تعظم الضغوط لإلغاء الحكم المتجني بحق لولا ، الرئيس البرازيلي الأسبق

سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 6377 - 2019 / 10 / 12 - 09:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الضغوط تتعاظم لإلغاء الحكم الجائر بحق لولا، الرئيس البرازيلي الأسبق

غلين غرينوولد احد ثلاثة من المحررين المؤسسين لموقع ذا إنترسيبت ا إليكتروني. وهو صحفي تقصي ومحام، أي صحفي نقدي لا يتوقف عند ظاهر الخبر المنشور، بل يتقصى ملابساته كي يصل الى الحقيقة الكامنة خلف الظاهر. ونظرا لما تخفيه الدبلوماسية الأميركية من حقائق وما تذيعه من أكاذيب تبرر بها ممارساتها فقد نشأ في الولايات المتحدة عدد من صحفيي التقصي، منهم سيمور هيرش، الذي فضح مجزرة الجيش الأميركي في قرية ماي لاي الفييتنامية، وكشف عن أعمال التعذيب في سجن أبوغريب، كما كشف الحقيقة عن استخدام السلاح الكيميائي في سوريا من قبل النصرة كي تلفق التهمة ضد النظام السوري .
نال غلين عدة جوائز ، أهمها تقصى ظروف سجن تشيلسيا مانينغ، جندي أميركي خدم في العراق واطلع على وثائق للجيش الأميركي قدمها الى ويكيليكس، حيث نشرت. حكم على مانينغ بالتجسس لمدة 35عاما ، لكن تقصي غلين كشف الحقيقة واستصدر أمر الإفراج عنه . ألف اربعة كتب جديدة حظيت بإقبال كبير. وآخر كتبه "لا مكان للاختباء" يكشف عن دولة المراقبة والتجسس على المواطنين في الولايات المتحدة، وكتب حول الوثائق التي اذاعها سنودون( موظف المخابرات الأمبركية الذي فضح تجسس الدولة على مواطنيها). سجلته مجلة فورين بوليسي مع الصحفية لورا بويتراس أحد مائة من كبار المفكرين في العالم للعام 2013. ونال عام 2014 جائزة بوليتزر للخدمة العامة على تقارير نشرها بصحيفة الغارديان.
والتقصي الذي اجراه موقع ذا إنترسيبت بصدد قضية رئيس البرازيل الأسبق، لولا دا سيلف ما يزال يتفاعل مشددا الضغوط من أجل إلغاء الحكم المتجني ضده. الرئيس لولا نقل البرازيل، خلال ثماني سنوات من حكمه، من دولة مفلسة الى دولة دائنة، وقضى على ظاهرة أطفال الشوارع، ونقل اربعين مليون برازيلي من تحت خط الفقر. وقف لولا بجانب تشافيز حين حاولت الامبريالية الأميركية التأمر لإسقاط حكمه. حاول الترشح لللرئاسة في الانتخابات التي جرت عام 2017، غير أن تواطؤا تم لزجه في السجن بتهمة الفساد. أبرز التقصي الصحفي الذي أجراه موقع ذا انترسيبت الدلائل على التواطؤ بين القاضي والادعاء في قضايا "غسيل السيارات" الذي ذاع صيته في أنحاء العالم ، وبموجب التواطؤ حكم بالسجن احد عشر عاما على دا سيلفا لمنعه من الترشح لانتخابات الرئاسة. وقبل ذلك جرى بمكيدة تجريم الرئيسة ديلما روسيف التي خلفته في منصب الرئاسة وعزلت من المنصب بتهمة ملفقة ؛ كل ذلك تمهيدا لتنصيب بولسونارو، من اليمين الشعبوي الفاشي، رئيسا للبلاد. نجحت المؤامرة ، وكوفئ القاضي الذي ادان لولا بمنصب وزير العدل والأمن العام ، وتعهد بولسونارو بتعيينه عضوا بالمحكمة العليا حال وجود شاغر.
