أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زيدان الدين محمد - الإرهاب القمعي والمُعتقلات، وجهٌ صريح للأنظمة العربية.















المزيد.....

الإرهاب القمعي والمُعتقلات، وجهٌ صريح للأنظمة العربية.


زيدان الدين محمد

الحوار المتمدن-العدد: 6232 - 2019 / 5 / 17 - 22:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"اللص وحده مَن يتقن دور الجلّاد والضّحية معًا".
-ندئ عادل.

"يُجمِّد الجلاد السادي ضحاياه كي يتمكن هو من التَّحرّك ، ينزلهم إلى مرتبة اللاشيء كي يصبح هو كل شيء".
هَكذا وصف الدكتور مصطفى حجازي سيكولوجية الجلَّاد في كتابه (الإنسان المهدور) ،و هذا الوصف يسقط تمامًا على الأنظمة الديكتاتورية العربية التي تُمارس سطوتها و سُلطتها مِن خلال ما يُسمى بـ "المُعتقلات و السجون" لِكُل من عارضها و تمتم بظلاميتها،تجميدًا له والحطّ من وجوده وكرامته الإنسانية، ومن هُنا أتناول الترابط الشرطي بين الإرهاب القمعي والسجون.

-الإرهاب القمعي:
يَكمن الإرهاب القمعي التي تُمارسه الأنظمة العربية في نوعية المُعتقلات التي تتخذها لها كسوط يُربِّي مُعارضيها. وطريق الوصول للمُعتقل الشبيه بالمسلخ البشري، يبتدأ بقمع الفِكر مِن قبل الديكتاتور وأدواته وأجندته ،حتى التصفية الجسدية للمُعارضين أحيانًا ،و هذه وسيلة خفيّة يراكم بها النظام الديكتاتوري سُلطته على الشعب الذي يتغذى على الخوف الذي يشيعه الحاكم ودولته كل يوم، حيث أن الخوف الذي يمتهنه النظام الحاكم على الشعب يتمثّل في تطوير أساليب إرهابه من بداية مطاردة كُل إنسان بهدف حماية الكراسي، حتَّى الوصول إلى قمقمة الطاقات الحية لهذا الإنسان كي يسهل ترويضه وتجريده من السيطرة على مصيره وكسر قدراته وتحويل إنجازه إلى ولاء،وتكبيل حُرية تعبيره عن أفكاره ومداخلاته وإخضاع إراداته ومُراقبة ذاته بل وتكوين نياته، من خلال التربص بسلوكه ومطاردة فكره.
و يتشكّل الإرهاب القمعي في حظر التساؤل والتفكير ،فالتساؤل في بلاد الطغيان يعدّ خيانة لِذا وُجب ردعه في حال لم يُستطاع ترويضه، وأمّا عن التفكير فذلك بتسليط التحريم الديني عليه من الداخل، والتجريم السياسي من الخارج، والحجر على العقول التي تمارسه العصبيات بتكفير التفكير لتسهيل إخضاعه، فبدون التفكير والتساؤل تتحول حالة المُجتمع إلى مُجرد اجترار ذاتي يتيح الفُرصة للمُستبد أن يفرض سطوته وينثر في النفوس الخشية منه بالآليات التي يستخدمها للتحكم بالشعب من ترويض وتكنولوجيا السلوك والإقتران الشرطي بين السُلطة والتهديد، ومبادئ التنفير واستجابة التجنب، والتنفير الخارجي عن السيطرة واللامتوقّع، والتعلّم الإجتماعي الذي يجعل الترويض سهلاً، والترغيب وآليات التعزيز من جهة التحكّم الناعم. وهُنا لابُد لنا من الإستدلال بما ذكرتْه يونغ تشانغ في كتابها "بجعات برّية" تعبيرًا عن الترويض الواقع على المحكوم من الحاكم:
"حينذاك كُنتُ قد تمرّست بعادة النقد الذاتي ،وكُنتُ ألوم نفسي تلقائيًا على أي نوازع تتعارض مع توجيهات (ماو) . كانت مثل هذهِ المشاعر في الحقيقة تُخيفني،ولم يكن واردًا أن أناقشها مع أحد. بدلاً من ذلك حاولت كبتها، والتحلّي بطريقة التفكير السليمة، وعشت في حالة من الإتهام الذاتي الدائم".
فكما هو واضح في تعبير يونغ تشانغ، أن المستبد بآلياته وأدواته التي روّض بها المحكوم من بادئ التفكير حتى التحكم بالنوايا، نجح في خلق شعب بلا أفكار خاصة به يواجه بها مشاكله وواقعه ،وبالتالي تحويله إلى كومة كيان مهدور لا حق له في التحكم بمصيره بل هو مُجرد أداة تُأزّل سُلطة المُستبد بآليات مدروسة في مجال ضبط الأفكار و منها أستذكرُ آلية "إيقاف التفكير" العلاجية والتي تتلخّص ببساطة في ثلاث نقاط:
أولاً:
إطلاق المريض عنانه لأفكاره المكبوته والوسواسية بأمرٍ من المعالج، ثُم الإندماج في هذه الأفكار إلى حين أن يصدر المعالج أمرًا حازمًا ومفاجئًا بإيقاف هذه الأفكار مع دقة قوية على المكتب تفزع وترغم المريض الخروج من إندماجه بأفكاره.
ثانيًا:
تكرار الخطوة الأولى مرارًا ،مع الإقتران الشرطي بين الأفكار المنطلقة والأمر الحازم بإيقافها.
ثالثًا:
يتعلّم المريض مع هذا التكرار أن يقوم هو بذاته بإيقاف الأفكار الوسواسية ماإن تخطر على باله، فيصدر أمرًا حاسمًا بإيقافها نابعًا من ذاته دون الحاجة للمُعالج، وتتمثّل بدايةً من خلال الأمر الذاتي علنًا ثُم الضمني لاحقًا الذي من شأنه أن يوقف حتى النية في التفكير ، بالتالي يُحظر هذا التفكير ذاتيًا.
وهُنا لا يخفى على المُتطلّع لواقع شعوبنا العربية أن الأنظمة العربية تحترف آليات عبقرية للتحكم بشعوبها ، بل واكتسبت جماهيرًا جُرّدوا من الوعي الذاتي والتفكير وتقرير المصائر وحسمها بإرادة، وركود في الإنجاز وسطوة ثقافة الولاء التي أدلجتنا عليها الأنظمة العربية ، والتي ما إن ينعتق أحدهم من التنويم الواقع عليه حتى استفردت به الأنظمة وزجّته إلى بطون المُعتقلات التي بُنيت للنيل من هذا الإنسان بهدم كيانه وكينونته وتدمير كرامته الإنسانية وتحويله إلى حيوان هش كما حدث ذلك مع ونستون في رواية 1984 عندما حاول التمرد فتم اعتقاله، ثُم بآليات التعذيب تم تحويله إلى حيوانٍ مُطيع استعمره الولاء والإخضاع ،بل والأنكى أن إذعانه حوّله لمُحب ومُمجّد للطاغية الذي كان سببًا في عذاباته. فكم ونستون في عالمنا العربي وقع عليه ما وقع من هدر فكري ومعنوي وتعذيب معنوي وجسدي؟ وكم ملايين من هذهِ الشعوب تُعايش الإستبداد ويحكمها التغييب لدورها الواجب عليها من بناء مُجتمع واعي وحضارة مُنتجة تحكمها العقل والتفكير الذاتي الحُر، لا العقل السلطوي والقضبان، فلم تعد تدين حتى لا أخلاقية حكوماتها، مثلاً لا حصرًا، كغالبية الشعب السعودي الذي يُمجّد سلطانه ويسبح بحمده ولايدين لاأخلاقيته في شؤون مُعتقلين الرأي وتعذيبهم، وتمويل الإرهاب والحرب على الدول المُجاورة، و في هذا يجب التنويه إلى أن القما والإرهاب لا يمكن أن يبقى سائدًا إلا إذا ساندته سُلطةً ما تهيمن على الجماعات لتحمي الجلادين،فكانت الشعوب الصامتة جُزء مُهم من استمرار الإستبداد والإرهاب القمعي.
فكما يقول شهيد الإستبداد الكواكبي أنهُ كلما كان المُستبد حريصًا على العسف : "احتاج إلى زيادة جيش المُتمجدين العاملين له والمحافظين عليه، واحتاج إلى الدقة في اتخاذهم مِن أسفلِ السافلين الذين لا أثر عندهم لدينٍ أو وجدان"، وتجد ممدوح عدوان في نفس الصدد يقول:
"هكذا يتحوّل المُجتمع كُله إلى سجنٍ يحتوي كل أنواع التعذيب والإذلال المادي والمعنوي وجميع أنواع التشوهات والإنحرافات الخلقية والإجتماعية".
و على نفس الخط، يضيف ممدوح عدوان في موضع آخر مفهوم مهم يتمثّل في هذه الجملة :"باسم النظام يتولّد الخوف، وبفعل الخوف يتم فهم النظام نفسه"، فكما أن النظام بآلياته القمعية يستولد الخوف في النفوس، فالخوف هو أداة مُهمة بوجودة أن تبرهن على بُنية هذا النظام.
فكان هذا جُزءًا يسيرًا من الإرهاب القمعي، الذي بدوره يجرّ لعالم السجون والمُعتقلات وفنون التعذيب.



