أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد السلام الزغيبي - الفول المدمس...الأكلة الشعبية الأولى في مصر














المزيد.....

الفول المدمس...الأكلة الشعبية الأولى في مصر


عبد السلام الزغيبي

الحوار المتمدن-العدد: 6383 - 2019 / 10 / 18 - 14:01
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


"ان خلص الفول انا مش مسؤول" عبارة كانت موضوعة على الحائط  في مطعم بوعشرين في بنغازي منذ سنوات طويلة واعتقد انه اول من ادخل اكلة الفول المدمس بالصونية او سندوتشات في بنغازي، ولهذا السبب تعرفنا على اكلة الفول مبكرا، وعندما اتيحت لنا فرصة زيارة مصر في السبعينات تناولنا سندوتشات الفول عندما كان سعره ربع جنيه مصري" الان وصل من 2 جنيه الى 5" جنيه حسب المكان، عربة أو مطعم شعبي صغير، او مطعم مشهور.في ذلك الوقت، كانت مصر تنتج كميات كبيرة من حبوب الفول، تغطي نصف استهلاكها تقريبا.. الان الوضع اختلف،مصر تستهلك الآن نحو 800 ألف طن من الفول سنويًا، لكنها لا تنتج الا 100 ألف طن .

وتستورد الباقي من أستراليا والمملكة المتحدة اللذان يعتبران من أكبر مصدري الفول، حيث يصدران نحو ثلثي الكمية لمصر، بينما تأتي البقية من دول البلطيق.

بعد ان قفل مطعم بوعشرين ابوابه، وبعد قدوم هجرة عمالية من مصر، فتحت في منطقة الفندق البلدي عدة محلات تبيع الفول والطعمية، زبائنها من المصريين والعرب والليبيين، وقد زرت احدها في عام 2012.

اثناء زيارتي الاخيرة للقاهرة حذرني احدهم بعدم اكل الفول المدمس من العربة الموجودة في الشارع، بأعتبارها غير صحية، وكلمة ( فول ) هى كلمة مصرية قديمة ، ومدمس كلمة ( قبطية ) معناها المطمور ( المطبوخ تحت الأرض).

لكن خبرتي مع مثل هذه العربات والمطاعم الشعبية، أثبتت عكس ذلك، عن تجربة شخصية، فقد قمت في عام 1997 بزيارة قصيرة الى مدينة الاسكندرية، وأقمت في شقة مفروشة في شارع في حي شعبي متفرع من شارع بورسعيد الشهير في المدينة،وكانت شرفة الشقة تطل على بيت شعبي يقيم فيه بائع على عربة فول في الشارع، أتذكر أسمه" الحاج الرفاعي" لغاية الان من كثرة ترداده على مسامعي من أطفاله الثلاثة" وكنت أراه عندما أمر في طريقي لدخول الشقة أو من الشرفة، هو وزوجته عند العصر يجهزان الفول قبل وضعه في القدر على النار.كانت المرأة  تفترش الأرض وتضع بجانبها طشت" ليان" فيه حبوب الفول، تنقي الفول الحب، وترمي البقايا للدواجن التي تحيط بالمكان، وتغسل ما تبقى وتعبيه في القدرة ثم تضيف الماء، ومن هناك تبدأ مهمة الزوج، حيث يرفعه ويضعه على نار هادئة، من المغرب حتى فجر اليوم التالي،حيث أراه يحملها على العربة ويسير بها الى نهاية الشارع، ليبيعها للناس، الذين يتوافدون عليه منذ ساعات الصباح الاولى، ويستمر في العمل حتى الساعة الثالثة عصرا، ليعود متعبا منهكا للبيت الصغير، الذي يعيش فيه مع اطفاله الثلاثة، يتناول طعامه ويستريح، ثم ينهض لمواصلة الكفاح اليومي..من اجل حياة شريفة نظيفة..

الحاج الرفاعي يطبخ فوله بنفسه، حيث بات كل صاحب عربية يعتمد على نفسه في توفير حاجته، لكن زمان كانت رحلة الفول لكي تصل لأفواه المصريين، تمر برحلة طويلة من صاحب " المستوقد" الموجود في حارة ضيقة بحي الجمالية وسط القاهرة، الذي يجهز الفول على نار هادئة وبخبرة السنين، يعمل اشخاص معينين على إنضاج "الفول"، أشهر أكلة اعتاد المصريون على تناولها في وجبة الإفطار.

فعلى مقربة من المعالم الأثرية في شارع المعز التاريخي، تتكئ "حارة المستوقد" -أو ما يعرف بـ"مستوقد مرجوش"- إحدى أبرز روافد "الفول" خلال العقود الماضية إلى أفواه المصريين، والتي كان يقطنها "الحرافيش"، وهم الطبقة الدنيا إبان العصر المملوكي في مصر القديمة. في الحارة الضيقة ، يقع سرداب طويل ينتهي بغرفة مزدحمة بأخشاب ومعدات بدائية .

