أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - نبيل الزهيري - الترجمة الآلية والترجمة البشرية إمكاناتها واقتصادياتها















المزيد.....


الترجمة الآلية والترجمة البشرية إمكاناتها واقتصادياتها


نبيل الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 6335 - 2019 / 8 / 29 - 15:40
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


1- ماهية الترجمة الآلية
(Machine Translation) (MT)
الترجمة الآلية بالمعنى الدقيق للمصطلح هي قيام الحاسب الإلكتروني بنقل مضمون نص موضوع بلغة بشرية ما إلى لغة بشرية أخرى من دون تدخل الإنسان في عملية النقل، مع استيفاء النص المترجّم من دون تدخل الإنسان في عملية النقل، مع استيفاء النص المترجَم للخصائص الصرفية والنحوية والدلالية للًغة المترجَم إليها، فنظام الترجمة الآلية هو عبارة عن مجموعة برامج حاسوبية مترابطة ومتكاملة تستقبل النص المراد ترجمته وتعالجه وفقاً لمنهجية معينة ثم تنتج نصاً مترجَماً باللغة الأخرى.

وقد أدت الأبحاث إلى ظهور منهجيتين رئيسيتين للترجمة الآلية: الأولى هي الطريقة المباشرة (-dir-ect Method)، وهي الأقدم تاريخياً، وتتمثل في ترجمة مفردات نص اللغة الأصلية مباشرة إلى اللغة الأخرى بأقل قدر من التحليل الصرفي والنحو. والمنهجية الثانية هي الطريقة غير المباشرة (In-dir-ect Method)، وتتميز بأنها تتعمق في مرحلة التحليل الصرفي والنحوي والدلالي قبل إنتاج النص المترجم. وتطورت هذه المنهجية غير المباشرة في كيفية تحليل التركيب والدلالات بشكل خاص، ونشأت منها طرق مختلفة، أهمها: ((طريقة التحويل)) (Transfer Method)، و((طريقة اللغة الوسيطة)) (Interlingua Method)، و((طريقة القاعدة المعرفية)) (Knowledge-Based Method)، و((طريقة المخزون النَّصَي)) (Corpus-Based Method).

الترجمة الآلية هي قيام الحاسب الإلكتروني بنقل مضمون نص بلغة بشرية ما إلى لغة بشرية أخرى من دون تدخل الإنسان

ويتكون نظام الترجمة الآلية أساساً من أربعة مكوَّنات رئيسية هي:

1- مكوَّن التعرّف على مفردات وتراكيب النص الأصلي، ثم تحليلها لغوياً على المستويات الصرفية والنحوية والدلالية.

2- مكوَّن معجمي للًغتين – أو اللغات – المترجم منها والمترجم إليها، وهو عبارة عن قاموس إلكتروني مختزن في ذاكرة الكمبيوتر، وقد يضاف إليه قاعدة معارف أو مخزون نصّي تبعاً لمنهجية الترجمة المستخدمة.

3- مكَّون نحوي مقارَن للّغتين – أو اللغات – المترجم منها والمترجم إليها، يحتوي على قواعد الصرف والتركيب النحوي وكيفية تناظرها بين لغة وأخرى.

4- مكوَّن التوليد أو الإنتاج، الذي يحوّل نتيجةَ تحليل المفردات والتراكيب، بعد إجراء الضبط اللازم للصيغ والتصريفات، إلى نص باللغة المترجَم إليها.

