أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عصام شعبان حسن - تجاوز الطائفية والطبقة السياسية














المزيد.....

تجاوز الطائفية والطبقة السياسية


عصام شعبان حسن

الحوار المتمدن-العدد: 6397 - 2019 / 11 / 2 - 14:41
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


بعد تسع سنوات من الثورات العربية، تبدأ موجة جديدة، كانت انتفاضة السودان الطويلة عنوانا لها، تلتها الجزائر، ثم العراق ولبنان. وفي هذه البلدان، يبدو الحراك الثوري العربي متطورا، من حيث أدوات التنظيم ومضمون الخطاب والأهداف، إذ تحمل خطابات الحراك وشعاراته خبرات ما سبقها من فصول الاحتجاج محليا وإقليميا. ترفض الموجة الثانية، مع تنوعها الجغرافي وتفاوت قوتها، الطائفية مظلة سياسية، والتي استخدمت لتثبت الأوضاع القائمة، وحفظ مكاسب مجموعات المصالح المافياوية، باسم الزعامة والقيادة الروحية والقدسية.
تعيد الاحتجاجات في العراق ولبنان المساحات المغتصبة من الحركة وحرية التعبير التي أمّمت مرتين، مرة باسم النظام والاستقرار، وأخرى بسلطة الطائفة التي تحكم أتباعها عبر هيمنة ثقافية ذات جذور دينية وعاطفية. باتت الطائفية غير قادرة على القيام بوظيفتها في حفظ النظام والهيمنة على أعضائها بتأثيرات الانتماء، أو عبر تقديم خدمات لرعاياها. هنا برزت أولوية المواطنة، الحقوق المتساوية، الحق في التعبير، التحرّر من سلطة الطائفة، وكسر نموذج الولي والتابعين.
يترجم الحراك عمليا الحق في المشاركة التي اغتصبها الزعيم والممثل الديني الطائفي، الولي الذي أجبر الرعايا على الصمت، واغتصب حقهم في التعبير بوصفه ممثلا لهم، ويطالب المحتجين بمواجهة النهب والفساد، ونقص الخدمات، ويرفضون السياسات التي تنتج الفقر والتهميش والبطالة، وكل مخرجات النظام المافياوي الذي يحكم تحت مظلة الطائفة.
يعيد الحراك قواعد الصراع والاصطفاف إلى مساره الحقيقي، الصراع الطبقي، ويناقش التفاوت الاجتماعي، ويعبر عن أوضاع المفقرين والعاملين بأجر، ليكون الاصطفاف شعبا ضد من ينهبه. وبتعبير كلاسيكي، مستغَلين ضد مستغِلين، وهو أكثر ما يقلق زعماء الطوائف، بجانب أن الحراك تجاوز سلطتهم وتحكّمهم وتلاعبهم بكتل الطائفة، سواء بحشدهم في احتجاجاتٍ ذات طابع طائفي، أو في عمليات الحشد والتصويت، أو غيرها من صور التعبير أو الاصطفاف والتكتل. بعد موجة الاحتجاج، أخيرا، لم تعد علاقة زعيم الطائفة بأبنائها، كما كانت، إطارا حاكما يضبط أهل العشيرة، ويشكل حركتهم واتجاهاتهم.
صرخ المحتجون في يوميات الاحتجاج، وأوضحت خطاباتهم قدر الوجع والأزمة الشاملة والمتجاوزة التقسيم الطائفي، والمستندة إلى حقائق التفاوت والصراع الطبقي. كلنا موجوعون، نحن المهمشين والعاطلين من العمل، والعاملين بأجر، والمواطنين الذين يعانون نقص خدمات التعليم والصحة وخراب البنية التحتية. يظهر التقسيم الحقيقي بين من يملكون مليارات في المصارف غير معروفة المصدر ومن لا يملكون حريتهم وإرادتهم، وعاجزين عن العيش بكرامة وتوفير الخدمات لأبنائهم.
الحركات الاجتماعية بديل للطائفة، ومضادّة لها، بوصفها تعبيرا مباشرا عن فئاتٍ تواجه مخاطر تنتجها الطبقة الحاكمة، وهي حركاتٌ تريد انتزاع الحقوق وإقرار العدالة، وتراكم النجاحات في كل جولة احتجاج، وتخلخل النظام، وصولا إلى الثورة إذا توفرت شروطها، من مشاركة جماهيرية واسعة، وتنظيم الاحتجاج وتوجيهه، والمحافظة على استمرار الشعارات الممثلة للفئات المحتجة، وقدرة الحراك على وجود ممثلين له.
تتوحش الطائفية في مقاومة الحركات الاجتماعية، تعرف أنها تسلبها الغطاء الذي تظهر فيه بمشهد القدسية، القيادة والزعامة والرعاية. لذا يشهد العراق ولبنان عنفا من الطبقة السياسية، وليس وحسب عنف أجهزة الأمن.
وتظهر أزمة النظام الطائفي، حين تكتشف الجماهير جوهره، يسرق أقوات الناس، يحفظ مصالح النخب الاقتصادية، بغطاءٍ من التبجيل والقدسية. أمام ذلك، تفيض لغة الاحتجاج بالسخرية والتهكم والإهانة لكسر قدسيةٍ زائفةٍ لملوك الطوائف، أعمدة النظام. تتجمّع ردود الفعل الغاضبة من سنوات الصمت والصبر، لتظهر، في أيامٍ، مكثفة وقوية وجارحة.
ما يجري في لبنان من احتجاجات، وما سبقها من حراك عربي في السودان والجزائر والعراق، ينبئ بأننا أمام تشكل حركات اجتماعية عربية، تستفيد من خبرات ما سبقها، وتعلن سقوط توهمات روّجت بوصفها حقائق، منها أن الحركات الاحتجاجية تنشأ على أرضية دينية، ذات طابع طائفي وعنصري، فتأتي احتجاجات العراق ولبنان تحديدا لتثبت عكس ذلك، بل ترفع شعاراتٍ تطالب بالمدنية، وترفض الطائفية والتكتل السياسي على أساس طائفي أو ديني.
وتوضح الموجة الثانية من الحراك أن الشعوب العربية قادرة على الدفع في اتجاه تشكل نظم ديمقراطية تشاركية، تتجاوز البنية التقليدية للمجتمع (الطائفة والقبيلة والعرق والجهة) كأساس للتنظيم السياسي، فهي تطالب بنماذج حداثية وديمقراطية، شعاراتها المساواة والعدالة، ورفض أي حكم سلطوي، ديني أو طائفي أو أمني وعسكري، ينهب الشعوب، ويثقل حياتها بالضرائب وسياسات التقشف وتخفيض الإنفاق العام.
ويؤشر الحراك في العراق ولبنان إلى أن الشعوب العربية لم تستسلم، ولم تتخوّف من إخفاقات الموجة الأولى للثورات العربية، كما أنها، وعلى الرغم من عمليات التدجين والاحتواء والإنهاك، لديها شجاعة الاحتجاج، وقادرةٌ على خوض المخاطرة، ولا تعبأ بدعاية الثورة المضادة التي توصم حراك الشعوب بأن نتائجه الخراب والفوضى ومنشؤه المؤامرات الخارجية.
وقد تجاوز حراك العراق ولبنان، إلى حد كبير، القوى السياسية، وأعلن فشل النظام السياسي. كما تجاوزت الاحتجاجات نخبا تقليدية كثيرة. وظهرت نخب جديدة قادت الاحتجاجات، وإن كان بينهم منتمون لأحزابٍ في ما مضى، أو أعضاء حاليون، فإنهم تجاوزوا التعبير عن أحزابهم في الغالب. كما توفر الاحتجاجات فرصةً مواتية لحضور التيارات المتجاوزة الطائفية والرافضة لها، والتي كانت ترفع شعاراتٍ يتبناها المحتجون اليوم، في ما يتعلق بدولةٍ ديمقراطية علمانية لكل مواطنيها.
ولا تتوقف شعارات انتفاضة لبنان تحديدا عند إسقاط النظام، بل الشعب يريد إسقاط الطائفية، ويريد نظاما جديدا. وبذلك تستفيد من خبرات الانتفاضات العربية، كما أن الاحتجاجات تركّز على مطالب اقتصادية واجتماعية، وتطرح خصوصا في لبنان مطالب تتجاوز عمومية شعارات الموجة الأولى من الانتفاضات العربية.



