أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - من نقد الدين إلى وحدة الأديان في الثقافة الاسلامية(6)














المزيد.....

من نقد الدين إلى وحدة الأديان في الثقافة الاسلامية(6)


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 6571 - 2020 / 5 / 22 - 12:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


النقد العقلي للأديان في علم المِلل والنِّحَل
(موقف الشهرستاني من الدين)

لقد تمثل الشهرستاني في موقفه من الأديان تقاليد الرؤية العلمية. لهذا لم يصب انتقاده إياها في تيار الاتهام والتفنيد الميز للرؤية العقائدية. على العكس انه حاول أن يبين معالم الاشتراك والخلاف الضرورية بينها. واستند في موقفه هذا إلى المبدأ العام في تقسيمه لأهل العالم حسب "الآراء والمذاهب". ذلك يعني انه جعل من الفكرة والعقيدة مادة للتحليل والتقييم والتصنيف. وعلى هذا الأساس ميز "أرباب الديانات" عن "أهل الأهواء والآراء". وادرج في الأوائل المجوس واليهود والنصارى والمسلمين. ثم قسّم هؤلاء إلى من له "كتاب منزل محقق" كاليهود والنصارى والمسلمين، والى من عنده "شبهة كتاب" كالمجوس والصابئة. واعتبر "أهل الدين" من يقول بالأحكام الشرعية والعقلية .
واعتبر الدين أيضا ملة، وجد ضرورتها في ضرورة الاجتماع نفسه. وانطلق في رؤيته هذه من أن الإنسان يحتاج إلى اجتماع، وصورة هذا الاجتماع على "هيئة الانقياد والطاعة" المبنية على الإقرار بالنبوات والأحكام الشرعية والعقلية هي الملة. والطريق الذي يوصل إليها هو المنهاج والشرعة والسنّة. والاتفاق على السنّة يصنع الجماعة. وتاريخ الأديان هو نماذج متنوعة لتشكيل الملة. واكبر الملل تاريخيا هي الملة الإبراهيمية – الحنيفية، التي ادرج فيها كل من اليهودية والنصرانية والإسلام. واعتبر الأمة اليهودية اكبر من النصرانية انطلاقا من أن الشريعة كانت في البدء لموسى. بينما لا يتضمن الإنجيل أحكاما ولا يستبطن حراما ولا حلالا، إنما هو مجرد رموز وأفعال ومواعظ وزواجر. وما سواها من الشرائع والأحكام فهي من التوراة . لهذا اعتبر النصرانية يهودية محوّرة ومبدلة، وذلك بتغييرها السبت إلى الأحد والسماح بأكل لحم الخنزير وكذلك موقفها من الختان والغسل . وهو سرّ الخلاف والعناد بينهما. فاليهود تقول ليست النصارى على شئ، والنصارى تقول ليس اليهود على شئ، بينما يقول الإسلام "لستم على شئ حتى تقيموا التوراة والإنجيل" . بعبارة أخرى، إن افتقاد اليهود والنصارى لهذا "الشيء" يقابل في منظومة الشهرستاني افتقادهما لحقيقة الطاعة باعتبارها جوهر الدين. والمقصود بالطاعة هنا الاستفادة. فهما لم يستفيدا من حقيقة التوراة والإنجيل ولم يطبقاها، باعتبارهما كتبا في سلسلة التوحيد. وبالتالي لم يستفيدا مما قبلهما، انطلاقا من أن حقيقة الدين بالنسبة للشهرستاني هي الاستفادة العقلية وليس النقلية، أي المجتهدة وليس المقلدة. من هنا فكرته عن أن المستفيد من غيره مسلم مطيع . وهو سبب اعتبار الإسلام اليهود والنصارى "أهل الكتاب" من غير المسلمين، أي أولئك الذين يقولون بشريعة وأحكام وحدود وإعلام لكنهم خرجوا عن حقيقة الملة الحنيفية . ذلك يعني أن إيمانهم لم يكن استفادة عقلية مستمرة، لان الدين الحق بنظر الشهرستاني هو الذي يقترن بالتكميل. بحيث يكون مصدقا لمن قبله من الشرائع الماضية والسنن السالفة "تقديرا للأمر على الخلق وتوفيقا للدين على الفطرة" . لهذا قيل "إن الله أسس دينه على مثال خلقه ليستدل بخلقه على دينه وبدينه على خلقه" . وهي رؤية عقلانية عميقة من حيث مضمونها وتستند من حيث الجوهر إلى موقف ثقافي يقر بالتكميل، باعتباره استمرار مبدعا لتراث الأمم السالفة. ووضع هذه الرؤية الثقافية في مقارنته بين تراث "أهل الكتاب" و"أهل الإسلام" على الشكل التالي
أهل الكتاب اهل الاسلام
يذهبون مذهب بني اسرائيل يذهبون مذهب بني إسماعيل
نوره من الظاهر نوره من الباطن
يستدل عليه بظهور الأشخاص يستدل عليه بإبانة المناسك
قبلتها بيت المقدس قبلتها بيت الله الحرام
شريعتها ظواهر الأحكام شريعتها رعاية مشاعر الحرام
خصماؤهم المباشرون فرعون وهامان خصماؤهم المشركون وعبدة الأصنام

ذلك يعني أن ما يميز الإسلام عن "أهل الكتاب" هو تمثله لسنن وشرائع الماضي من خلال استفادته العقلية منها. فهو لا يأخذ الأمور بالتقليد الظاهر، بل بالمعنى الباطن، أي من خلال إدراك حقيقة ما فيها من النور المبصر لحقيقة التوحيد. من هنا فهو لا يرتبط بالأشخاص أيا كانوا، بل بالفكرة. وهو الأمر الذي حدد موقفه من ماهية الشريعة ووظيفتها. فهو لا يتمسك بمظاهر الأحكام التي تقنن الأفعال وقياسها بما هو وراد في كتبهم، بل برعاية المشاعر الحرام. وهي فكرة تعبر عن ماهية النور الباطن وجوهرية الفكرة أو المبادئ التي تعطي لرعاية الروح والجسد أولوية في العلم والعمل. من هنا شموليتها في المواقف. فهي لا تخاصم أشخاصا، بل تواجه فكرة ومبادئ. فهي لا تخاصم فرعون وهامان، بل المشرك والوثني. من هنا استنتاج الشهرستاني عن أن الإسلام مقارنة بمن سبقه من أديان الملة الإبراهيمية هو الممثل الحقيقي للحنيفية. فقد اختص موسى بالتنزيل وعيسى بالتأويل، ومحمد بالجمع بينهما . ذلك يعني أن ما يميز الديانة الإسلامية هو اعتدالها وجمعها بين إبداع أمم الحق. انطلاقا من وجود "أمة حق" و"فرقة ناجية" في كل دين وأمة. وهي فكرة تمثلت وجسدت بصورة عقلانية روح الوحدة الإنسانية والاعتدال العقلي تجاه التنوع التاريخي فيها، باعتباره تنوعا ضروريا. إلا أن منطق الاستفادة يفترض الاستمرار في تعميق وترسيخ منطق الحق والحقيقة فيها. وهو توجه يبدع بالضرورة روح البحث عن اليقين الخالص والاعتدال العقلي – الأخلاقي فيه. وبالتالي التأسيس لإمكانية الأصالة الثقافية والجمعية الإنسانية، التي حصلت على نموذجها الروحي الرفيع في نظرية "وحدة الأديان" الصوفية، وبالأخص عند ابن عربي وعبد الكريم الجيلي.
*** *** ***



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النقد العقلي للأديان في علم الِملل والنِّحل(5)
- النقد العقلي للأديان في علم الٍِمَلل والنِحَل(4)
- من نقد الدين إلى وحدة الأديان في الثقافة الاسلامية(3)
- من نقد الدين إلى وحدة الأديان في الثقافة الاسلامية(2)
- من نقد الدين إلى وحدة الأديان في الثقافة الاسلامية(1
- الهوية الوطنية العراقية: الخلل والبدائل
- عمران بن حطان الخارجي: ممثل الوجدان والعصيان
- -الصحوة السلفية الجهادية- العراقية نموذج للانحطاط المادي وال ...
- الغلو الديني والعقائدي - هاوية الإرهاب والفساد(1-2)
- «الإرهاب الإسلامي» السلفي وتحطيم العدل والاعتدال
- «الإرهاب الإسلامي» السلفي في العراق: المقدمات والنتائج.
- نفسية وذهنية المؤامرة والمغامرة في العراق (3-3)
- نفسية وذهنية المؤامرة والمغامرة في العراق (2-3)
- نفسية وذهنية المؤامرة والمغامرة في العراق (1-3)
- ظاهرة المؤقتين الجدد وضمور المرجعية الوطنية (4-4)
- ظاهرة المؤقتين الجدد وضمور المرجعية الوطنية (3-4)
- ظاهرة المؤقتين الجدد وضمور المرجعية الوطنية (2-4)
- ظاهرة المؤقتين الجدد وضمور المرجعية الوطنية (1-4)
- صعود المرجعيات الدينية وهبوط السياسة المدنية (3-3)
- صعود المرجعيات الدينية وهبوط السياسة المدنية (2-3)


المزيد.....




- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - من نقد الدين إلى وحدة الأديان في الثقافة الاسلامية(6)