أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - صباح كنجي - البراءة تتحدث















المزيد.....

البراءة تتحدث


صباح كنجي

الحوار المتمدن-العدد: 1568 - 2006 / 6 / 1 - 10:50
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


انتهينا من أحاديث أبي سلوان ، المختصرة عن السجون ، واستكمالا ً للموضوع ، وجدنا من المناسب أن نستمع إلى شهادة الطفل سلوان بكل براءتها وقبل أن ننقلكم إلى تفاصيل اللقاء البريء معه دعونا نقرأ معا ً مقتطفا ً من قصةِ حنا مينه ( هذا ما تبقى منه ) .

يقول حنا مينه :

( الطفل قد نام ، وجهه الملائكي ينبئ عن سعادة طفل في حضن أمه ، انه لا يعرف شيئاً .. ستحدثه أمه عن أبيه .. وسيرى صورته في درج أو على الجدار لكنه لن يتوصل إلى تذكر شيء .. فالحياة تمسح الأحزان والأفراح على السواء .. تجعلها من الذكريات ، الراقدة في اللاشعور بالنسبة للكبار ، فكيف به وهو طفل رضيع ؟؟
أيها الطفل يا ملاكا ً له وحده الجنة لان له وحده براءة هذا الوجود .. نمْ .. ابق نائما ً ) .

هل تعَّرف الكاتب السوري حنا ميمه على الطفل العراقي سلوان ؟ اشك في ذلك .. لكنه كتب عنه
اجل إن حنا مينه قد كتب هذه الفقرات لسلوان وحده .. وقبل ولادته .. لأن ولادة الرواية تسبق ولادة سلوان ..
داهموا دار والديه منذ أن كان طفلا لا يتعدى الأربع سنوات ، وكان نائما ً كما أراده حنا مينه ، اجل حينما اعتقلوا أبويه ، كان نائما ً في تلك الليلة السوداء ..
وأخذوه .. اخذوا سلوان معهم وهو نائم ..

قلت لسلوان ..

هل تذكر تلك الليلة حينما إعتـقـلوا بابا وماما ؟
قال : ( وحديثه مسجل لدي على الكاسيت ) .
لا .. كنت نائما ً .
إذن متى عرفت ذلك ؟
لم انتبه ، فقط أذكر وضعونا في سيارة وقد نمت من جديد .
إلى أين أخذوكم ؟
إلى غرفة ..
هل كانت سجنا ً ؟
لا أعرف .. فقط كانت غرفة .
هل تعرف مواليدك يا سلوان ؟
نعم 19/10/1982
وهل تعرف يوم اعتقالك مع الوالد والوالدة ؟
نعم حسبما يقول أبي كان 28/7/1986
هل يمكن أن تصف لنا ما علق بذهنك عن تلك الليلة ؟
أتذكر وضعونا في سيارة أنا وأمي وخالتي وابنتها وكان معنا سائق ومسلحين ، وبعدها نمت ..
من كان معكم في الغرفة - السجن ؟
لم يكن معنا احد .
وكم كان مساحتها ؟
2×3 متر فقط
هل كان فيها حمام ومرافق ؟
لا..
هل كانوا يأخذون ماما أو الخالة أحيانا ً ؟
نعم .. كانوا يأخذونهن معا ً أو على انفراد ويتركوننا وحدنا في الغرفة . وأحيانا ً لا يرجعونهن ونبقى الليل كله وحدنا ..

وحينما يرجعن كيف كانت أحوالهن ؟
كنَّ يرجعنّ متعبات ويبكين والدماء على ملابسهن
كم مرة شاهدتهن على هذه الحال ؟
مرات كثيرة ..

