أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله المتقي - شعرية الجسد في ديوان - قبعة ضاقت عن رأسي - لسندس بكار














المزيد.....

شعرية الجسد في ديوان - قبعة ضاقت عن رأسي - لسندس بكار


عبدالله المتقي

الحوار المتمدن-العدد: 6350 - 2019 / 9 / 13 - 15:26
المحور: الادب والفن
    


شعرية الجسد في ديوان " قبعة ضاقت عن رأسي " لسندس بكار
عبدالله المتقي

أصبح الجسد اليوم موضوعا مهما وملحا ،بعد أن ظل لعدة قرون مسكوتا عنه ، لاعتبارات دينية واجتماعية ، فهو يمثل الجزء المرئي من كياننا ، وهو" النص واللون. فلو لم يكن لدينا تماس مع أجسادنا كيف كنا سنعبر عن آلامنا، أحزاننا، فرحنا، شبقنا " على حد تعبير التشكيلية الفلسطينية عايدة نصر الله ، أما الفيلسوف الألماني نيتشه فإنه يؤكد على أن الحياة لا تكون ممكنة إلا بأجسادنا، وحقيقة الذات تكمن في حقيقة الجسد .
الشاعرة التونسية سندس بكار احتفت بالجسد أيما احتفاء في ديوانها " قبعة ضاقت عن رأسي " الصادر عن دار ميارة للنشر والتوزيع بالقيروان ، ويقع في 95صفحة على مقاس كتاب الجيب ، ويتكون من ثلاثة أقسام من القصائد المختلفة الطول ، وهي كالتالي :
- رغبات ، قبعة ضاقت عن الصمت
- ومضات ، قبعة ضاقة عن الحرف
- سكرات ، قبعة ضاقت عن العزلة
يلفت الانتباه في هذا المنجز الشعري حضور موضوع الجسد ، إذ قدمت الشاعرة صياغة تثويرية للجسد وخرجت به من حدود الرؤية الضيقة الى آفاق أرحب ، لأن هناك علاقة دلالية تقرن الجسد بالكتابة فقد اعتبرا وجهان لعملة واحدة ، لأن بينهما وشائج دلالية وثيقة الصلة " كما يذهب إلى ذلك هشام العلوي في كتابه " الجسد بين الشرق والغرب " ص_88
وعليه ، تبحث الشاعرة عن الأسس والضوابط التي تجعل من هذا الجسد يمارس اللعب والتحول الدلالي و يزحزح القناعات التي قد تبدو ثابتة ، وفي كل الحالات يبقى الجسد سيدا في حضوره لكن كيف يحضر في ديوان «قبعة ضاقت على رأسي »
يحضر الجسد في قصائد الديوان كما أشرنا إلى ذلك سابقا ، بتمظهرات عديدة وتجليات متنوعة، فقد يكون الحضور كليا وماديا :
" الواحد إلا لمستين
والجسد المندهش بالرغبات
يستجدي ليل طنجة
محاربة الصباح "
وقد يكون هذا الحضور جزئيا "
" شعر صدرك
وجه خاتله بياض الياسمين
حبة التوت أعلى جنبك الأيمن
تحرس خرائط " كريستوف كولومبس "
وفي حالات أخرى لا يحضر الجسد إلا من خلال بعض القرائن المرتبطة به: الفستان الأسود ، القميص، و ...
وعليه ، تحضر صور الجسد بكل أجزائه ككينونة لاهبة لاحتضان الرغبات النارية ومن ثم انكتاب ما ترى و تشتهي وترغب فيه الشاعرة ، أو ما ترغب حقيقة في رؤيته واحتوائه .
إن بكار سندس لا تخفي أي شيء، بل إن قصائدها تستمد تفردها وتميزها من هذا البوح نفسه، وبكل ما أوتيت من مكاشفات :
" أشعلني فيك بكل الألوان
بكل المتاهات
بكل الأطياف "
الشاعرة في هذا الشاهد الشعري تفتح كل شبابيك وأبواب الجسد على مصراعيها من أجل أن تستوفي شروط الرغبة حتى ولو تطلب ذلك لهيب واحتراق هذا الجسد ، بحثا عن دلالات الجنون و الضياع والاستشهاد من أجل الاندغام ، مما يؤكد عمق رغباتها وصدق تفانيها في الإخلاص للمحبوب.
وبنفس الجرأة الرمزية ، وفي تحد لكل الطابوهات واختراق لكل شيء نقرأ من قصيدة " تفاحة ":
