أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثائر الناشف - بين مطرقة السادية وسندان المازوخية














المزيد.....

بين مطرقة السادية وسندان المازوخية


ثائر الناشف
كاتب وروائي

(Thaer Alsalmou Alnashef)


الحوار المتمدن-العدد: 1567 - 2006 / 5 / 31 - 10:09
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في زمن تصاعدت فيه الأصوات نباحا وتعالت فيه الأقوال عواءً على شعوب سحقت ملامحها الإنسانية
عن عالم الإنس وتفجرت أغشيتها لكثرة الصرخات الآتية من الخارج وسدت آذانها بلفائف سوطيه حتى
راحت تترنح سكرى على عتبات الموت بين حذاء مأجور وسياف مذعور و بغشاوة أفقدتها صوابها
وجعلتها فانية منفية في عالم ضاق ذرعا وساد كرها من شعوب مقهورة في عهود مقبورة التي لم يبق لها
اثر بعد عين إلا في تلك المجتمعات التي لازالت تتشدق بديناصوريتها المتوحشة وديموقراطيتها المتوهمة
وأيديولوجيتها المتفسخة الخائفة من رياح نافحة وعواصف ماحقة , حقا هي شعوب رازحة بين فكين اثنين
أحدهما علوي ضاغط والآخر سفلي ضابط .
العبور إلى القبور
عندما توصد الأبواب في وجوه شعوبها فإنه لاسبيل أمامها سوى عبورها إلى قبورها كما عبرت من قبلها
قوافل المتأسلمين المنكفئين على أمرهم والمنفصمة أرواحهم عن أجسادهم, حقا إنه لعبور مضني ومؤلم
في عالمٍ ابتلعته أفواهٍ فاغرة بعد أن سال لعابها متعطشة لالتهامه التهاما لا رحمة فيه ولا رأفة , عالم بات فيه
المتجبر الكبير يأكل المُستعبَد الصغير المغلوب على أمره.
وما يثير تلك الشكوك أن هذا المُستعبَد المغلوب إذا ما خير بين المكوث في ذلك القبر الأبدي أو بالعبور
إلى قبور لا تأبيد فيها فإنه سيقف أمام امتحان تصعب الإجابة على أسئلته الحاسمة والمجهولة المصير.
وإذا ما استحضرنا التاريخ فإن صفحاته تعج بهذه النماذج المستنعجة بدءا من الحقبة الاردشيرية التي
سادت في عهد الدولة الساسانية القائمة على دولة الراعي والقطيع والتي تحولت لمجتمعات رعوية
رقابها تحت رحمة سكينة الراعي لمجرد التفكير بالخروج عن ركب القطيع.
وما حصل في العراق ولا يزال حاصلا إلى الآن يدلل على ذاك التصور الرعوي الواقع بين سادية النظام السابق
ومازوخية النظام الحالي اللذين حولا المجتمع العراقي إلى زمرتين أحدهما سيدة مسيطرة والأخرى مُستعبَدة
خاضعة, حيث تحولت بفعل الإحكام والإغلاق إلى زمرة ماسوشية اتكالية لا تشعر بوجودها إلا بفعل الخضوع إلى الشخص الذي يستعبدها تحت مظلة الشعور بالأمان من أذى العدو الخارجي المتربص بثروات الأمة وخيراتها ما يسوغ للأنظمة التلاعب بمشاعر الرعية وإذلالهم تحت قاعدة السلطة المطلقة القائلة آنا شيء وأنت لاشيء, وقد بلغت تلك السادية إلى حد الانتشاء تمتعا بالنظر إلى رعاياها وهي تهرول جوعا وراء شعارات واهية وسياسات متخشبة,
وما ألحقته بها من حصار دولي جائر.
غير أن الحرب التي ألقت بظلالها على العراق قلبت تلك الصورة رأسا على عقب وحولت العراق من قبر
الماسوشية إلى قبر السادومازوخية والتي عبر عنها (أريك فروم) في كتابه الهروب من الحرية بالتكامل
الذي يقوم على اتحاد ذات الفرد بذوات الآخرين وبطريقة تجعله يفقد تكامل ذاته أو استقلالها , وبالتالي
اعتماده اعتماد تاما على الآخرين, وما لذلك من ضريبة باهظة يستوجب دفعها يوميا بالمزيد من القتل والتدمير تحت مسميات عدة جاءت لأجلها جيوش الفتح الجرارة من وراء البحار.
ولاشك أن هذا العنف المتصاعد في العراق أصبح حالة طبيعية يجني من وراءها القادمون من خلف الحدود
كل ما طاب لهم من منافع مادية ومكاسب سلطوية أوصلتهم إلى ما كانوا يحلمون به بالتربع على عرش
البلاد غير آبهين لما يتعرض له العراق من فظائع أخذت تطفو صورها شيئا فشيئا على مرأى ومسمع العالم.
ولا يخفى أن صور تعذيب العراقيين في أقبية حكام البلاد الجدد وما سبقها من صور قذرة جرت وقائعها
في سجن أبو غريب على أيدي الأميركيين وأخرى في البصرة على أيدي البريطانيين ستبقى شاهدا لا يمكن
محوه من ذاكرة العراقيين أبد الدهر, وكي لا يبقى السجال دائرا حول مشهد العراق السائد بتلوينا ته المتموجة
التي طالما كثر الحديث عنها في كل حين ولكن دونما أن نتجاهل دوائر الابتزاز الأخرى حتى لا يظن البعض
أن لا همّ لنا الا الغوص في مستنقع العراق السحيق متناسين طواحين الهواء التي طحنت رحاها بلدانا إسلامية,
وأخرى عربية حينما تفجرت كوارثها الدامية في مطلع هذا القرن بولادة أزمة الحادي عشر من سبتمبر أيلول
التي فجرت معها أزمات اقتصادية سياسية وأخرى دولية والتي طبعت المزاج الأميركي بطابع مازوخي مرضي,
بدأ داخليا بمشاهد تراجيدية أميركية وانتهى بمشاهد دراماتيكية مروعة لقطتها الأولى في أفغانستان واتبعت لاحقا
بشق عرى التآخي بين لبنان وسورية, بغض النظر عن ما حصل في لبنان مؤخرا من تفجيرات راح ضحيتها أناس أبرياء لا ناقة لهم في ذلك.
أمّا اللقطة الثانية فإنها تحتاج لفحص دقيق سيما وأن أحداثها وقعت في أقفاص ضيقة
صنعت أغلالها باسم الأوطان لا لشيء آخر, منتجة بذلك أمة استُضعِفَت أبناؤها بين مطرقة الخارج وسندان الداخل.



#ثائر_الناشف (هاشتاغ)       Thaer_Alsalmou_Alnashef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على أهلها جنت براقش
- ميثولوجيا الحداثة .. وشبح الأصولية
- إصلاح أم تجميل..؟
- ثورة هوية أم أزمة وطنية ..؟
- ًالعروبة .. ومبتكراتها المستحدثة عالميا
- سيكوباتية السلطة وعقدها الثورية


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثائر الناشف - بين مطرقة السادية وسندان المازوخية