أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمدى عبد العزيز - كيف عثرت (نرجس علي ريحان) علي أرض الأحلام ؟














المزيد.....

كيف عثرت (نرجس علي ريحان) علي أرض الأحلام ؟


حمدى عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 6490 - 2020 / 2 / 12 - 23:52
المحور: الادب والفن
    


دائماً ماأجد نفسي مشدوداً لمشاهدة فيلم (أرض الأحلام) للرائع داود عبد السيد ..

ودائماً ماأحس أن هناك ثلاث أسباب رئيسية تفسر هذا الانجذاب الشديد نحو هذا الفيلم

أولها / موسيقي الرائع راجح داود بأجوائها المشعة بعناصر الخفة والرشاقة الموحية في نفس الوقت للدلالة علي تلك الليلة التي تدور فيها أحداث الفيلم ، وهي ليلة رأس السنة الميلادية ..

ثانيها / ذلك الأداء الإستثنائي للفنانة الراحلة فاتن حمامه والذي دخلت عبره في تحدي كبير مع نفسها ومع نمط الأداء التشخيصي السائد في السينما المصرية لتبلغ ذروة من الأداء البارع الذي يجمع بين البساطة والعمق والإلمام بأبسط وأعقد تفاصيل الشخصية الرئيسية في الفيلم والتي تجسد فيها فاتن حمامه دور (نرجس علي ريحان) السيدة المصرية الأرملة التي هاجر أحد أبنائها إلي أمريكا ، ويحاول أولادها حملها علي الهجرة إلي الولايات المتحدة الأمريكية بهدف أن تسهل هي بالتالي وبدورها حصولهم علي تأشيرة الهجرة إلي (أرض الأحلام) ويحصلون لها علي تأشيرة الدخول للولايات المتحدة في سابق مرتين ولكنها لسبب أو لآخر تتأخر في السفر ، وتصبح التأشيرة الثالثة التي أرسلها الأبن الذي نجح في الهجرة إلي أمريكا هي المحاولة الثالثة والأخيرة التي يسقط بعدها حقها في طلب الهجرة للولايات المتحدة ، ويتصادف - في ظل توترها وترددها الذي يعبر عن رفضها الداخلي الكامن لفكرة الهجرة التي يدفعها إليها أبنائها - أن تكون ليلة مغادرتها هي ليلة رأس السنة الميلادية ، ويتصادف أن تجمعها سلسلة من الأحداث المترتبة علي اكتشافها ضياع الباسبور الخاص بها برؤوف حبشي أحد فناني الألعاب السحرية والذي يقدم ألعابه السحرية كأحد فقرات سهرة عيد رأس السنة في الفنادق والكازينوهات الليلية ، وتدور هذه السلسلة من الأحداث ليترتب عليها إلغاء فكرة الهجرة بشكل نهائي ..

بالطبع جسد الفنان يحيي الفخراني شخصية (رؤوف حبشي) بتمكن شديد كعادته ..
والدور يتناسب تماماً مع طريقة يحيي الفخراني العبقرية في الآداء ، وهي منطقة من الآداء سبق أن أجاد فيها سواء في مسلسل (أوبرا عايده) أو في (زيزنيا) مع فارق الأعمال والقصص والشخصيات بين هذا وذاك ..

لكن فاتن حمامه كانت مدهشة ومبهرة في هذا الدور الذي لم تؤدي مثله علي مدي تاريخها السينمائي الطويل ، ولعل ذلك مرجعه أنها لم تتعالي - وهي من هي - علي فكرة أن تطور آدائها وتقدم دورها بطريقة جديدة لم تكن معهودة لها من قبل ولعل تلك اللدغة التي لازمت نطقها لحرف الراء بالتلازم مع تلك التلقائية التي تصل بالشخصية إلي درجة الغلب والسذاجة في بعض الأحيان تعبيراً عن نرجس التي بدا عليها كما لو أنها تواجه وحدها في تلك الليلة عالم ماهو خارج جدران البيوت لأول مرة ، وبدت طوال الوقت كتائهة ومع الوقت نكتشف وتكتشف هي أن هذا التشتت وهذا الإرتباك الذي تعيشه هو بداية للعثور علي نفسها والذي يتوازي مع عثورها علي الباسبور الخاص بها بعد أن تنتهي تأشيرتها وتنتهي معها فرصة نجاح آخر محاولة للحصول علي الهجرة لأمريكا ، ولتكتشف أن الباسبور كان أقرب إليها مما كانت تبحث طوال الوقت ، هذا البحث الذي كان في حقيقته هو بحثها عن ذاتها ، وعن طريقة جديدة تعيش بها الحياة علي الأرض التي ولدت فيها ، وأن أرض الأحلام الحقيقية هي ماوجدته داخلها من نوازع ودوافع جديدة للحياة ، وهي الأرض التي تألفها الروح ، وليست الأرض التي أراد لها أبنائها أن تكون هي معبرهم إليها بغض النظر عن مدي إرتياحها لذلك من عدمه وبشكل كان يتهددها باستلاب مطبق ..

