أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - إيمان كاسي موسى - الصّيام في الإسلام بين الوجوب والاختيار ..هل التّأويلات الحاصلة ضحيّة استيعاب لغوي؟














المزيد.....

الصّيام في الإسلام بين الوجوب والاختيار ..هل التّأويلات الحاصلة ضحيّة استيعاب لغوي؟


إيمان كاسي موسى
باحثة في علم الاجتماع وفي اللّسانيات.


الحوار المتمدن-العدد: 6262 - 2019 / 6 / 16 - 00:47
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الصّيام في الإسلام بين الوجوب والاختيار ..هل التّأويلات الحاصلة ضحيّة استيعاب لغوي؟

أحدثت قضيّة وجوب الصّيام من عدمه في الإسلام جدلا واسعا مؤخّرا بالجزائر بعد طرح الموضوع من قبل أحدهم، وممّا لوحظ من ردود الأفعال التّعاطي العصبي مع الموضوع من جهة والتّعاطي المتسرّع من جهة أخرى. ومن المساهمات المتوفّرة للبتّ في القضيّة، تبرير الوجوب من قبل أحد الشّيوخ -أخذا عن التّراث- بالقول إنّ لفظ "يطيقونه" الأصل فيه "لا يطيقونه" بما يترك نقاط استفهام عديدة في الذّهن. هذا من دون الحديث عمّن لجأوا إلى قضيّة النّاسخ والمنسوخ، ممّا يعمّق حجم الإشكال.

وبعد الّذي آل إليه الوضع من طروحات فيها ما يقال منهجيّا، وفتح الباب للغط الكثيرين ممّن أخذوا يفصّلون في الإشكالات النّابعة من فهم خاطئ أساسا، وجب التّنويه إلى ما تمّ إغفاله من طرفي الخلاف على حدّ سواء؛ لا سيّما أنّ القضيّة انتقلت، فيما بعد، إلى درجة وصف كلام الله بالمتناقض في الحالتين، في حين أنّ القصور لم يتعدّ حيّز فهم الأشخاص. فمساهمتنا هذه تخاطب العقل، من باب عدم كتمان ما أنزل من البيّنات، ولا نلزم بها سوى أنفسنا.

باختصار، لمّا نقرأ قوله تعالى بعقل وازن، نجد أنّ الصّيام واجب بصريح الآيات الكريمة من سورة البقرة (الموجودة أدناه)، وما عبارة "وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ " إلّا تتمّة مباشرة لقوله تعالى "فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" وليس للحالات العاديّة البعيدة عن التّخصيص.
ورد التٍّرخيص بحقّ المرضى والمسافرين، ثمّ مباشرة تلاه "وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ" بحكم أنّ هناك مرضى ومسافرين يطيقون الصّيام رغم المشقّة، وإلّا ما محلّ العبارة الموالية "فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ"؟ ولماذا ورد الفعل "تطوّع" بالذّات؟

أليس من الإخلال بالفهم جعل الفعلين "كتب" و"َفلْيَصُمْ" والفعل "تطوّع" على نفس المستوى بعد عبارات صريحة في الوجوب تضمّنتها الآيات رقم 183 و184 و185 من سورة البقرة؟
كذلك، نجد العبارة الموالية "فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ" أين يشدّنا لفظ "خيرا" الّذي يحيلنا إلى الصّيام الّذي لا يؤثّر سلبا على المريض والمسافر، باعتبار أنّ الحالة العكسيّة واردة. والتطوّع منوط بصيام المريض والمسافر القادرين على ذلك رغم المشقّة ودون ضرر بحكم العبارة المكمّلة والموالية "وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون"، وليس للحالة العامّة.
فلو لم يكن الصّيام واجبا، لما ورد القضاء المستقبلي لمن استفادوا من التّرخيص في قوله تعالى " فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ"، ولما أضيفت الفدية على عاتق المطيقين من أصحاب التّرخيص "وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ". وفوق ذلك، لماذا نجد أفعالا إلزاميّة للصّيام وإتمام العدّة بصيغة الأمر في الآية 185 من سورة البقرة؟ "فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ". وهل يحلّ الجمع بين الأمر بالصّيام وإتمام العدّة وبين التطوّع والفدية لمن يطيقونه من الحالات العاديّة؟ وهذا، في المقارنة، مثله مثل المساواة في الفهم بين "يطيقونه" و"لا يطيقونه" !

إنّ سبب كتابة هذه الأسطر ليس بدافع إثبات وجوب الصّيام بقدر ما هو توضيح موضوعي ومنهجي للالتباس الحاصل في استيعاب مفاد الآية 184 من سورة البقرة ودفعا للتّساؤلات العالقة بصفة منطقيّة. فالانحراف المفاهيمي الحاصل وقع فيه سواء أتباع الوجوب أو الاختيار من الأقدمين والمحدثين، ممّا ترك ثغرات عديدة امتدّت بالمتأثّرين بالطّروحات المتوفّرة لحدّ التّشكيك في القرآن نفسه وفي تدوينه، وهو الّذي لطالما أثبت منهجيّا ولغويّا ومنطقيّا، بأنّه "لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ" (سورة فصّلت/ 42). وممّا نأسف له هو أنّ الخلل المتوارث في الفهم والتّأويل مسّ، بطبيعة الحال، التّرجمات أيضا، فأضحى الأجنبيّ بدوره عرضة لتبعات فهم متناقض قد لا يحترم عقله.
باسم الله الرّحمن الرّحيم
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)" صدق الله العظيم. سورة البقرة (183/184/185/186).

إيمان كاسي موسى
باحثة في علم الاجتماع الدّيني واللّسانيات



#إيمان_كاسي_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- استهداف أصفهان تحديدا -رسالة محسوبة- إلى إيران.. توضيح من جن ...
- هي الأضخم في العالم... بدء الاقتراع في الانتخابات العامة في ...
- بولندا تطلق مقاتلاتها بسبب -نشاط الطيران الروسي بعيد المدى- ...
- بريطانيا.. إدانة مسلح أطلق النار في شارع مزدحم (فيديو)
- على خلفية التصعيد في المنطقة.. اتصال هاتفي بين وزيري خارجية ...
- -رأسنا مرفوع-.. نائبة في الكنيست تلمح إلى هجوم إسرائيل على إ ...
- هواوي تكشف عن أفضل هواتفها الذكية (فيديو)
- مواد دقيقة في البيئة المحيطة يمكن أن تتسلل إلى أدمغتنا وأعضا ...
- خبراء: الذكاء الاصطناعي يسرع عمليات البحث عن الهجمات السيبرا ...
- علماء الوراثة الروس يثبتون العلاقة الجينية بين شعوب القوقاز ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - إيمان كاسي موسى - الصّيام في الإسلام بين الوجوب والاختيار ..هل التّأويلات الحاصلة ضحيّة استيعاب لغوي؟