أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بشارة - آه ياعراق لماذا كل هذه القسوة على الأبناء مرة أخرى بعد إثني عشر عاماً















المزيد.....

آه ياعراق لماذا كل هذه القسوة على الأبناء مرة أخرى بعد إثني عشر عاماً


جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)


الحوار المتمدن-العدد: 6398 - 2019 / 11 / 3 - 21:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الخامس من آيار مايو من عام 2007 كتبت هذه السطور عن مأساة العراق وابقيتها كما هي دون تغيير عدا إضافة تاريخ اليوم تشرين 2019 للإشارة إلى انتفاضة الشعب العراقي الجبارة والتي قد تنتهي بالانتصار أو ببحر من الدماء لا سمح الله.
ما ذنب هذا الشعب الجريح الذي ينزف دماً منذ مئات القرون وتزهق أرواح أبنائه مجاناً كأنهم يدفعون ضريبة اللعنة الإلهية التي حلت عليهم لذنب لم يرتكبوه سوى كونهم ولدوا عراقيين؟ لو كان بيننا في العراق روائياً عظيماً من قامة غابرييل غارسيا ماركيز لكتب لنا رواية "مائة عام من الفوضى" ، ولو كان بيننا مخرجاً مبدعاً من طراز محمد الأخضر حامينا أو محمد ملص لصنع فيلماً بعنوان "وقائع سنوات العذاب" ولو كان بيننا مخرج من طراز السوري محمد ملس الذي صنع فيلمه الرائع " أحلام المدينة" لأخرج لنا فيلماً تحت عنوان " كوابيس المدينة"، ولو كان بيننا فنان تشكيلي من مصاف بيكاسو لرسم لنا مايعادل مئات من لوحته الشهيرة جرنيكا الشاهد الحي عن الحرب الأهلية الإسبانية ، ولو كان بيننا مؤرخاً مثل الذي كتب تاريخ الأمم لكتب لنا مؤلفاً يحمل عنوان "تاريخ المحن".
هذا هو واقع وادي الرافدين اليوم والذي خلده الروائي عبد الرحمن منيف في روايته الموسوعية أرض السواد والتي تتوقف عند حدود التاريخ الحديث لعراق اليوم ولم تسعفه الأيام ليكمل المشوار ويخلد لحظات الألم والمأساة والقسوة التي تغلف بلد التمرد والثورات ضد الظلم والاستغلال والاحتلال والقمع والاضطهاد منذ بداية القرن الماضي إلى مابعد منتصف العقد الأول من القرن الحالي.
هذا هو قدر العراق وهذا هو قدرنا أن نقدم القرابين ونسقي الأرض بالدماء الطاهرة على مر التاريخ ونتجرع مرارة الطغيان والإذلال ولا نستسلم أو ننهار . سننتفض ونثور طالما بقي عرق ينبض في أجسادنا وحلم يجول في أرواحنا. مرت على هذا البلد حقب كان العالم فيها يخشى من غضب العراق وسطوته ، وأعقبتها حقب شهدت على إنكساراته وخضوعه وصمته
كان العراق غنياً عندما كان الآخرون فقراء فاستغلوا عطفه وكرمه وإنسانيته فنهبوه وبددوا ثرواته من ماله وعلى حسابه في مصر والأردن وسوريا ولبنان وغيرها، ثم جاع وارتمى في أحضان الفقر والحاجة فتكالبت عليه السكاكين والطعنات وكبلته القوى الغادرة بالديون ومزقته بالمؤامرات والدسائس والتدخلات .استفاد منه الغرباء وحرم منه مواطنوه الأصلاء. أين العزة والكرامة والسيادة ودول الجوار تستهين بالعراق ورموزه فإيران تأكله لحماً وترميه عظماً دول الجوار تقف موقف المتفرج على مأساة العراق العناصر المسلحة والميليشيات الخارجة على القانون والإرهابيون والعصابات المنظمة تعيث بالأرض فساداً إلى جانب فساد الدولة وجهازها الإداري الذي ينهش البلد كخلايا السرطان والذي يدفع الثمن هو المواطن وحده فقط من دمه وقوته اليومي وتدمير أعصابه وإهانته وإذلاله في كل لحظة في ظل كل الأنظمة التي تعاقبت على حكمه منذ الطاغية الأول معاوية إبن أبي سفيان، والذي يجله البعض وينعته بسيدنا معاوية ويعتبره من الصحابة العدول ، وانتهاءاً بصدام حسين الذي رمي في مزبلة التاريخ بعد ما يزيد على الأربعة عقود من الطغيان والوحشية التي لامثيل لها في تاريخ الاستبداد الحديث وصولاً إلى مرحلة التغيير بعد إسقاط النظام سنة 2003 ولغاية اليوم في نهاية العام 2019 حيث تكالبت عليه طغمة فاسدة ومتخلفة وغير كفوءة امتصت طاقته ونهبت ثرواته وعملت على تقهقر البلد وإعادته إلى ماقبل نصف قرن تحقيقاً لما سبق أن قرره الأمريكيون .
كان العراق ومايزال سجناً كبيراً يخنق نزلائه ويسومهم العذاب والتخندق خلف أسوار الحقد والخوف والعزلة الطائفية والإثنية. عاش العراقيون سنين طويلة خلف كتل كونكريتية وأسلاك شائكة وفوهات بنادق مصوبة وعبوات ناسفة وسيارات مفخخة وأحزمة ناسفة وأقبية تعبق بالعفونة والأنين وجثث المعتقلين الحية ـ الميتة وأسواط الجلادين وأدوات التعذيب والظلمة الرطبة من جانب، وإعلام تفوح منه رائحة الغش والكذب والخطاب الدعائي الزائف وقلب الحقائق من جانب آخر. ألم يحن وقت الظهور أيها المنقذ المختبيء في سراديب سامراء وفي تلافيف أدمغة البسطاء واليائسين ؟ ألا ترى هذه الملحمة الكونية المتمثلة بالذبح اليومي لأتباع محمد وذريته وكأنهم يدفعون ثمن خطيئة آدم وقابين ودم الحسين الذي أبيح غدراً من أجل المال والجاه ومتاع الدنيا؟
أمريكا أخفقت وهي تعترف بذلك ولايمكن لأحد أن يجادل في ذلك لكن فشلها ألحق الدمار والبؤس في العراق ولايزال الشر هو الذي يتحكم برقاب العباد . هل نحن حالة ميئوساً منها أو مرض عضال في جسم الإنسانية أو مشكلة مستعصية على الحل أم لايزال هناك أمل يقبع خلف غمامة الزمن؟ ماكان لجحيم دانتي أن يظهر للوجود لولا لعنة العراق الأبدية وكأني به ركب عجلة الزمن وأبحر في مجاهل المستقبل وحط الرحال في عراق إبن العوجة وكاوبوي تكساس ومواكب السبايا والمهجرين والجثث المقطوعة الرؤوس فشاهد مايكفي لمليء أوعية الذاكرة بما يحتاجه من مشاهد الجحيم. غربان الشر والإرهاب تحوم فوق سماء العراق وترميه بحمم الحقد والتمزيق الطائفي لتنهش جثث ضحاياها المتحللة في العراء فهل هناك أبشع من ذلك؟ إنها معركة حياة أو موت وعليها يتوقف مصير العراق فهل يحق لنا أن نأمل أم علينا أن نغرق في اليأس؟
يواجه المواطن العراقي اليوم خطرين عظيمين يحولان حياته اليومية إلى جحيم ويفتكان بمستقبله الغامض ألا وهما الإرهاب والفساد. الخطر الأول معروف المصدر والهوية والأهداف، وتجسد في تنظيم داعش الإرهابي وفي الميليشيات المسلحة بمختلف تسمياتها ، خاصة تلك التي تأتمر بتوجيهات وأوامر الولي الفقيه وتتلقى الأوامر من إيران حصراً و التي باتت تمسك بخناق المواطن العراقي بذريعة محاربة الإرهاب وحماية العراق من خطر داعش في حين تمارس هي بدورها أساليب إرهابية باطشة وبقسوة لا مثيل لها تجاه المواطن العراقي. والخطر الثاني هو الفساد المالي والإداري والسياسي الذي تمارسه الطبقة الحاكمة بكل مسمياتها ومكوناتها والذي جعل شعب أغنى دول من أفقر شعوب الأرض.
ألا يكفي ذلك يا سياسيي الصدفة وقادة العراق الحاليين الذين جئتم بحجة إنقاذ هذا المواطن من كل هذا الظلم والهوان الذي أحاق به عبر القرون؟ إنزلوا إلى الشارع لتروا بأعينكم هول الكارثة وعمق الهوة التي تفصل بينكم وبين أبناء أرض دجلة والفرات . من يتجول في شوارع وطرقات المدن العراقية يشعر وكأنه يتنزه في مدينة أشباح أو في أرض قاحلة لاحياة فيها غير القمامة والخرائب والدمار والكلاب السائبة والجائعة كالبشر والأوساخ والغبار ومياه المجاري والمستنقعات التي تنساب بين الأحياء والبيوت الآهلة بالسكان المعتصمين خلف الجدران أو المختفين وراء ستائر الصمت والخوف والترقب بانتظار الخلاص الذي لايأتي كمن ينتظر غودو الذي لم يراه أحد من قبل. كان هذا هو المشهد قبل الأول من تشرين 2019 واليوم تفجر الغضب العراقي بأبهى صوره وفتح الشباب صدورهم للموت متحدين لايهابون و لا يتراجعون ، صامدون وواعون لما يريدون وأقله كنس الطبقة الحاكمة الحالية وإعادة صياغة العملية السياسية برمتها وبقيادات شابة جديدة ونزيهة وكفوءة ..