2- نشوء الترجمة الآلية
إن الحاجة إلى الترجمة الآلية ظهرت باعتبارها نتيجةً حتميةً لأمرين: الأول هو وجود بون شاسع بين الكمّ الضخم من الإنتاج البشري – المعلوماتي والفكري والعلمي والصناعي والتجاري – بلغات معيّنة، وبين الكم الضئيل نسبياً لما يستطيع المترجمون نقله من هذا الإنتاج إلى اللغات الأخرى. الأمر الثاني هو التطور السريع في العقود الأخيرة في علوم الحاسب الآلي والمعلومات والاتصالات، والذي لم يترك مجالاً من مجالات النشاط الإنساني، الفكري أو العملي، إلا وأثّر فيه تأثيراً عميقاً. وأهم مجال إنساني أخذ هذا التطور في التأثير فيه هو اللغات البشرية، ومن ثم التواصل بين هذه اللغات البشرية عن طريق الترجمة.
3- الترجمة البشرية
يقصد بالترجمة البشرية هي ترجمة نص ما من لغة ما الى لغة ثانية بدون الاعتماد على الالة اطلاقا وبدون تدخل الكمبيوتر باي شكل من الاشكال٬ حيث يقوم بالترجمة شخص عادي طبيعي يكون على دراية ودراسة باللغتين اللغة الاصلية المكتوب بها النص واللغة المراد الترجمة اليها٬ وهي اجود انواع الترجمة ٬ وفي بعض الاحيان لا يكفي تعلم المترجمة للغة بل يجب ان يكون متخصص في ميدان الترجمة٬ فمثلا ترجمة كتاب في العلوم السياسية من الانجليزية الى العربية٬ قد لا يحتاج الى مختص في الترجمة الى هاتين اللغتين فقط بل يتعداه الى شخص متحصل على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية ومتمكن من الانجليزية والعربية٬ لان الترجمة البشرية تركز على معاني المفردات ودلالاتها اللغوية حيث يجب الحفاظ على فكرة الموضوع .

4- الترجمة الآلية بين واقع إمكاناتها وما يؤمل منها
عندما يرد ذكر الترجمة الآلية تتفاوت ردود أفعال السامعين بين مُشكَّك ومنتظر ومتحمس، وذلك تبعاً لما يعرفونه أو لا يعرفونه عنها، أو لما يتوقعونه منها سلباً أو إيجاباً. والواقع أن الحالة الراهنة لتطور الترجمة الآلية تؤكد لكل مهم ما يشعر بهم. ويتوقع المرء عموماً، وعلى المستوى المثالي من أي نظام للترجمة الآلية أن يحقق أهدافاً ثلاثة: أ، يكون قادراً على ترجمة أيّ نص لغوي، وأ، يعمل من دون تدخل من الإنسان، وأن تكون نوعية الترجمة عالية مثل نوعية الترجمة البشرية. أمّا واقع الترجمة الآلية حالياً، فيؤكد أنها لا تستطيع تحقيق الأهداف الثلاثة متجمعةً. ومن الناحية الإيجابية، تتميز الترجمة الآلية بإمكانية إنتاج النصوص المترجمة بسرعة وكميات هائلة، غير ممكنة للمترجمين البشر، ما يمكن أن يسهم في سرعة تناقل الأفكار والمعلومات والتبادل العلمي والتجاري بشكل لم يكن ممكناً من قبلُ في أَيّ عصر من العصور.

أمّا من الناحية السلبية فالبعض يشعر أنّ الترجمة الآلية ستجعل اللغة البشرية، التي هي مفخرة البشر الإبداعية، لغةً خشبيةً مُميْكَنة. كما أن المترجمين بشكل خاص، يشعرون أنها تمثل خطراً يهدد عملهم ومهنتهم. لكن الترجمة الآلية يجدر النظر إليها لا على أنها خطر يتهدد المترجمين، بل على أنها وسيلة يمكن إذا أُحسن استخدامها أن تزيح عن كاهلهم أعباء المهام الروتينية الرتيبة في الترجمة، فتتيح لهم تركيز خبراتهم التخصّصية على المهام الإبداعية الأصعب التي لا تقدر عليها نظم الترجمة الآلية. وعندما يون المطلوب مثلاً ترجمة آلاف الصفحات بشكل خام في وقت قصير لغرض معيّن لمؤسسة معيّنة، فالمهمة قد تكون مستحيلة تماماً ومكلفة للغاية إذا أسندت إلى فريق مترجمي تلك المؤسسة. أمّا إذا كان المطلوب ترجمة وثيقة قانونية مهمة، فإن المترجم البشري هو الذي سيكون قادراً على إنتاج الترجمة الدقيقة المقبولة الأسلوب. كما أن المترجم البشري يتاح له العمل الإبداعي في مرحلتي التحرير المسبق والمراجعة النهائية للنص المترجم آلياً.

