أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - محمود السرساوي في قصيدة -أيا عود أعد قلبي-















المزيد.....

محمود السرساوي في قصيدة -أيا عود أعد قلبي-


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6341 - 2019 / 9 / 4 - 00:49
المحور: الادب والفن
    




هل يمكن أن تكون الموسيقى مؤلمة؟، ألسنا نرتاح بها وتخلصنا مما أصابنا من تعب؟، وهل يمكن للواقع أن يحول/يقلب الجميل والفرح إلى بؤس؟، تستوقفنا هذا القصيدة في طريقة تناولها "للعود" الآلة الشرقية التي انتجها العرب وتعد من آلاتهم الوطنية، فهل لهذا الأمر ـ عربية العود ـ علاقة بالسواد المتعلق بالقصيدة؟، سنحاول البحث، لعلنا نجد اجابة لهذه الأسئلة.

يفتتح الشاعر قصيدته:

"لمن يا عود تأخذنا وتوجعنا
ايائل موجك المجنون خلف خطاك
تلاعبنا وتتعبنا وتكسر في الندى قمرين من لهف
على رعش أصابعنا وراء صداك"

تستوقفنا صيغة السؤال "لمن" فالسؤال دائما يحث القارئ على التأمل والتفكير، والشاعر يستخدم صيغة المضارع "تأخذنا، توجعنا، تلاعبنا، تتعبنا، تكسر" كإشارة على حيوية الحدث، ونجد هناك تناقض/صراع بين الافعال، والشاعر لا يتحدث عن الآخرين فقط، ولا عن نفسه فقط، بل يجتمعان معا، لهذا اشرك نفسه في "تأخذنا، توجعنا، تتعبنا، تلاعبنا، أصابعنا"، وإذا ما توقفنا عند الألفاظ البيضاء والسوداء بشكلها المجرد، نجدها متساوية ومتوازنة، وكأن هناك حالة (صراع) تحدث الآن وما زالت مستمرة، لهذا جاءت الألفاظ البيضاء: "عود، تأخذنا، ايائل، تلاعبنا، الندى، قمرين، لهف" تتوازى وتتساوى مع السوداء: "توجعنا، المجنون، خلف، تتعبنا، تكسر، رعش، وراء" من هنا نقول أن حالة الصراع مستمرة وتنعكس في الألفاظ المجردة، ويمكننا الاعتماد عليها في الوصول إلى المضمون/الفكرة، حتى لو لم نأخذ معنى المقطع كامل.

واعتقد أن عنوان القصيدة "أيا عود أعد قلبي" له علاقة بحرف العين الذي جاء في الفاتحة، فهناك حرف العين في "العود، أعد" ونجد هذا الأمر في: "توجعنا، تلاعبنا وتتعبنا" وكأن الشاعر أصبح أسير لحروف العنوان، فاستخدم ألفاظ تحمل عين حروف العنوان.

"لمن تصطف أنجمنا
وتلهو حيرة الكلمات في ينبوع معناها
لتكشف عن مفاتنها أمام نداك"

أيضا يستمر الشاعر في إثارة الأسئلة لنفكر لا لننفعل، فهولا يريدنا أن نردد/نعتقد دون تفكير، لهذا يستخدم "لمن" ويجمعنا معه من خلال "أنجمنا" فنحن هو مشتركين في البحث عن الاجابة على "لمن" وهذا المقطع جاءت فيه الألفاظ البياض: "تصطف، أنجمنا، وتلهو، الكلمات، ينبوع، لتكشف، مفاتنها" أكثر من السوداء: "حيرة".

"لمن يا عود أحملني وألقيني
إذا ما خانت الأيام ذكرانا
وغاب عن الهوى ذكراك"

إذا ما توقفنا عند صيغة مخاطبة العود نجدها أقرب إلى خطاب ما هو مقدس، وكأن العود يمتلك قدرات على منح الفرح وحجب السعادة عنا وعن الشاعر، لهذا يعطيه الشاعر القدرة على القيام بأفعال الحمل والإلقاء، وقد بدأ يتخلى عنا نحن المتلقين فيتحدث عن نفسه "أحملني، ألقني" ويجمع نفسه مع العود: "ذكرانا"، فهل أصاب الشاعر التعب من الهم العام فأخذ يبتعد عما هو العام والانتقال إلى الخاص؟.