#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزمن الكوني والزمن البشري
- صورة الكون المرئي العلمية والثيولوجية
- الحلقة الثالثة من لغز الثقوب السوداء في الكون المرئي والكون ...
- الحلقة الثانية من لغز الثقوب السوداء في الكون المرئي والكون ...
- الثابت والمتغير في الكون المرئي
- الكون اللامرئي والكون المظلم وأبعادهما الخفية – 1-
- لغز الثقوب السوداء في لكون المرئي والكون اللامرئي 1
- الإسلاموية L’Islamisme مرض الإسلام العضال 2
- الإسلاموية L’Islamisme مرض الإسلام العضال
- رحلة الإنسان من العصر الخرافي إلى العصر العلمي
- الكون الواعي
- لعبة القط والفأر بين إيران وأمريكا
- فرضية الله الزائدة في العلم
- الله الفرضية الزائدة في العلم؟
- نحو تجارب ثوروية في الفيزياء المستقبلية
- بعض ملامح السينما الإيرانية ضمن السياق المسموح
- العراق بين مطرقة واشنطن وسندان طهران
- بعد الجمود والمراوحة، هل ستحدث انعطافة في الفيزياء المعاصرة ...
- خطاب مفتوح لرئيس مجلس الوزراء العراقي السيد عادل عبد المهدي ...
- الواقع وما حوله في الكون المرئي 2


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بشارة - آه ياعراق لماذا كل هذه القسوة على الأبناء مرة أخرى بعد إثني عشر عاماً