أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - إسرائيل بلا رادع.. ومسئولية هزال المواجهة















المزيد.....

إسرائيل بلا رادع.. ومسئولية هزال المواجهة


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 6302 - 2019 / 7 / 26 - 15:02
المحور: القضية الفلسطينية
    


تسمرنا، بنفوس مجرحة، امام شاشة التلفزيون نراقب أشداق آليات الهدم أشبه ما تكون بأسنان سمكة القرش تلتهم ضحيتها في عرض البحر غير عابئة بمساءلة أو حساب. فضائية الميادين، مشكورة ، فتحت شاشتها منذ الصباح الباكر تنقل من الموقع كواسر الاحتلال تقتلع أطنان الحجارة من مداميكها . والشعب الفلسطيني ليس له سوى مراقبة الهدم في كيانه الوطني تتوعده بنحر مصيره الوطني ؛ وعلى المذبحه يتألق مصير الاستيطان اليهودي بموجب قانون قومية إسرائيل الذي فرضه نتنياهو، وحصر حق تقرير المصير لليهود فقط.
السكن حق أولي للإنسان قوامه الهدوء والاطمئنان. وتعمد المماطلة في منح رخص البناء ثم تعمد الهدم بصورة متوترة لمساكن لفلسطينيين بمسوغ عدم الترخيص،الأمر الذي يهدد عشرات آلاف المساكن المقامة حاليا، مع تشييد عشرات آلاف الشقق السكنية للمستوطنين على الأراضي الفلسطينية، إنما يدل على نهج اقتلاعي يمارس ضد الفلسطينيين وهم يرسفون في قيود الأحكام العرفية ونظام الأبارتهايد.
أفراد يحبون رش الملح على الجرح؛ فبعد "خراب بصرة" بهدم ثماني عمارات ظهر على الشاشة أحد قياديي المجلس الثوري لحركة فتح ، وشرع من بعيد يهاجم المحتلين الصهاينة ويبلغ المشاهدين ما حفظوه عن ظهر قلب أن إسرائيل دولة عدوانية تريد التطهير العرقي ! أعقب ذلك بيان مبهم تلاه الأمين العام للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ثمرة اجتماع للجنة عقد على شرف المجزرة التدميرية لأبنية السكن الفلسطينية، تخللته شروحات كررت بدهيات الخبرة الأليمة للمشاهدين الفلسطينيين. وأخيرا بعد جلساتومداولات، تقرر "تعليق" وليس إلغاء جميع الاتفاقات مع إٍسرائيل، ولم يصدر عن اجتماع القيادة ما يطمئن الجماهير الفلسطينية وأصدقائها في الخارج بوضع خطة للإقلاع عن دور المراقب العاجز . إن فداحة جرائم إسرائيل ومواصلتها حصار وتقويض الوجود الفلسطيني على أرض وطنه توجب التحرك في الداخل للتصدي لممارسات إسرائيل وإجبار إسرائيل على الالتزام بالقوانين والاتفاقات الدولية.
التضامن العالمي مع القضايا العادلة يتعاظم إيقاعه مع تعاظم المواجهة الشعبية للعدوان، مع النهوض الثوري المتميز بحراك جماهيري ينشد التغيير نحو الأفضل ومن اجل حرية أوسع وفك قيود السيطرة الأجنبية. التضامن الدولي لا يستجدى بالمناشدة، وليس آلية متمركزة في موقع، إطفائية أو سيارة إسعاف تنطلق وقت الطلب. بدهية يتم تجاهلها. ليس ضمن النظام الدولي الراهن قوة سياسية تسبق ضحايا العدوان في التصدي للعدوان! ما من قوة على وجه البسيطة تبادر للإطاحة بالظلم وضحاياه مكتوفي الأيدي. ربما ترتفع اصوات حريصة على هيبة القانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الدولية ؛ لكن حرصها لا يبلغ حد التصدي لمن ينتهكون القانون الدولي أو الاتفاقيات الدولية. لم يباغت موقف الولايات المتحدة المدافع عن جرائم إسرائيل؛ بين الموقف الأميركي لامعقولية مناشدة "المجتمع الدولي" ، أو تلويمه ؛ فاللايات المتحدة الأميركية تساند إسرائيل وتكسر إجماع مجلس الأمن. الولايات المتحدة الأميركية أدمنت انتهاك القوانين الدولية والخروج على الاتفاقيات الدولية؛ وتعتبر ذلك ميزة استثنائية للقطب الأوحد تمنحه لمن تشاء من الدول التابعة، وعلى رأسها إسرائيل. فهذه الدولة تتحدى القوانين والاتفاقيات الدولية منذ عدوانها في حزيران 1967 ، حيث جرى التخطيط له بهدف التحكم بالمنطقة. منذ الأ]ام الأولى للاحتلال كشف حكام إسرائيل من حزب العمل عن نوايا الإلحاق والضم ، وإخضاع فلسطين وشعبها لاحتلال يسخر الأحكام العرفية ونظام أبارتهايد لسلب الحقوق الإنسانية للفلسطينيين كي ينجز مرحلة جديدة من التهجير العنصري للشعب الفلسطيني.
اما الأطراف العربية فما زال البعض منها وكذلك جامعة الأنظمة تداري تبعيتها للسياسات الأميركية بتصريحات خجولة وباردة . طبيعي أن يوقظ هدير الجرافات جامعة الأنظمة العربية من غفوتها لتشارك في مشهد التحايل العبثي على الجماهير العربية فتستنكر جريمة الهدم وتعود لتغط في النوم؛ ثم تتقاطر الاستنكارات العربية البليدة والباردة لتتلاشى أغبرتها مع تساقط أغبرة البنايات المهدمة على اديم الأرض الفلسطينية. من ينشد المقاومة الفاعلة فلديه الوقت والامكانيات.
في غياب القيادة الثورية لا تنشط حركة ثورية؛ صدر القرار النهائي للمحكمة العليا وبات هدم الأبنية قضية وقت ولم تبرز دعوة للحشد والاعتصام على غرار ما يجري في ميادين الخرطوم والجزائر ! حالة مستدامة تشكلت منذ قيام السلطة الوطنية تركت الجماهير تركن للهدوء وتبتعد عن المشاركة في الحياة السياسية، أو تتلهى بالانقسامات بين الفصائل. ولا مناص من هبات عفوية ارتجالية تندفع بغريزة التعلق بالوطن والدفاع عنه. المشهد العام يفشي بانوراما تعكس بلادة العجز يواجه آليات التقويض تندفع بلا كابح تسحق الضحايا وتفتك بالعزل. كالعصفور داهمته الأفعى تجمد في مكانه وخذلته اجنحة الطيران !
في الأشهر الأولى من الاحتلال أقدم ضابط التربية في إدارة الاحتلال على تغييرات بالمناهج الدراسية، قوبل بإضراب عطل الدراسة منذ بداية العام الدراسي في شهر أيلول، واستمر بضعة أشهر لتتدخل "العقلانية" السياسية وتأمر بفك الإضراب حرصا على مصالح الطلبة! بالمقارنة إحدى الدول الاسكندنافية أضرب المجتمع بأسره رفضا لإقدام الاحتلال النازي على تغيير المناهج؛ المناهج مولد الثقافة الوطنية يستحيل التهاون بشأنها؛ واضطر النازيون للتراجع أمام إصرار المجتمع. لم يظهر المجتمع الفلسطيني مثل ذلك الإصرار لأنه تعود الخضوع لحكم الاستبداد، ترفده ذهنية استهلاكية أقحمت من خلف المحيط كي تروض الجماهير على "سلامات يا راسي". أدركت إسرائيل ان عنادها سيضطر الفلسطينيين الى الخنوع. ومضت تفرض الوقائع على الأرض، وتعاند بوجه المطالب الفلسطينية، ولا تتراجع أمام الاحتجاجات المؤقتة قصيرة النفس.
المجتمع الفلسطيني أشبه بلاعبي سيرك يشاهده الإسرائيليون عن كثب. تفشت ظاهرة الفساد في الجهاز الإداري؛ وخلال بضعة شهور برزت السلطة الفلسطينية ضمن حفنة الدول على رأس قائمة الفساد. سكتت إسرائيل مبتهجة؛ فالفساد حين يتم تقبله والتعايش معه يثلم الضمير ويعطل المروءة ويوهن الغيرة على الصالح العام. تذوي المعنويات وتبهت الحمية الوطنية. وحين توترت العلاقة بين السلطة والاحتلال عيّر حكام إسرائيل السلطة بفسادها وإفسادها. وحين أراد شارون استباحة مناطق السلطة المنتزعة أثناء التفاوض ركز على فساد السلطة وسيلة لإضعاف التضامن معها.
وفي ورشة لصنع القداحات في إحدى ضواحي مدينة الخليل، العمل المضاف فيها ضئيل، وظفت فتيات على قدر متدن من التعليم والخبرة، اشتعل حريق نتيجة لعدم التزام صاحب العمل بإجراءات السلامة، وكانت أبواب الورشة مغلقة فهلكت سبع عشرة فتاة بالحريق.التهبت العواطف وساد الوجوم المنطقة لهول الجريمة. حضر ياسر عرفات من غزة ، وتجول بالموقع وغادر ؛ عند هذا الحد هدأت العواطف وانتهت المشكلة وظهر صاحب الورشة بعد اختفاء .
وفي بلدة صوريف أقدم أحد السلفيين على خطف قريبة له تدرس بجامعة الخليل والقاها في بئر معزولة . لم يظهر على البنت سلوك منحرف أو تصرفات طائشة ؛ كانت مثال الأخلاق والاجتهاد في الدراسة؛ أراد قريبها أن يئدها لأنها انثى!! أمضت المسكينة ساعاتها الأخيرة وسط يأس قاطع من النجاة وقضت خائبة الرجاء من عالم شديد القسوة حد التوحش. اعتقل الجاني وسط استنكار فظيع للفعلة الهمجية ، واعترف بجريمته امام المحقق؛ امضى فترة داخل السجن وبرأته المحكمة!
مجتمع يشهد فظاعات من هذا القبيل ويسكت عنها ويتركها تتواصل لا يمكن ان يكون سليما ومعافى. مجتمع لا تستثيره هذه الموبقات تتبلد عواطفه ويبهت إحساسه بالظلم ، فلا يحس بوخز الضمير وهو يسكت عن اقتطاع أجزاء من وطنه والتهامها؛ يستحيل ان لا يعتبر العدو المراقب عن كثب ، ولا يستخلص من مشاهداته هزال المقاومة لجرافاته دائبة التجريف والهدم والتقويض.
ممارسات الاحتلال الإسرائيلي توقفها حركة ثورية ذات قيادة ثورية تسترشد بأفكار ثورية ، أفكار التغيير الاجتماعي الديمقراطي تزيح عن ظهرها هيمنة الأبوية المتناسلة عبر القرون. الإدارة الأبوية للمقاومة الفلسطينية أوقعتها عبر عقود متتالية في الانتكاسات والهزائم، فقدت القدرة على التحكم بحاضرها، وفقدت بالتدريج اجزاء غالية من الوطن. حان الوقت للتحول الى قيادة ديمقراطية تحرك الجماهير وتتعهد حركة شعبية ديمقراطية تستنهض لدى الجماهير طاقاتها الثورية وتبعث في وجدانها وطنيتها وأشواقها لمستقبل التحرر والديمقراطية والتنمية. أفكار التغيير الاجتماعي تُحدِّث الثقافة الدارجة وكل روافدها من تعليم وخطاب ديني وتراث ملغم بقيم التخلف والخضوع لمن هو أقوى ، وحياة اجتماعية مترعة بعقد القهر والاستلاب.