إنّ أهم ما يعوق إنتاج آلة الكمبيوتر لترجمات صحيحة لغوياً ومقبولة أُسلوبياً يمكن تلخيصه في: الحاجة إلى المزيد من التطور التكنولوجي في أجهزة الكمبيوتر، والأهم من ذلك إلى مزيد من التطور والإبداع في طرق وأساليب البرمجة بما يُمكّن من تمثيل دقائق التركيب اللغوي والدلالة اللغوية، وفَكّ اللَّبس والغموض في مفردات وتراكيب اللغة البشرية، وملء فراغات الكلام، وفهم الإضمار مثلما يفعل العقل البشري. وبعد ذلك كلّه ومعه هناك صعوبة – بل واستحالة – في تمثيل الجوانب الإبداعية التعبيرية للغة البشرية، كما في الأدب شعراً ونثراً.

ولإضفاء مسحة عملية على هذا العرض النظري نعطي في ما لي مثالاً لجملتين من نص إنجليزي تمت ترجمتهما من دون تحرير أو تدخل بشري، بواسطة برنامجين: الأول تجاري، والثاني مجَاني عُرِض الشهر الماضي للاستعمال على الإنترنت:

The Age of U. S. Dominance in the Middle East has Ended and a New Era in the Modern History of the Region Has Begun.

البرنامج
1:عصر السّيطرة الأميركيّة في الشّرق الأوسط قد انتهى وعهد جديد في التاريخ الحديث للمنطقة قد بدأ.

البرنامج
2:إن عصر الهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط قد انتهت ومرحلة جديدة في التاريخ الحديث للمنطقة قد بدأت.

It Will be Shaped by New Actors and New Forces Competing for Influence, and to Master It.

البرامج
1:هو سيُشْكَل من قبل الممثَلين الجدد والقوّات الجديدة يتنافسون للنّفوذ، ولإجادته.

البرنامج
2:سيكون من الفعاليات الجديدة التي شكلتها وقوى جديدة تتنافس على النفوذ والسيطرة على ذلك.

تبين هذه الأمثلة البسيطة بعض المشاكل التي تواجه الترجمة الآلية البحت، منها مشاكل تواجه المترجم البشري والمترجم الآلي على حد سواء، مثل اختيار اللفظ المناسب (السيطرة أم الهيمنة، الممثلون أم الفعاليات، القوات أم القوى)، ومنها ما تعاني منها الآلة وحدها، مثل تحديد مرجع الضمير والمطالبة والمطابقة في التأنيث والتذكير (الإشارة إلى ((عصر)) بضمير مؤنث ((انتهت)))، ومعالجة المبنيً للمجهول والعطف وأسم الموصول.

استخدام الترجمة الآلية في الوقت الراهن يقتصر على النصوص المحددة الدلالات أو المحددة التراكيب

ومنذ أوائل عصر الترجمة الآلية، وفي محاولة للتحسين النسبي لجودة النص المترجم آلياً، أدخل الباحثون أسلوباً معيناً في عملية الترجمة يتألف من عنصرين هما: التحرير المسبق (Pre-Editing) والتحرير اللاحق (Post-Editing) للنص المراد ترجمته، فيقوم مترجمون بشريون بتحضير النص قبل دخوله مرحلة الترجمة الفعلية، بتحريره لإزالة ما يُتوقع أن يوجد في مفرداته وتراكيبه من لبس أو تعقيد في تركيب العبارات والجمل، ومعالجة التراكيب الخاصة والعبارات الاصطلاحية. وبعد عملية الترجمة وإنتاج النص المترجَم يقومون بالتحرير اللاحق أو مراجعة النص بعد الترجمة الآلية، لتصحيح أخطائه وتحسين أسلوبه ومقروئيّته.

5- الترجمة بمساعدة الكمبيوتر (computer- assisted translation) (cat)
ونتيجة لأوجه القصور التي تشوب الترجمة الآلية البحتة، فإنً استخدام الترجمة الآلية في الوقت الراهن يقتصر على النصوص المحددة الدلالات أو المحددة التراكيب والقواعد؛ مثل تقارير الأرصاد الجوية وتقارير الفحوص الطبية وأدلة استخدام الأجهزة والأدوات الصناعية والإلكترونية وما شابه ذلك.

