الاستنجاد والتوسل بأولياء الله الصالحين

عبد السلام الزغيبي

الحوار المتمدن-العدد: 6428 - 2019 / 12 / 4 - 22:57
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

اولياء الله الصالحون هم مثل كل البشر كانت سيرتهم عطرة بالتقوى والصلاح؛ حيكت حولهم الحكايات في مراوحة بين الواقع والخيال وأحيطت بهم الكرامات وأصبغت عليهم الذاكرة الشعبية نوعًا من القداسة جعلتهم يبنون

فوق قبورهم وفي كل مكان زوايا هي بمثابة المعلم والمزار تجدها في كل قرية ومدينة فلكل قرية ولي، ولكل ولي زاوية، ولكل زاوية حكاية ممتدة في التاريخ، ولكل حكاية وفاء تخلده الزيارات الموسمية الجماعية والفردية

والطقوس الصوفية من شموع وبخور وإنشاد صوفي وحضرة.
وكان لدى أهلنا من الناس البسطاء زمان، أعتقاد راسخ بأن سيدى فلان" المرابط" "شيخ قوى برهانه" وممكن "يعشم فيهم" ويسخطهم ويجعلهم، "شى بصيرة من ها البصاير". ولهذا كان يستنجدون بهم في أوقات

الحاجة، يتوسلون ويتشفعون ويستغيثون بهم،يتبركون بهم باعتبارهم أولياء صالحين، ومرابطين، يزورون مقاماتهم، يقرئون عليهم الفاتحة ويشعلون الشمع ويطلبون منهم السماح، ومنحهم البركة ويطلقون على هيئتهم

البخور والجاوي. واذا مرض احد افراد الاسرة مرضا لايرجى شفائه، تشد الاسرة الرحال لزيارة الولي الصالح والمبيت هناك من اجل شفاء المريض وكشف الضر عنه.
وكانت طرق التوسل الى الله بالدعاء مثل " اللهم بجاه الأولياء والصالحين، فرج الهم عنا وعن سائر المسلمين" تستور يا اسيادنا " " الشئ الله يا سيدي عبد السلام يالاسمر "
الشي بالله يا رجال الله".. وكذلك التوسل إلى الله تعالى ببعض مخلوقاته، كقبور الأولياء، والتمسح بالحديد المبني على أضرحتهم، او الخرقة الخضرا" قماش يوضع على المقام"، أو يلقون إليها أوراقاً كتبوا فيها طلباتهم

ورغابتهم.

الكثير من الناس يستغيثون باولياء الله الصالحين ، ليقضوا لهم حوائجهم التي لا يستطيع قضاءها إلا الله سبحانه وتعالى، كطلبهم منهم دفع الضر وشفاء السقم، وجلب الرزق وإزالة العقم.
وتبارك الأهالي بالأولياء الصالحين وكراماتهم (المرابطين)، كان يتم بزيارة الأضرحة ، والمزارات، وذبح القرابين( الخراف) والتصدق بالوجبات الغذائية" الصدقة" التى توضع عند ضريح المرابط ليمنحهم البركة كانت تنثر

على سطح القبر الكثير من النقود كنذر للمرابط، وفى حال شفاء المريض فإن بعضهم يكون قد نذر (الوعدة) أن ينادى الأقارب والأهالي لاقامة الحضرة، إما في البيت، أو في مكان عام.
وحتى اليهود الليبين كانوا متأثرين مؤمنين ويدعو على كل من يظلمهم ويزوروا "سي مرعي" وايشيلو جدي معيز يذبحوه غادي.
ويحكى ان أم يهودية ليبية قتل إبنها ظلما ونهب ماله، في حادثة وقعت قبل الحرب العالمية الثانية، دعت دعوة صادقة ضد من تسبب في ذلك الحدث قائلة" مرعي راقد جردينة ؤ يا صلايت كل افجار.. تحرق حوش حمد بن

..... تطلق في جلاته نار" وبالفعل تحققت وأستجاب ربي لدعوتها.

وقد اشتهر الكثير من هؤلاء، وأعتقد الناس فيهم وأمنوا بكراماتهم والتبرك بهم باعتبارهم أناس قريبين من الله.. أولياء الله الصالحين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

ومن هؤلاء، الصحابي رويفع الانصاري، وضريحه في مدينة البيضاء الذي يحظي باهتمام و تقدير سكان المدينة حيث يزور الضريح الالاف من السكان المحليين يوميا، وكذلك زوار المدينة وقراءة سورة الفاتحة ترحما عليه،

ويعتقد بعض السكان المحليين وخاصة كبار السن بان هذا الصحابي له كرامات وينفع ويضر لذلك تجدهم يتباركون به، بل وبعضهم يقسم به.

