخصية العراقية بوجه خاص والشرقية المتخلفة عموما. بالأحرى أن ما أود بلوغه هو أن ظاهرا لم يجد نفسه أبن زنا، عندما بال على نفسه، وهو يخوض غمار عمل مقدس على أرض فلسطين، بينما وجد في عبدالله أبن زنا الذي لم يأت الى الدنيا بإرادته، كما أنه يعد عبدالله كذلك، ويبريء نفسه بوصفه أبن زنا، عندما جلب معه العروس وهي ملطخة ببعض قطرات من دمها ومخدوشة الوجه. وأخيرا أنه لم يجد نفسه أبن الزنا وهو يقتل الضحية رجما بالحجارة، ولا في أبنه طارق أبن زنا الذي أعتدى عليها، لتصبح قربانا لآيات الأب وشهوانية الأبن.
كما في روايته أبناء وأحذية، كذلك في هذه الرواية، أستخدم الرملي تقنية الإيحاء، لتتكرر خمس مرات. يأتي هذا الإيحاء في المرة الأولى من قبل أحمد النجفي الذي أصبح صديقا لإبراهيم في جبهة القتال أبان حرب الخليج، وهو يخاطبه بهذه الجملة قائلا: (أنا حزين هذه المرة يا إبراهيم، حزيييييييين وفي صدري هاجس غير مريح، ربما قلق، ربما هو خوف. . لا أدري بالضبط، ولكن قلبي منقبض وينبئني بما هو أسوأ.). وبغض النظر عما جاء في حواره مع إبراهيم من معان دالة على أن النجفي يشعر بدنو موته، فإن مفردة حزين بتعدد ياءاتها وتطويلها، كافية لأن تمنح الإيحاء الى الموت.
وفي المرة الثانية عبر الإيحاء الى نفور أبنته (قسمة) وهي طفلة صغيرة منه، بعد عودته من الحرب بساق واحدة: (فيما أبنته قسمة أحتضنته، أو في الواقع هو الذي أحتضنها ثم أبتعدت تنظر اليها بغرابة والى ساقه الممدة كالعصا الغليظة بلا قدم.). وفي المرة الثالثة بالإيحاء في إنجذابها الى طارق: ( إعجابا بأناقته وعطره النفاذ، وثقته العالية بنفسه وهو يتبع الحكاية بأخرى والنكتة بأقوى. . . )، ليستمر نفور قسمة من والدها حتى بعد زواجها، تحديدا الى مقتل زوجها على يد الرئيس، حيث كانت تتعامل معه طوال هذه الفترة بشكل جاف وحاد، كما أدى إعجابها بطارق منذ طفولتها الى القبول بطارق زوجا لها بعد مصرع زوجها.). وفي المرة الرابعة عندما تقول جدة عبدالله لحفيدها: ( يا سبحان الله، إن الدم يعرف الدم، إن القلب يعرف القلب ويحن إليه.). في إشارة واضحة الى أنه ينحدر من دمها. ويرد عليها قائلا: لم أفهم يا خالة. عندها تقول له: (أنا لست خالتك، إسماعيل هو خالك الحقيقي. أما أنا فجدتك). ولكي يتيقن من السر الذي باحته له، ولا يعرف بحقيقته إلا شخصين آخرين، هما المختار وظاهر، فقد أخذته الى قبر أمه، حيث دفنت.. وفي المرة الخامسة بالإيحاء الى موت زوجة إبراهيم، وبلغت عدد الصفحات الذي أحتله هذا الإيحاء بحدود ثماني صفحات، وهي مجموع الصفحات المكرسة للرقم (20) للعنوان الفرعي الموسوم ( باقة ورد وبرتقال). ولزحمة تضمين أعداد الإيحاءات الكبيرة في هذا المقال والبالغ أكثر من ثلاثين إيحاء، سأحاول الإكتفاء بما أجده ضروريا، بعد إيجازها:
- ما ان رأته زوجته مقبلا عليها حتى تهلل وجهها. . .
- فيما تفتح قلب إبراهيم كبيت أضيئت مصابيحه. . .
- كانت مستلقية على سرير المرض واستقامت جالسة. . .
- أشرعت ذراعيها لإستقباله على الرغم من ان إحداهما كانت موصولة بخرطوم مغذ.
- أبتسمت بعذوبة، سحرت إبراهيم. . .
- كأنهما يلتقيان لأول مرة. . .
- انحنى وأحتضنها طويلا، وشمت رقبته وشم رقبتها. . .
- وبفضل ضوء الصباح رآها كأجمل إمراة في الدنيا. . .
- أصر إبراهيم على أن يطعم زوجته بيده. . .
-أخبرته بأنها أفضل ولكنها بشوق الى بيتهم في القرية. . .
- سارا في الممر الأبيض كطفلين شاعرين بلذة هذه اللحظات. .
- وحال جلوسها في الحديقة قالت أنها ترغب بلمس العشب، فأراد أن يحش لها قبضة منه، فمنعته قائلة أنها ترغب بلمسه في أرضه. . .
- أنا اسامحك عن كل شيء يا إبراهيم. . .
- تعانقا وهمست لأول مرة في أذنه في حياتهما: أنا أحبك. . .
- أستعادا بعض ذكرياتما في القرية وطرائف من طفولتهما والجيران والفلاحين وضحكا لأكثر من مرة.
- طمأنها على أنه بخير وان الشيء الوحيد الذي ينقصه هو شفاؤها وعودتها الى البيت
- وصيتي الوحيدة لك أن تكون صبورا مع قسمة.
- كما أوصيك أنت بنفسك.. .
- أمضى اليوم كله بصحبتها ولم يتركها حتى نامت وكفها نائمة في كفه. . .
- قبل جبينها وعاد ماشيا الى البيت.
- نظر من هناك الى مبنى المستشفى وحاول أن يخمن خلف أي من تلك الوافذ المتراصة ترقد زوجته. ظن أنه حددها فركز بصره.
- قالت: كل شيء قسمة ونصيب.
- أفطر، أستحم، تعطر، وأرتدى بذلة الأمس. أشترى عشر برتقالات من دكان الحارة. . . توجه الى كشك بيع الورد. . .
- أبسما حد الضحك تقريبا، كأنهما يتآمران.
- دلف الى المستشفى مسرورا . . .
- ولكنه عند وصوله الى سريرها وجده فارغا. . .
يذكرني هذا العدد من الإيحاءات برواية (بغداد مالبورو) لنجم والي، لأنه هو الآخر أستخدم عددا غير طبيعي من الإيحاءات في روايته، ولكن ليس بالحجم الموظف في هذه الرواية.
قلت في بداية المقال ، أن نجاح أي رواية مرهون في ماهية صياغة إستهلالها، وعدم غلق مفاتيح نهايتها، وفي معظم رواياته، تحديدا هذه الرواية، فقد أهتدى الرملي الى هذا المفتاح.
يقول الدكتور جودت هوشيار :((مفتاح الرواية أمر حيوي وبالغ الأهمية، ويجب ألا يضجر القاريء بالعبارات المأثورة المبتذلة (الكليشيهات) وأن لا يقحم الكاتب فيه المقدمة التي يبرر بها عمله أو الوصف الممل أو الإستطراد غيرالضروري بل أن يتضمن معلومات مهمة عن بطل الرواية او إحدى الشخصيات الرئيسية فيها وأن يكون مركزا وقصيرا وواضحا وضروريا في سياق الرواية ومن ثم تطويره في عدة جمل لاحقة عل نحو يثير الإهتمام والفضول.. . الإستهلال هو الذي شكل عند المتلقي الإنطباع الفوري عن الرواية وهل تستحق ان تقرأ؟))1.
أبدأ من السؤال الأخير الذي يطرحه الدكتور هوشيار، وأقول هل حقا أن رواية (حدائق الرئيس) تستحق القراءة ؟ إن الإجابة على هذا السؤال بسيط جدا، لو جاء بالصيغتين التاليتين، وهما لو لم تكن كذلك لما قرأتها وتصديت لها، أو أنها تطبع للمرة الثالثة. يقينا لا أقصد مثل هذه الإجابات الجاهزة، بقدر ما أبغي قراءة ما وراء سطورها.
يستهل السارد روايته بجمل قصيرة في السطور الخمسة الأولى منها، وبحدث يثير فضول المتلقي، وبسرد يبلغه شروعها من حيث أنتهت، مانحا لكل جملة من السطور الخمسة معناها الخاص بها، لتصبح على النحو التالي بعد تجزأتها:
- في بلد لا موز فيه، أستيقظت القرية على تسعة صناديق موز.
- في كل واحد منها رأس مقطوع لأحد أبنائها.
- ومع كل رأس بطاقته التي تدل عليه.
- لأن بعض الوجوه تشوهت تماما بفعل تعذيب سابق أو لقطعها أو بسبب تمثيلها بعد الذبح.
- فلم تعد ملامحها التي عرفت بها على مدى أعوام حياتها المنتهية كافية للدلالة عليها.
بغض النظر عن قصر الجمل التي تجذب إلإنتباه، فإن حدث مصرع تسع جثث لقرية صغيرة، يعرف الكل آخر طفل ولد فيها، ليس حدثا طبيعيا، إن لم يكن في منتهى الغرابة، وتزداد غرابته عندما تقترن مشاهدته من قبل شخص شبه معتوه، ألا وهو إسماعيل الراعي، ذلك أن هذا النمط من الشخصيات أكثر إندهاشا من الشخصيات الأعتيادية في إصطدامهم لمثل هذه المواقف. لذلك فإن صراخ إسماعيل الذي خلصه من شعوره القديم، جاء وقوعا تحت تأثير هذا الإندهاش. : (راح يصرخ بأعلى صوته حتى جفلت حمارته، توقف قطيع أغنامه، وطارت الحمائم والعصافير من على الأشجار والسطوح. ظل يصيح دون أن يدرك تحديدا ما الذي كان يقوله في صرخاته التي بدت شبيهة بثغاء تلك العنزة التي قطع لسانها وشواه. . حتى أبصر بعض الناس يهرعون اليه من بعض البيوت القريبة، ثم كل الناس من كل البيوت بعد أن رفع أحدهم النداء عبر مكبرات صوت المسجد.).
وإتساقا مع وجهة نظر هوشيار، فقد حقق الرملي الجانب الأول في إستهلال روايته، وهو إعطاء معلومات مهمة عن بطل الرواية أو إحدى الشخصيات الرئيسة فيها، وأن يكون مركزا أو قصيرا وواضحا في سياق الرواية، وذلك من خلال شخصيتي، إبراهيم وإسماعيل الراعي، ويليهما عبدالله كافكا، بإعتباره شخصا متشائما: ( يرى كل شيء بأنه تأريخ قديم ميت، ميؤوس منه، ولا وجود لشيء أسمه حاضر أو مستقبل، وإنما ثمة ماضي وكله أسود. .). والشخصيات الثلاث تثير الفضول عند المتلقي، لما تتميز به من صفات غريبة، أو ما حدث لها، ليس أمرا عاديا ويدعو الى المتابعة، ويثير التساؤل، فإبراهيم مقطوع الرأس، وإسماعيل عدا كونه أخرسا، فهو شبه معتوه، أما عبدالله، فهو الآخر فضلا عن نظرته السوداوية للحياة، فهو (أبن زنا).
ويستطرد الدكتور جودت هوشيار عن الإستهلال في الرواية قائلا: (أحيانا يكون الإستهلال صورة حية يسهل تحويله الى لقطة سينمائية تركز على التفاصيل التي تدعونا للتعرف على حياة شخصية مهمة في الرواية، لذا فإن الإستهلال يبدو وكأنه بداية لفيلم سينمائي تقودنا الى المشاهد الأخرى، صورة تستخدم فيه الإضاءة والنبرة لنقل المزاج السائد في الرواية الى القاريء.).
ولو أعدنا قراءة الرواية من بدايتها (الإستهلال)، حيث تشرع بجملة: ( في بلد لا موز فيه) الى نهاية الأسطر الخمسة الأولى، لنتلمس فيها أجمل ما يمكن جعله، إستهلالا للقطة سينمائية، ذلك أن الجمل الخمسة كل واحد منها صورة قائمة بحد ذاتها، ولكن مع بعضها البعض تتحول الى لقطة سينمائية، أي تكسب معنى معينا وواضحا. وكلما توغلنا في قراءة الرواية، وعلى نحو خاص في صفحتها الأولى، تتبدى تكوينات هذه الصور أمام أعيننا أكثر ألقا، ولقطاتها أكثر قوة وعمقا، كما في الأسطر السبعة التي تلي الأسطر الخمسة الأولى، وإسماعيل الراعي يدنو من الصناديق ويجس الرؤوس بعصاه، دون أن ينزل من حماره، والصورة التي تلي هذه الصورة، وهو يفرك عينيه ليطير النعاس منهما، ليتأكد من صحوه، ويتيقن من وجوده في قريته وليس في مكان آخر. بالإضافة الى وصف الفجر في القرية، وهو في أواخر ضيائه، إتساقا مع الإضاءة التي يشير اليها هوشيار، والجو السائد فيها، في إشارة أخرى الى النبرة التي يؤكد عليها، وذلك من خلال: (الدكاكين الموصدة في القرية، وصياح ديكة ونباح كلب بعيد، يرد عليه كلب آخر في طرف أبعد.). أي تكوين لقطتين نقيضتين إحداهما للآخر، عبر مجموعة من الصور لكلا اللقطتين، الأولى تتسم بالقبح، والثانية بالجمال، للتأكيد على ان الحرب والإرهاب، يدمران البراءة والنقاوة السائدين في القرية، ليس بأجوائها وطبيعتها السحرية فحسب، وإنما كذلك بإنسانها الطيب أيضا متمثلا بإبراهيم وإسماعيل الراعي.
أما بالنسبة لنهايات الروايات، يقول روبرت إيغلستون: (إن طرح النهايات المقفلة وإستبعادها يعني الولع بالمحاججات المفتوحة النهايات، وهو ما يعني أن ثمة رغبة ملحة لدى الكاتب في التلميح بأن ثمة الكثير مما يمكن قوله في هذا الشأن.)2.
إن التحول الذي يطرأ على شخصية قسمة، وإنجذابها الى والدها، في الوقت الذي كانت فيه تتعامل معه بشكل سيء سابقا، يأتي هذا التحول بفعل بطولة والدها في أرشفة قبور ضحايا الرئيس، وبعد أغتياله تلجأ الى طارق للعثور على جثة والدها في بغداد، فيستغل طارق هذا اللجوء ويقنعها بالزواج منه، وفي طريقهما الى بغداد ومعهما عبدالله، تلاحظ قسمة ان طارقا يتسم بتفاؤل مفرط، يبلغ حدا أنه لا يحس بما تحس به، ولا يرى الذي تراه هي. فمن هنا، من هذه النقطة التي لاحظتها قسمة في طارق، تتضح رغبة الرملي بالنهاية المفتوحة في روايته هذه. وذلك من خلال جعل قسمة أن يطرأ عليها تطورا آخر في الرواية الى جانب التحول الأول، وهو رفض طارق، لعدم لفت نظره لكل الخراب والدمار اللذين أحدثهما الرئيس في حروبه بالمدن العراقية، وهما في طريقهما الى بغداد. هكذا: (( تتحسس رأس طفلها النائم في حجرها فتقرع طبول الأسئلة في رأسها:(ترى من أي نطفة هو؟ ترى مثل من سيكون؟ مثل أبيه زوجها؟ مثل الرئيس المخلوع؟ مثلها هي؟ مثل ابيها؟ أم مثل هذا الطارق الذي سيترعرع هذا الصغير في كنفه؟)).
وإذا كانت هذه الخطوة الأولى للرملي بالنهاية المفتوحة، فإن الخطوة الثانية هي في قول طارق بأن جلال أبن المختار الذي يعمل وكيلا في وزارة الأمن القومي ومسؤول الجانب الأمني في هيئة النزاهة سيساعدنا بالعثور على جثة إبراهيم: (ما جعل عبدالله يشعر بصعقة حقيقية في جسده وروحه كرد فعل على كلمات سمعها.). ورد عليه بصوت مسموع: ( ها هو مغتصب أمي يعود سيدا لإغتصاب القرية والبلد. هاهم عائدون مرة اخرى، ها هو تحالف القتلة المجرمين يكرر نفسه، التأريخ يكرر نفسه. . . ما العمل؟ ماذا أفعل؟ لا بد أن أفعل شيئا!
في الجملة الأخيرة، في (لا بد أن أفعل شيئا) يكمن فعل النهاية المفتوحة الذي جاء نتيجة تحول طارق من إنسان عدمي الى الشعور بالمسؤولية: ( وفي شعور قسمة بطبول الأسئلة التي تحولت في رأسها الى خليط غير متجانس. . . يضبب رؤيتها ويضيق تنفسها حد الدنو من الإغماء، يثير الغثيان في أحشائها وتحس برغبة عارمة في التقيؤ. . . فوجدت نفسها تقول: توقف توقف أريد النزول). في هذه الجملة، الجملة الأخيرة التي تنطقها قسمة: (توقف أريد النزول) مثل جملة: (لا بد أن افعل شيئا) يكمن فعل النهاية المفتوحة فيها.
أعتمد السارد على النظام الترقيمي، بدلا من الفصول في توزيع روايته على ثمان وعشرين رقما، مصحوبا كل رقم بعنوان مدون تحته، شارعا ومنهيا إياها بالعنوان ذاته وهو (أبناء شق الأرض)، نسبة الى الصداقة المتينة التي تجمع بين الأصدقاء الثلاثة: عبدالله، إبراهيم، وطارق.
تعتمد الرواية عموما على السرد الموضوعي وهو الأسلوب الذي يعول على السارد، ويستعين بضمير الغائب، كما أنها تمنح لشخصياتها حرية الكلام، وهي بهذا تعتمد على السرد الذاتي أيضا الذي يعتمد فيه السارد على ضمير المتكلم (أنا). وشخصيات هذا الضمير هي: طارق الذي يعبر عن ذاته في الرقم (1)، بعد صفحة ونصف الصفحة من بداية الرواية، تحديدا من جملة:( ولو تكلم عبدالله كافكا عن هذا الحادث لقال)، ويعود ثانية للكلام في الرقم (9)، عبر مفردة:( قال)، حيث يستلم دور ضمير المتكلم من بداية هذا الرقم الى نهايته، وهوبصدد الحديث عن أسره في السجون الإيرانية، أبان الحرب العراقية الإيرانية، وهكذا في الرقم(10) كذلك يستمر عبدالله ساردا معاناته في الحرب. وفي الرقم (8) يسرد إبراهيم لعبدالله ما جرى له في الحرب العراقية مع إيران والكويت، عن أحمد النجفي، عن قدمه الجديدة، عن مقتل اخيه وديع، عن موت والده. وتحت عنوان :( سر الفضيحة التي لم تفضح، وحياة في قبو) يتحول السرد من الموضوعي في الرقم (11) الى الذاتي في (12 و 13) حيث ينسب الكلام الى جدة عبدالله (زينب) في كلا الرقمين من بدايتهما الى النهاية، وهي تسرد لعبدالله عن حقيقة والديه، وطريقة مصرع والدته على يد المختار وظاهر. وفي الرقم (26) الى قسمة. بإختصار أن كل الشخصيات الرئيسة في الرواية، يعبرون عن آرائهم، ما عدا شخصية طارق، لأنه الشخصية الوحيدة التي لم يطرأ عليها التغيير، لتربيته على يد ظاهر، وتلمذته في المدرسة نفسها التي درس فيها والده، وتعاطفه مع جهات مشبوهة، إن لم يكن في الغالب منتميا اليها. وهنا يدور في ذهن المتلقي هذان السؤالان، ترى هل تزوجت قسمة بطارق؟ ثم هل تم العثور على جثة إبراهيم، سيما وعبدالله لأول مرة يكشف المستور المخفي عن قسمة وطارق، بصدد إغتصاب جلال لأمه؟
إن هذين السؤالين وغيرها من الأسئلة التي بقيت دون الإجابة عليها، يبدو لي أن الرملي سيرد عليها في الجزء الثاني من هذه الرواية المزمع نشرها قريبا.
المصادر:
1- الرواية بين الخيال والواقع، تأليف جودت هوشيار. الفصل الموسوم:( سحر الإستهلال الجاذب.
2- الرواية المعاصرة- مقدمة قصيرة جدا، تأليف روبرت إيغلستون، ترجمة وتقديم لطيفة الدليمي. دار المدى. الطبعة الأولى.



#صباح_هرمز_الشاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أرثر ميللر وعقدة اوديب. 3ـ وفاة بائع متجول
- أرثر ميللر وعقدة اوديب. 2ـ كلهم ابنائي
- أرثر ميللر وعقدة اوديب. 1 الثمن
- اوجين اونيل بين.ثلاثي . .الواقعية والرمزية والتعبيرية. 5- ور ...
- اوجين اونيل بين ثلاثي. . .الواقعية والرمزية والتعبيرية. 4-أن ...
- اوجين اونيل بين. . .الواقعية والرمزية والتعبيرية . 3- الحداد ...
- اوجين اونيل بين ثلاثي. . . الواقعية والرمزية والتعبيرية. 2 ا ...
- مسرحيات اوجين اونيل بين ثلاثي. . . الواقعية والرمزية والتعبي ...
- ذئبة الحب والكتب.. لمحسن الرملي
- الفتيت المبعثر. . لمحسن الرملي
- عمكا.. رواية قومية المكان ومنحى الميثولوجيا
- بغداد مالبورو. . بين الإيحاء والتوازن بين الشخصيات والأحداث. ...
- ملوك الرمال. . . لعلي بدر
- النوم في حقل الكرز بين التناص و الحلم . . .لأزهر جرجيس. .
- قراءة رواية (بنت دجلة) لمحسن الرملي من زاويتين مختلفتين. .
- بيريتوس. . و تقنية الإسترجاع لبلوغ الحلم
- التناص في عرس الزين ل الطيب الصالح
- أساتذة الوهم .. وبنيتها القائمة على التناقض
- الشراع و العاصفة لحنا مينا بين زوربا و الشيخ و البحر
- التناص والايحاء في رواية اطراس الكلام لعبد الخالق الركابي


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح هرمز الشاني - حدائق الرئيس. . بين التناص والإيحاء. . لمحسن الرملي.