أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - قاسم حسين صالح - شيوخ العشائر..من الأنجليز الى الطائفيين















المزيد.....

شيوخ العشائر..من الأنجليز الى الطائفيين


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 6420 - 2019 / 11 / 26 - 10:52
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


اثار لقاء عدد من شيوخ العشائر بالسيد عادل عبد المهدي في (20 نوفمبر 2019) استياء كثيرين واصفين الموقف بانه لا يصح وطنيا وأخلاقيا، فرحت ابحث في تاريخهم عن علاقتهم بالحاكم تحديدا،فوجدت انهم كانوا يقفون مع الأقوى. ففي التقرير الذي أعدته دائرة الاستخبارات البريطانية في العراق عن مشايخ ولاية بغداد سنة 1917،يذكر مترجمه الدكتور عبد الجليل الطاهر أن بعض شيوخ العشائر كانوا متعاونين مع الإنكليز،وأنهم كانوا يحصلون منهم على الرشوات،وأن الإنكليز استعملوا أساليب الإغراء وتلويث الضمائر واستطاعوا شراء ذمم بعض شيوخ العشائر.
ويذكر (ولسن ) أن الإنكليز استطاعوا أن يرشوا شيخ آل فتلة( علوان الحاج سعدون) بألف باوند،وقدموا مبلغا لا يقل عن ألفي باوند إلى آل شبل بواسطة الخزاعل ليمنعوا تسليح العشائر التابعة لهم ويبقوا هادئين..وحصل آخرون على مبالغ ضخمة،بررها الدكتور كاظم حبيب في كتابه (لمحات عن عراق القرن العشرين) بتفسير سيكولوجي بأنهم لا يحسبون ما يقدم لهم على أنه رشوة ،بل بسبب قوتهم واضطرار الآخرين على تقديم ذلك لهم رغبة في التزلف لهم أو تخلصا من شرورهم.ومع أن هذا التفسير ينسجم وطبيعة الشخصية البدوية،فإنه تبرير لازدواجية المواقف ولسلوك غير مقبول وطنيا وأخلاقيا.
وللعلم ،فان الانكليز هم الذين أدخلوا شيوخ العشائر إلى ميدان السياسة. ففي التقرير الذي أعدته "المس بيل" ورفعته إلى الحكومة البريطانية عام 1923،أشارت فيه إلى أن أصلح طبقة لحكم العراق هم شيوخ العشائر. ولهذا أشرك رؤساء العشائر منذ بداية الحكم الملكي في المجالس النيابية المتعاقبة بعدد كبير قد يزيد على ثلث أعضاء المجالس المذكورة.وكانوا يأتمرون بأمر الإنكليز الذين منحوهم أراضي واسعة. وكان الحكم الملكي هو العصر الذهبي لشيوخ العشائر،اذ صاروا فيه أصحاب ثراء فاحش وجاه عظيم واعتبار اجتماعي كبير وسلطة يستعان بها في إدارة البلاد وضرب المعارضة السياسية. وكان دورهم في البرلمان مثار سخرية الناس وإطلاق النكات عليهم،من قبيل التصويت داخل البرلمان على قرار برفع الأيدي،وكان أحدهم نائما في المجلس ولما أيقظوه رفع يده وقال"موافج..يعني موافق" دون أن يعرف ما هي القصة!
والنظام السياسي في العراق تعامل مع شيوخ العشائر بمعيار قوة هذه العشائر في دعم حكومة السلطة. فالنظام السابق شجع على استيطان عشيرة الجنابيين في الشريط الواقع جنوب بغداد لتكون حائلا بين بغداد والمدن الشيعية في الجنوب. ويذكر الدكتور علي عبد الأمير علاّوي في كتابه (احتلال العراق) أن رؤساء الأفخاذ العشائرية الجنابية منحوا أراضي زراعية خصبة في اللطيفية واليوسفية والمحمودية. ويشير التقرير الخاص من المعهد الأمريكي للسلام ،نيسان 2005 إلى أن هذه المنطقة هي التي صارت تعرف في ما بعد بـ"مثلث الموت"،فيما كانت سلطة النظام السابق تنظر بعين الريبة إلى عشائر الدليم لأن عددا من ضباط الدليم كانوا قد اشتركوا في محاولات كبيرة للإطاحة بنظام صدام،أخطرها المحاولة التي قام بها اللواء الطيار محمد مظلوم عام 1995.
وبالمقابل عمد صدام إلى تشكيل ما أطلق عليه (شيوخ أم المعارك)..كان كثيرون منهم رؤساء عشائر شيعية اشترى ذممهم بدفع هدايا مالية ومسدسات وامتيازات أخرى،لقاء قيامهم بالسيطرة على أفراد عشائرهم وأن يكونوا عيونا للسلطة في مناطقهم،واستجاب عدد منهم طمعا بـ(التكريم) أو دفعا لشرّ طاغية لا يرحم.ومثل هذا حدث أيضا في النظام الديمقراطي ،إذ التقى رئيس مجلس الوزراء (نوري المالكي) بعدد من الشيوخ ولكن بقصد كسب أصوات أتباعهم في الانتخابات وتأييدهم لشخصه.
ولأول مرّة في تاريخ الحكومات العراقية يكون سوء إدارة الحكومة لشؤون الناس والبلاد سببا في بعث الروح الوطنية وخفض العداء الطائفي بين شيوخ عشائر في الطائفتين السنّية والشيعية.فبعد اندلاع التظاهرات في الأنبار في الأسبوع الأخير من عام 2012 ،ومن ثم انتقالها إلى الموصل وسامراء ومدن عراقية أخرى،وظهور شيوخ عشائر سنّية تشكو ظلم الحكومة وتؤيد مطالب جماهير انتظمت في تظاهرات عفوية لم تستجب لها الحكومة بل سخر منها رئيسها(المالكي) بوصفها (فقاعات)،عُقد في البصرة بعد أربعة أسابيع من اندلاع تلك التظاهرات،وتحديدا في 19/1/2013 ،مجلس ضم شيوخ عشائر من البصرة وميسان وذي قار بأغلبية شيعية ،أعلنوا فيه تضامنهم مع المطالب الشرعية للمتظاهرين في المدن ذات الأغلبية السنية.وفي اليوم نفسه أقام شيوخ عشائر مجلس عزاء في مدينة النجف لشيخ عشائر الجبور (محمد طاهر العبد ربه)الذي اغتيل في الموصل وعدّوه رمزاً من الرموز الوطنية.
بالمقابل،نظمت وزارة الداخلية في اليوم نفسه مؤتمرا موسعا لرؤساء عشائر من الطائفتين.ومع انه دعا إلى تشكيل لجنة من رؤساء العشائر لتوحيد مطالب المتظاهرين،إلا أن الهدف الرئيس له هو خطب ودّ شيوخ عشائر ليكونوا مع الحكومة. ويشير تقرير لــ(المدى برس) إلى أن وزارة الداخلية وزعت (أمس السبت 19/1/2013)، استمارات خاصة بحيازة وحمل السلاح لأكثـر من 150 من شيوخ العشائر بينهم زعماء قبليون من الأنبار، ودعتهم إلى التدخل لوقف التظاهرات. وهذا حال كل الحكومات العراقية..إنها تستميل إليها شيوخ العشائر حين تشعر بخطر يتهددها،وإنها تجزل العطاء لمن يتعاون معها،وإن عددا من الشيوخ يستجيبون لذلك حتى لو كانوا يعلمون أن الحكومة على باطل.
والباطل الأكبر ارتكبته حكومة السيد عادل عبد المهدي،ضد متظاهري انتفاضة واحد تشرين/اكتوبر 2019 ،اذ زاد عدد شهداء الانتفاضة لغاية يوم لقائه برؤساء العشائر هؤلاء في (20تشرين ثاني/نوفمبر) على ثلاثمائة وخمسين واكثر من (15) ألف مصابا من الشباب والأحداث،فضلا عن عمليات اغتيال واختطاف وتعذيب..مبررا بعض هؤلاء الشيوخ أنهم (أوصلوا رسائل المتظاهرين لرئيس الوزراء ولم يكن للمجاملة)..وكأن مطالب المتظاهرين التي وصلت للعالم..لم تصله!
وفي استطلاع لنا، وصف كثيرون هذا الموقف بأنه (غير شريف،وشراء ذممهم ضد اهلهم لحكومة هزيلة فقدت مقومات شرعيتها..)و(كان عليهم أن يرفضوا مقابلة قائل أبنائهم)..وسخر منهم كثيرون بأهزوجات عراقية:
(عمت عينك وعين الردي اللايذ بيك
لو تيهت دربك دمهم يدليك
الحك راكبك من راسك لرجليك
والله عكالك ما بيه صوج..الصوج الجوه عكالك)
بالمقابل،هناك شيوخ عشائر رفضوا دعوة رئيس الوزراء،وآخرون شاركوا او تصدروا التظاهرات..مثل عشائر ميسان الذين تظاهروا ورددوا شعارات تطالب بالاصلاح،وآخرون بنوا خيما في ساحات التحرير باسماء عشائرهم،وآخرون أقاموا مآدب عشاء للمتظاهرين مثل تلك التي اقامها عشائر الناصرية قرب جسر الجمهورية وساحة التحرير..وهؤلاء هم الذين ستبقى رؤسهم مرفوعة.. فما بعد تشرين 2019 لن يكون كما قبله..بالتأكيد.