سي علي الوحيشي وضريحه في وسط بنغازي القديمة، ومن معجزاته وكراماته نروي هذه الحكاية التي وقعت احداثها قبل مائتي عام تقريبا:

عند حدوث مذبحة الجوازي المشهورة على يد الوالي التركي ولما اسمعوا التجأ مجموعة من شباب في ضريح سي علي الوحيشي. جاء جنود الاتراك وحاصروا الضريح، ولكن ما بوش يخشوا خوفا من غضب الاهالي،

لأن عرب بنغازي كانوا يقدسوا في مرابطينهم. علي العموم، فاتن عشرة ايام وشباب الجوازي ما طلعوش، مع أن الضريح لا يوجد فيه أمية ولا طعام. ولأن هؤلاء الشباب ما يشكلوش مشكلة قرر الجنود الاتراك ان يسيبوهم.

جاء الناس يسألوا فيهم كيف قدرتوا اتعيشوا من غير امية ولا طعام لمدة أكثر من عشر أيام. رد عليهم الشباب وقالولهم " لمّا انوظوا كل صبح نلقوا في الطبق معبأ تمر والزير معبأ امية".

سي مؤمن.. وتقع قبته في شارع متفرع من شارع اقزير ولي صالح توفي عام 1820 بمدينة بنغازي وكان له دور بارز في تحقيق المصالحة مابين الفريقين المتنازعين( فكرون ودغيم) في بنغازي خلال تلك الفترة.

الولي الصالح (سيدي اخريبيش) الذي عرفت المنطقة بأسمه والمدفون في موقع منارة بنغازي وتقع قبته وسط المقبرة المشهورة بأسمه وهو مشهور ببركاته وكراماته.

سيدي غازي، من أشهر الاولياء الصالحين في المدينة وتقع قبته بمقبرة سيدي أخريبيش.

سيدى حسين الفاخري سليل المرابطين وكان قبره يقع وسط المقبرة المعروفة باسمه قبل ازالتها خلال السبعينات، وسمي الحي نسبة الى اسمه.

الولي الصالح "سي اعبيد الفيتوري" الذي يعتقد الناس انه ولي صالح و يطالبونة بالشفاعة...وهو مدفون في مقبرة سيدي اعبيد القديمة التي تعتبر اقدم مقبرة في بنغازي وهي المقبرة التي سميت نسبة اليه.

سي سعيد،من أحفاد سيدي خريبيش وتقع قبته في الشارع المعروف باسمه.

العارف بالله الشيخ سيدى امحمد بالخير من اولاد الشيخ ومحفظ للقران الكريم قيل انه قدم لبنغازى منذ منتصف القرن التاسع عشر م وقيل انه قدم لبنغازى منذ ثلاثة قرون ومقامه بسوق الجريد.

سي المسطاري، قدم من المغرب ودفن عام 1750 بالمسجد الذي كان قد شيده في زنقة الاحيول.

سي سالم،ولي صالح قدم من شنقيط ودفن عام 1620 في الشارع الذي كان يحمل اسمه.

سي الشابي، ينتمي الى قبيلة الاشراف من المغرب ودفن بالمقبرة التي كانت تحمل اسمه ( مكان جامع بن كاطو) ثم ازالت السلطات الايطالية مقبرته نهائيا.

سي داوود الانصاري، ابن احد الصحابة دفن بالمقبرة التي كانت تحمل اسمه في منطقة السباله وقد تم ازالة المقبرة خلال السبعينات من القرن الماضي.

ضريح سيدى الشريف، من اشراف المغرب جاء الى بنغازي عام 1570 دفن بالمقبرة التي كانت تعرف باسمه في شارع سيدي الشريف.

سيدي عبد الجليل، ينتسب الى قبيلة عربية قادمة من الجزيرة العربية مازال قبره يقع داخل قبة في بالحي المعروف باسمه.

سيدي بوسديره، ينتسب الى قبيلة عربية قادمة من الجزيرة العربية كان قبره يقع داخل قبة بجوار ثكنة البركة قبل ان تتم ازالته خلال السبعينات من القرن الماضي.

سيدي الدراوي،قدم من تونس وتوفى في بنغازي عام 1720 حيث دفن بشارع المهدوي.

