أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - -بنات الرياض- رواية إخترقت الجدار














المزيد.....

-بنات الرياض- رواية إخترقت الجدار


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 6383 - 2019 / 10 / 18 - 17:37
المحور: الادب والفن
    



رواية بنات الرياض للكاتبة السعودية رجاء عبدالله الصانع (صدرت عن دار الساقي بيروت عام 2006)، تحولت الى اكثر الروايات العربية مبيعا في تاريخ النشر العربي. الأمر الذي يثبت مسألة هامة في الدور الذي يلعبه الأدب. ليس كعنصر جمالي فقط، او كراصد للواقع الاجتماعي والفكري للمجتمع الذي ينطلق منه، انما، وهذا الأساس، كقوة مؤثرة قادرة على تحريك الثوابت والمسلمات وكشف هموم المجتمع، واحداث صدمة عميقة، لا يمكن بعدها ان يبقى الواقع الاجتماعي مجرد حالة دائمة مستقرة.
من الواضح ان النظام السعودي الذي يخاف من التغيير، لم يسمح حتى اليوم بتوزيع الرواية في السعودية، الرواية لم تمنع رسميا، انما هيئة الرقابة ربما ما زالت منذ عام 2006 "تدرس" الرواية و "تحللها" ولم تقرر بعد بشأنها (لم اسمع انها وزعت بالسعودية، رغم ان الرواية طبعت عدة طبعات متتالية (اربع طبعات على الأقل) وباعت خلال ثلاثة اشهر من صدورها اكثر من 40 الف نسخة، وربما دخلت نسخ للسعودية مهربة بطريقة المخدرات والمشروبات الروحية. هذا لوحده يشير الى أزمة المجتمع السعودي التي ترصدها الكاتبة السعودية رجاء الصانع.
رجاء الصانع تجاوزت اليوم العقد الثالث من عمرها، عندما أصدرت روايتها كانت ابنة 22 سنة فقط، وهي خريجة قسم طب الأسنان في جامعة الملك سعود، استغرقها كتابة الرواية ست سنوات، أي بدأت روايتها وهي في سنتها الجامعية الأولى، وهي تتحدث عن حياة أربع شابات سعوديات من الطبقة السعودية الغنية، ارتبطن بعلاقات صداقة ومكاشفة لأسرارهن.
الفتيات الأربع يبحثن عن الحب، الأولى تطلقت بعد اكتشافها خيانة زوجها لها، الثانية يتركها خطيبها بعد ان سلمته نفسها بليلة حب، والثالثة لم يتمكن حبيبها من الزواج بها، لأنه امتثل لأوامر امه الرافضة ان يتزوج ابنها من فتاة أمها أمريكية، رغم انه تجاوز العقد الثالث من عمره، الذي قضاه في الغرب واكتسب شخصية انسان حضاري منفتح ومتنور. أما الرابعة فكانت أوفر حظا منهن، ولعبت دورها في مساعدتهن ورواية تجاربهن، رغم العلاقات الحميمة بين الصديقات، فكل فتاة تعيش خيبتها الخاصة، ما عدا لميس التي تزوجت وسافرت مع زوجها لإتمام الدراسة في كندا. الرواية جاءت على شكل رسائل عاطفية وزعت على شبكة الايميل في الانترنت، عبر 50 رسالة، اثارت ردود فعل وتعليقات مختلفة من القراء، خاصة وان النظام السعودي المنغلق تماما، ينكشف كمجتمع مخلخل الأسس، ضعيف البنيان، وما يمارسه من سلسلة تحريمات كبيرة، يخلف المزيد من المشاكل والتحديات.
الصبايا يبحثن عن الحب، الشباب يبحثون عن الحب، في مجتمع يمارس الحرمان من الاختلاط بين الجنسين، مما يقود الصبايا والشباب الى تمرد هادئ، وتجاوز للمنوعات، قد لا نجدها حتى في المجتمعات المنفتحة أكثر.
الرواية ليست دعوة مباشرة لتغيير الواقع في السعودية، واعطاء المرأة حقوقها كانسان لا يختلف عن الرجل، انما تلجأ الكاتبة الى تقديم نص ابداعي يكشف اللثام عن الواقع المعاش، واقع غير طبيعي، غير انساني، حتى في كتابة عقد الزواج يطلب الشيخ من الفتاة ان تبصم، وعندما تعترض بانها جامعية وتعرف القراءة والكتابة، يصر الشيخ على ان تبصم على العقد لأن التوقيع للرجال فقط. هذه اللوحة تكشف واقعا مذهلا في تخلفه ونظرته الدونية للمرأة ومعاملتها كقطعة اثاث يملكها "الفحل"-الزوج.
رواية بنات الرياض أحدثت انفجارا في الجدار الاجتماعي الذي بني على التمييز ونفي حقوق المرأة خلال عقود طويلة، ويتواصل فرضه بشكل قصري رغم ان الزمن يتغير وحقائق الحياة تتبدل، والعرفة تزداد وتتسع، وأساليب التحايل على الجدار تتطور وتتحسن وتخترقه، الا ان لا شيء يتغير في المجتمع السعودي الخاضع لفكر وهابي مغلق ويتناقض مع حقوق الانسان رجلا كان ام امرأة. رواية بنات الرياض ضربة من داخل الجدار، من داخل السجن الفكري الكبير، من داخل الحصار القاتل على المرأة خاصة، لكن من يظن ان الرجل يتمتع بحريات أكبر هو واهم. كي تكون حرا يجب ان تكون بلا شخصية ولا رأي، ولا موقف، ولا تفكير. الانسان السعودي يبرز كشخصية مشوهة لا تملك حق التفكير ولا حق القرار الا ما يملى عليها من الذين جعلوا الدين سجنا للعقل وسجنا لحرية الرأي.
لست في باب تقييم الرواية فنيا، لأن موضوعها المثير وكونها مادة شديدة الانفجار تتسرب من مجتمع غارق بالقيود والرقابة والدجل الديني، هو موضوع اعطى للرواية بعدا أكبر بكثير من مجرد تقييمها كعمل ادبي فني. لكني بنفس الوقت اقر انها عمل ادبي نادر بجرأته، وجمالية أفكاره، وروعة طروحاته، تجاوزت به هذه الرواية اهم الأعمال الروائية العربية من حيث اهتمام الجمهور، فتفوقت بتوزيعها على أشهر الأعمال الروائية لأهم الأدباء العرب. يمكن القول ان الرواية تعتبر مساهمة جادة وقوية لخلق إرادة جماعية لإعادة ترتيب البيت السعودي.
من ناحية فنية، تفتقر الرواية الى عدة مركبات روائية، فهي مليئة بالسرد الطويل، والمباشرة في الكثير من المقاطع، ومع ذلك نحن امام روائية شابة مبدعة، في اول تجربة لها، كسرت الطابو الاجتماعي في أكثر المجتمعات العربية محافظة وانغلاق. وفتحت ثغرات في الجدار السميك للسعودية، للإطلال عبر الثغرات الى ما يجري في المجتمع السعودي، ونجحت الكاتبة في خلق التفاعل بين النص والقارئ في معظم مساحة الرواية. رواية لا تنسى بسهولة بعد قراءتها.
[email protected]



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل توجد تقنيات جاهزة لكتابة القصة القصيرة؟
- ما قبل الثقافة، ما بعد الثقافة
- هل لدينا حداثة حقا؟
- نقدنا وفلسفة النقد الغائبة
- فلسفة مبسطة: مفهوم الله في تاريخ البشرية
- فلسفة مبسطة: رؤية واقعية...؟
- لن يبقى إلا أربعة عروش لأربعة ملوك
- حين خطف الموج حبيبتي
- علي سلام فتح الطريق لبناء تعاون شامل بين بلدية الناصرة والقا ...
- انطباعات اولية عن رواية جورج اوريل الرائعة: 1948
- حوار اوكسترالي بالكلمات
- نهضة ثقافية ام أزمة ثقافية؟
- يوميات نصراوي: حكايتي مع الابداع الثقافي
- محاولة لرؤية جديدة: جذور العنف في الوسط العربي
- مخيم الناصرة يستقبل رئيس البلدية علي سلام بالأغاني والرقص ب ...
- أنقذونا من هذا الشعر
- القائمة المشتركة: مشكلتها لجنة الوفاق!!
- انطباعات أولية من زيارة مخيم الناصرة البلدي
- كلمات للتفكير بعد عاصفة تي بي جوشوا في الناصرة
- سياسة نتنياهو: تفاهة الأعمال وعظمة الأوهام


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - -بنات الرياض- رواية إخترقت الجدار