وفي الوقت ذاته رأى المشتغلون في هذا المجال أن بالإمكان أيضاً الاكتفاء مؤقتاً، لحين حدوث مزيد من التطور، بهدف أكثر تواضعاً من الهدف المثالي والصعب المنال للترجمة الآلية البحت، وذلك بالاستفادة من النواتج الثانوية لأبحاث الترجمة الآلية في تسهيل عمل المترجم البشري وتسريع عمله ورفع مستوى إنتاجه كمّاً وكَيفاً، عن طريق الجمع بين عدة أدوات لغوية حاسوبية (CAT Tools) تعمل معاً على مساعدة المترجم في عمله. وأُطلِق على هذا الأسلوب في العمل اسم ((الترجمة بمساعدة الكمبيوتر))، فتكنولوجيا الترجمة بمساعدة الكمبيوتر محورها الإنسان المترجم وليس الكمبيوتر، والمترجم هو الذي يقوم بالترجمة في كل مراحلها ولكن بالاستعانة ببرمجيات حاسوبية متخصصة في كل مرحلة، بحيث يستفيد المترجم من مزايا الحاسوب ويسخَرها في عمله، وهو في ذلك يتحكم في جودة الترجمة بنفسه. وتتباين تفاصيل ترتيبات استخدام الترجمة بمساعدة الكمبيوتر من ترتيب يعمل فيه مترجم بمفرده إلى ترتيب يعمل فيه فريق من المترجمين في مؤسسة معيّنة، ويكونون موصلين بشبكة اتصال واحدة. لكن النظام الأساسي هو أن يعمل المترجم على جهاز كمبيوتر باستخدام أحد برامج معالجة النصوص الشائعة، مستفيداً من كل خصائص هذه البرامج التي تسهم في ضمان الدقة والسرعة.

وانطلاقاً من محطة العمل الأساسية هذه يمكن للمترجم الاستعانة بمجموعة واسعة من الأدوات اللغوية الحاسوبية المتوفرة تجارياً الآن، والتي صممت خصيصاً لمساعدة المترجم مباشرةً وهو يعمل على حاسوبه لكونها متصلة إلكترونياً أو لاسلكياً بالحاسوب. وأهم هذه الأدوات الإلكترونية الثنائية اللغة أو المتعددة اللغات: القواميس العامة، وبنوك المصطلحات المتخصصة، والموسوعات العامة، وما يسمى الآن ((ذاكرة الترجمة)) (Translation Memory).

وتستأهل برمجيات ذاكرة الترجمة إفراد الحديث عنها، بالنظر إلى أهميتها الفائقة بين سائر الأدوات الإلكترونية المساعدة، فوظيفة هذه البرمجيات هي أن تستقبل النص الأصلي والنص المترجم بعد انتهاء عملية الترجمة، وأن تقوم بتحليلهما آليّاً لإعداد قوائم متوازية باللغتين للكلمات المفردة والتراكيب والجمل والفقرات، وتختزنها للاستعمال بعد ذلك. وعندما يواصل المترجم عمله في النص الذي بين يديه، أو عندما يبدأ في ترجمة نص آخر في ما بعد، ويمرّ في النص شيء قد سبق اختزانه في ذاكرة الترجمة، فإنَّ برمجيات ذاكرة الترجمة تقوم تلقائيّاً باقتراح المخزون لديها على شاشة الجهاز، فيأخذ بها المترجم أو يعدّلها، أو لا يأخذ بها إن كانت لا تصلح للنص الذي يعمل عليه. كما يقوم برنامج ذاكرة الترجمة أيضاً بعمل قوائم مصطلحات للنص الجاري ترجمته، مما يساعده كثيراً في تنسيق وتوحيد المصطلحات في النص نفسه وفي النصوص الأخرى مستقبلاً.

وبالإضافة إلى الأدوات السابقة الذكر، من قواميس ومراجع وذاكرة ترجمة، ابتُكرت أدوات مساعدة أخرى تسرًع وتسهًل عمل الترجمة، ومن ذلك: أجهزة تحويل المنطوق إلى مكتوب (Speech-to-Text)، التي تحوّل الأصوات البشرية إلى حروف كتابية، بحيث يمكن للمترجم أن يملي النص على الكمبيوتر مباشرةً بسرعة كلامه، فلا يحتاج إلى طباعة النص يدويّاً على لوحة المفاتيح. وهناك أجهزة القراءة الضوئية (OCR = Optical Character Recognition) التي تستقبل النص المطبوع بعد إدخاله في الكمبيوتر بواسطة جهاز المسح الضوئي (Scanner) وتحوّله إلى نص إلكتروني يمكن للمترجم العمل عليه مباشرةً، موفراً بذلك أيضاً في وقت إدخال النصوص في الكمبيوتر.