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمم المتحدة وتظاهرات تشرين / اكتوبر في العراق- لقاء في وثي ...
- أربعة حلول تنهي التظاهرات وتستعيد الوطن
- الحاكم الأسلامي حين يتحول الى مستبد (2-2) - تحليل سيكولوجي
- الشخصية العراقية وتظاهرات تشرين (في أول تحليل سيكولوجي)
- الحاكم الأسلامي.. حين يتحول الى طاغية (1 - 2)
- تظاهرات تشرين/اكتوبر- الطريق للخلاص من حكم الفاسدين
- بيان للرأي العام العراقي والعالمي.
- تظاهرات الشباب - العقد النفسية في العقل السياسي العراقي (الح ...
- تظاهرات الشباب.دراسة تحليلية من منظور علم النفس والاجتماع ال ...
- نقابة المحامين العراقيين
- تظاهرات الشباب.دراسة تحليلية من منظور علم النفس والاجتماع ال ...
- السيد رئيس الجمهورية المحترم
- الحزب الشيوعي العراقي وفجوة الأجيال (1-2)
- (حسين الحكومة) و..حسين الناس..ثانية!
- (هيهات منّا الذلّة)..أين منها نحن الآن؟!
- تحديات أمام العلماء والمفكرين العرب في تحقيق التغيير
- مواقف المرجعية من الصبر الى الانذار المبين و..حقائق محرجة
- حسينيون..ضد الحسين والموسيقى
- نلسون مانديلا..وحكّام العراق (مقاربات)
- نلسون مانديلا-تحليل شخصية (القسم الثاني)


المزيد.....




- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - قاسم حسين صالح - شيوخ العشائر..من الأنجليز الى الطائفيين