أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سناء عبد القادر مصطفى - تقييم رواية التيس الذي انتظر طويلا















المزيد.....



تقييم رواية التيس الذي انتظر طويلا


سناء عبد القادر مصطفى

الحوار المتمدن-العدد: 6605 - 2020 / 6 / 29 - 01:54
المحور: الادب والفن
    


لم أفكر في يوم من الأيام أن أكون ناقدا أدبيا أو أكتب مقالة في نقد عمل أدبي ولكن للضرورة أحكام كما يقول المثل العربي القديم. رواية التيس الذي انتظر طويلا- احدى اعمال زميلي وصديقي منذ أيام الدراسة في الاتحاد السوفيتي دكتور رياض عيسى غيدان رمزي ومن باكورة مؤلفاته مثل الاقتصاد السياسي للمواكب الحسينية وسيرة رجل مهنته دفع الغرامات وسعدي الحليً- الحنجرة النازفة وغيرها من الكتب والمقالات المختلفة المواضيع. انها رواية فلسفية في مجال علم الاجتماع. وهكذا تراني أخرج ما في جعبتي من كلمات أدبية ملائمة حتى أعطي الرواية حقها في التقييم الموضوعي الجدير بها.
يمتلك زميلي الدكتور رياض رمزي ملكة أدبية قلًما وجدتها عند رجل اقتصادي، فبالاضافة الى كونه استاذ في الاقتصاد، نجده يمتلك وجهة نظر فلسفية في أمورسياسية واجتماعية ألمت بالعراق. ولهذا نرى أن الرواية الموضوعة البحث هنا قد تكون مملة بسبب السرد الطويل والاطناب فيها. ولذلك أقترح على القارىء اللبيب أن يتمتع بقوة صبر حتى الانتهاء من قرائتها كي يتمكن من اعطاء وجهة نظر فيها وتقييمها، لاسيما وهي تتألف من 447 صفحة مقسمة الى سبعة عشر فصلاً. فبهذا الحجم غير الصغير يجب التوقف عندها وفحص نصها الأدبي الفلسفي بتمعن وتروي، لأن الكاتب يتمتع بوجهة نظر فلسفية خاصة به في تحليله للأحداث والفترات الزمنية التي تتناولها الرواية والتي قضي خمسة عشر عاما في تأليفها وصياغتها كما حدثني عنها، زمن ليس بالقليل.
لقد أسس رياض رمزي منهجا فلسفيا أدبيا خاص به يختلف عن أقرانه من الأدباء اللذين يخوضون غمار تجربة فلسفية اجتماعية وسياسية معاً قلمًا نجدها عند بعض الأدباء والكتًاب.
أود في هذا التقييم أن أعبر عن وجهة نظري في الرواية ليس كأديب مختص في نقد الكتب الأدبية ولكن كباحث اقتصادي وأكاديمي يقرأ نصا فلسفيا اجتماعيا تجري أحداثه في فترة زمنية عصيبة يمر بها فتي يافع ذو خمسة عشر عاما ترسله أمه الى العاصمة بغداد الرشيد ليتعلم وينهل من اصول المعرفة فيها. فبعد مرور زمن ليس بالطويل من التحاقه بثانوية التسامي تتفتق عنده ملكة كتابة رسائل الحب لأصدقائه الشبان في المدرسة. وبسبب شجاعته الأدبية في قراءة القصائد البطولية اثناء رفع العلم في مدرسته يصبح مشهورا بين أقرانه ويكسب احترامهم وحبهم له حتى بات يحصل على أجر زهيد - لقاء كتابته لرسائل حب لأصدقائه يبعثونها الى حبيباتهم-، يتمكن به من دفع أجر الغرفة التي يسكنها وتناول وجبات طعام زهيدة يعدها لنفسه في البيت وخصوصا وقت العشاء بعد رجوعه من جولته المسائية التي يبيع فيها اثناء التجوال في الأحياء والشوارع القريبة من محل سكناه غطاء الرأس (العرقجين) والمسبحات.
اشتهر اسمه بعد أن كتب موضوعا في درس الانشاء عنوانه "من يهدد من؟" (ص 6)، استمد فكرته من بيت شعري:
(بكر الخريف فراح يوعده أن سوف يزيده ويوعده )
وعلى أثر ذلك استدعاه مدير ثانوية التسامي وقال له :"تم تشريفك بإلقاء قصيدة شعرية صباح كل خميس يتم فيه رفع العلم". وهذا ما رفع اسمه في سماء الشهرة ولكن ليس المجد لأنه يعرف أن طريق المجد طويل والمجد صعب المنال.
ارتطم بأول عثرة في صعود قمة المجد بمدرس التاريخ الذي مدحه في البداية ولكن اتخذ موقفا سلبيا بعد ذلك من روايته "البطل والفتاة ذات المنامة الشذرية"(ص12) حينما قال له "ابن من أنت يا بوم" (ص14). اهتز كيانه ولم يعرف بماذا يجاوب مدرس التاريخ على هذه الإهانة. شعر بخيبة أمل كبيرة في أن يصبح كاتبا ومؤلفا مرموقا حينما "لم يكن عليه، بعد انتهاء اللقاء، غير أن يلتقط من الأرض شظايا مرآة رجولته المهشمة" (ص15). استعارة مكنية رائعة للتعبيرعن حالة نفسية محطمة لشاب في العشرين من عمره. لم يعرف بماذا يجاوب مدرس التاريخ على هذا الموقف الذي لم يتوقعه من انسان يعتبر نفسه مربيا وكاتبا ومدرسا لمادة التاريخ في ثانوية التسامي المعروفة في المدينة بحسن كادرها التدريسي ومديرها العبقري. وهكذا يدخل بطل الرواية في منعطف حياتي يفقد فيه القدرة على الكتابة لوقت طويل ويظل يعاني من هذا الوضع لوقت طويل.
