أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض حسن محرم - دور الذكاء فى استمرارية -عادل إمام- ونجوميته















المزيد.....

دور الذكاء فى استمرارية -عادل إمام- ونجوميته


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 6583 - 2020 / 6 / 4 - 20:44
المحور: الادب والفن
    


في سبعينات القرن الماضى علا صيت مجموعة من الدعاة على منابر بعض المساجد المشهورة فى مصر كالشيخ "احمد المحلاوى" بمسجد القائد ابراهيم بمحطة الرمل ، والشيخ "محمود عيد" بمسجد السلام بمحطة الهداية، والشيخ "ياسين رشدى" بمسجد المواساة "وجميعهم بالأسكندرية" وكذا فى باقى المحافظات وجلهم من الإخوان المسلمين"، وكان مسجد النور بمنطقة دير الملاك بالقاهرة قد تم احتكار منبره بواسطة الشيخ "عبد الحميد كشك"، الذى صنع شهرته بتطاوله على السادات وزوجته، وعلى معظم فنانى ذلك العصر وعلى رأسهم "أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم" باستخدام السجع والألفاظ البذيئة، ومن الممثلين فقد ركّز هجومه على "عادل إمام" وكان من ضمن ذلك جملته الشهيرة ( رجونا الله أن يرزقنا بامام عادل، فابتلانا بعادل إمام).
لاشك أن الفنان عادل إمام شكّل ظاهرة حقيقية ليس فى السينما وحدها، يكفى أنه تربّع وحيدا على القمة لعدة عقود منفردا، وقد لعب ذكاؤه الشخصى الدور الأكبر فى تلك المعادلة، الذى نجح فى اختيار أعماله بشكل متنوع، ومزج فى تلك الأعمال بين الكوميديا والرومانسية لكنها بالأساس تعرض أفكارا وقضايا اجتماعية، منحازة عادة للفقراء والمهمشين وضد الإسلام السياسى وعمليات التجارة باسم الدين، بطريقة كوميدية ساخرة، وقد برز نبوعه فى التمثيل منذ التحاقه بكلية الزراعة بجامعة القاهرة عام 1960، وضمّه فؤاد المهندس الى فريق عمل مسرحية "انا وهو وهى" فى دور كاتب المحامى "دسوقى أفندى" وهو ما يزال طالب بالكلية، فكان بالنسبة له تدشين لنجوميته، وصك عبارتة "بلد شهادات" فى عقل المشاهد، واستمر نشاطه المسرحى مع أدوار سينيمائية ثانوية حتى عام 1973 حيث تصّدر مسرحية "مدرسة المشاغبين" لعى سالم، فارضا حضوره ونجوميته.
بعد حرب 1973 مرت مصر بحالة من السيولة الإجتماعية، وحدثت حالة من الفوضى الإقتصادية، ونهوض طبقة اجتماعية من الرأسمالية الطفيلية، وهبوط حاد لباقى طبقات المجتمع، تلك الحالة التى وصفها الكاتب "أحمد بهاء الدين" بالإنفتاح ..سداح مداح"، تلك الأوضاع التى التقطها "عادل امام" بذائقة لمّاحة، فجسدها سينيمائيا فى مجموعة من الأفلام، جسد فيها الطفيلى الجديد، ذلك الديكتاتور الباحث عن أموال الفقراء بأى وسيلة، ومثّل هو دور الإنسان المسحوق، المضحوك عليه ، الذى ينتفض فى وجه ذلك الرأسمالى ليقضى عليه وسط تصفيق الجمهور وإعجابه، افلام من نوعية "المحفظة معايا" و"رجب فوق صفيح ساخن" ورمضان فوق البركان" و" الغول" وغيرها، بالإضافة لمجموعة من افلام المقاولات المليئة بمشاهد الإغراء والأكشن ك" عنتر شايل سيفه" و"خمسة باب" وغيرها، تلك التوليفة التى لاقت قبول المشاهد واعجابه.
عبّر عادل إمام من خلال أعماله عن واقع المواطن المصري، وما تعانيه الطبقات الفقيرة المسحوقة والمقهورة بعباراتٍ ساخرة، ولكنه فى معظم أعماله كان يغازال النظام الحاكم سياسيا ويتبنى أطروحاته، بل كان على علاقة مباشرة مع كثير من رموز السلطة، منهم ابنى حسنى مبارك علاء وجمال، بل أدلى بتصريحات ضدّ حركات المقاومة للاحتلال الصهيوني كنوع من المغازلة المجانية والانتهازية للنظام الحاكم، ولم يشفع له وقوفه “المتأخر” مع ثورة ينايرفى تبييض ساحته السياسية، وكانت الفكرة الرئيسية فى اعمال عادل امام تدور حول أن الفساد يأتي من الذين يحيطون بالرئيس وليس من الرئيس نفسه أو أولاده..
لا أحد ينسى لعادل إمام بعض المواقف الشجاعة فقد قام ببطولة أفلام فيها انتقاد حاد للإخوان المسلمين مثل فيلم "الإرهابي"، وكانت آخر معاركه مع التيارات الدينية قضية "ازدراء الإسلام" التي اتًّهم فيها بالسخرية من الدين ورجاله، وانتهت القضية برفض تلك الدعوى، بينما كان فى الحقيقة أن المقصود بتلك القضية هو استهداف السينما المصرية، فى اطار الهجمة الظلامية على الفنون والإبداع عموما.
