أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سيف المفتي - محمد شكري ضحية الجرأة والابداع والتفرد.















المزيد.....

محمد شكري ضحية الجرأة والابداع والتفرد.


محمد سيف المفتي

الحوار المتمدن-العدد: 6269 - 2019 / 6 / 23 - 15:45
المحور: الادب والفن
    


قال عن نفسه: في كل عصر يوجد ناس من كل العصور وأنا لا أريد أن أكون نسخة من التكرار الأبدي، أريد أن أكون وحيد نفسي وعصري وحياتي ولعنتي ورضائي وموتي وبعثي وتشبثي بما أنا وما لست أنا وما لست بعد إياه بالذي كان ولم يكن...
الخبز الحافي رواية السيد محمد شكري المغربي الامازيغي تناولت كل ما يخدش الحياء العربي الغيور كما قيل عنها. أنتقده كثير من النقاد وهاجمه كثير من المثقفين لأنه أخذنا معه صغارا وكبارا الى مواقع الرذيلة، الى سنوات طفولته التي لم يقضي ليلة فيها إلا سكرانا أو راقدا بجوار غانية أو بتفريغ رغباته الجنسية في لعبته الجنسية التي صنعها من الطبيعة. حدثنا شكري في روايته عن الحفاة الحالمين بنعل والباحثين عن فتات الخبز في زمن المجاعة. كان الروائي صريحا فيما يتعلمه أطفال الشوارع في العالم السفلي، الموجود تقريبا في معظم المدن الكبيرة.
يتحدث كذلك الراوي عن واقعة قتل والده لأخيه ودفنه في قبر مندثر منسي في زاوية المقبرة البعيدة، حادثة لم تثني والده عن الاستمرار في شرب الخمور والتمتع بالـ "كيف" مع الأصدقاء، معتمدا على دخل ابنه القاصر الذي جعله يعمل كحمار. ويحدثنا عن فوضى المشاعر المختلجة في داخله عندما كان يسمع كيف كان ابوه يأخذ حقه الشرعي من أمه في نفس الغرفة التي يسكنون فيها جميعا، لم يكن يعلم أكثر من أن القبلات والحركات تنفخ بطن أمه لتلد بعد تسعة أشهر بائسا أو بائسة جديدة. طرح قضية عنف الرجل وأمراض الحرب النفسية بواقعية بسيطة.
حدثنا بجرأة لم نعتد عليها في عالمنا العربي عن كيفية استغلاله وهو طفل قاصر لم يبلغ الـ 18 من قبل رجل كبير السن مترهل البطن مقابل ثمن بخس، وكيف قام هو باستغلال صبي آخر ناكرا فعلته أمام اهله.
وجه للكاتب كثير من النقد وبطريقة أو بأخرى كان يدور هذا النقد حول كيف يمكن له في هذه السن المبكرة أن يتحدث عن المواخير وشراء لذة سريعة بهذه الطريقة، ونقد موجه الى طبيعة عمله الشرعي وغير الشرعي، من التهريب الى السرقة الخ الخ. اعتبر النقاد ما قدمه محمد شكري خدشا للذوق العربي وتشويها للذائقة العربية.
الغريب في هذه الرواية أن الروائي محمد شكري حرم من فرصة تعلم اللغة حتى بلغ العشرين، وكتب روايته سنة 1972 ولم تنشر بالعربية إلا بعد أن ترجمت الى 38 لغة. أيا ترى هل بول بولز الذي ترجمها الى الإنجليزية سنة 1973 لم يخشى من تدمير الذائقة الامريكية والاوربية، على كل حال لم تنشر بالعربية إلا بعد عشرة أعوام من نشرها.
السؤال الذي يطرح نفسه. هل هي رواية اباحية؟
من وجهة نظري هذه الرواية هي مرآة المجتمع العربي، وكل من لا يتحمل النظر الى صورته في هذه المرآة هو أجبن من يلاقي واقعه. علينا أن نطرح على أنفسنا سؤالا مهما. هل ما طرحه الروائي في سيرته الذاتية قدح وتشويه من خيال أم حقيقة؟
الجواب بالأجماع (قصة واقعية) ولنفترض جدلا أن الخبز الحافي قصة خيالية، لكن هناك آلاف الحالات يعيشون مثل هذه الظروف.
لهذا السبب ارى أن النقد الموجهة لهذه الرواية ولشخص محمد شكري ابن الريف المغربي، الذي هرب منه مع عائلته باحثين عن قطعة خبز يابسة بدل أكل الحيوانات النافقة هو تهرب من الواقع. شعوبنا لا تتحدث عن العنف على انه ظاهرة يجب الوقوف عندها وتسمى بمسميات مختلفة، توجيه، تهذيب أو تربية، شعوبنا أجبن من أن تواجه واقعها المعقد، ولا تجرأ على تسميه الأسماء بمسمياتها لأنها في هذه الحالة تتطلب مواجهة وعمل جديد قد يتعارض مع اعتادت عليه شعوبنا لقرون وقرون. ذنب محمد رشدي أنه بدلا من قوله إن الشوارع كانت تعج ببائعات الهوى قال إنه كانت تعج بالـ "قحاب"، وقد اتفق مع البعض أنه كان بإمكانه نقل الحقيقة بكلمات أرق، لكنها رغم كل شيء لن تغير من صورة الواقع شيئا.
الناقد الأدبي ورجل الدين والمثقف هو الجهة التي ينظر اليها المجتمع على أنها الجهة التصحيحية للمسارات والنزعات الخاطئة في المجتمع، فاذا قاموا هم بنقد هذه الرواية وتجميل الواقع بالكلمات فنحن أمام معضلة التصحيح، هل سنستمر بتسمية االسرطان بـ
" ذاك المرض".
أنا منحاز لـ الروائي محمد شكري.
لكوني روائي وكاتب ولي رواية ابين فيها كثير من جوانب حياة اللاجئين بطريقة واضحة أو ممكن تسميتها فاضحة فإنني اتعاطف مع المرحوم محمد شكري، لأن العالم العربي لم يدرك حتى هذا اليوم. أننا ككتاب عندما نتعرى أمام الجمهور فأننا نمنحه فرصة تعلم التشريح واكتشاف اعضائنا ورغباتنا الإنسانية، شذوذا كانت أم طبيعية. ففي المحصلة النهاية هي رغبات إنسانية، رغم أنني لست مع الكتابة الإباحية إلا أنني أرى أن الخبز الحافي هي مرآة علينا الوقوف أمامها..

تقول السيدة linda Noor رئيسة منظمة Minotenk النرويجية في محاضرتها الأخيرة في أوسلو والتي تناولت الصحة الجنسية، ((لجوء الناس الى الجنس قد يكون هروب من واقع يعج بالمعاناة، فمن المهم أن يدركوا معنى الصحة الجنسية. )) هذا هو ما جعل الروائي يستجدي هلاكه بين أحضان المومسات. فكيف لو عاش الانسان في ظروف حرب، فقر، خوف وجوع دفعة واحدة كما يحدث اليوم في كثير من بلداننا. انتشار الدعارة في مجتمعاتنا العربية دليل على واقع مرير يعاني منه المواطن من أنظمة حكم الأقلية والعائلة، وعدم العدالة في توزيع الفرص والأنظمة الفاسدة البعيدة عن الديمقراطية والقائمة طويلة.
مرت على بلداننا عدة أزمات وحروب والأنظمة مستمرة بالتصحيح والتحسين بالكلام، تحسين الواقع بالكلمات يبقي الحيالة على ما هي عليه. دولنا بحاجة لتغيير فعلي وعدم تحميل المواطن البسيط جرم القيادات الاستبدادية.
وكما ختم محمد رشدي روايته عند زيارته قبر أخيه طالبا من صديقه قراءة القرآن على روحه.
" أثناء قراءته كنت أنثر الزهور والريحان على بعض القبور وعلى الأرض غير المقبرة بعد. كان مدفونا هناك. ربما تحت قدمي أو تحت قدمي عبد المالك أوفي مكان ما. فجأة فكرت. لكن لماذا هذه القراءة على قبر أخي المجهول؟ إنه لم يذنب. لم يعش سوى مرضه ثم قتله أبي. تذكرت قول الشيخ الذي دفنه: (أخوك الآن مع الملائكة).
أخي صار ملاكا وأنا؟ سأكون شيطانا، هذا لا ريب فيه. الصغار إذا ماتوا يصيرون ملائكة والكبار شياطين.
لقد فاتني أن أكون ملاكاً"
بما لا يقبل الشك فإن كلمات محمد رشدي قد خدشت الحياء العربي فهاجمت مجتمعاتنا كلمات الرواية ونسيت الطفل الذي نشأ في الشارع ومعاناته، ومعاناة الكثير من أمثاله حتى هذا اليوم في بلداننا، أن الواقع يخدش جبين الإنسانية وهو دليل دامغ على مجتمعاتنا المريضة لا تملك إحساسا إنسانيا بمستوى مأساتنا. ناموا ولا تستيقظوا.. هنيئا نوم النعامات.



#محمد_سيف_المفتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أشبال الخلافة كالانسان الآلي !
- الموصل غضب عارم!
- الخراب يفترس الزمن العراقي!
- نهضة الصالون الادبي
- باب ضمير العالم!
- يأمرني بالبر و ينسى نفسه!
- التمثال أكرم منا جميعاً!
- أخذ ابي المدينة معه - رحمة الله عليه-
- الاستفتاء ازمة اخلاقيات مهنية
- صالون زكية خيرهم الادبي و الثقافي
- عراق جديد و دعم نرويجي
- فيصل القاسم، لا حاجة لنا بك.
- طرد ضابط نرويجي من الخدمة
- اسكندنافية في الرقة
- داعش قدرنا الاقليمي
- مفاهيم قاتلة
- إضاءة على شظايا فيروز
- هل كانت قندرة الباشا شيعية أم سنية؟
- العراق قمر
- موصل اليوم جحيم بلا أمل...


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سيف المفتي - محمد شكري ضحية الجرأة والابداع والتفرد.