نحن هنا أمام عقدة مدرس التاريخ الذي يشكو من تعثر وسوء علاقته مع زوجته التي تفرض عليه نسقاً خاصا لحياة زوجية مملة، اذ كثيرا ما كان يبات خارج البيت أو في حديقة الدار. أفرغ مدرس التاريخ عقدته النفسية ونقلها الى بطل الرواية الذي توقفت قريحته من كتابة سطر واحد على الرغم من محاولاته العديدة لإعادتها. ولذلك قرر أن يذهب الى الطبيب النفساني للعلاج. بعد فحصه بدقة من قبل الطبيب الذي سأله: "هل سمعت بالماركيز دي ساد؟" قال الجالس نعم، "يقول ساد إن طريق الفسق طريق ملكي، لايمكن تجنبه ما لم تنغمس فيه"، جاوبه :"ليس ما ينقصني سوى هذا هذا"، جابه الطبيب "ليس ما يلزمك سوى هذا"(ص121).
اقتنع بعد حوار طويل مع الطبيب النفساني أن ينفذ وصيته لأنه الحل الوحيد والذي اقتنع بأنه الناجع لشاب بلغ الثلاثين سنة من عمره. تناول فطوره في اليوم التالي المتكون من تين جاف مغموس بزيت الزيتون مع خبز شعير مطلي بعسل أسود. أصلح من هندامه بعد أن أكمل حماما باردا لتسريع الدورة الدموية (ص123). توجه الى منطقة الميدان حيث توجد بيوت بنات الهوى. قضى وطره مع امراة أربعينية "دون أن يبخل عليها بتودًدات، يمتنع الرجال عن منحها لهن"(ص125). تبادلا الأحاديث ووجدا لغة مشتركة وهي قراءة الشعر وترديده. استمرت العلاقة بينهما ردحا من الزمن. كانوا يتكلمون عن مواضيع مختلفة وكيف وقع شاب في حبها حينما كان عمرها تسعة عشرون عاما حتى أنه عرض عليها الزواج(139).
يتمتع رياض رمزي بحسن اختيار اسماء اماكن ومناسبات من خياله أو حقيقية لأبطال روايته مثل ثانوية التسامي ومقاهى حراس الوطن ونزوات الفصول وأمجاد الماضي وصحيفة الفجر الجديد وشارع طالبي الحاجات وشارع الأمجاد وشارع ابطال الأمة وشارع الثوار وشارع الكفاح وساحة تحرير الأمة وشارع الكورنيش ومطعم راية الوطن وحانة غاردينيا والسمسارة أم غانم وجريدة بلادي الحبيبة ومستشفى ابن سينا وسينما بلادي الحبيبة وجامع الصحابيين وربوع ساقية البط قرب غابة أنوار الربيع ومدينة ثغر الصحراء مع ترعة الوطن وشجرة لسان الطير والمقبرة الوطنية وحانة جنة العصافير ومجلة سين وجيم والدفتر الجوال لكتابة العبارات والجمل كي يستخدمها بطل الرواية التي لا يبوح رياض باسمه، فعلى القارىء الذكي واللبيب أن يستنتج اسمه من سيق أحداث الرواية، وكذلك عيد النسيان وقاتل القطة وبائع الفول...الخ. سوف أقوم بفك رموز وطلاسم هذه الأسماء في نهاية المقالة من وجهة نظري وفهمي الشخصي لسياق أحداث الرواية.
تظهر أول جريمة اغتيال لشخص معروف بميوله اليسارية ودفاعه عن الجماهير المسحوقة حينما يعثر رب أسرة مع عائلته كانوا يتنزهون في الربيع على شاطئ نهر سريع الجريان بسبب كثرة الأمطار التي سقطت في الشتاء على جثة قتيل جرفها النهر، ويتبين من الأمر أن القتيل هو صاحب معمل ثلج اسمه يوسف (يقصد به يوسف سلمان فهد مؤسس الحزب الشيوعي العراقي) (ص224).
لعبت مدينة ثغر الصحراء مع ترعة الوطن التي تم حفرها بمناسبة مرور خمسين سنة على تأسيس وبناء المدينة دورا كبيرا بين الحواضرفي تقدم البلد. واشتهرت فيها شاعرة من الجنس اللطيف تمتدح كل من يحتاج الى مديح وثناء في المناسبات والأعياد الوطنية والاحتفالات العامة في البلدة. تتميز هذه الشاعرة كونها تستخدم صور مدح ذات تراكيب خيالية لم تخطر على بال شاعر آخر في العراق ...(أبدع فيها شيوخ السورياليين في أوروبا وجلبها الى الشرق حسين مردان. ص234). وهذه الشاعرة المدًاحة هي أم بطل الرواية التي تقع في غرام الشاعر حسين مردان.