نشر الصحفي غلين غرينوولد مقالا في 8 أكتوبر،على موقع ذا إنترسيبت حول تداعيات نشر التقرير الذي فضح التواطؤ لإدانة لولا. فيما يلي مقتطفات من المقالة ، وكان مترجم هذه المقتطفات قد نشر على موقع الحوار المتمدن(عدد 6272 بتاريخ 26/6/2019) عرضا للتقرير. يقول غلين في مقالته:
في9 حزيران نشر موقع ذا انترسيبت البر ازيلي ، وهو موقع اليكتروني تقارير من أرشيف غني لمحادثات هاتفية جرت بين المحققين في قضية لولا ، المعروفة بقضية كار ووش(غسيل السيارات)، وبين القاضي، سيرجيو مورو، المكلف بالنظر في القضية. في هذا الأرشيف يتجاوز القاضي حدوده ويوجه التحقيق بما يلفق ضد سيلفا تهمة تلقي رشوة فيلا من مقاول مقابل توقيعه على عقد مع احد المقاولين. لم يستطع الادعاء ولا المحكمة إثبات أن لولا هو المالك للشقة.
في شهر أيلول نشر موقع ذا إنترسيبت بالتعاون مع شريك برقية سرية أصدرها في وقت سابق أعضاء هيئة الادعاء في قضايا غسيل السيارات، المسئولون عن اضطهاد لولا، تـضمنت سخرية قاسية من الموت التراجيدي لحفيد لولا ابن السابعة جراء التهاب في منطقة المخ والعمود الفقري، وكذلك وفاة زوجة لولا عام 2017 بسكتة قلبية، وهي في سن 66 عاما. أحد أعضاء هيئة الادعاء ممن شاركوا في السخرية اعتذر علنا، ولم يعتذر الباقون.
بعد نشر التقرير عن الأرشيف اشتدت الضغوط من آجل إعادة محاكمة لولا وتبرئته ، وفي ذلك إدانة للقاضي الذي أصبح وزيرا. لمواجهة الضغوط يجري الحديث عن تحويل السجن الى إقامة جبرية في بيته، علّ ذلك يخفف المطالبات بتبرئته. رفض لولا ، وفي رسالة وجهها الى شعب البرازيل بخط يده أعلن الإصرار على البقاء داخل السجن الى أن يصدر القرار بتبرئته. لا يريد ان يشعر أعضاء المحكمة العليا بالتحلل من مسئولية تبرئته، من خلال إخراجه من السجن الى البيت، واعتبار أنه لم يعد مسجونا، ولا يحق لغير المحكمة العليا النظر في استئناف قضيته.
و جاء في بيانه، "لن أقايض كرامتي بحريتي. لقد برهنت ان الاتهام الموجه ضدي كاذب. سجناء الاكاذيب ، التي أذيعت على البرازيل والعالم ،هم المدعون في قضية غسيل السيارات والقاضي سيرجيو مورو، ولست انا ".
ردا على مساعي إسقاط التهمة أصر ديلتان دالاغنول، رئيس قوة العمل والهدف الرئيس لتقرير ذا إنترسيبت، على ان لولا لا شان له بالموضوع، وإذا طلب منه الخروج من السجن فلا يحق له المقاومة أو رفض الشروط. بلغ الضعف بهيئة الإدعاء في قضايا غسيل السيارات بحيث انهم ، باستعراض سوريالي، وهم الذين عملوا سنوات وكسروا مختلف القواعد، كي يضمنوا سجن لولا ، باتوا الآن يطالبونه بالخروج من السجن ( رغم أن ذالك يتم وفق شروطهم)، بينما يرفض لولا الخروج من السجن بدون إسقاط التهمة التي ألصقوها به.
لدى هيئة الادعاء في قضية غسيل السيارات مبررهم للقلق بأن التصرف السيئ للقاضي مورو ومن جانبهم سوف يؤدي الى تبرئة لولا من التهمة وإسقاط الإدانة المترتبة. للتأكد هناك ضغوط كبيرة وتهديد مكشوف للمحكمة العليا، من جانب العسكر لتجنب كل ما من شانه إخراج لولا من السجن. ومعلوم أن الجيش طلب من المحكمة إلغاء قرار أصدره الرئيس السابق بالإفراج عن لولا. وفي كل مرة تتجه قضية لولا صوب الإفراج تصدر تحذيرات من عسكريين ، متقاعدين وبالخدمة ، يوجهون تحذيرا صريحا للمحكمة للإبقاء على لولا حيث يوجد. وبعد فترة قصيرة من نجاح بولسونارو صدر تحذير من ابنه ، إدواردو( الذي يحاول والده الآن تعيينه سفير البرازيل في الولايات المتحدة) من ان أي قرار تصدره المحكمة العليا سيقابل بإرسال جنود الى أبواب المحكمة.
