أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - الطيب عبد السلام - الوحي














المزيد.....

الوحي


الطيب عبد السلام
باحث و إعلامي

(Altaib Abdsalam)


الحوار المتمدن-العدد: 6147 - 2019 / 2 / 16 - 05:29
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ما هو الوحي

يقول تعالى في الآية الثانية من سورة يوسف "إنا انزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون"، هذه الآية تشير إشارة ذكية إلى ان النص القرآني يتحرك في فضاء العلاقة التي يقيمها العربي مع نفسه و محيطه، هذه العلاقة المتضحة و المواربة في آن، العلاقة التي يخلقها الفهم، العلاقة المسكونة بالحضور الفاني و الغياب الخالد الدائم، الغياب الساكن في الذاكرة، في حضور الماضي و تلاشيه.
فهو نص عربي يتحرك نحو الحياة و نفسه من إستدارات العربي في الصحراء، و في تأمل وجهه على الماء، فاللغة هي التصور الذي نقيم فيه، و ادراكنا لذاتنا، و هي الإستجابة لذلك الوعي.
و اللغة مقالة قبل أن تقال و مسموعة قبل أن تنطق، هي المصباح الذي نبصر به رويدا رويدا اثاث الغرفة المظلمة.
و لعلي هنا ساستعيد حوار قديما جديدا بين المعتزلة و الأشاعرة، بيد أن مدخلي سيكون مسألة الوحي، و ماهية ذلك الوحي،أخذا في إعتباري كلا الأمرين، القداسة من جهة و التاريخية من جهة، محققا ما قاله درويش في نصه "هناك ما يكفي من اللاوعي كي تتحرر الاشياء من تاريخها، و هناك ما يكفي من التاريخ كي تتحرر الاشياء من معراجها،".
بألاحرى المفارق في اليومي و اليومي في المفارق، الحميمية الموزعة في أجندة اليومي، الزيتونة اللا شرقية و اللا غربية و يكاد زيتها يضئ و لم تمسسه نار، الغار الحجري المضئ بمتأمل يكلم الله و يسمع منه.
فهل الوحي كلام الله تماما.. أم أنه كلام البشر تماما.. ام أنه الزيتونة اللا شرقية و لا غربية، أم أنه اللقاء الثر بين اللفظ و معناه، بين التصور و الحقيقة،و سكر الدرويش بالله و مفارقته ذاته و غيابه في شهوده هو لما يحس انه هو، و دمعة منشد في إنشاده، و لذة حاضر بمشاهدة غيابه.
هو الوحي، هو الزيتونة تلك، اللقاء الممتلئ و السداد الواثق من إصابة الرمية مرماها.
و هو المنفلت دوما من أن يصير ما صاره، ذلك و أن البحر لو صار مدادا لكلمات ربي لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلمات ربي، بل قال كيف صرت: فقلت كالرمل و الموج بينهما اللقاء المستمر و الفراق الأبدي، المواربة و المرواغة، التجلي العابر و الحرية المطلقة.
هو اللغة التي أقول فتفهموها، هو المسافة بيننا، هو الشبيه بما نعيه، و المنفلت عنه لإلتحاقه بالكلي العابر، الكف الممسكة بكل شئ تقوده صوب موردها، شاربا من نهر العلاقة.
هو المحاط بالتاريخ من كل إتجاه، العابر للتأريخ في كونه ظهور للحقيقة في تصور ما عنها، لإن الحقيقة تتبدى في التصور ذلك و أن الله ما وسعته ارضه و لا سماؤه بل وسعه قلب عبد مؤمن، نحن مسكن الحقيقة و محطتها، اللمحة الخاطفة في الإمتداد، اللمحة التي قالت كل شئ و لم تقله.
اللمحة التي تأبى الفناء في التاريخ و تولد كل حين في عود و تأوبل أبدي.
هو الوحي العابر لضيق تصور الماديين الفيللوجين حملة ساعات التأرخة و المحاكمة لواقعة تأريخية ما بإنها خرافة من أفق وعي أخر في لحظة تاريخية أخرى و من كان منكم بلا تاريخ فليرمها بحجر.
يرونها خرافة غير فاهمين لأغلال السلطة التي اكدتها و رعتها و ان ذات السلطة ترعى تصورهم "الجديد" و ترى انه "حقيقة علمية" كما رأت سابقا "انه حقيقة إلاهية".
و هو المفارق لتصور من يراه مفارقا ما فوق بشري، ذلك و أنه من باب المفارقة أن من يقول انه ما فوق بشري هو البشري نفسه، إذ انه في لحظة دخوله التعريف و إن كان نفيا للتعريف فهو بطبيعة الحال تعريفا، مسه البشري بطينه دون شك.
هو الحقيقة الحية في فنائها، تحرر الوعي من ذاته و شعوره بعبوره فوقه و خروجه منه.
هو القائم في البصيرة، و ما البصيرة إلا السير نحو الاشياء و لقاؤها في ذاك السير، هو مثلنا شعرة معاوية بين الخلود و الفناء، بين لمس الطين صورته هو عن نفسه.. هو تلك اللمسة.
يحتاج لغة خفيفة مثله، معنى يسير على الكلام مسير المسيح على الماء.
لغة لا تستطيعها مقابر الكلام "العلمي الأكاديمي" و لا تستطيعها همهمات الغارقين المنتشين، لغة تشبهني انا، انا اللقاء العابر بين التبدي و نيته و المرئي و ال لا.



#الطيب_عبد_السلام (هاشتاغ)       Altaib_Abdsalam#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوجه الباطني للإسلام
- سلطة الجسد الأنثوي.. بين ميشيل فوكو و عابد الجابري
- تأويل الجنس
- قراءة ما بعد بنيوية للقران....هكذا فهمت محمد اركون
- سورة الكهف..قرأة ما بعد بنيوية
- ما بعد الليبرالية...ما بعد الحداثة
- وهم العصيانات المدنية
- قداسة التدوين القرآني و ارادة السلطة
- نقل اللفظ القرأني الى المعنى العلماني
- الجنس في الجماعات الطهرانية -اتباع محمود محمد طه مثالا-
- الدين الصالح لكل زمان
- من عقلية الشورى الى عقلية الديموقراطية
- التغريبة العلمانية
- محمد عابد الجابري و العلمانية العربية
- تجديد الليبرالية
- بؤس الديالكتيك الثقافي
- حول التطبيع مع التاريخ
- حول مفهوم -يوم الدينونة- في فكر محمود محمد طه
- قيامة الفيزياء..تدوينات في السياسة و الفلسفة
- علمنة الفعل الاجتماعي


المزيد.....




- إنقاذ سلحفاة مائية ابتعدت عن البحر في السعودية (فيديو)
- القيادة الأمريكية الوسطى تعلن تدمير 7 صواريخ و3 طائرات مسيرة ...
- دراسة جدلية: لا وجود للمادة المظلمة في الكون
- المشاط مهنئا بوتين: فوزكم في الانتخابات الرئاسية يعتبر هزيمة ...
- ترامب: إن تم انتخابي -سأجمع الرئيسين الروسي الأوكراني وأخبر ...
- سيناتور أمريكي لنظام كييف: قريبا ستحصلون على سلاح فعال لتدمي ...
- 3 مشروبات شائعة تجعل بشرتك تبدو أكبر سنا
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /19.03.2024/ ...
- إفطارات الشوارع في الخرطوم عادة رمضانية تتحدى الحرب
- أكوام القمامة تهدد نازحي الخيام في رفح بالأوبئة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - الطيب عبد السلام - الوحي