هل كانوا يأخذوهن في الليل أم في النهار ؟
في ألليل ..
وتبقون لوحدكم في ( الغرفة ) ؟
نعم ..
الم تخافوا ؟
بلى ، كنا نخاف ولا ننام وننتظر مجيئهن لكن لا يأتين إلا في اليوم الثاني .
أطول مدة أخذوهن ولم تروهم ؟
يومان ..
والطفلة التي كانت معك ماذا كانت تفعل ؟
كانت تبكي .
حينما يأخذون ماما والخالة .. هل كان يأتي احد إليكم ويقدم لكم المساعد ة ؟
لا ..
ماذا كنت تتحدث مع الطفلة التي معك ؟
كنا لا نتحدث بل نبكي
هل شاهدت والدك في السجن ؟
نعم حينما كانوا يأخذوننا إلى الحمام ، كنت أشاهد والدي مربوطا ً وموثق اليدين والعينين وآثار التعذيب بادية عليه .
كم مرة شاهدته بهذه الحال ؟
مرات عديدة .
هل حاولت الحديث معه أو التقرب منه ؟
لا ..
لماذ ؟
لم يسمحوا لي .. فقط كنت أمر من أمامه .
كيف كان مربوطا ً ؟
من يديه وممددا ً على الأرض وعلى ملابسه دماء وهو نائم ..
أين كانت هذه الدماء ؟
على صدره ..
ماذا كان وقع هذا المشهد عليك ؟
خفت كثيرا ً .
هل تتذكر يوم كنت مريضا وأخذوك إلى بابا ؟
نعم اذكر .
ماذا تتذكر ؟
أخذوني إليه وكنت مريضا ولا أتذكر التفاصيل .
هل تتذكر يوم خروجك من السجن ؟
نعم ..
متى كان ذلك ؟
لا اذكر فقط جاء رجل خالتي بصحبتها و أخذوني معهم ..
وماما أين بقيت ؟
أخذوها للإعدام ..
عندما مرضت هل جاؤوا إليك بطبيب ؟
لا ..
ماذا كان مرضك ؟
حراره عالية ..
حينما كنت في السجن هل خرجت للحديقة وشاهدت الاشجار والعصافير والطيور ؟
لا ..
لم تخرج من الغرفة ولم تشاهد هذه الأمور كيف كنت تقضي وقتك في السجن ؟
كنت أرسم ..
من علمك الرسم ؟
أمي كانت معلمة رسم .
هل رسمت ماما شيئا ً ما في السجن ؟
نعم صورة بابا .
هل كانت لديها صورة أم رسمتها من الخيال ؟
رسمتها من الخيال ..
هل كانت مطابقة لملامح ابيك ؟
نعم والصورة موجودة ..
كم بقيت في السجن ؟
سنه . .
هل تخاف عندما تسمع كلمة سجن او تشاهد شرطي ..؟
نعم كثيرا ً .
هل تخاف الضلام ؟
لا .. تعودت عليه ..
ما هي قصة هذا الخط في جبينك ؟
ضربوني ودفعوني بقوة في السجن ، فإرتطمت بالباب الذي شق جبهتي وترك هذا الأثر عليها ..
هل جلبوا لك معقما ً بعد الحادث ؟
لا ..
الطعام .. هل كان يكفيكم ؟
لا .. ولكن أحيانا ً ماما والخالة لا يأكلون ويتركون حصصهم لنا فنشبع أنا وإبنة خالتي .
هل شاهدت احدا ً يتعامل معكم بأنسانية ؟
نعم كان احدهم ياخذ نا إلى الحمام بسرعة كي لا يشاهده احد من الشرطة .
والآخرون ؟
كانوا سيئين ولا يفتحون الأبواب لنا ..
وماذا كنت تفعل حينها ؟
كنت اضطر للتبول داخل الغرفة .
هل تذكر يوما استحممت به في السجن ؟
لا ..
هل كانت في السجن حشرات ؟
نعم كانت الحشرات لا تدع الإنسان ينام ..
هل تذكر يوم نقلكم للرمادي ؟
نعم ..
كيف اخذوكم ؟
وضعونا في سيارة مع عائلة كردية وأودعونا في غرفة مشتركة وكان معهم اطفال أيضا ً.
وبعدها ؟
أخذونا إلى سجن النساء .
هل كان السجن كبيرا ؟
نعم ..
ماذا تذكر من سجن النساء ؟
اذكر امراة كردية كانت تأتي لتلعب معي وتداعبني .
وبعد خروجك من السجن إلى أين ذهبت ؟
إلى بيت خالتي ..
ماذا وجدت في بيت خالتك ولم تجده في السجن ؟
العاب الاطفال وشكل الخبز والمواعين والتلفزيون .. الراحة والأمان .. لكن يستطرد سلوان .. بقي ذهني محصورا ً عند والدتي ..............

شعرت بعدم جدوى الأسئلة واحسست بطيف ام سلوان يضلل جلستنا ، في وادي بردى ، ويدها تمتد لتمسد جرح سلوان .
فقررت ايقاف اسئلتي لكي ادع دموع أبي سلوان تحاكم الزمن والتاريخ والطغاة .

وفي السماء دوت صرخة أم سلوان :
نهايتكم ستكون مخزية أيها البعثيون ..
نهايتكم ستكون مخزية .. مخزية......
وإستمر الصدى مرددا ً ....
نهايتكم ستكون مخزية ..

وبقيت سناء ضوء يسطعُ في السماء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* مقتطف من كتاب ، اعده الكاتب عام 1995 بعنوان ( دهاليز الموت ... جولة في أروقة المعتقلات العراقية ) الذي تمت مصادرته من قبل مخابرات دولة عربيه أثناء مداهمتها للمطبعه





#صباح_كنجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اسئلة الأرهاب
- الماغوط في قصيدته الخالدة الوشم
- الأنحطاط السياسي.. في العراق الجديد !


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - صباح كنجي - البراءة تتحدث