-السجون والمُعتقلات العربية وفنون التعذيب:
إن الأوطان تنقسم لقسمين، أوطانٌ حقيقة، وأوطانٌ مزوّرة، فهذه المُزوّرة هي ملك الطغيان ودستورها السجون ، فالسجون العربية ومايحدث فيها هي أجلى دليل على خامة الأنظمة العربية ، ومن هُنا يتساءل مصطفى خليفة في رواية «القوقعة»: ما الذي قد يفعله بك السجن لتخرج منه إنسانًا آخر؟ لَم يُجِب السؤال، لكنه ترك لنا حرية تخيُّل الإجابة، وترك لَنا الواقع العربي ليجيب عن السُؤال.

مما لاشكَّ فيه أن المرآة الأمينة الصادقة لوجوه أنظمة العالم تكمن في أوضاع و ظروف السجون لها، و مِما يبعث الأسف هو إنعدام وجود مُنظمة دولية تتبنى قياس مُؤشرات لتحديد أفضل سجون العالم و أقذرها لتصدر قائمة سنوية، بحيث تُدرج فيها الدول غير المتعاونة مع المنظمة المعنية حسب درجة عدم تعاونها لِلكشف عن سجونها في ذيل السجون الأقذر.
يتلبس الإنبهار المواطن العربي إذا ما قرأ عن أوضاع سجون الدول الغربية في أنماطٍ عديدة كالنظافة ومحتوياتها من آثاث ومزايا عديدة يتمتع بها السُّجناء السياسيين والجنائيين على حد سواء ،و الأفلام الوثائقية لنماذج تلك السجون لخير دليل على مُؤشر الفروقات بين سجوننا و سجونهم وبخاصة التي يوجد بعضها في الدول الأسكندنافية المعروفة بتصدرها دول العالم في مجالات عديدة من حقوق الإنسان والديمقراطية والرفاه والسعادة ، حتى شبّه العرب المنبهرون زنازن تلك الدول الغربية بغرف الفنادق ذات الخمس نجوم ، وغني عن القول أن مبعث هذا الإنبهار لِمقارنتهم إياها بواقع الحال في سجون الأنظمة الدكتاتورية والشمولية العربية الأشبه بـ "المسالخ البشرية" .
و هذه المسالخ البشرية إنما بُنيت و شُيّدت طوبًا طوبًا لتستهدف النيل من نواة الكيان الإنساني ،و الحديث عن المسالخ البشرية هذه يُدرج تحت ميثاق حقوق الإنسان، و سرد و فضح بعض ما يتم مُمارسته في مسالخنا و مقارنته فقط مع حق من حقوق السجين الغربي كأن يُسمح للسجين الغربي العيش في نظافة معتقله، كفيل أن يُوضح لنا المأساة التي يعيشها المواطن العربي من إبادة في حقه كإنسان داخل المُعتقل.


"يقول الإنسان أنَّهُ لَن يقول شيئًا ، أما إذا بدأوا يضربونه و إذا استعملوا أساليبهم فإنهُ يُقرر في تلك اللحظات، و كيف يقرر؟ إن جسده هو الذي يُقرر : الإرادة في تلك اللحظات تموت. تخبو ،و الجسد وحده هو الذي يفعل كل شيء".
هكذا وصف عبد الرحمن مُنيف في روايته شرق المتوسط ،تدمير كيان السجين و إيصاله إلى وضعية "الحي-الميت" عن طريق كسر إرادته و مناعته و كثافته الذاتية ليصبح مُجرد شيء يمتلكه الجلاد بدايةً من طريق عدم الإعتراف بإنسانية الضحية، و نحنُ هُنا بِصدد طرح بَعض ما يحدث من فنون التعذيب أو الإرهاب القمعي الذي يُمارس على الضحية مِن قبل الجلَّاد ،بعيدًا عن التعمية و التغطية للهدر التدميري الكارثي في عمليات التعذيب:
(الحفلة) هي عملية تعذيب كُلية أطلق عليها الجلادون هذا المصطلح تيمنًا بِسخريةٍ مأساوية،و تتضمن أبعادًا جسدية و أخرى نفسية هدفها التدمير الكُلي لهذا الكيان الإنساني لإخراجه من ساحة المعركة مع السلطة و قد يتم تدجين هذا الكيان المعارض و تحويله من عقبة إلى أداة يخدم الإستبداد.
و يُمكننا سرد أدوات رؤساء الحفلة في محورين:
١التحقير المعنوي:
يهدف التحقير المعنوي الصادر من الجلاد على الضحية،عبر الإذلال الذي من شأنه يحطم صورة الذات من حيث انعدام التقدير الذاتي الذي يسلب إنسانية الإنسان و كيانه و حرمته و احترامه ،و أشد أنواع التحقير إيلامًا التحقير اللفظي المقولب في طبعه الشتائم و إطلاق النعوت اللأخلاقية على السجين و ذويت و خصوصًا الأم و الزوجة-لِما لهما من حرمة أخلاقية-. من خلال التحقير للأم و الزوجة ينال الجلاد من كرامة السجين حيث يولد جرحًا نرجسيًا دفينًا للسجين..
تلقي الصفعات المتتالية و الإهانات من أحد أنواع الهدر لذاتية السجين،كتحويل السجين لدابة يركب عليها جلادوه ليطلقوا نعوت الدواب عليه ، و كإجباره على العواء كالكلاب أو النهيق كالحمير و في هذا محاولة تبخيسية لمكانة الإنسان.و كالتعرية من الملابس و السخرية من السجين الذي بثقافته متمسك بحرمة جسده،و إطفاء السجائر في مختلف أنحاء جسده و خصوصًا المناطق الحساسة،و الإغتصاب بالعصي و الأنابيب و الذي يشكل أشد أساليب التحقير إلحاقًا للأذى و المهانة بالسجين ،ومن شأن هذه الأساليب تمكين جرح فاغر و شعور بالعار على السجين يجتره بشكل دائم دون اللجوء للبوح به للآخرين و عدم البوح من شأنه أن يعتمل في نفسه صراعًا مع صورة الذات و اعتبارها.
كذلك من وسائل التعذيب النفسي التخويف ووضع السجين في توقع الأسوأ على شكل الإعدام أو القتل،حيث يتم اقتياده معصوب العينين لمكان الإعدام المزعوم و أعلامه أن ساعة الإعدام حانت دون إخباره مسبقًا ،و هذا يؤدي إلى إحداث أذى دماغيًا و ليس نفسيًا فقط و قد يكون خطيرًا بعض الأحيان نتيجة لوصول الضغوط و التوتر و القلق إلى أقصى مدى ،بحيث لا يعود الجهاز العصبي تحملها و لا الجسم ناهيك عن التحمل النفسي.
هَذا غير اِنعدام نظافة المرافق العامة في السجن ،بل و تعمد جعل مجاريها على الدوام طافحة لتحطيم و تقزيز نفسية السجين كلما إضطر لقضاء حاجته فيها ،و غير نوعية الوجبات المُقدمة التي تعافها نفسية الحيوان فما بالك بالبشر؟ و غير قائمة الممنوعات من الحاجيات التي يرغب السجين بإدخالها معه، كبعض الكتب و المأكولات المنزلية، و مصادرة حقه في التعليم ،و سلبه حقه في التواصل مع العالم الخارجي .. و هذا الوضع المزري للسجون العربية تعكس عقليات السلطات العربية لجعلها مراكز تعذيب و إنتقام شامل من السجناء و المعتقلين.
هذا التحقير المعنوي و النفسي المذكور أعلاه ليس كل شيء، لكنه من ضمن أساسيات الحفلات اليومية التي تقام كمصيبة على كيان السجين.


٢التحقير الجسدي:
أمَّا التعذيب الجسدي فهو واجهة جحيم الإعتداء على إنسانية الإنسان و هدرها،و نحنُ هنا بصدد قعر انحطاط قيمة الإنسان و الذي فيها يصبح الموت أهون و أكرم للإنسان من مجابهة حفلات التعذيب شديدة التنوع ،و كلها هدفها إحداث أشد الآلام الممكنة لكسر مقاومة الضحية..
الضرب و الركل المبرح ،بالكلمات و السياط ،الدوس على الجسد بالأقدام في المناطق الحساسة ،اقتلاع الأظافر و الأسنان و تعذيب الأعضاء التناسلية، الصدمات الكهربائية المُختلفة،الإغتصاب من خلال إدخال أدوات مؤذية في مخارج البدن و العضو التناسلي،التعليق من الأقدام و الرأس إلى الأسفل،التعليق من الأيدي و الأرجل و البطن إلى الأسفل مما يؤدي إلى تقوس الظهر و آلام مبرحة في العمود الفقري ، كيس القطط حيث يوضع السجين في كيس خيش كبير و توضع معه القطط الشرسة و ضرب الجلاد على الكيس كي تهتاج القطط و تمزق جسد الضحية ، صب الزيت أو الملح على الجروح،السجن في قفص ضيق لا يسمح للسجين الجلوس فيه أو الوقوف و حتى الحركة ، وضع السجين في حوض من الماء البارد جدًا في الشتاء و غسله على وجه الفجر بالماء البارد و أحيان أخرى منعه من الإغتسال لردهةٍ من الزمن، منع النوم بوسائل متعددة و هذا يسبب الإجهاد ..كذلك إرغام السجين على التبول و التغوط في ملابسه ،حيث يضج الجسد بروائح عديمة الإحتمال و هذه وسيلة تنال من الكرامة الذاتية ؛لأن النظافة ترتبط بالتقدير و الإعتبار أما قذارة الجسد الذي يُجبر عليها السجين فهي تثير هوام الكيان السيء المقرف المقزز. و التجويع الذي يعتبر وسيلة فعالة للتركيع ،و الجوع يولد الشعور بالخواء و يطلق هوامات الحرمان و النبذ ..العزلة الطويلة التي تفجّر لدى السجين القلق و ما يصاحبه من عقدة "الطفل المهجور"..
و غيرها من المُمارسات و الوسائل التعذيبية التي لا يقتصر أذاها على ما تولده من آلام جسدية فقط بل إن دلالاتها الثقافية قد تكون أصعب احتمالًا كما يقول د.حجازي تهدف إلى تحقير الضحية و إذلالها و تجريدها من دلالتها الإنسانية.
في نهاية المطاف لا عجب أن يخرج السجناء من هذا المسلخ البشري و هم مصابون بالأمراضِ و العاهات و الإحباط النفسي الذي يصاحبهم مدى الحياة إلا مَن رحمه ربي و قاوم.

ونحنُ كأناس فاضت بهم القريحة المؤلمة من الواقع الذي يعايشونه بإستبداديته وظلمه وفساده، نسرد هذه الظاهرة بالقلم وإن كان السيف أقوى من القلم، فكما يقول مُنيف: "إن فضح إحدى الظواهر السلبية يُشكّل البداية لمواجهتها، تمهيدًا للتخلّص منها، ويأخذ الأمر شكل صراع، وهذا الصراع رُبما يطول، وقد يتعرّج. ويبدو أننا اليوم في إحدى مراحل الصراع الأكثر قسوة، وفي أحد المُتعرجات أشدّ خطورة".



#زيدان_الدين_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رمضان المُسلمين فانوسٌ بلا نور.
- اخجلوا مِن أنفسكم واعطونا الطّفولة.
- مُثقّف الفُقاعة.
- -الوطن- الكذبة التي تَليقُ ب إبريل .
- ضِفَّة الطُغاة و قمّة الرِّمم العربية.
- إلى مَتى سَنبقى نُحارب طواحين الهواء؟.
- لماذا لا تصدر كِتابًا؟.
- حادث نيوزلندا و تواطئ منهجية التَّطرف مع سلوك الإرهاب.
- حتَّى طرزان مُسلمًا حنيفًا.
- مِن التصديق الصبياني إلى الإعتقاد النَّاضج.
- التَّهادر الزوجي و سلبيته على الأبناء.
- ضَحايا تجارب إلهية.
- كاسيت رواية ١٩٨٤ من إنتاج الجماعة ال ...
- بُنٌ بِرائحة امرأة.
- القدِّيس الزِّنديق.
- بَين ثُنائية التُّراث و المُعاصرة..فجوة التهمت ثقافتنا.


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زيدان الدين محمد - الإرهاب القمعي والمُعتقلات، وجهٌ صريح للأنظمة العربية.