أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رماز هاني كوسه - أبناء الآلهة و المعراج للسماء














المزيد.....

أبناء الآلهة و المعراج للسماء


رماز هاني كوسه

الحوار المتمدن-العدد: 6236 - 2019 / 5 / 21 - 17:43
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


فكرة أبوة الآلهة للبشر فكرة قديمة موجودة لدى مجتمعات الشرق الأوسط القديم و النصوص التي وصلتنا من أيام مملكة أوغاريت و المملكة البابلية القديمة تقيدنا بالتعرف على جذورها
فإذا عدنا للنصوص الأوغاريتية التي تتحدث عن ملحمة كرت الملك الأوغاريتي الذي كان عقيما و شاخ و لم يرزق بوريث نقرأ خطابا من الإله إيل الى الملك كرت يقول فيه
"و في حلمه رأى الإله إيل ينزل
و في حلمه رأى أبو البشر يقترب
سائلا كرت : لماذا تبكي يا كرت ؟
و لماذا تدمع عينا النعمان غلام إيل ؟"
و نقرأ أيضا رثاء ابنة كرت لأبيها عند اقتراب موته
"أبي كنزي هل تموت الالهة
و ذرية لطفان (إيل) لا تعيش إلى الأبد ؟"
النصان السابقان يحملان إشارات لأن الملك كرت هو ابن للإله إيل و لذلك تستغرب ابنته موته .
في الملحمة نفسها يرزق الملك كرت بأبناء بعد أن كان عاقرا و أحد هؤلاء الأبناء اسمه (يصب) الذي تتحدث عنه الأسطورة
"سوف تلد لك الفتى يصب
الذي سوف يرضع حليب عشيرة
و يمتص من ثدي عناة
مرضعتي الآلهة "
من النصوص السابقة نستطيع أن نفهم أن أبوة إيل للملك كرت ليست أبوة تامة بل أبوة أقرب للتبني و الرعاية و ما يدعم هذا التفسير هو عملية الإرضاع التي تقوم بها عشيرة زوجة إيل و عناة زوجة بعل للوريث يصب . فهنا يتشكل الرابط القدسي بين الملك و بين مجمع الآلهة . الرضاعة من زوجة الإله و اعتباره ابنا للإله . مفهوم البنوة بالرضاعة نراه يتكرر لاحقا في الثقافة الدينية الإسلامية باعتبار الرضاعة مقياس للبنوة و ينطبق عليها أحكام البنوة و الأخوة من حيث الزواج و تحريمه وفق نص قرآني واضح النساء: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} ....... فكرة بنوة إيل للملك كرت نراها تتكرر لاحقا في العقيدة المسيحية و ذلك بابوة الاله ليسوع المسيح .
أما في النصوص البابلية فنقرأ أسطورة الملك إيتانا أحد ملوك كيش الذي كان أيضا عقيما و لا ولد له و قد كبر في العمر. فيتوسل للإله أن يرزقه بطفل يرثه بشكل مشابه للملك كرت الأوغاريتي فنقرأ
"في كل يوم كان إيتانا يتضرع للإله الأعلى شمش قائلا
لقد قدمت لك ذبائح من أفضل غنمي فاستمتعت بها
.
.
.
فيا إلهي دع الكلمة المنتظرة تخرج من فمك و هبني نبتة الاخصاب
انزع عني عاري و أمنن علي بنسل ".
فيستجيب الإله شمش و يخبر إيتيانا بالوسيلة للحصول على نبتة الإخصاب و هي إنقاذ نسر جريح ملقى في بئر ليشفى و يقوده لمكان نبتة الإخصاب . ينقذ الملك إيتانا النسر الجريح و بعد أن يشفى يقوم النسر بحمل الملك و الطيران به إلى السماء السابعة ليأتي بنبتة الإخصاب و يشفى من عقمه فنقرا
"ففتح إيتانا فمه و قال للنسر
يا صديقي لقد أرتني الآلهة حلما اخر
رأيت أننا كنا نمضي عبر بوابة آنو و إنليل و آيا
هناك ركعنا معا أنا و أنت
ثم رأيت أننا نمضي معا أنا و أنت
عبر بوابة سن و شمش و أدد و عشتار
هناك ركعنا معا أنا و أنت
.فقال النسر لإيتانا
إن معنى حلمك واضح دعني أحملك صعودا إلى سماء آنو "
أسطورة إيتانا هذه تحمل إشارات أخرى لنوع من العلاقة الوثيقة بين الملك و بين الآلهة فخصوبة الملك و إنجابه لوريث جاء بفضل نبتة الخصوبة التي حصل عليها من عشتار ربة الخصب التي كان لها الفضل المباشر في إنجابه لوريث لسلالته مثلما كان لعشيرة الكنعانية الفضل في ارضاع( يصب ) ابن كرت الملك الأوغاريتي و تكريس الرابط الإلهي بين البشر و الملوك .
أسطورة إيتانا تحمل قصة صعود إلى السموات السبع و ذلك واضح عند قول الملك إيتانا بأنه عبر بوابات الآلهة ( آنو _ إنليل _آيا _سن _شمش _أدد_ عشتار ) و من الواضح أنها بوابات سماوية تشير للسماوات السبع بدليل أن النص يكمل و يقول (دعني أحملك صعودا إلى سماء آنو) . سبعة آلهة لهم سبعة أبواب . بوابة خاصة بسماء كل إله . تذكرنا القصة هذه بالرواية الإسلامية عن المعراج السماوي للرسول إلى السماء السابعة . و التي يسبقها في الإبراهيميات رواية صعود أخنوخ للسموات السبع و التي ترد في سفر أخنوخ و هو أحد الأسفار غير القانونية . و نراها تتكرر بشكل مقتضب في إشارة لصعود بولس الرسول للسماء الثالثة كما يرد في رسالته الى كورنثوس .
ما تطرحه الأسطورتان السابقتان و اللتين دونتا بالألف الثاني قبل الميلاد نراه يتشابه مع الموروث الديني الإبراهيمي سواء من حيث بنوة الآلهة للبشر في تكريس لرباط القداسة الإلهية . أو من حيث فكرة الصعود أو المعراج الى السماء السابعة في الإبراهيميات .
فكرة أخرى نراها مشتركة بين الاسطورتين السابقتين و الابراهيميات و هي موضوع العقم . فالملكين ايتانا وكرت كانا عاقرين و انجبا ببركة من الآلهة . و هو ما نراه يتكرر في قصة النبي إبراهيم الذي كان شيخا كبيرا و بلا ولد حتى بشره الإله بأنه سينجب أبناء .... تتكرر في قصة إسحاق بن إبراهيم الذي أنجب بعد ان كبر بالسن بفضل الآلهة .... و يتكررأيضا في قصة يوحنا المعمدان وأبويه زكريا و اليصابات الذين كانا عجوزين و لم بنجبا إلى أن جاءت البشارة من ملاك الرب بأنه سينجب من زوجته اليصابات . تبدو فكرة العقم و الانجاب ببركة الآلهة التي تتكرر هنا هي من نتاج ثقافة المجتمعات الزراعية . فالعقم يمثل جفاف الجفاف و القحط الذي يصيب الأرض فلا تعطي إنتاج زراعي . أما الخصوبة و الإنجاب ببركة الآلهة فتمثل عودة الأمطار و بدء دورة الحياة الزراعية من جديد بفضل تدخل مباشر من الآلهة .



#رماز_هاني_كوسه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تيس عزازيل ..... و طقوس الفداء و الأضاحي
- النسيج المقدس..... ما بين العذراء النساجة و انجلينا جولي
- من تدمر و البتراء .... إلى مكة
- طقس الاستسرار initiation ...(موت و حياة)
- العماد و استعمال الماء في طقوس الطهارة الشرقية
- الاشجار المقدسة


المزيد.....




- اخترقت غازاته طبقة الغلاف الجوي.. علماء يراقبون مدى تأثير بر ...
- البنتاغون.. بناء رصيف مؤقت سينفذ قريبا جدا في غزة
- نائب وزير الخارجية الروسي يبحث مع وفد سوري التسوية في البلاد ...
- تونس وليبيا والجزائر في قمة ثلاثية.. لماذا غاب كل من المغرب ...
- بالفيديو.. حصانان طليقان في وسط لندن
- الجيش الإسرائيلي يعلن استعداد لواءي احتياط جديدين للعمل في غ ...
- الخارجية الإيرانية تعلق على أحداث جامعة كولومبيا الأمريكية
- روسيا تخطط لبناء منشآت لإطلاق صواريخ -كورونا- في مطار -فوستو ...
- ما علاقة ضعف البصر بالميول الانتحارية؟
- -صاروخ سري روسي- يدمّر برج التلفزيون في خاركوف الأوكرانية (ف ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رماز هاني كوسه - أبناء الآلهة و المعراج للسماء