أصحاب "المستوقد" كانوا لسنوات طويلة يمولون مطاعم وفنادق ومواطني القاهرة بوجبة الفول يوميا، بعد عملية طبخ تستغرق ساعات تبدأ من غروب الشمس إلى طلوع الفجر. ويتم تسليم آخر كمية قرابة الفجر.

هذه الحارة التي تعرف ب حارة المستوقد تعود إلى عصر الاحتلال الإنجليزي لمصر (1882-1952)، ولا تزال بوضعها الحالي نفسه.

قبل سنوات، كانت حارة المستوقد تمد بائعي الفول بنحو ثلاثين قِدرة يوميا منه، لكنها حاليا بالكاد توزع لثلاثة في نطاق حيي المعز والظاهر في مصر القديمة، حيث بات كل مطعم وصاحب عربية فول يطبخه بنفسه.

أثناء تجوالي في مناطق القاهرة الشعبية قبل اسبوع من الان، كنت اتناول افطاري في بعض الاحيان عند عربة الفول حيث يتجمع الناس لتناول افطارهم من الطعمية والفلافل المقلية، وطبق الفول الشهير، الذي يقدم حسب الرغبة، فول

بالزيت العادي، وفول بزيت الزيتون وفول بالزيت الحار، مع اضافة بالطحينة والدقة" ليمون وكمون وثوم" وطبعا مع العيش البلدي الساخن، ومخلل الباذنجان..

هذا التجمع عند عربة الفول يعتبر ملتقى يومي  لطبقات عدة من المجتمع المصري، من الناس البسطاء من العمال والموظفين وحتى الطلاب، يواضبون على عربات بيع الفول المنتشرة في الاحياء الشعبية، أو المطاعم الشعبية، مثل مطعم " سعد الحرامي" في شارع شامبيلون في وسط البلد، الى جانب ورش تصليح السيارات وغير بعيد عن مطعم كشري ابوطارق. أو مطعم البغل" في شارع المواردى ، متفرع من شارع قصر العينى

أوالمطاعم باسماء شهيرة، مثل التابعي الدمياطي في ميدان عابدين، أو أخر ساعة، ش الالفى متفرع من ش عماد الدين، أو جاد في شارع 26 يوليو...

كل المصريون يتفقون ان طبق الفول هو الطبق الشعبي الاول على المائدة المصرية منذ مئات السنين، لانه تحول الى اسلوب حياة، يتعود عليها التلميذ والطالب عند ذهابه الى المدرسة وواخد معاه سندوتشات فول مثلما نراه في المسلسات والافلام المصرية، وهو سحوره الأساسي في رمضان الى جنب الزبادي، ولهذا اصبح الفول ضرورة لحياة الكائن المصري، يعتمد عليه الى جانب الطعمية" الفلافل" للتزود بالطاقة التي تساعده في اداء اعماله اليومية. وباعتباره مصدرا رئيسيا للبروتين الزهيد الثمن، بما يتناسب مع الدخل المتدني لقطاعات واسعة من المواطنين.



#عبد_السلام_الزغيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جولة في مكتبات وسط البلد.. القاهرة
- مقاهي القاهرة كما رأيتها
- تاريخ المشروبات والمرطبات في بنغازي..
- طول السلك يودر اليبرة...
- الحسد...في الموروث الليبي
- وجوه من الحياة...سي علي الاوجلي ...الشنه
- في ذكرى فبراير.. الواقع المؤلم
- في مديح بنغازي..
- إكسارخيا معقل الفوضويين اللاسلطويين
- يا قايد عطينا إشارة....
- الغيطة...فن ليبي اصله افريقي
- تاريخ أسطوانات الأغاني الليبية
- سيدي حسين .. حي شعبي عريق في بنغازي
- أين تذهب هذا المساء ....سينما الحرية
- وجوه من الحياة...
- الغناي : عائلة العلم والأدب والرياضة...
- على هامش ذكرى 17 فبراير... بيت على الرمال...
- شعراء وزراء في العهد الملكي في ليبيا
- عسكر سوسة..بين الامس واليوم
- زردة في البكور...


المزيد.....




- بايدن واثق من أن ترمب -لن يقبل- نتيجة الانتخابات الرئاسية
- حماس: إسرائيل غير جادة وتستغل المفاوضات غطاء لاجتياح رفح
- بايدن: القنابل التي قدمناها لإسرائيل استخدمت في قتل المدنيين ...
- سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
- بايدن على قناعة بأن ترامب لن يعترف بهزيمة في الانتخابات
- قائد -نوراد-: الولايات المتحدة غير قادرة على صد هجوم بحجم ال ...
- أبرز مواصفات iPad Pro 13 الجديد من آبل
- سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
- الجيش الإسرائيلي: معبر -كرم أبو سالم- تعرض للقصف من رفح مجدد ...
- -يني شفق-: 5 دول إفريقية قررت إنهاء عمليات الشحن البري مع إس ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد السلام الزغيبي - الفول المدمس...الأكلة الشعبية الأولى في مصر