برمجيات ذاكرة الترجمة تقوم تلقائيّاً باقتراح المخزون لديها على شاشة الجهاز، فيأخذ بها المترجم أو يعدّلها

كما أن هناك أيضاً أدوات متخصصة في تنظيم سير العمل في الوثائق (Document Management)، تسجل البيانات الإدارية المتعلقة بالوثائق التي سيعمل عليها المترجم، كتحديد أولويات العمل، ومواعيد البدء في الوثيقة، ومواعيد الانتهاء منها، ومواعيد تسليمها إلى الجهة التي كلفته بالعمل، وما هي الوثائق أو أجزاء الوثائق التي يعمل عليها زملاؤه، وتكلفة الترجمة... وغير ذلك من الأشغال التنظيمية التي تأخذ وقتاً وجهداً، ويمكن أن تسبب ارتباكات وفوضى عند كثرة الأعمال.

6- اقتصاديات الترجمة الآلية
تصنف الترجمة عموماً من الناحية الاقتصادية تحت قطاع خدمات المعلومات، وبصفتها خدمة، فإن من خصائصها – شأنها شأن سائر الخدمات الاقتصادية – أنها غير مثقلة بهموم تدبير وخزن كميات كبيرة من المواد الخام أو رأسمال ثابتٍ كبيرٍ، في شكل مبانٍ ومرافق وآلات ثقيلة، مثلما تتطلب السلع المادية.

ومُقدَّم خدمة الترجمة هو إمّا مترجم فرد أو مؤسسة متخصصة في خدمات الترجمة أو إدارة لخدامات الترجمة تضم فريقاً من المترجمين وتعمل باعتبارها جزءاً من مؤسسة ذات نشاط إنتاجي أو خدماتي في مجال معين، وذلك كالمنظمات الدولية والإقليمية أو الإدارات الحكومية أو دًور النشر أو المؤسسات التجارية والصناعية والعسكرية. وتستفيد الجهة الطالبة لخدمات الترجمة من تلك الخدمات في دعم العمليات في مجال نشاطها. ولا يخفى ما كان لخدمات الترجمة من أهمية على مرّ العصور، وفي العصر الحديث على وجه الخصوص، فلا شك في أنً العميل الناطق بلغة معينة سيفضل عندما يشتري مثلاً جهازاً طبياً إلكترونياً أن يجد دليل استعمال الجهاز بلغته الوطنية وليس مثلاً باللغة اليابانية، إذا كانت الشركة المنتجة يابانية، لكنّ الترجمة البشرية تتسم بأن تكلفتها باهظة، وبأن سرعة الإنتاج البشري محدودة كثيراً بالنسبة إلى الكميات الكبيرة من الوثائق التي يكون مطلوباً ترجمتها، مما يؤثر سلباً على عمليات تطوير المنتجات وإخراجها إلى السوق. وفي بعض المؤسسات، كالاتحاد الأوروبي مثلاً، قد يصل الإنفاق على المهام اللغوية، بما فيها الترجمة، إلى 40 في المئة أو 45 في المئة من مجموع نفقات التشغيل.

إنّ المترجم البشري يترجم بمعدل يتراوح بين 4 إلى 8 صفحات يومياً، تبعاً لصعوبة النص. أمّا المترجم الآلي فيترجم هذا القدر في ثوانٍ، ولكنّ ترجمة المترجم الآلي تحتاج طبعاً – كما ذكرنا من قبل – إلى تحرير مسبق ومراجعة نهائية كثيفة. ولكن حتى مع انخفاض مستوى نوعية النص المترجم آلياً، ففي حالات معينة، كأن يكون المطلوب مثلاً ترجمة تقرير من 500 صفحة في خلال نص ساعة ليّطلِع عليه خبير على معرفة تامة بموضوع التقرير، فإن الحل الوحيد هو الترجمة الآلية، لأننا لولا ذلك لاحتجنا إلى ما يزيد عن 62 مترجما بشرياً لإنجاز مثل هذا العمل في يوم واحد (بافتراض 8 صفحات لكل مترجم)، ناهيك عن العدد الذي سيكون مطلوباً لإنجاز العمل في نصف ساعة.

هنا بالتأكيد تكمن الميزة الاقتصادية للمترجم الآلي، لكن الترجمة الآلية لن تكون مجدية اقتصاديّاً بالفعل إلا إذا كانت نوعية الترجمة وسرعة إنتاجها أقل تكلفةً من توظيف المترجمين البشريين.