"فيا عود أعد قلبي
أعدني من ندى اللوز المطرز فوق أعشابك
من الوديان والفيضان في تحليق أسرابك
أعدني من حدوس الجرح
من لمعان صرختها على بابك"

إذن تم التحول من العام إلى الخاص، واعتقد أن السبب له علاقة بواقع الشاعر الذي لم يعد يقدر على حمل الأخرين معه، فاراد أن يكون منفردا، كشاعر لا يريد أن يشرك الآخرين همومه، فيتعبوا بتعبه، وها هو يخاطبه "العود/الإله" ليعيده إلى "ندى، اللوز، المطرز، أعشابك، الوديان، تحلق، أسرابك" فهذه الألفاظ لها علاقة بالطبيعة، بالمكان، وهذه الرغبة للتقدم من المكان تشير إلى حاجة الشاعر إلى الهدوء والسكينة، فالمرأة والطبيعية والكتابة عناصر تخفف الألم والضغط الواقع على الشاعر.

"أيا عود أعد قلبي
تعبت من نقوش البرق في شفتي
على أقواس أعتابك
تعذبنا وتأسرنا وتطلقنا إلى سهب الغوايات
سكارى في منافينا
نلملم ما ارتوى فينا
ونسكبه على جرح الصباحات "

الشاعر يتقدم من جديد منا نحن المتلقين ويشركنا معه: "تعذبنا، وتأسرنا، وتطلقنا، منافينا، فينا، نلملم، نسكبه" لكن هذا الاشراك لم يكن موجه لنا، بل موجه "للعود/للإله" لنتخلص من عذابنا/ألمنا، فها هو يقتنص الفرصة لقاء/الحديث مع "الإله/العود" ليتحدث عن همومنا وألمنا، وليس ألمه فقط، وهذا ما جعل خطابه السابق خطاب صادق، فرغم أنه اتجه نحو ذاته: "نعبت" إلا أنه لم يتجاهلنا عندما خاطب "العود/الإله".

" أعدني الآن لا وقت أسميه
ولا صمت أداويه
تعبت من نبواءتي
تجلى كيفما أحببت
شرَق في بعيد الغرب،
غرَب في شروق الشرق"

حالة الاضطراب واليأس حاضرة، لهذا نجد "أعدني، لا وقت" فلم يعد هناك قدرة على الاستمرار في "منافينا" ونجد الاضطراب أيضا في " شرق في الغرب، وغرب في الشرق" فالمهم عند الشاعر التخلص من "منافينا" واعتقد أن طلب "تجلى" يشير إلى أن الشاعر وصل إلى حالة لم يعد يقدر الاستمرار فيها، لهذا استخدم "لا" مرتين، واوضح هذا الأمر ب"تعبت".

" أيا عود احترق فيَ
وكن جسرا لهذا الخيل في دمنا
وكن مطرا على غدنا
وعلمنا فنون الدهشة الأولى
وعانق خطو شهقتنا على درج الغمام"

يتقدم الشاعر من جديد نحونا: "دمنا، غدنا، علمنا، شهقتنا" لكن هذا الخطاب موجه "للعود/للإله" فهو يكشف حقيقة الألم، الذي عم وانتشر، ولم يعد ألما شخصيا بل ألم شعب/أمة، والملفت للنظر أن الشاعر يريد التماهي/التوحد مع "العود/الإله": "احترق في" ليكون حامل صفات وقدرات العود/الإله، وإذا ما توقفنا عند الحالة التي ينشدها بعد التوحد والتماهي نجدها بيضاء ومفرحة: "جسرا، مطرا" كوسائل/ادوات ضرورية للخروج من الألم، و "علمنا، عانق" كأفعال للتقدم من الفرح والحياة السوية.