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صفقة القرن تتسلل عبر الشعاب والتلال الفلسطينية
- صداقة بمذاق العداء
- تصفية فاشية الأبارتهايد اولا
- اليمين الفاشي يسخر عناصر مارقة في حملات الكراهية ضد المسلمين ...
- فضيحة تلفيق وقائع لتجريم الرئيس البرازيلي لولا بالفساد
- هل الحالة الفلسطينية مانعة لصفقة القرن؟
- ما بعد صفقة القرن
- هل حقا توفرت فرص للتسوية السلمية مع إسرائيل أهدرها الفلسطيني ...
- إسقاط صفقة القرن كسر شوكة التحالف الاستراتيجي الأميركي -إلإس ...
- التربية في حمى الصراع لكسب العقول
- المليارديرية يدعمون اليمين المتطرف
- اغتراب رسالة أيار في البنية الاجتماعية الأبوية (الحلقة الثان ...
- اغتراب رسالة أيار في البنية الاجتماعية الأبوية
- كيف التصدي لصفقة القرن؟
- عنصرية إسرائيل وعنصرية اليمين الشعبوي_داء مزمن وعرض زائل
- فاشية الليبرالية الجديدة -2
- جريمة إرهابية جسدت فاشية الليبرالية الجديدة
- القدس عاصمة عربية عبر التاريخ -الخرافات تتحطم على صخرة العلم
- القدس عاصمة عربية سياسية وثقافية
- مظلة اللاسامية لم تعد تؤمن الحماية لإسرائيل


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - إسرائيل بلا رادع.. ومسئولية هزال المواجهة