أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جورج حداد - العثمانو اتاتوركية الجديدة المأزومة تبحث عن دورها الضائع















المزيد.....

العثمانو اتاتوركية الجديدة المأزومة تبحث عن دورها الضائع


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 6313 - 2019 / 8 / 7 - 12:17
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


إعداد: جورج حداد*

تركيا هي احد اللاعبين الاقليميين الكبار في الشرق الاوسط وشمالي غرب أسيا. والصفة الجيوستراتيجية الاساسية التي تميزها انها دولة ذات نزعة توسعية شديدة متأصلة فيها. فالطورانيون الاتراك (من السلاجقة الى العثمانيين) هم قطيع من "الاورطة الذهبية" المغولية ـ التتارية التي اسسها الفاتح البربري جنكيز خان. وهم في الاساس قبائل رعاة ومقاتلون اشداء كانوا يعيشون على ظهور الخيل. وقد توسعوا غربا باتجاه البحر الاسود والبحر الابيض المتوسط.
لماذا تركيا توسعية؟
اولا ـ ان جميع الاراضي التي تقوم عليها تركيا الحالية هي اراض مغتصبة ومنتزعة بالقوة من اصحابها الاصليين: روسية، وارمنية، وجورجية (كارتفيلية)، وايرانية ـ كردية، واشورية وسريانية، وعربية، وبلغارية، وخصوصا: يونانية.
وثانيا ـ ان هذه الدولة هي وريثة الامبراطورية او السلطنة العثمانية التي كانت تتذرع بالاسلام، وكانت تعتبر في وقت مضى اكبر دولة في العالم من حيث الرقعة الجغرافية التي قامت عليها، وكانت تمتد في القارات الثلاث: اسيا واوروبا وافريقيا.
وبهذا التركيب والماضي "لا تستطيع" تركيا بنيويا ان تتخلى عن نزعتها التوسعية، لا داخليا ولا خارجيا.
في الحرب العالمية الاولى (التي اندلعت لاعادة تقسيم العالم استعماريا) حاربت السلطنة العثمانية الى جانب المحور المهزوم. فقررت دول التحالف المنتصرة تصفية تركيا كدولة. فانتزعت منها الاراضي العربية "العثمانية"، وكانت سايكس ـ بيكو وكان "وعد بلفور". وتم تشجيع ومساعدة اليونان في الهجوم على تركيا لاستعادة الاراضي اليونانية في اسيا الصغرى (ازمير ومحيطها) وفي تراقيا (تركيا الاوروبية) وفي منطقة اسطنبول. كما تقرر انشاء دولتين جديدتين على الاراضي "التركية": دولة ارمنية نحو الشمال والى جنوبها دولة كردية. وكان من المقرر ان تفصل الدولتان الارمنية والكردية بين ايران في الشرق والبقية الباقية من تركيا في الغرب، وبين روسيا في الشمال والمنطقة العربية في الجنوب. وتكون هاتان الدولتان تحت النفوذ الانكليزي ـ الفرنسي. وقد تكرس ذلك في معاهدة سيفر الدولية سنة 1920. ولكن في تلك الحقبة التاريخية حدثت تطورات مفصلية اهمها الثورة الاشتراكية في روسيا التي فضحت مؤامرة سايكس ـ بيكو التي كانت سرية. كما ان القيادات الارمنية والكردية والاشورية (البطريرك الاشوري مار شمعون الذي اغتاله الزعيم الكردي اسماعيل (سيمكو) الشكاكي بالايعاز من الانكليز) اتصلوا بالقيادة الروسية الجديدة واعلنوا تتضامنهم معها. وفي برقية للزعيم الكردي محمود الحفيد الى لينين قال: ان الاكراد ينظرون الى الشعب الروسي بوصفه محررا لشعوب الشرق.
وفي الوقت نفسه كان هناك صلات بين الكنيستين الاورثوذوكسيتين اليونانية والروسية.
كل ذلك ادى ببريطانيا وفرنسا وحلفائهما الى تغيير موقفهم الداعم لما يسمى "الاقليات غير التركية" في تركيا.
وفي الوقت ذاته قامت في تركيا العثمانية المتهالكة ثورة مصطفى كمال (اتاتورك) بدعم من اليهود والماسونيين. وخلع اتاتورك الطربوش العثماني ولبس البرنيطة الفرنجية. وفي تفسير طبقي مثّلت الاتاتوركية الطبقة البرجوازية الرأسمالية التركية الصاعدة، بوجه الطبقة الاقطاعية والشرائح الريعية الطفيلية العثمانية. ورفع اتاتورك شعار التحديث والعلمنة، وحوّل البوصلة التركية نحو الارتباط والتبعية للدول المنتصرة. فقررت هذه الدول تحويل دعمها السابق لليونان و"الاقليات غير التركية" الى الاتاتوركيين. وانسحب الانكليز والفرنسيون والايطاليون من الاراضي التركية وقدموا المساعدات للجيش الاتاتوركي وتغاضوا عن الارتكابات الاتاتوركية. فسحق الجيش الاتاتوركي اليونانيين وارتكب المجازر ضد الارمن والاشوريين والمدنيين اليونانيين واخيرا الاكراد. وللاسف فإن القيادة الروسية (السوفياتية) ذاتها حينذاك انخدعت بـ"الثوري" كمال اتاتورك وقدمت له المساعدات بالاسلحة والذخائر والاموال.
ومنذ اعلان الجمهورية التركية في (1923 ـ 1924) تحولت تركيا الى قاعدة رئيسية للنفوذ الغربي في المنطقة العربية ـ الاسلامية. وانضمت الى حلف الناتو وشاركت في كل الاحلاف الاستعمارية الاقليمية السابقة (الحلف التركي ـ الباكستاني، الحلف الاسلامي، حلف بغداد الخ) كما تحالفت بشكل وثيق مع اسرائيل. ومن خلال هذه السياسة كانت تركيا تطمح لتحقيق تطلعاتها التوسعية.
وفي 1974 عملت تركيا على تسعير النزاع القومي والديني بين الاتراك واليونانيين في قبرص، ونزل الجيش التركي في القطاع التركي من قبرص وحرّض على المذبحة ضد اليونانيين في ذلك القطاع وتم استخدام اسلوب قطع الرؤوس (على الطريقة الداعشية) على نطاق واسع منذ ذلك الحين ضد المدنيين اليونانيين لارهابهم واجبارهم على ترك بيوتهم والنزوح الى جنوب قبرص. ولا يزال الجيش التركي يتابع احتلال شمال قبرص الى اليوم. وغالبا ما كان المسؤولون الاتراك يصرحون ان الجيش التركي لن ينسحب من قبرص مهما كانت الظروف. ويطرح بعض المحللين فرضية ان تركيا، ومن خلال علاقتها الوثيقة بالدوائر الغربية، كانت على علم بوجود مكامن النفط والغاز في شرقي المتوسط منذ ذلك الحين، وان احتلال شمال قبرص له صلة وثيقة بهذا الموضوع.
وفي ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، وتحت تأثير صمود ونجاحات الثورة الاسلامية في ايران، ظهرت وتوسعت الحركة الاسلامية في تركيا بزعامة نجم الدين اربكان الذي اعلن عن تأييد القضية الفلسطينية واقام علاقات وثيقة مع الجمهورية الاسلامية الايرانية. وقد عارضت قيادات الجيش التركي "العلمانية" الاتاتوركية، وثيقة الصلة بالدوائر الغربية، هذه التوجهات لاربكان، فتم حل حزبه وتقديمه شخصيا للمحاكمة وسجنه. ولكن الحركة الاسلامية استمرت وتوسعت، بقيادة جديدة عثمانية التوجهات ومرتبطة بالغرب واسرائيل، ويتزعمها رجب طيب اردوغان الذي صار رئيسا للوزراء ثم رئيسا للجمهورية.
وبعد احداث 11 ايلول 2001 في اميركا، وفي اجواء الحملة الهستيرية الاميركية وشن الحرب على افغانستان والعراق، انخرطت تركيا الاردوغانية في المشروع الاميركي لاعادة رسم خريطة الشرق الاوسط من جديد، بقصد وضع اليد بقبضة حديدية على استخراج النفط والغاز المزمع البدء فيه في شرقي المتوسط.
وتحت هذا الهدف المشترك للكتلة الامبريالية واليهودية العالمية، كان لتركيا حساباتها "العثمانية" الخاصة، وتحولت الى معسكر رئيسي لتجميع "الجيش التكفيري الارهابي العالمي"، الذي قام بشن هجومه الواسع ضد سوريا والعراق، واعلان قيام دولة "داعش". وكان على وشك اعلان الانتصار فيما لو سقط النظام الشرعي في سوريا. ولكن النظام السوري لم يسقط، بفضل مقاومة الجيش والجماهير الشعبية السورية، والدعم الحاسم الذي تلقته سوريا من قبل الطيران الحربي الروسي ومقاتلي حزب الله من لبنان والمساندة والمساعدة القيّمة من قبل الجمهوية الاسلامية الايرانية.
وبفشل المشروع الرئيسي لداعش، خسر النظام الاردوغاني تطلعاته العثمانية، كما خسر الثقة به من قبل اميركا، فاتجهت نحو ازاحته واستبداله بنظام اخر هو مزيج من العثمانية والاتاتوركية المتمثلة في الجيش التركي. وهكذا تمت محاولة الانقلاب التي جرت سنة 2016 وشاركت فيها الحركة الاسلامية التي يتزعمها الداعية الاسلامي فتح الله غولن المقيم في اميركا، الى جانب قطاع واسع من كبار ضباط الجيش التركي. ولكن محاولة الانقلاب فشلت لان اردوغان لا يزال يتمتع بدعم واسع شعبي وعسكري.
والان فإن السلطة الاردوغانية تحاول احتواء هزيمتها الداعشية وتجاوزها، وهي لا زالت على علاقة وثيقة بالمنظامت الارهابية التكفيرية وتحاول استخدامها في تطلعاتها العثمانية القادمة، وهو ما يبدو بجلاء في الدور الالتباسي ذي الوجهين الذي تنتهجه تركيا في مجريات الاحداث في سوريا.
وفي الوقت نفسه تعمل الاردوغانية، بالتعاون مع رهط كبير من الجنرالات والضباط ("الاتاتوركيين" تقليديا وذوي الميول "العثمانية")، على تطوير نمط حكم مركب من مزيج عثماني (اسلاموي) ـ اتاتوركي (علماني). وهذا ما يقتضي اعطاء دور اكبر للجيش في الستراتيجية العامة لتركيا، وهو ما يظهر بوضوح في سوريا حيث يتم تكثيف الحضور العسكري التركي فيها. وتتجه تركيا الان نحو افتعال ازمة ملتهبة مع قبرص اليونانية، وعبرها تجديد الصراع التاريخي مع اليونان.
ويرتبط التحرك التركي الاخير نحو قبرص باستخراج النفط والغاز من شرقي المتوسط. وقد ارسلت تركيا اربع سفن تنقيب اخذت تعمل في محيط قبرص من الشرق ومن الغرب دون اي اعتبار للقوانين والمعاهدات الدولية. وردا على معارضة الاتحاد الاوروبي ارسلت تركيا السفن الحربية لحماية عمليات التنقيب المتواصلة. ويقول بعض المراقبين ان كل الدلائل تشير ان تركيا تعمل على مد هذا النشاط في المياه الدولية جنوبا والالتقاء مع النشاط المفترض ان تقوم به اسرائيل من الجنوب وايجاد خط التقاء بحري تركي ـ اسرائيلي مشترك يغلق الطوق حول شرقي المتوسط بمجمله، وذلك بدعم اميركي، من اجل التحكم الكامل في عملية استخراج وتسويق النفط والغاز من شرقي المتوسط. ويكمل هذا المشروع مشروع صفقة القرن الذي تعمل الادارة الاميركية على فرضه على الشعوب العربية.
هل ستنجح تركيا الاردوغانية (العثمانو ـ اتاتوركية) في تحقيق هذا المشروع الجيوستراتيجي الخطير؟
ان الفشل المحتم سيلحق بهذا المشروع ايضا لان كل اوراق اميركا وتركيا واسرائيل اصبحت مكشوفة و"محروقة"، وهذا المشروع لن يصمد امام التحالف المتين بين روسيا والصين ومحور المقاومة الاقليمي بقيادة ايران الثورة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المبادرة الصينية الكبرى وتقويض الدور الاميركي
- الصين الشعبية تتقدم لاحتلال مركز الصدارة في الاقتصاد العالمي
- الصراع بين كارتيلات صناعة الاسلحة لاميركا والاتحاد الاوروبي
- السياسة الاستفزازية الاميركية ستؤدي الى تدمير الاقتصاد الامي ...
- التحالف الستراتيجي الروسي الصيني سيغير وجه العالم
- افريقيا: من صيد البشر الى نهب الذهب والموارد الطبيعية
- الابعاد الجيوستراتيجية للمواجهة المصيرية بين اميركا والصين
- اوكرانيا على عتبة تحول مصيري جديد
- فشل سياسة العقوبات الاميركية
- تصدع العلاقات بين الاتحاد الاوروبي ودول اوروبا الشرقية
- العلاقات الصينية الاوروبية الى أين؟
- آفاق المواجهة بين اميركا والغرب وبين روسيا والشرق
- تباطؤ الاقتصاد العالمي وحرب تجارية اميركية ضد اوروبا
- بدأ زمن العد العكسي لهيمنة الدولار
- روسيا تعمل بثبات لنزع السيادة السياسية الدولية لاميركا
- روسيا قوضت السيادة العسكرية العالمية لاميركا
- -صراع البقاء- بين روسيا واميركا
- -اسرار- الهيمنة العالمية للدولار
- اميركا تغرق في دوامة الدين العام والعجز المالي
- بعد فشل النظام العالمي الجديد لاميركا... اورروبا الى أين؟


المزيد.....




- استهداف أصفهان تحديدا -رسالة محسوبة- إلى إيران.. توضيح من جن ...
- هي الأضخم في العالم... بدء الاقتراع في الانتخابات العامة في ...
- بولندا تطلق مقاتلاتها بسبب -نشاط الطيران الروسي بعيد المدى- ...
- بريطانيا.. إدانة مسلح أطلق النار في شارع مزدحم (فيديو)
- على خلفية التصعيد في المنطقة.. اتصال هاتفي بين وزيري خارجية ...
- -رأسنا مرفوع-.. نائبة في الكنيست تلمح إلى هجوم إسرائيل على إ ...
- هواوي تكشف عن أفضل هواتفها الذكية (فيديو)
- مواد دقيقة في البيئة المحيطة يمكن أن تتسلل إلى أدمغتنا وأعضا ...
- خبراء: الذكاء الاصطناعي يسرع عمليات البحث عن الهجمات السيبرا ...
- علماء الوراثة الروس يثبتون العلاقة الجينية بين شعوب القوقاز ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جورج حداد - العثمانو اتاتوركية الجديدة المأزومة تبحث عن دورها الضائع