أن السبب الرئيسي لشهرة و استمرارية عادل إمام و هو ليس موهبته التمثيلية فى الحقيقة، بل ذكاؤه العملى ، و الذي أقصده بالذكاء العملى أنه يفهم القوانين التي يعمل بهاالسوق الدرامي، يفهم استراتيجيات اللعبة و ينخرط فيها بحنكة و دهاء، هناك ممثلون آخرون يتفوقون على عادل إمام من ناحية الموهبة ( أحمد زكي وسعيد صالح مثلا )، ولكن التوظيف الذكى لأعماله وانتشارها ميزة قد تميز بها عادل امام، وكما قال " مارتن سكورسيزي": إذا أردت أن تستمر في السوق الفني، فعليك أن تشترك في أعمال لا تؤمن بها، أي أن تعمل فيها فقط لإرضاء المنتج، و بعد أن يرضى عنك المنتج، ستستطيع أن تنتج الأعمال التي تمثلك فنيا و ذوقيا و فكريا، وهذا ما عمله عادل امام، إنه يجب عليك أن ترضخ في كثير من الأحيان لمتطلبات و أوامر أصحاب رؤوس الأموال لكي تستطيع أن تدخل المجال الذي يتحكمون فيه و بالتالي لكي تستمر في هذا المجال و تضمن بقاءك لأطول فترة ممكنة، وهذا بالضبط ما قام به، عندما بدأ ثلاثيته الشهيرة «رجب فوق صفيح ساخن ١٩٧٩، شعبان تحت الصفر ١٩٨٠، ورمضان فوق البركان ١٩٨٥»، وهى الأفلام التى حققت إقبالا جماهيريا كبيرا، أمسك حينها بملمح من شخصياته فى هذه الأفلام، دام به وداوم عليه، وهو أن يكون ابن البلد، أو البطل الذى يستطيع أن يفعل ما يعجز عنه الآخرون، يحقق للضعفاء والبسطاء والغلابة ما يريدونه وهم جالسون فى مقاعدهم بقاعة السينما، أو أمام التليفزيون، فليس أمام الناس إلا الحلم ببطل أسطورى، يخرج من بينهم لينقذهم مما هم فيه، لقد لعب على هذا الوتر طويلا، وفى التسعينيات قدم رباعيته الرائعة مع وحيد حامد وشريف عرفة «اللعب مع الكبار ١٩٩١، الإرهاب والكباب والمنسى ١٩٩٣، طيور الظلام ١٩٩٥»... لقد أراد أن يشعر بالزعامة السياسية كما شعر بالزعامة الفنية، إن قيمة عادل إمام الحقيقية أنه لم يكن منظرا سياسيا حتى لو حاول ذلك، ولم يكن زعيما سياسيا حتى لو حاول البعض إقناعه بأنه مؤهل لهذا الدور، كان فقط ممثلا عظيما يجيد الأدوار، دون أن ينتمى إليها، ودون أن يجيد الحديث عنها، ولذلك فمعظم أفكار أفلامه لا تنسب إليه، بل تنسب إلى من كتبوها وأخرجوها.
عندما تتأمل فى تجربة عادل إمام الفنية، ستدرك أنك أمام نجم استثنائى، استطاع أن يهزم الزمن، وهو أمر لا يتكرر كثيرًا، فى نهايات التسعينيات كان محمد هنيدى ورفاقه، قد اخترقوا مجال الكوميديا، كانوا أكثر شبابًا، صحيح أنهم جميعًا خرجوا من معطف عادل، لكنهم كانوا أكثر حيوية، وقدرة على مخاطبة الأجيال الجديدة. وقتها اعتقد البعض أن عادل إمام انتهى، بل بدأوا فى الترويج لذلك، معتقدين أن الزمن لم يعد زمنه، والعصر لم يعد عصره، عانى عادل كثيرا، تراجعت إيرادات أفلامه، أصبح هناك نجوم آخرون يذهب لهم الجمهور السينما، دخل فى منافسة أحيانا كثيرة غير متكافئة، لكنه أصر على الاستمرار، كان يعافر حتى لا يطول أحد عرش الكوميديا وهو موجود، وقد تحقق له ما أراد، لمعت نجوم هنيدى ورفاقه وانطفأت، وعادل لا يزال صامدا بكل شموخ، فحتى الآن هو الأغلى أجرًا، وحتى الآن هو النجم الأكثر مشاهدة، حتى لو كان ما يقدمه لا يتناسب مع تاريخه وقيمته وقامته، السلام عليكم.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجديد الفكر أم تجديد الدين ..بأيهما نبدأ؟
- الذكرى المئوية لميلاد مغنى الثورة -الشيخ إمام-
- الجدل حول -ابن تيمية- مرّة أخرى
- العسكرتاريا السلطوية فى مصر
- موت فى الظهيرة
- السلطة تواصل قمعها تحت غطاء جائحة كورونا
- عالم ما بعد كورونا .. مختلف عمّا عليه الآن
- 3- أزمة اليسار المصرى – الحلقة الثالثة – سنوات التأسيس الأول ...
- قراءة ثانية فى خطة ترامب لحل القضية الفلسطينية
- 2- أزمة اليسار المصرى -ثورة يناير واليسار-
- أزمة اليسار المصرى .. أزمة منهج أم خلل بنيوى؟
- غياب السلطان قابوس.. وانتهاء مرحلة
- عن الإسلام السياسى وقضية مصافحة النساء
- دور إعلام السلطة فى تشويه رموز ثورة يناير 2011
- عام على ثورة الشعب فى السودان .. خبرات ودروس
- مسلسل ممالك النار kingdoms of fire .. واحتلال الأتراك لمصر
- حول الأزهر وقانون الأحوال الشخصية الأخير
- إبراهيم فتحى ..تلك الشجرة السامقة المثمرة
- المقاول والرئيس .. إذا اختلف اللصوص
- دور الأزهر في تخلف الخطاب الدينى


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض حسن محرم - دور الذكاء فى استمرارية -عادل إمام- ونجوميته