نرجس في ليلة رأس السنة وهي الليلة الأولي التي تعيشها بطولها وعرضها إلي صباح اليوم التالي دون أن تنام في أحداث ومغامرات متلاحقة بطلها رؤوف نظمي الساحر الذي يظهر نتيجة ملابسات مرتبكة فجأة في حياتها ، كأنه رسول أرسلته المقادير الناجمة عن تقاطع المصادفات في ليلة رأس السنة فيقلب حياتها رأساً علي عقب لابألعابه السحرية ، بل بما يكشفه لها من بحقائق وألعاب تموج بها الحياة لم تشاهدها من قبل وبأسئلة لم تواجهها من قبل ، وبأن إسقاطها لفرصة الهجرة للولايات المتحدة الأمريكية كانت نجاة من إستلاب ينتظرها ..

ينتهي الفيلم بلحظة عبقرية هي لحظة عثور نرجس علي الباسبور الذي تبحث عنه طوال الليلة التي عاشتها في حقيبتها ، وتقرر عدم السفر والتوجه إلي رؤوف حبشي لتجلس معه علي أحد الأرصفة فيطلب توصيلها إلي المطار فتجيبه أنها لن تسافر ، وينتهي الفيلم بنرجس ورؤوف حبشي جالسين علي الرصيف في نهاية مفتوحة علي دلالات مفعمة بالحياة ..

ثالث الأسباب الرئيسية لانجذابي لفيلم أرض الأحلام هو ذلك الكريشندو الجميل الذي يؤسس لبناء السيناريو ، وهذا الحوار السلس والرشيق والمكتوب بحساسية ودقة شديدة تتنوع مابين العمق المفجر للمرح وربما الكوميديا الرقيقة ، ونفس العمق المفجر للأسئلة الوجودية والإنسانية في ذات الوقت من قبل السينارست الرائع هاني فوزي ..

وبالطبع قادت كاميرا داوود عبد السيد هذه الأوركسترا الرائعة بنعومة وانسيابية نحو إنجاز قطعة فنية في منتهي الثراء الجمالي بحيث لاتقل روعة عن أعماله التي دخلت تاريخ السينما المصرية من أوسع أبوابها ، إذ يكفيه أنه مخرج (الكيت كات) ، (أرض الخوف) ، (أرض الأحلام) ليتم وضعه في قائمة أعظم مخرجي السينما العربية علي مر تاريخها ..

______________
11 فبراير 2020



#حمدى_عبد_العزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تدليس روسي يراقص التدليس الأوربي والأمريكي علي الأرض الفلسطي ...
- روسيا لاتعرف سوي مصالح روسيا
- شاهدت لكم (عودة الغائب) ..
- توجهات تركيا المعادية تاريخيا
- ضجة مفتعلة تدل على مدى تراجع ثقافتنا
- لوكاكو .. الأفريقى الجميل ..
- من باب ( لو ) ..
- فراندة المثقف العضوى النبيل .. تيسير عثمان
- ملاحظات علي هامش موضوع المديرة المنتقبة ..
- أسئلة الحزب كوظيفة إتصالية في عالم اليوم ..
- خسائر لعدم الإكتمال
- مهمة لاتحتمل التأجيل
- الخطر العميق ..
- لم تحضر بعد ..
- عن الأوضاع فى لبنان
- عسل فى الكوز
- ثقوب فى رايات الإستنارة المصرية
- لماذا نتباهى بالإختلاف ؟
- حزب الله ، وواجب قراءة اللحظة اللبنانية الراهنة .
- حراكات شعبية بلامشروع ، بلاقيادة ، بلا تنظيم .. لن تفضي إلى ...


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمدى عبد العزيز - كيف عثرت (نرجس علي ريحان) علي أرض الأحلام ؟