#عصام_شعبان_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرحلة الانتقالية في السودان.. انتصار منقوص واحتواء للمعارض ...
- فيسبوك-.. الصراع على العقول والمجال العام
- عن المفقودين والسجناء.. في مصر وغيرها
- عندما يحتفي نتنياهو بثورة يوليو
- اعتقالات مصر.. تشويه اليسار وتجريم السياسة
- مدينتي والصراع الاجتماعي في مصر
- الجيوش والثورات العربية.. السودان والجزائر نموذجين
- الخطاب الاقتصادي يكذب ويتجمل
- انتفاضة النفس الطويل في السودان.. جذور وسمات وآفاق
- لم أكن وحيداً في عيد العمال عن الرفاق والثورة والحب
- السودان والجزائر.. مواجهة خطاب الهزيمة والثورة المضادّة
- قراءة سوسيو اقتصادية في احتجاجات فرنسا
- سلامة كيلة في مصر.. الإنسان والمفكر والمناضل
- الفلاحون في مصر.. الخطاب الغائب والسياسة الواضحة
- سرية الحسابات فى مصر ما بين صراع المصالح وارتباك الإدارة
- صناعة الفقر متعدّد الأوجه في مصر
- إعلام دولة أحمد موسى وخديعة احترام القانون
- كيف نفهم الاحتجاجات الشعبية
- -نيوم- السعودي مشروع للهيمنة والتطبيع والتسوية
- أفريقيا 2017 .. الحكومات فى خدمة الطغم المالية


المزيد.....




- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عصام شعبان حسن - تجاوز الطائفية والطبقة السياسية