أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحيم الرزقي - الجراب --














المزيد.....

الجراب --


عبد الرحيم الرزقي

الحوار المتمدن-العدد: 6468 - 2020 / 1 / 18 - 23:51
المحور: الادب والفن
    


--الجراب ..
----------------------


يدرع المختار طريقه اليومي الطويل ..معلقا جرابه البني غير لاو على شيء .. لاشيء يغازل مخيلته سوى بعض المناوشات الملحة حول أهمية استبدال الحذاء ..لأن طول الطريق شاق على الأقدام ..وهو أمر ينعكس حتى على الأحذية ..يتوقف عند تعداد الأحذية التي انتهت صلاحيتها هذا العام ..ويقارن العدد بعد السنة المنصرمة .
... وهذا حذاء مثين وجيد ويمكن أن يجر به حتى نهاية العام .. ما من مشكلة !..فقط تلك الروائح !..
الروائح أمرها هين ..يكفي أن مسح دهاليز الحذاء من البواطن بخرقة مبللة ومعطرة ..وبشكل جيد وملحاح ..وأن تعمل على تبديل الجوارب بترادف ولاهوادة ..هذا أمر مهم حتى تتجنبها تلك المواقف الحرجة ..التي ما أكثر ما تعرضت لها ..
...انتهى أمر الحذاء وعدنا إلى المشي الحثيث ..والطرق لازال طويلا . هل هو ذهاب أم إياب ؟!أواه آصاحبي ..أنت لاتعلم حتى مرامك !ثم إن الأمر غير عسير ..فأنت إما ذاهب إلى المقهى ..وإما قافل إلى دارك المتخنة بالصمت والعزلة ..لايوجد فيها سوى الكتب ..وهاتف من خلاله تعلم بعض أخبار الناس ...
استنتاج حول همة المختار صوب التراخي ..ظهر جليا تراخي رجليه ..نوع من تأنيب الضمير ذلك ..إذ من المخجل حقا أن لاتعرف هل أنت ذاهب إلى ..أم عائد إلى ..
عاده الهدوه تدريجيا حين أيقن أنه قاصد داره ..وأنه تناول قهوته منذ الصباح في المقهى ..ولف على الجرائد المتوفرة كلها ..وتلك الكلمات المتبلدة البائسة التي لا كها في وجه معارف الوقت ..تذكر وهو يعاود المشي لطريقته الأولى ..بعض أزجال قيلت في المعارف ..والعشران ..والخلان ..واكتشف أنه لايكتب الزجل .أضحكته فكرة أنه سيكتب قصيدة زجل في يوم من الأيام ..يثني عليه بها الزجالون والشعراء وأهل الأدب ..يضحك لأنه موقن أن ذلك من رابع المستحيلات !..
نظر إلى الساعة في هاتفه ..هو لاتهمه الساعة ..لكنها تهمه المسافة التي قطع ..فعلم أنه طوى ثلثي الطريق ..ويبدو أنها بدأت الملامح العمرانية للحي الكبير والشاسع الذي يقطن فيه ..تلوح لوحات لدور ومقاه وبعض الأشجار ومخبزة مألوفة في شوكة تودي بدورها إلى ملعب ..كانت غررت به للعب فيه فكرة متهورة ..ومجانبة للصواب ..أسفرت عن إصابته إصابة بليغة في الكاحل ..طرحته للفراش والوحدة والصمت لمدة أسبوعين !!..
أسبوعان كأعوام من المحنة والحزن لم يمرا حتى اقتنع أنه لن يعاود الخوض في موضوع الكرة .
المشي لما يقارب الساعة ..يحرك الدماء داخل الجسد ..تنشط إفرازات العرق غزيرة تتبلل معها ملابسه الداخلية ..و يصعد الدرجات حتى الطابق الثالث ..وها باب الشقة أمامي ..ولا مفتاح .
أبحث في الجيوب ..جيوب السروال ..وجيوب الجاكيت الداخلية والخارجية ..وتوجس من ضياع المفتاح كارثة !.
هل يعقل أنك نسيته في المقهى ؟..مستبعد هذا ..ولازال أمامنا الجراب .
ينظر المختار إلى جرابه نظرة الصب المتيم إلى معشوقته !!..نظرات المختار إلى الجراب متوسلة كمتسولي سيدي بلعباس *!.
يفتح الجراب ..يولج يده داخله ..يحرك ..تصطدم يده مع شيء ..يخرجه ..تلوح له نظارات القراءة ..يعيد الكرة مرة أخرى ..تخرج اليد حاملة كتابا أمده إياه صديقه الشاعر قبل ساعات ..يتملكه الرعب ..وتضيق عليه خانة الحلول ..
في جيب من جيوب الجراب الخارجية والمفتوحة دائما رمى باليد اليائسة عل وعسى ان يكون الأمر مجرد مزحة خبيثة .
خرخشة معدنية ..وصفاء خاطر يعود رويدا ..وثقب الباب العزيز .
... لاتفتح الباب يالمختار ..لان هناك صمت ..بل هناك أكوام منه ..وكتب خانها التصفيف ولعبت فيها الفوضى واللاتناسق ..واحسب حسابك لليل طويل دامس ..لن يخرجك من ويلاته إلاها !..تلك الرجراجة الطويلة التي كمنتها لمثل هذه الحالات المستعصية ..تسعفك في غياب الندمان والمعشوق ..وحتى الحب لعب فيك لعبة الغياب يالمختار .
... لاتفتح الباب يالمختار للصمت والفراغ .. لاتفتح لتوقيعات الغياب .

--قصة : عبد الرحيم الرزقي
--- 4 دجنبر 2019 مراكش الحمراء -المغرب .



#عبد_الرحيم_الرزقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجالوقة --قصة .
- أوركسترا .. قصة
- كلب العيد .. إلى المرحوم رشيد بوخير .
- سؤال المحال .. قصة قصيرة
- زهرا ..
- صيحة داخل القلب .. مجموعة قصص قصيرة


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحيم الرزقي - الجراب --