والجدير بالذكر هنا أيضاً أنّ الترجمة الآلية لها من الناحية الاقتصادية جانب آخر غير الجانب الخدماتى الذي يقابل الترجمة البشرية بتوفير خدمة الترجمة إلى المستفيدين مباشرة، إذ إن تكنولوجيا الترجمة الآلية أصبحت صناعة إنتاجية كبيرة تعمل في مجال البحث والتطوير وإنتاج برمجيات الترجمة الآلية ذاتها، وهي تكنولوجيا تتطلب استثمارات كبيرة في تأمين عالة بشرية كثيفة ذات خبرات تخصصية عالية المستوى. كما أنّ توظيف وتدريب العمالة الماهرة في البحث والتطوير والبرمجة والمعاجم والتسويق وتوزيع المنتجات وبيعها وتطوير الخدمة باستمرار لتحقيق القدرة التنافسية الكافية كلها، أمور تتطلب أيضاً نظاماً قويّاً للإدارة الجيدة للموارد البشرية. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ عنصر التعامل التفاعلي مع العملاء طالبي الخدمة هو عنصر بالغ الأهمية، حيث يحتاج هؤلاء العملاء خدمة ترجمة جيدة مؤثوقة لتسيير أو دعم أنشطتهم التجارية.

وختاماً، ملاحظة أخيرة عن مسألة فرص العمل التي يمكن أن تتيحها الترجمة الآلية: وهي أنّ خبراء كثيرين يعتقدون، من واقع الخبرات السابقة، أنّ إدخال التكنولوجيات الجديدة لا تسهم عادةً في خلق فرص عمل جديد بقدر ما تسهم في إبراز الفجوة بين العمالة المنخفضة المهارة والعمالة العالية التخصص.
7- الترجمة البشرية الالكترونية عن بعد من ترجمة الكتب الى ترجمة المواقع الالكترونية
مصطلح جديد ظهر في مجال الترجمة وهو يمزج بين العصرنة والاصالة حيث يعتمد على الترجمة البشرية بشكل كامل مع الاستعانة بالتقنيات المتطورة جدا في مجال الترجمة الالية وهنا نقصد استعمال الالة كوسيلة مساعدة فقط في ترجمة المفردات وليس المعاني ٬ وفي المنطقة العربية ظهرت العديد من شركات الترجمة التي تقدم خدمات ترجمة بجودة عالية جد٬ا وتتنوع خدمات الترجمة من ترجمة النصوص و الكتب والمقالات العلمية من العربية الى الانجليزية او العكس٬ وتعدى ذلك حتى الى ترجمة الموقع الالكترونية حيث توفر مثلا شركة protranslate خدمات ترجمة مواقع الكترونية بالكامل والترجمة تكون بشرية بالكامل وعن بعد. فما على الراغب في ترجمة موقع عربي الى الانجليزية الا مراسلتهم وطلب الخدمة ويتم الامر كليا بشكل افتراضي والكتروني على موقعهم https://www.protranslate.net/ar/taareeb-mawakee فقد ساهمت تطور وسائل الاتصال في تطور تقنيات الترجمة واختصار المسافات والوقت لان الترجمة سابقا كانت تتطلب اللقاء شخصيا مع الشخص المترجم للاتفاق على كل حيثيات العمل وكيفية تنفيذه.
المراجع
Books

Koerner, E. F. K. and R. E. Asher (eds.). Concise History of the Language Sciences: From the Sumerians to the Cognitivists. New York: Pergamon, 1995.

Periodicals

Craciunescu, Olivia, Constanza Gerding-Salas and Susan Stringer-O Keeffe.
خدمات الترجمة ٬ موقع : https://www.protranslate.net/ar ٬ تصفح بتاريخ : 11-04-2019.

«Machine Translation and Computer-Assisted Translation: A New Way of Translation». Translation Journal: vol. 8, no. 3, July 2004.

Zantout, Rached and Ahmed Gussoum. «Arabic Machine Translation: A Strategic Choice for the Arab World.» Journal of king Saud University. Computer and Information Sciences: vol. 12, no. 1, 2000.



#نبيل_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - نبيل الزهيري - الترجمة الآلية والترجمة البشرية إمكاناتها واقتصادياتها