" قلبي تفاحة خضراء:
المشتهى ..
وحده يقضمها "
هذا المقطع المكثف يقدم صورة وافية عن تمثلات الجسد وأشكال حضوره، وكيفية الاحتفال به من خلال مشهد القضم والتضحية بعضّ القلب بأطراف الأسنان من أجل اكتمال الرغبة في اشتهاء الآخر واحتوائه ,
"البعوض الذي يتقاسمنا لحظات القبل ،
يغار من لهفتنا اللامتناهية
يفتك يأجسادنا كل ليلة
لكن أرواحنا
لا تقبل القضم "
وعلى نفس الخط ، تطلق الشاعرة العنان لجسدها القابل للسعات البعوض تساوقا مع لهفة القبل ،في مقابل الروح الرافضة لهذا العض ، لتحقق الشاعرة بذلك ،صورة وافية الاحتفاء بالجسد والروح وهما في تفاعل أعمق وأقوى ، فآلام الجسد " البعوض ، يفتك ، القضم " ومتعته " القبل ، لهفتنا" لم تفقد الروح متعتها هي الأخرى ، بيد أنها متعة العناد وتقوية المناعة ضد تعليب الجسد ضمن قانون استهلاكه وتشييئه .
" القبلة ليست شفتين
القبلة مئذنة الليل
الحب ليس جسدين ،
الحب تراتيل صلاة ،
جحيم غواية ونزيف روح "
يلفت الانتباه في هذا المقطع الشعري أيضا ، الحضور المميز للروح والجسد ، لكن مع نفي لشهوات الجسد واستحضار للروح في طقوسها وكامل كحولياتها الروحية " تراتيل صلاة " ، وبكامل فائض قيمة آلامها " نزيف روح " ، دلالة على الالتئام والامتلاء الروحي والبحث عن هاجس البحث عن المعنى ,
ولم يفت الشاعرة سندس بكار ، وهي تحتفي بالجسد من استحضار مجموعة من الأمكنة :
" تتنحى جانبا
تمنح الفزاعة أرضا وسماء
في " رأس الماء "
الطائر الساكن في اليد "
هكذا تستدعي الشاعرة بكار سندس " شفشاون ، طنجة ، مقهى الحافة ، رأس الماء .." احتفاء بالمحبة في بعديهما الرمزي الخالص وانتصارا للاعتراف والوفاء لنوسطالجيا الحب ولحظاته السعيدة : .
أيضا تستحضر قصائد الديوان أسماء ورموز أدبية وتراثية من سجل التاريخ البعيد والقريب ، كزليخة وبورخس و بيكاسو ، وبودلير و نيرودا ، جون فالجون هرقليدس ، وابن ويوسف، عقبة ... وتستدعى هذه الأسماء ، لكن في أوضاع ومواقف معصرنة وفق تقنية المفارقة .
ومن مهارات سندس بكار ، أننا لا نقرأ شعرا نقيا ، بل قصائد تفضي إلى جمالية اللعب الذي يتسلل إلى الكثير من نصوص هذا المنجز الشعري ، حيث انصهار لغة الشعر ولغة القرآن في بوتقة واحدة :
" السماوات السبع تخر على رأسي الآن
لا دعاء " عقبة " على الأرض المقدسة يكتنز المطر
ولا نداءات " يوسف"
تمنع جوع ذئب كل وجهه أنياب
ولا " دم كذب" يقدمه إخوتي "
ومجمل القول ، إن ديوان الشاعرة سندس بكار ، يستحق أكثر من مقاربة ، لمدى إبداعيته ، ودفقاته الشعرية المتحررة من كل قيد ، ولعلها نار الشعر حين تبتغي الذات والأمكنة والآخر ، بالجسد والروح معا ,
و .. أخيرا ، أليست الكتابة فعلا جسديا أولا ، ثم موضوعا لكتابة شعرية جديدة ؟
ذلك هو السؤال ..؟



#عبدالله_المتقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتقاما من حارس العمارة
- جدل الموت والحياة في -قبر تحت رأسي- للإماراتية لولوة المنصور ...
- حفل توزيع جائزة - توفيق بكار- للرواية العربية
- استطلاع سردي:القاصون المغاربة.. لماذا يكتبون؟


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله المتقي - شعرية الجسد في ديوان - قبعة ضاقت عن رأسي - لسندس بكار