الشاعر يسهب في مناجاته للعود/للإله، حتى أنه يطيل مناجاته، فقد توحد مع عشيقه وحبيبه "العود/الإله"، ولم يعد هناك حواجز بينهما، فوصل إلى حالة "أنا فيه وهو في":

" أنا يا عود ما عدت ولا عاندت
في عليائك أبدي
فخذني من يدي لأذوب
في عطش السهوب البيض يا سلطان أجنحتي
وخذ من خيط يقظتنا حلاوة ما تبقى من فراشات بهذا القلب
كي أنسى حدود الصحو في صمت المقام
وزدنا من حنينك أو أنينك ما تشاء الآه في الرؤيا
وعرج في الطريق إلى الندوب على ابتسامتها
وسلم مثلما سلمت من قبل على شجر البداية
وامنح حلمك حرفين من ذهب
وعذب فكرتي يا عود عذبها
لتتحد الأعاصير على كتفيَ حين أمر في غدها"

"

وجاءت ألفاظ "عود، عدت، عاندت، عليائك" لتؤكد حالة الانسجام والتماثل بين فاتحة القصيدة وخاتمتها، فحرف العين يتكرر فيها، ثم يتبعها ب "فخذني، لأذوب" وهذا الرغبة هي من سيخلص الشاعر من "منافينا" التي تؤلمه وتؤلنا، لكن رغبة الشاعر لا تتوقف عند هذا الحد، بل يفصلها أكثر من خلال: "في عطش السهوب، كي أنسى، وعرج، وسلم، وامنح، وعذب، لتتحد"، وأعتقد ان التعليل والتفسير في "كي أنسى، لتتحد الأعاصير" جاءت من العقل الباطن، فحجم الألم الذي يعانيه كان أقوى من وعي الشاعر، فانعكس في تبريره/تعليله.

القصيدة منشورة على صفحة الشاعر على الفيس.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظة حول منثور على عتبات بيوتنا العتيقة
- التكاملات والمتعاكسات في مجموعة -وخزات نازفة- هاني أبو انعيم
- منثور على عتبات بيوتنا القديمة محمود السرساوي
- مجموعة -ذبيحة- هاني أبو انعيم
- ذات نداء موسى صالح الكسواني
- القرية اللبنانية في رواية طيور أيلول إملي نصر الله
- مناقشة كتاب صفحات من حياة رفعت النمر
- تاريخ الوطن العربي والغزو الصليبي
- قصة -العبد سعيد- محمود شاهين
- جرأة -مشهور البطران-
- رنا صالح في قصيدة -تراتيل عشق-
- الحدث والكتابة في ديوان اشتعالات الدم والزنابق أحمد غطاشه
- المرأة في ديوان ويندلع غنج البحر خليل إبراهيم حسونة
- المكان في المجموعة القصصية (سلون) للكاتب سعادة أبو عراق
- كمال الشخصيات في رواية -بنت من شاتيلا- اكرم مسلم
- التجديد والمعاصرة في مجموعة -أنزفيني مرة أخرى- عمار الجنيدي
- الوحدة والتنوع في ديوان مقامات قوس قزح مازن دويكات
- محمد ولد طالب امشي إليك
- الوقت في قصيدة -وعمت صباحاً/مساءً أيا وقتنا- كميل أبو حنيش
- مناقشة (ديوان ما يشبه الرثاء)


المزيد.....




- فيديو.. الممثل ستيفن سيغال في استقبال ضيوف حفل تنصيب بوتين
- من هي ستورمي دانيلز ممثلة الأفلام الإباحية التي ستدلي بشهادت ...
- تابِع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة على قناة الف ...
- قيامة عثمان 159 .. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 159 مترجمة تابع ...
- -روائع الموسيقى الروسية-.. حفل موسيقي روسي في مالي
- تكريم مكتب قناة RT العربية في الجزائر
- الحضارة المفقودة.. هل حقا بنيت الأهرامات والمعابد القديمة بت ...
- مصر.. القبض على مغني المهرجانات -مجدي شطة- وبحوزته مخدرات
- أجمل مغامرات القط والفار.. نزل تردد توم وجيري الجديد TOM and ...
- “سلي طفلك الان” نزل تردد طيور الجنة بيبي الجديد 2024 وشاهد أ ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - محمود السرساوي في قصيدة -أيا عود أعد قلبي-