علاوة على الإنذار الموجه للادعاء العام من طرف المحكمة العليا والصادر قبل أسبوعين، جرت تطورات تعكس التعاطف الواسع مع لولا. في صبيحة يوم الجمعة- 4اكتوبر ، تشرين أول الجاري- نشرت صحيفة "فولها أف ساو باولو"، وهي أكبر صحف البرازيل، ان المحكمة العليا تتحرك باتجاه تثبيت قضائي لمصداقية تقرير ذا انترسيبت، بحيث يستفاد من محتوياته في إجراءات قضائية من شانها أن تعيد النظر في شرعية الأحكام المناهضة للفساد. في هذه الأثناء أعلن رئيس المحكمة ، دياز توفوللي، هذا الأسبوع، ان المحكمة سوف تقرر في وقت قريب في عدد من المسائل البازغة حول غسيل السيارات ، والتي من شانها من تلقاء ذاتها ، أن تؤدي الى إلغاء حكم إدانة لولا.
علاوة على تحرك المحكمة العليا تلقت الرفض من قبل الكونغرس البرازيلي حزمة قوانين طرحها مورو "ضد الجريمة"، صممت لتحقيق حلم بولسونارو بتوفير الحصانة للشرطة والجيش حين يقتلون الأطفال والفقراء الأبرياء، وهي جرائم طالما اقترفتها الشرطة البرازيلية ضد الأطفال المشردين، و حظرها لولا حين توليه الرئاسة، وجمع الأطفال المشردين في دور رعاية حولتهم الى مواطنين نافعين. ولم تتم الموافقة على تعيين اوغستو آراس، مرشح بولسونارو لمنصب المدعي العام إلا بعد أن أدان علنا "مبالغات " هيئة الادعاء في قضية غسيل السيارات.
وعبر المدافعون لزمن طويل عن مداولات غسيل السيارات – بمن فيهم زعماء يمينيون في مجلس الشيوخ وشاركوا عام 2016 في سحب الثقة من الرئيسة ديلما روسيف ، وكذلك المدعي العام السابق في كتابه الجديد – عبروا عن الندم إزاء مواقفهم طوال أشهر . احد أعضاء المحكمة العليا ، غيلمار مينديس تلا هذا الأسبوع من المحادثات المنشورة بتقرير الإنترسيبت، تتهم مورو والمدعين بالانشغال في " الإجرام المنظم" وكونهم " معذبين"( بسبب اللجوء الى تكتيكات "السجن الوقائي" وسيلة لإجبار المدافعين عن أنفسهم على اتهام غيرهم كشرط لإطلاق سراحهم).
وبسهولة أقر في الشهر الفائت(أيلول) في مجلسي الكونغرس في البرازيل قانون جديد يعاقب كل من يسيء استغلا ل السلطات من المدعين والقضاة -بهدف شمول مورو والمدعين على الأقل- ورفضت معظم تحفظات بولسونارو على القانون . وسيطال القانون دالاغنول المدعي في قضية غسيل السيارات.
ان تداعي مصداقية مورو وغسيل السيارات يتم على صعيد دولي. ففي شهر أيلول وجه 17 من كبار العلماء المناهضين للفساد من أنحاء العالم – منهم سوسان روز-اكيرمان من مدرسة ييل للقانون التي طالما أشادت ب دالاغنول " اعظم خبراء مناهضة الفساد في العالم"- وقعت على رسالة بالاستناد الى تقرير موقع انترسيبت، نددت ب" الممارسات غير القانونية واللاأخلاقية" من جانب مورو ، وطالبت بالإفراج الفوري عن لولا؛ وفي يوم الخميس (3 أكتوبر/ تشرين اول ) صوت مجلس مدينة باريس ، بالاستناد الى تقرير ذا انترسيبت، بمنح لولا مواطنة شرف في المدينة . وفي شهر أيلول وجه بيت الديمقراطيين لتجمع الممثلين (الولايات المتحدة) رسالة الى وزارة العدلية ، بالاستناد الى تقرير انترسيبت، دعت فيه الى ان "هذه التقارير تبدو مؤكدة أن تصرفات كل من القاضي مورو والمدعين في لافا جاتو قد املتها اعتبارات سياسية سعت لتقويض الامكانات الانتخابية لحزب العمل البرازيلي".

#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات