أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داخل حسن جريو - نظرة في مفهوم الدولة والحكومة















المزيد.....

نظرة في مفهوم الدولة والحكومة


داخل حسن جريو
أكاديمي

(Dakhil Hassan Jerew)


الحوار المتمدن-العدد: 6211 - 2019 / 4 / 25 - 08:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعرف الأدبيات السياسية الدولة على أنها : "تجمع سياسي يؤسس كيانا ذا اختصاص سيادي في نطاق إقليمي محدد ويمارس السلطة عبر منظومة من المؤسسات الدائمة,وإن العناصر الأساسية لأي دولة هي : الحكومة والشعب والإقليم والسيادة والاعتراف بهذه الدولة، بما يكسبها الشخصية القانونية الدولية، ويمكنها من ممارسة اختصاصات السيادة لاسيما الخارجية منها". لا يمكن تصور دولة بدون شعب أو إقليم جغرافي محدد أو حكومة تمارس سلطتها بإسم الدولة . وهنا ينبغي التمييز بين مفهوم الدولة ومفهوم الحكومة, فمفهوم الدولة أكثر اتساعا من مفهوم الحكومة. الدولة كيان شامل يتضمن جميع مؤسسات المجتمع وأفراد الشعب ، وهو ما يعني أن الحكومة ليست إلا جزءا من الدولة. أي أن الحكومة هي الوسيلة أو الآلية التي تمارس من خلالها الدولة سلطتها في الدولة وهي بمثابة عقل الدولة, إلا أن الدولة كيان أكثر ديمومة مقارنة بالحكومة المؤقتة بطبيعتها , حيث يفترض أن تتعاقب الحكومات بطريقة أو بأخرى .
ففي الدول ذات النظم الديمقراطية يتم تغيير الحكومات عبرصناديق الإنتخابات بصورة سلمية طبقا لنظام الإنتخابات المعتمد في كل بلد كما هو الحال في الدول الأوربية وأقطار أمريكا الشمالية والهند واليابان وأستراليا وبلدان أخرى هنا وهناك , أو عبر إنقلابات عسكرية أو ثورات شعبية كما هو الحال في معظم البلدان الآسيوية والأفريقية وبلدان أمريكا الجنوبية ذات النظم الإستبدادية الشمولية . وقد تلجأ حكومات النظم الشمولية إلى إجراء إنتخابات على غرار الدول الديمقراطية أو إستفتاءات مزيفة بين الحين والآخر, لإضفاء طابع الشرعية الدستورية على إستمرار سيطرتها وهمينتها على شؤون البلاد والعباد كحكومة مدنية منتخبة, وعادة ما تستمر هذه الحكومات في السلطة لفترات طويلة مقارنة بحكومات النظم الديمقراطية , بدعاوى شتى تستوجب إستمرارها بالسلطة لإستكمال رسالتها التي يحلو لبعضها تسميتها بالمهمة التاريخية التي كلفتها بها السماء ورب العباد لإنقاذ شعوبها من القهر والتخلف والجهل الذي هم أساسا من تسبب فيه , وكأن بلدانهم عجزت عن توفير البدائل الأفضل والأصلح , بينما هم يكرسون السلطة لمصالحهم غير مكترثين بمصالح البلاد والعباد , ويمارسون كل أنواع الترهيب ضد خصومهم بما في ذلك تصفيتهم الجسدية إن إقتضت مصالحهم ذلك , وقد يحلو لبعض هؤلاء الحكام تسمية أنفسهم بالقادة التاريخين الذين وهبتهم السماء لشعوبهم لإضفاء لمسة من القدسية لشخوصهم وربما التبرك بمقاماتهم وعدم جواز المساس بهم.
وبرغم إستبدال الحكومات بهذه الطريقة أو تلك , يستمر النظام الأوسع والأكثر استقراراً ودواماً الذي تمثله الدولة. كما أن السلطة التي تمارسها الدولة الديمقراطية هي سلطة مجردة بمعنى أن الأسلوب البيروقراطي في اختيار موظفي هيئات الدولة وتدريبهم يجعلهم محايدين سياسيا, ذلك أن الدولة تعبر عن الصالح العام , بينما تعكس الحكومة تفضيلات حزبية وأيديولوجية معينة ترتبط بشاغلي مناصب السلطة العليا في وقت معين. أما الدول ذات النظم الشمولية فإنها لا تمييز بين مفهوم الدولة ومفهوم الحكومة , إذ يتداخل المفهومان لديها, فالدولة هي الحكومة والحكومة هي الدولة , لذا تتدخل الحكومة في كل شاردة وواردة في شؤون الدولة بمؤسساتها المختلفة , المدنية والقضائية والأمنية والعسكرية والتشريعية , حيث تتحكم برقاب العباد والبلاد. ولعل ما يشهده العراق حاليا خير شاهد ودليل على ذلك , حيث تتقاسم الكتل السياسية الفائزة بمقاعد مجلس النواب ,جميع المناصب الحكومية صغيرها وكبيرها على حد سواء على وفق نظام المحاصصة الطائفية والأثنية الذي إعتمدته سلطة الإحتلال الأمريكي في أعقاب غزوها وإحتلالها العراق عام 2003, بعد أن قامت بهدم كيان الدولة العراقية والقضاء على موروثها الحضاري وقيمها وتقاليدها الممتدة لنحو قرن من الزمان , وإجتثاث أعداد كبيرة من كوادرها وكبار موظفيها الذين تراكمت لديهم خبرات وممارسة عمل سنيين طويلة , ودون تمكنها من تهيئة كوادر بديلة , الأمر الذي تسبب بفوضى إدارية عارمة وهدر بالمال العام ونهبه جهارا نهارا دون رقيب أو حسيب . وقد إزادت الأمور سوءا بمرور السنين , إذ باتت الكثير من الكتل السياسية تنظر إلى الممتلكات العامة كأنها غنائم حرب مستحقة لها , مما يستلزم توزيعها وفق قسام شرعي بموجب نظام المحاصصة لإعطاء كل كتلة حصتها من جميع المناصب والوظائف الحكومية , وما زالت فصول المأساة الملهاة مستمرة حتى يومنا هذا.
ولتجاوز شروط إشغال الوظائف القيادية في الدولة المدنية منها والعسكرية والأمنية , التي هم إشترطوها في الدستور بعرضها على مجلس النواب لإستحصال موافق أعضاء المجلس , لجأ كل وزير لتعيين كبار مسؤولي وزارته من وكلاء ومستشارين وخبراء من أصحاب الدرجات الخاصة ومن في حكمهم , تعينهم وكالة تلافيا لعرضها على مجلس النواب , وكذا الحال بالنسبة للسفراء وقادة الفرق العسكرية وكبار ضباط القوات المسلحة والأمنية بصنوفها المختلفة بدرجة عميد فما فوق , وبذلك أصبحت الوزارات والهيئات ومؤسسات الدولة المختلفة وكأنها إقطاعيات لكل وزير بحسب الإنتماءات الطائفية والأثنية وولاءاتهم السياسية ضمن الكتلة التي ينتمي إليها الوزير, وهذه الكوادر تتغير بحسب تغيير الوزراء, الأمر الذي يجعل هذه الوزارات والمؤسسات تدور في دوامة عدم الثبات والإستقرار في منهجية العمل وتراكم الخبرة حيث يبدأ كل مسؤول من نقطة الصفر . تتحدث وسائل الأعلام عن وجود ما لا يقل عن ( 5000) مديرعام أو قائد عسكري ممن يشغلون مواقعهم وكالة , كما تحدثت وسائل الإعلام عن نية الحكومة العراقية الحالية ومجلس النواب إستبدالهم أو تثبيت من يستحق منهم بوظيفته أصالة في موعد لا يتجاوز نهاية شهر حزيران القادم , وهو أمر مشكوك فيه كثيرا ,إذ لم يحرك احد شيئا حتى يومنا هذا ولم تتبقى سوى أسابيع قليلة , ناهيك عن فقدان الإرادة الحقيقية للتغيير , فضلا عن عدم إمتلاك الوسائل والدرات اللازمة لتحقيق ذلك في ظل أجواء الفساد والمليشات المسلحة المستفيدة من هكذا أوضاع ,و كالعادة نسمع جعجعة ولن نرى طحينا.
كما تجدر الإشارة هنا إلى أن مفهوم الدولة لا ينحصر بقومية واحدة أو دين واحد أو طائفة واحدة , إذ يندر أن تجد في العالم دولة بقومية واحدة أو دين واحد أو طائفة واحدة , إنما قوميات وأديان وطوائف متعددة بأعداد مختلفة تتعايش فيما بينها في ظل قوانين تنظم حياتها وتكفل لها حرياتها ومعتقداتها الفكرية والدينية والسياسية وممارسة شعائرها وضمان العيش الكريم وفرص العمل والتعليم والرعاية الصحية والتوزيع العادل للثروات من منطلق أن الدولة لجميع مواطنيها . والعراق ليس إستثناءا من هذه القاعدة , فالعراق بلد متعدد القوميات والأديان والطوائف منذ القدم , عرف ببلاد الرافدين أو بلاد ما بين النهرين ,سكنته وعاشت في كنفه أقوام شتى وأديان مختلفة , أسست حضارات عريقة في حقب تاريخية مختلفة , أبرزها الحضارات السومرية والأكدية والآشورية والبابلية والعربية الإسلامية والتي تركت آثارا عظيمة ما زالت شاخصة حتى يومنا هذا .
كان العراق بحق مهد الحضارات العظيمة في وقت كانت فيه معظم شعوب العالم تغط في سبات عميق. وإذا كان هكذا حال العراق , فهل يصح الآن تفتيته وهدم نسيجه الإجتماعي الزاهي وطمس معالم تاريخيه التليد , تحت هذه الذريعة أو تلك وتقسيمه إلى كانتونات هزيلة في وقت تتجه فيه الكثير من دول العالم نحو الإتحاد والترابط فيما بينها لتحقيق المزيد من التقدم والرفاهية لشعوبها . ولعل من المفيد أن نشير هنا إلى التجارب المريرة التي عاشتها بعض دول العالم التي تصاعدت فيها دعوات العنصرية القومية , نذكرمنها تجربة المانيا النازية التي قامت بدمج النمسا بالمانيا وضم جميع المناطق المجاورة التي غالبية سكانها من الألمان بدعوى تأسيس الدولة الألمانية الموحدة من منطلق أن المانيا فوق الجميع , وما تسبب ذلك لاحقا لألمانيا والعالم أجمع من ويلات ومآسي , برغم أن التجربة الألمانية لم تفتت ألمانيا بل وسعتها بخلاف المشاريع التي يطرحها البعض حاليا في العراق تسعى جميعها لتفتيته . وتجربة أخرى يجدر الإشارة إليها هي تجربة تفتيت الهند في أعقاب نيلها الإستقلال من بريطانيا عام 1947 على أساس طائفي ديني , إلى دولتي الهند ذات الغالبية الهندوسية والباكستان ذات الغالبية المسلمة , والتي هي الأخرى تفتت إلى دولتي الباكستان وبنغلادش عام 1971 , وما نجم عن ذلك فيما بعد من حروب ونزاعات ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا . وهنا أمثلة كثيرة يطول الحديث عنها .
إن أخطر ما يمكن أن يواجه بلد ذو تاريخ حضاري عريق , هو محاولة البعض بوعي او بدونه تفتيت بلده تحت أية واجهة أو مسمى . ولعل خير شاهد ودليل ما حصل من تقسيم فلسطين من قبل المستعمرين البريطانيين عام 1947 بين العرب واليهود ,بدعوى إقامة وطن قومي آمن لليهود بحسب وعد بلفور المشؤم عام 1917, القادمين من مختلف دول العالم وبخاصة المانيا وبعض دول أوربا الشرقية بعد تعرض الكثير منهم لمضايقات لا تطاق في تلك البلدان , غير مكترثين بحقوق سكانها العرب الذين عاشوا في فلسطين مئات السنين . كان الأجدر بحماة هؤلاء المهاجرين إن لم يرغبوا بتوطنيهم في بلدانهم الديمقراطية ,تشجيعهم على العيش بأمن وسلام مع سكان فلسطين في دولة فلسطينية واحدة , بدلا من ترويع سكانها ودفعهم للهجرة إلى بلدان آخرى كلاجئين مشردين. ولا عجب أن نرى أن حكومة الكيان الصهيوني في فلسطين أشد المدافعين عن قيام كانتونات أثنية وطائفية في العراق ودعم دعاتها بكل الوسائل المتاحة لإستنساخ تجربتهم المقيتة , لجر المنطقة إلى المزيد من الصراعات والمنازعات التي لن تخدم أحدا سواهم.
وأخير يحدونا الأمل أن تتضافر الجهود الخيرة لبناء عراق آمن ومستقر يعيش جميع أبنائه من مختلف القوميات والأديان والطوائف في كنفه بآمان ,وإجتثاث كل مشاريع تفتيت العراق وتقسيمة تحت أية واجهة أو مسمى وقبرها إلى الأبد, وأن يدرك من يتولى زمام السلطة الآن وفي المستقبل أن العراق وطن الجميع سبقى إلى أبد الآبدين إن شاء الله , وإن سلطة الحكام زائلة لا محالة طال الزمن أم قصر , وإنها لو دامت لما آلت إليهم, فالعراق باق وهم زائلون.



#داخل_حسن_جريو (هاشتاغ)       Dakhil_Hassan_Jerew#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة المدنية في العراق... دولة لكل العراقيين
- مشروع تجنيس الأجانب في العراق ... لمصلحة من ؟
- الفوضى الخلاقة ... الربيع العربي وأشياء أخرى بينهما
- الحكم الرشيد وبعض متطلبات الإصلاح
- إنهيار القيم الجامعية في العراق ... مسؤولية من ؟
- مجلس التعليم العالي ... ضمان إستقلالية الجامعات
- الإدارة الجامعية الرشيدة ... مفتاح النهوض بالتعليم العالي في ...
- حديث ذو شجون في الوطنية والقومية والطائفية
- هل بات العراق عصيا على الديمقراطية ؟
- عودة العشائرية في العراق ... عودة جاهلية
- التلوث البيئي في العراق ... مسؤولية من ؟
- التربية والتعليم في العراق ... جمود فكري وتخلف حضاري
- ثقافتنا هويتنا
- التظاهرات الإيرانية .... قراءة موضوعية
- الديمقراطية وأحزاب العراق السياسية
- فوضى التعليم العالي في العراق... التعليم الأهلي إنموذجا
- كركوك وتداعيات إستفتاء إقليم كردستان
- إستقلالية الجامعات
- نظرة في التركيبة السكانية لدول الخليج العربي
- إنقلب السحر على الساحر .... وإنكشف المستور


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - داخل حسن جريو - نظرة في مفهوم الدولة والحكومة