وهكذا نرى أن رياض يستعمل في روايته أسماء صريحة معروفة في العراق لأبطاله مثل المطربة الغجرية حمدية صالح والمطرب الريفي سعدي الحلي اللذين اشتهر صيتهما في سبعينيات القرن الماضي وكذلك الشاعر حسين مردان الآنف الذكر...الخ. وهو يستعمل ايضا أسماء أماكن معروفة في بغداد كما هو الحال في شارع المتنبي ومقهى حسن عجمي (ص240). يزاوج رياض غيدان في روايته التيس الذي انتظر طويلا بين الأسماء الصريحة والأسماء المستعارة حتى يعطي الرواية نكهة خاصة بها وحتى يفرق القارئ اسلوبه عن أساليب بقية الكتًاب والأدباء.
يلعب قاضي مدينة ثغر الصحراء دورا مهما في اظهار الشاعرة الى الوجود وتعرفها على عالم الأدب والشعر بشكل أكبر، من منظفة بأجر رمزي في مكتبة "مؤسسة مد اليد للمعدمين" الى امرأة تكتب الشعر وتنشره في الملحق الأسبوعي لجريدة بلادي الحبيبة مما سمح لها بالتعرف على شاعر الحداثة حسين مردان ويتطور هذا التعارف الى علاقة حب جنسي بينهما (ص242).
بعد علاقة غرامية استمرت عدة سنوات لم تفلح من اقناعه بالزواج منها. قال لها بتشامخ: (زواج الشعراء يؤدي بأحدهم الى الانتحار، أو يكف أحدهم عن تعاطي الشعر. ص271). افتهمت من بعد هذه العبارة أنه لا سبيل الى الزواج منه، لذلك قررت في داخل نفسها أ ن تنهي العلاقة بينهما. (ولهذا ترًيثت كي تحرًرالكثير من الرموز المعتقلة خلف سجون سطح أقواله ص271). شعر بخيبة أمل في استمرار العلاقة الغرامية بينهما ولا سبيل الى ارجاع المياه الى مجاريها، حيث بدأ بمقارعة الخمرة والإفراط في تناولها ،وهذا ما أدى الى تدهور حالته الصحية ووفاته في مستشفى ابن سينا بمدينة ثغر الصحراء. أمثلة من صفحات النعي: (غاب عنا في عز عطائه الشعري، مات وراءه عدة دواوين شعرية، ولكن كاتبا واحدا في لهجة طافحة بالسخرية تجرأ على القول: مع مضي السنين، وبعد مئة سنة من الآن، ستذكره الأجيال المقبلة بعبارات مثل : شاعر مغمور عاش في عصر المغنية العظيمة حمدية صالح. ص 281-282) .
أتذكر بهذا الصدد نكتة روسية من أيام الدراسة في الاتحاد السوفيتي انتشرت بين الناس بعد وفاة ليونيد ايليتش بريجنيف (Л.И.Брежнев)- السكرتير الأول للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي- في خريف العام 1982 مفادها: سأل مدرس التاريخ تلامذته في المدرسة، من هو ليونيد ايليتش بريجنيف، سأل أحد التلاميذ فجاوبه بأنه لا يعرف ذلك الشخص فقال له المدرس ، اجلس فوضع له علامة الصفر، في حين رفع يده تلميذ آخر يضع نظارات طبية فوق عينيه وجاوب بأن ليونيد ايليتش بريجنيف هو ناشط سياسي عاش في زمن المغنية الروسية الشهيرة آلا بوغاتشوفا (Алл Бугачева). وللعلم أنها لا زالت حية ترزق لحد الآن وتزوجت من شاب يصغرها بحوالي ثلاثين سنة اسمه مكسيم غالكين(Максим Галкин) الذي قال حينما كان صغيرا سوف أتزوج من الخالة آلا (Тета Алла) وأعتقد أن الزميل رياض رمزي يتذكر هذه النكتة جيدا.
(قبل يوم من وفاته، وفي الثامنة مساءا، انسلت امرأة الى الردهة التي ينام فيها الشاعر، من باب المستشفى الخلفي.......دخلت الغرفة الي ينام فيها الشاعر، وهي تحتضن زهور الكاميليا على شكل طفل مقمًط بنسخة قديمة من جريدة بلادي الحبيبة، وفي اليد الأخرى كيس قماشي صغير وضعته على الطاولة قرب صحن من الفواكه وغادرت. عندما فتح المريض عينيه من نومه ورأي جريدة بلادي الحبيبة ....وكيس من القماش .....لم يبرح فراشه، بل مد يده، وعندما سمع قرقعة الحصى استوعب التفاصل (ص 282) . كان عدد الحصى تسع حصوات التي كان يرميها على شباك غرفتها في الطابق الثاني من العمارة السكنية التي تسكن فيها وهي بقدر عدد السنين التي استمرت العلاقة الغرامية بينهما. تذكر ما قاله لها يوما ما: "نحن الشعراء نعبًر عن مشاعرنا بطريقة رمزية"... لم يبق له من جهد سوى سحب الأنبوب المطاطي الذي يربط أنفه بقارورة الأوكسجين. ص282).
مات منتحرا شاعر الحداثة بإرادته مخلفا بعده قصة حب كان من الأفضل لو أكملها بالزواج من حبيبته التي عاشرها تسعة سنوات.
وكذلك مات في شهر آذار بطريقة مجهولة عادل مدير منظمة الدفاع عن المعدمين(يقصد به سلام عادل- سكرتير الحزب الشيوعي العراقي الذي قتله قادة انقلاب 8 شباط 1963)، إذ رمي من شرفة الطابق الثالث من البناية التي فيها مقر المنظمة. سجلت الحادثة ضد شخص مجهول(ص 282).
رجعت غازية الى بيت القاضي بعد هذه الأحداث التراجيدية التي مرت بها (بعد موت والديها والشاعر ومدير المؤسسة التي جردتها من وهم النبوغ بالشعر.(ص.283) ولم يكن أمامها من حل سوى ذلك. رحب بها القاضي وزوجته وحتى ساعدوها في حمل حقيبتها الى داخل البيت. كان القاضي يعرف بوفاة الرجلين وكان يدرك أنها عانت من فقر قد وضع بصمة على حياتها. انتشر في المدينة خبر عودتها الى بيت القاضي الذي بعد موافقتها ذهب الى شيخ المدينة ليطلب منه أن يزوجها لأحد أبنائه أو أحفاده. وبسبب ضعف نظر الشيخ اقترح تزويجها من ساقي القهوة الذي وافق على عجل بأمل أن يتدرج في الحياة الوظيفية بسرعة ويتبوأ منصباً جيداً. وخصوصا بعد أن عرف أنها تقرأ وتكتب وشاعرة في نفس الوقت. كانت شروطه ألا تسير بحذاء كعبه عال، لأنه لا يقبل الزواج من امرأة تزيده طولا أولا وأن تذهب الى مدينته حتى قبل اكمال دورة الشرطة الممتازة ثانياً(ص285). وافقت على الشرطين فورا دون لف ودوران لاسيما وأن زوج المستقبل أصغر منها بستة سنوات، وهذا غير مألوف في المجتمع الشرقي الذي يحبذ زواج الأبن من فتاة أصغر منه بحدود 18 سنة وهو أمر طبيعي.
أصبحت غازية زوجة شرعية لمن ينتظر خلال عام واحد أن يكون شرطيا من النوع الممتاز.......انصرفت في بيتها الجديد لطهي أطباق متعددة من الطعام وفق وصفات من كتاب التدبير المنزلي الذي جلبته معها من العاصمة(ص286). منع عليها قول الشعر ومنع اظهار كتاب بحضوره، وأن تتفرغ له في الليل وأن تقر بحقه في النهار(ص287). وهكذا تمضي السنين على غازية في عشها الزوجي. زوجها يتقدم في سلم الترقية خاصة بعد إنقاذه المزعوم لقائد الشرطة نتيجة إفشاله خطط المتآمرين ضده وحصوله على ترقية في الخدمة مع مكافأة من وزير الداخلية(ص289).
حصلت غازية على مكافأة نقدية سخية من القائد العسكري لمدينة ثغر الصحراء بعد القائها قصيدة في تمجيده حينما وضع الحجر الأساس لمعسكر بوابة الصحراء والذي مكنها من ارسال ابنها (بطل الرواية) ذو الخمسة عشر عاما الى العاصمة يغداد (ص291).
بعد شجار مع زوجها دام ثلاثة أيام بسبب اخفاءها نقود، هددها بحرق كل كتبها. قررت حينها أن تبدأ معركة ضد زوجها الذي كان يقضي ليالي حمراء في مضارب الغجر والتخطيط للتخلص منه بمساعدة سيد الغجر مقابل مبلغ مالي كبير. نجحت الخطة وأصيب بمرض السفلس وعمى الألوان بسبب خليط النورة الذي رمته في عينيه(ص297).
كان مدعو في أحد الأيام لحضور حفلة المولد النبوي وقد هيأ نفسه لذلك بإرتدائه ثوبا أبيض بأكمام طويلة "وصعد إلى السطح ليستقل أوتوستراد الجو نحو البيت الخامس على اليسار. عندما أصيب بالعمى صار يلجأ الى طريق السطوح للإنتقال الى بيت آخر. يحسب عدد الجدران الخفيضة بين البيوت التي عليه أن يتسلقها. دفعت لواحد من الأطفال، اللذين كانوا يلعبون على سطح البيت الرابع على اليسار، بقطعتين من حلوى النستلة وقالت له: "واحدة لك وواحدة لعمك عندما يمر". عنما وصل الى السطح الرابع وبدأ بقضم النستلة أضاع لشدة توتره حساب عدد ما عبره من سطوح فأنقصها بسطح واحد. عندما وصل الى آخر بيت أخطأ في العد واعتبره ما قبل الأخير، وما عليه سوى عبوره والوصول الى بيت صاحب الدعوة. لاحظ أن السطوح الخمسة انتهت بسرعة ولم يبق له إلا جدار أخير. وضع يده على الجدار الذي تبدأ بعده اتساعات البرية المنفتحة على الأفق فوقع وتهشم رأسه"(صس299) .
لم يسر أحد وراء النعش حتى الغجر اللذين كان له ديون عليهم ماعدا بعض الأطفال وإمام المسجد بحكم واجبه الديني(ص300). قررت غازية بعد موت زوجها التفرغ للمطالعة وللشعر، تساعدها في ذلك صاحبة حانوت في المنطقة التي تسكنها. تغير نمط حياتها الى النميمة وجمع أسرارعن الرجال ونساؤهم من خلال مشترياتهم من مختلف الأعشاب البرية التي من خلالها تعرف الأمراض التي تصيبهم مثل ورد لسان الثور ومغلي أزهار الزيتون وشراب منقوع النعناع وعصارة جذور السوسن واليانسون والسمسم والاقحوان ومعلومات عن شراء العسكريين المتقاعدين نبات الجرجير المخلوط بمرارة البقر لزيادة حركة الباه، ارتفاعا ملحوظا مع تأكيد الشاعرة أنها ستحترم الخصوصيات، لكنها تقوم بمساعدة الشعر برفع شأنهم ومزايا ما بالغوا بإخفائه (ص303).
كانت الشاعرة غازية تزور صاحبة دكان البقالة الذي تحول بمرور الزمن الى متجر لتجمع المعلومات المفككة كي تعيد تركيبها وتحليلها لجعلها قوية التأثير ولإلهاب خيال المستمعين(ص305). وتقول الشاعرة:"لا شىء يعلو على سلطان القافية. أنا أحول المكان المقفر الى ساحة فسيحة لحفلة يرقص فيها الجميع بحركات مجنونة، كنيران الشموع وهي تتراقص بفعل هواء مروحة، أمسك بيدي مفتاح تشغيلها..الخ" (ص307)..وهكذا تسيطر بهذه الطريقة على رجال المدينة اللذين يبقون يدورون في فلكها من أكابر القوم. وبهذه الطريقة كذلك تمت سيطرتها تدريجيا بمرور الزمن على رجال المدينة وتحركهم كما تشاء مثل بيادق الشطرنج. بعد انكشاف لعبتها القذرة وحينما اكتشفت زوجات أكابر القوم أنه لم يعد خافياً عليهن شكل المستقبل، قررن الرد بقصيدة شعرية تحول الى نشيد وبالتحالف مع أزواجهن ضد الأفعى(ص317) التي أشاعت الانحلال في المدينة وانخفاض مستوى الأخلاق مع مسخ للعلاقات الاجتماعية.
النشيد(ص318):
"يا زمننا تململ
لا تخلًي زلمنا ترحل
ترحل على غازية
غازية نار ولاعة
غازية سم وساعة
يا أفعى يا لساعة
لسعتني بطارف لساني
وشمتت عدواني
عدواني شرقي وغربي..."
انهزمت أمام قوة النشيد الذي صادف قدوم برد العجوز في شهر شباط وهي اشارة الى تهديد جدي لعظامها المصابة بالروماتيزم، حينها قررت الانزواء والبقاء في البيت. انهارت قواها الروحية التي استنزفتها علل غامضة لتعلن: "لم يبق من نهارنا الكثير، ليدركنا الليل الأخير"(ص319).
قرر الذهاب لزيارة أمه بعد أن وصلت اليه أخبار كثيرة عن مرضها والتي أجًلها عدة مرات لحين معرفته بأسباب جفوة قريحته. مع أنه قد زارها سابقاً ليومين فقط عشية موت أبيه ولكنه عاد بسرعة عندما طلبت منه ذلك.
كان لقاءا حارا لأنها لم تنتظر زيارته. بدا عليها الكبر وصعوبة الحركة مع سريان أمراض كثيرة في بدنها. حينما شاهد عوارض السقف الخشبية المنخورة وقد غطاها السخام ، أدرك أن أمه تقضي وقتها في الغرفة تطبخ طعامها وتشرب الشاي فيها. ومن ملاحظة طريقة سيرها التي تنفرد بها الأرامل وطبقة صوتها المختلفة عن أيام شبابها وظهور التجاعيد على وجهها أدرك أنها تمر بمرحلة الهرم والشيخوخة والمرض.
قالت له كمن اقترفت إثماً أورثها ألماً: "كلفني الشعر حياتي" ثم أضافت "الشعر سموم تصنعت على شكل وليمة لإشباع الفئران، التي بعد تناولها له تموت متخمة وهي ترفع أرجلها نحو السماء. كنست أدران الحمقى بمكنسة من ذهب. فأوصلني الأقزام وهم محاطون بالأغاني إلى هلاكي، عندما حملتهم على الظن بأنهم عمالقة"(325).
جرى الحديث بين الأم وابنها حول مواضيع شتى ولكنه كان صامتا وشارد الذهن. أصيبت الأم بالدهشة وهي تلاحظ كدرا باديا عليه دفعها للإعتقاد بأنه يمر بأزمة نفسية أو نكبة تجاوزت الحدود وأدركت أن الأمر خطير عندما لم يقرأ مقتطفات من أشعاره. في الساعة التاسعة مساءا قال :"أماه أنا متعب"(ص327). نام قرب الشباك المفتوح وجلست تنتظر قرب فراشه. بعد مرور ردهة من الزمن بدأ يتكلم في منامه، قال شيئا عن مدرس التاريخ والمرأة التي أحبها في منطقة الميدان وكيف أن رسالة واحدة منه حولتها الى عاهرة. وفي النهاية قال البيت الشعري التالي(ص328):
"وحالات الزمان عليك شتى وحالك واحد في كل حال"
عرفت من معنى هذا البيت الشعري ما جرى مع ابنها مثل السمكة التي ابتلعت طعما مسموما لاسيما وأنه يسعل سعالا قويا بسبب تدخينه المفرط. ولهذا قررت السفر الى العاصمة لتعرف سر صمته.
انتهى الفصل الثاني عشر بشكل مبهم أو بلغز نهاية الأم غازية بعد أن التقت برجل الدين في موقف السيارات في مدينتها وتحدث معها عن ظروف وفاة والديها. هل توفت الأم غازية بعد هذا اللقاء؟ سوف نحاول سبر سر ظروف وفاتها في الفصل الثالث عشر.
يبدأ الفصل الثالث عشر بمقدمة عن قاتل القطة وانقضاء عدة أعوام على ذلك الحدث الذي كان سببه ازعاج قطة ما لمدرس التاريخ الذي كان يجلس من العصر الى المساء في حديقته التي تثمر فيها عروش الكروم بأعناب يمكن عمل النبيذ منها. نجد في هذا الفصل أن قاتل القطة والذي هو مدرس التاريخ يعمل حارسا في مقبرة المثقفين، يجمع أكباد المتوفين لبيعها الى كلية الطب لقاء ثمن جيد. دلفت غازية على زيارة قبر الشاعر رائد الحداثة الشعرية حيث وضعت باقة زهور(ص332). جرى حديث طويل بين قاتل القطة وغازية حول الاحياة والموت والخلود. تذكرت في اليوم التالي حينما شاهدت حارس المقبرة تذكرت أن الذي يقف أمامها هو قاتل القطة من خلال صورته المنشورة في مجلة "سين وجيم". عرض عليها مخططاً للحل باستدراج الابن لمكتب صديقتها العرًافة(ص335).
قال مدرس التاريخ انه شاهد ابنها في محل الحلاقة وفي حانة جنة العصافير ويعرف ما حل به. وهو نشط للحصول على أية معلومات عن خط مسيره اليومي وتاريخ وأوقات وصوله الى منطقة أم القرى التي يقع فيها مكتب العرًافة.
اتفقت غازية مع صديقتها العرافة على موعد قدومه ورجتها أن لا تبوح له عن اتفاقهما حتى تتم الأمور بشكل جيد، بل دعيه يفهم انك جئت لتكشفي له معاني رسالة وردت اليه. واتفقتا على ان تقول له انه بمقدوره الرد على مدرس التاريخ ولكنه لم ينطق بجملة واحدة، وكان هذا مخطط مرسوم استدرجته اليه الأقدار. التقت الأم مرة أخرى بالعرافًة لتقدم لها مجموعة من النصائح بشأن ابنها، وبعد ذلك سافرت إلى مدينة ثغر الصحراء بعد زيارة دامت عدة أيام تاركة قضية ابنها في عهدة قاتل القطة والعرًافة.
بعد أيام قليلة من سفر أمه توجه الى بيت العرًافة وجال في بيتها الملئ بالصور وبالجمل ذات المعاني الفلسفية العميقة ومنها على سبيل المثال: "المنظر هناك"(ص351). عندما حاول حل اللغز وقعت عيناه على لوحة الذئب، التي أجهزت على ثقته بنفسه وزادت من شدة عريه أمامي(ص
352). ظل يستمع الى العرافة بدون أن يختلس نظرة الى جدران الصالة. لم يتكلم بزهو أو فخر أو حتى عناد. لقد وجد راحة نفسية عند العرًافة واسترخى وبدأ يتكلم بعبارات سهلة وبسيطة ومستقيمة بدون جمل اعتراضية تخلخل الأفكار الي يريد الوصول اليها بسرعة وبدون اسهاب. لقد أعطى علاج العرًافة ثماره الإيجابية وحل عقدته النفسية. كان كتاب "سليمان والرياح" الذي تم الاتفاق على اخراج رأسه من بين الكتب جلب له شهقة خرجت من مكان ما بين حناياه. وختمت العرًافة رسمية رسالتها الى غازية: إن كان هناك من نجاح فإنه يعود لك.أفكارك لا تشكو من عيب في صوابها(353). توفت أمه بعد شهر من ذهابه الى العرًافة وتركت له مبلغا من المال وعقداً من الماس وبيتاً(354).
يعد مرور سنة على وفاة أمه وعند حلول الربيع بدأت الاحتفال بعيد العزة القومية الذي يعتبر عيدا وطنيا وقوميا في آن واحد والذي يصادف في شهر آذار تحت شعار "يقاتلون بقرونهم وينتصرون بقلوبهم" بسبب صراع الأكباش (ص355). بدأت الاحتفالات في الثالث والعشرين من الشهر بعروض عسكرية ورياضية وكشفية. انتهى الاحتفال بوليمة يطبخ فيها لحم الكبش الفائز ويتسابق الجمهور للحصول على قطعة من لحمه، في حين يقوم أصحاب السيارات الجديدة بتلطيخ جانب منها تيمنا وطلبا للنجاح في الحياة. يرمي القصابون قلب الكبش المهزوم في حاوية القمامة حتى لا تنتقل عدوى الهزيمة الى أحد (ص357). ذهب في اليوم التالي في الساعة الثانية صباحاً الى ساحة الاستعراضات وأخذ قلب الكبش الأبيض من قعر حاوية القمامة. قام بأكله نيئاً. وظل لشهور عديدة يسمع رغاء في أوقات النور والظلام. لقد أراد في هذا العمل أن يحول الهزيمة الى انتصار في داخله. ولقد تمكن من ذلك في نهاية المطاف. وتوصل بعد ذلك الى ارادة قوية تمكنه من الوصول الى مملكة دحر المزاج، وكان هذا جل ما ينشده في حياته(ص367).
بعد فترة اعتكاف في البيت قرر الذهاب الى سوق السراي والتوجه الى مكتبة (الزوراء حسين الفلفلي تاسست سنة 1930) الفلفلي لشراء كتاب "إرادة الفصول "( البعث العربي ارادة الحياة – ميشيل عفلق - في سبيل البعث). لم يتردد ودفع كل ما يوجد في جيبه من نقود(ص369). قرأ الكتاب بتمعن شديد وببطء حتى يفهم ما كتب فيه من ألغاز وتواريخ مهمة لتقلبات الجو ومراحل الشمس وأبراجها ...الخ مثل 7 نيسان(ص381) (يوم تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي 7 نيسان 1947). والشعاع رقم 17- 17 تموز 1968 (ص390). على أثر هذه المعلومات المهمة استدعى هيئة أركانه المكونة من بائع الفول (عزت الدوري) وقاتل القطة (ناظم كزار) الى لقاء في مقهى حراس الوطن وشرح لهم نتائج ما توصل اليه من مراقبة الشمس. واحتكار ما يعرفونه عن ما يحدث في المستقبل قبل الآخرين وضرورة تحديد سعر لهذه المعرفة. عاهدوه على كتمان السر والطاعة والولاء، فأمر بتعيينهم في أعضاء في هيئة الأركان (مجلس قيادة الثورة) (ص391). فكر مليا بتمويل العمل الثوري ولا توجد وسيلة غير بيع الدار الذي ورثها من أمه وعقد الماس والأشياء الثمية الأخرى. اختاروا مكان لمقر القيادة في منطقة بطاح العرب في الجانب الشرقي من المدينة. حددوا يوم 17 قدوم الشهاب (حمادي شهاب آمر اللواء المدرع العاشر المسؤول عن حماية العاصمة بغداد) اللامع والذي يحمل رقم 17 (17 تموز 1968) لبداية استلام السلطة. بعد تنفيذ الخطة التي اعدت لاستلام السلطة تمكنوا من النزول من خزان الماء في الجانب الشرقي في المدينة الذي اختالروه ليكون مقرا لهم. توجهوا بسيارة يقودها بائع الفول نحو مقهى حراس الوطن لتجنيد جنودا فروا من الحرائق بسبب الشعاع الحارق رقم 17 واللذين طاردتهم مفارز الجيش لإعادتهم الى وحداتهم التي فروا منها وآخرين ممن كانوا يبحثون عن عمل. اجتمعوا برواد المقهى وبينوا لهم أهداف السلطة الجديدة. القى السائر الأبدي- وهو بطل الرواية (صدام حسين) خطابا حماسيا وهو يشير الى الأفق بإصبعه: "نحن الفرقة الناجية التي يقع على عاتقها طرد الملة الضالة التي هربت تاركة عاصمتنا تدوسها االنيران......الخ لدينا المال والسلاح ... الخ"(ص417).
قام قاتل القطة بالاستيلاء على شاحنات الوقود وتشكيل فرقة للمدفعية ...الخ ومن جهة أخرى قام بائع الفول بتوزيع الحصص التموينية على الأهالي وكذلك الدواء من مراكز خاصة أعدت لهذا الغرض(ص418). قام قاتل القطة ومن معه من أنصاره بالقضاء على بقايا الجيوب من الجيش المعادي بعد معارك ضارية في أنحاء مختلفة من المدينة.
أول عمل قام به (بطل الرواية) بعد انتصاره أنه أمر بسلخ جلود الأرانب وعمل منها سجادة لأداء صلاة الشكر أمام جنوده. دخل الى العاصمة بسيارة يقودها بنفسه نصب عليها مدفع رشاش وخلفه مجموعة من جنوده في شاحنة يرفعون بنادقهم وقد شكت بحرابها أرغفة خبز ولافتة مكتوب عليها: "هذا ما نحن قادرون على جلبه لكم". سار الجيش وفق خطة أعدت من شارع الأمجاد ثم الكورنيش نحو مدرسة التسامي. "عندما طلب من طلائع جيشه المرور أمام وزارة الدفاع قرب ساحة الميدان، ذكره قاتل القطة بأن المنطقة أزيلت بأسرها منذ زمن"(ص430).
حينما وجه أول خطاب الى الأمة والذي أملاه عليه بائع الفول، شعر بأن الخطاب يحتوي على عبارات لا تليق بانتصاره مثل: ""أقسم بحليب أمي الجمل التي لم يكلف استحضارها سوى بضع ثوان. وكان خطابا أدعى الى الخيبة منه الى الغبطة. عادت إليه موهبة الكتابة في وقت انتفت فيها الحاجة اليها، كنقود لم تتوفر عندما كان بحاجة اليها مصاب بمرض وقر الأذنين(ص432). قرر تحويل حياة رعاياه إلى رواية أطلق عليها اسم"صنبور الإكتئاب العام"( صدام حسين، رواية زبيبة والملك، صدرت في العراق سنة 2000)(ص434).
كان يتابع مسيرة روايته على الأرض وحصل منها على نتائج مؤكدة جعلته مغتبطا بها. لكن نجاحه لم يكن كاملا لأن الوقت لا يكفيه ولم يبق الكثير من العمر لنيل الشهادة من مدرسة التسامي بعد أن ذبل وجهه وانكمش جسده من شدة الشيخوخة(ص439). وصل اليه خبر منحه شهادة دكتوراه فخرية في علوم الجو من أرقى جامعة في الوطن. طلب من اللجنة المشرفة على الاحتفال أن تصدح أغنية قام بإختيارها بنفسه:
"أتاني زماني بما أرتضي فبالله لا تنقضي"(ص440)
في غمرة الخطب الحماسية اثناء الإحتفال وقع بصره على امرأة تجلس في قلب الحاضرين تنثر شعرها على كتفيها....الخ(ص441) أعجب بها. أيقظت فيه شبهاً بحالة قديمة لم ينسها قط وكا يحسب أن عودتها له مستحيلة..... كان آخر ظهور لها قبل أربعين سنة. دعاها لتناول الطعام في قصره. قالت انها أم لطفلة يتيمة مات والدها. قام بتبنيها وأصدر أمرا باعتبار والدها شهيدا لكي يضمن له حقوقه عند الرب(ص442). توجت علاقتهما بالزواج وتبني ابنتها.
في صباح الأول من شهر تموز اختطفت المرأة التي أحبها والتي أطلق عليها اسم شذرة. ماتت بفعل لسعات الدبابيروأن الجريمة حدثت في مزرعة مرج الزهور التي كان يتردد عليها بائع الفول. قبض عليه وعذًبه حتى الموت.
بعد موت بائع الفول بعدة أشهر قررت مجموعة من أنصاره اعداد خطة مدروسة جيدا للقضاء عليه. وفي مقتبل شهر شباط تسلل خمسة أشخاص الى القصر بملابس بيضاء مع آلة لرش مادة دي دي تي لتطهير القصر الذي تعرض الى اهمال جراء موت سيدته الأولى. معهم تصاريح مزورة. كانوا يعرفون مداخل القصرالتي زودهم بها بائع الفول قبل موته. قام بالتجول مع ابنته المتبناة الحزينة على فقدان أمها التي طلبت منه أن ينزهها في الحديقة. كان الرجال الخمسة قد رشوا أشجار الورد بسموم السيانور عدة مرات. عثرت الفتاة بواحدة من الأحجار التي وضعها الرجال خصيصاً وسقطت على النبات الشائك المسموم التي جرحها في عدة أماكن. أقبلت اليه باكية فقام بوضع يديها المجروحة في فمه. دخلت السموم في جرح التجويف الفارغ من الضرس الذي قلعه قبل ذلك. انتشر السم في بدنه. طلب من مرافقيه احضار ورقة وقلم وبدأ يكتب: "ماذا لو تزوج حسين مردان من أمي؟". ثم مات(446).
ملاحظة: الجمل والعبارات التي تحتها خط من كاتب المقالة.



#سناء_عبد_القادر_مصطفى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقالة نقدية حول كتاب التيس الذي انتظر طويلا
- تأثير جائحة كورونا على تدهور أسعار النفط العالمية والديون ال ...
- التبعات الاقتصادية لجائحة كورونا وتأثير تدهور أسعار النفط ال ...
- الضرورة التاريخية لتأسيس حزب لمنتفضي ساحات انتفاضة تشرين الس ...
- الاقتصاد السياسي لمزاد العملة في العراق أحد أسباب انتفاضة تش ...
- البرنامج الاقتصادي-الاجتماعي للثورة الشعبية السلمية في العرا ...
- الاقتصاد السياسي لانتفاضة تشرين العراقية
- الاقتصاد السياسي لإنتفاضة تشرين العراقية
- الواقع الاقتصادي-الاجتماعي للمرأة في العراق
- مشاكل تطوير صناعة الزيوت الزيوت النباتية في العراق في سبعيني ...
- تكيف القطاع الزراعي في روسيا الإتحادية ازاء العقوبات الأمريك ...
- ذكرياتي عن الشهيد خالد محمود أحمد الأمين
- كيف استفادت روسيا من العقوبات الاقتصادية الأمريكية لصالح تطو ...
- هيمنة البروليتاريا الرثة على موارد الإقتصاد العراقي
- النرويج - البلد الاسكندنافي الذي لايريد الإنضمام الى الإتحاد ...
- كيف تعاملت روسيا مع الأزمة الإقتصاية في العام 2008
- في يوم الشهيد الشيوعي في العراق أدون رثاءا للشهيد الدكتور جا ...
- المفهوم العلمي للتخطيط الاقتصادي وتطبيقاته في الاتحاد السوفي ...
- تأمين منشئات القطاع الصناعي وتأثير ذلك على تطور الاقتصاد الو ...
- نجاح الاستثمار في المشاريع الصناعية الصغيرة والمتوسطة الحجم ...


المزيد.....




- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سناء عبد القادر مصطفى - تقييم رواية التيس الذي انتظر طويلا