سيدي سعيد، من أحفاد سيدي أخريبيش وتوجد قبته في احد المنازل في الشارع المعروف باسمه.

سيدي الطبجي وسيدي المسكين مدفونان في الزاوية الرفاعية..

سيدي المسطاري في شارع المسطاري،القريب من جامع الشويخات.

سيدي فرج في ضواحي بنغازي في المنطقة المسماة بأسمه.

الولي الصالح سيدي شاهر روحه ومرقده في الجامع الصغير بمنطقة راس عبيده.

سيدي بوراوي، وضريحه يقع خلف السلخانة في حي الصابري.

سيدي اسويكر في منطقة دريانه، شمال مدينة بنغازي، وكان اقاربنا يقومون بزيارته بانتظام.

سيدي يونس بمنطقة سيدي يونس.

سيدي بوفاخرة بمنطقة بوفاخرة.

ضريح سيدي شاهر روحه خلف مستشفى الجمهورية.

لكن من بين هؤلاء وأكثرهم شهرة كان سي مرعى راقد جردينة.. وسيدي عبد الاسلام الاسمر بأعتبارهما من أشهر المرابطين في ليبيا.

ويقع مقام الشيخ عبد السلام الأسمر المولود سنة 1475م في "زليتن"، وتشد له الرحال ويقام فيه المزار كل عام، وهو صاحب رؤيا ونبؤة شهيرة كتبها قبل خمسمائة عام يروي فيها احداث ليبيا..وله قصائد وأشعار

كثيرة.
يناديه أهل المغرب العربي (ياسيدي عبد السلام، ياسيدي عبد السلام، ياسيدي عبد السلام يا فارس سعيده ياالأسمر بيده).. وكان يسمى باسم (فارس سعيدة ) وسعيدة هذه هي فرسه.
هو السيد عبد السلام بن السيد سليم بن سليمان بن عمران بن أحمد بن خليفة الملقب بفيتور بن الولي الصالح الزاهد الشريف عبد الله الشهير بـ (نبيل) المدفون بمكة المكرمة بن عبد العزيز بن عبد القادر بن عبد الرحيم بن

عبد الله بن إدريس بن عبد الله بن محمد بن الحسن المثنى بن الحسن السبط سيد شباب أهل الجنة بن السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. سبب تسميته

الأسمر وهو كما قالت والدة سيدي عبد السلام، لما بلغ أربعين يوماً من ولادته رأت في المنام أن ألقبه بالأسمر وسوف يكون له سهراً في الليالي السُمر ذوات العدد في طاعة الله. وقوله، سُميت بالأسمر (لمبيتي الليالي سمراً

في طاعة ربي عزّ وجل) ويتـم الآن الاحتفال بمولـده وذلك غير الإحتفال الرسمي الذي يقـام كل عام في ثاني أيام عيد الفطر المبارك بمدينة زليطن.

ولم يقتصر الاستنجاد بالمرابطين على طلب شفاء المريض، بل وصل الامر لطلب جلب الحبيب الغائب، واشعال النيران في قلبه، وتخريب بيت النقار.
ووصل الامر الى الطلب من الولي الصالح ان يفرق بين المرهون.. وهنا أمثلة على مثل هذه الدعوات:

" مرعي راقد جردينة.. ان شالله يطلقها واتجينا"..
ياسيدي .. انكنك جارى تعمى لي عيون الحسادى

ويلجأ المحبوب في بلادنا، من قلة الحيلة، للاستعانة والاستنجاد بكل الاولياء والشيوخ والصلاح، من اجل تقريب الحبيب، يرفع يديه الى السماء، ويدعو بجاه كل الاولياء والصالحين في البلاد من اجل ان يسخر له الحبيب.

ومثال ذلك ما تغنى به المطرب الشعبي الليبي، علي الشعالية، في اغنيته المشهورة:

يا اخريبيش انكنك جاري شيط نيراني في قليبه
خريبيش عليك عقيلة ... قالوا فارق بوتكليلة
خريبيش عليك وحدنا ... ؤ مقعد وين تواعدنا
ؤ جملة منه حاسدنا ... والنقار اتهده حيله
سي اخريبيش عليك عقيلة

سي الشيخ ؤعندك قبة ........ قربلي زول اللي انحبه

سي الشيخ انديروا حضرة وانجيبك يا سيدي تقرا


يا زروق يا سيدي خليفة... سخر زول بو شفة رهيفة

يا زروق يا سيدي خليفة ... سخر زول بو نية نظيفة

#عبد_السلام_الزغيبي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات