أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مهدي كاكه يي - مجازر ملوك آشور (2)















المزيد.....

مجازر ملوك آشور (2)


مهدي كاكه يي

الحوار المتمدن-العدد: 6035 - 2018 / 10 / 26 - 15:18
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


نبذة تأريخية عن الكورد والآشوريين والعلاقة بينهم (63) – الآشوريون

مجازر ملوك آشور (2)

في الحلقة السابقة، تمّ الحديث بشكل عام عن الجرائم الكبرى التي كان ملوك آشور يرتكبها بِحق شعوب الممالك التي إحتلوها. في هذه الحلقة، نختار عدداً من ملوك آشور ونتحدث عن المجازر والإبادات الجماعية التي قام هؤلاء الملوك بإرتكبها خلال حُكمهم.

يذكر (ديورانت) أنّ أول الأسماء العظيمة في تاريخ آشور هو (تغلات پلاسر الأول) وكان هذا الملِك صيّاداً ماهراً، حيث يقول بأنه قد قتل وهو راجل 120 أسداً وقتل وهو في عربته 800 أسداً. يذكر هذا الملِك الآشوري أيضاً بأنّه يصيد الأمم والحيوانات على السواء[1].

إشتهر الملِك الآشوري (آشورناسرپال) بالقسوة والبطش وكثرة الغزوات والحروب، حيث كان إسمه يُثير الرُعب والخوف بين سُكّان منطقة الشرق الأدنى. كان هذا الملِك يقوم بِسلخ جلود الحُكّام الثائرين ونثرها على أسوار مدنهم، و كان يأمر أيضاً بِتعذيب الأسرى والمدنيين، نساءً وأطفالاً ورجالاً. في أحد سجلاته عن غزوه لِبلاد أحد الملوك، يذكر هذا الملِك ما يلي: "أقمتُ عموداً على مدينته وسلختُ جلود كل الرؤساء المتمردين وكسوتُ العمود بها وبنيتُ بعضهم داخل العمود وخوزقتُ عليه آخرين وأوثقتُ بعضهم حول العمود وبترتُ أوصال الضُباط الملكيين الذين أعلنوا العصيان وحرقتُ العديد من أسراهم بالنار وإتخذتُ الكثير منهم عبيداً، وجدعتُ أنوف بعضهم وقطعتُ آذانهم وأصابعهم وقلعتُ عيون آخرين ووضعتُ عموداً من الأحياء وآخراً من الرؤوس، كما علّقتُ جماجمهم على جذوع الأشجار حول المدينة، ثم أحرقتُ شبابهم وشاباتهم بالنار وأمسكتُ بِعشرين رجلاً ودفنتُهم أحياءاً في جدران قصره وأهلكتُ بقية جنوده عطشاً في صحراء الفرات"[2] . كما أنّ (آشورناسرپال) إستولى على 12 دولة صغيرة، وعاد من حروبه بمغانم كثيرة، وسمل بِيَدِه عيون خمسين من أمراء الأسرى[3].

يذكر الملِك (سنحاريب) في إحدى لوحاته المنقوشة بأنّه قضى على الفِتن وهاجم أورشليم ومصر ونهب 89 مدينة و 280 قرية وغنِم 729 جواداً و 1800 حماراً و 8000 ثوراً و 800000 رأساً من الغنم و 208000 أسيراً[4].

عندما ثارت بابل للتخلص من الإحتلال الآشوري، قام (سنحاريب) بمحاصرة بابل وإستولى عليها وأشعل النار فيها، فدمّرها تدميراً كاملاً، وقام بِقتل جميع سُكّان بابل تقريباً وقام أيضاً بِنهب معابدها وتحطيم آلهتها وجعل الإله البابلي (مردوخ) خادماً ذليلاً للإله آشور. يصفُ سنحاريب هجومه على بابل كالآتي: "هاجمتُها كالأعصارِ، وكالعاصفة أطحتُ بها... لم أترك أي فردٍ من سكانها شيباً وشباناً، فملأتُ طرقاتها بِجثثهم، أما المدينة نفسها وبيوتها، فقد حطمتُها وخرّبتُها ودمرتُها بالنيران من أُسِسها حتى سقوفها، وسلَّطتُ المياه على معابدها، فحولّتُها إلى مراعٍ لكي ينسى الناس في المستقبل حتى تراب معابدها" [2] وحطمتُ إلهة بابل، صاحبة السلطان الأعظم القديم، وسيقتُها أسيرة ذليلة إلى نينوى وأصبح (مردوخ) الإله الأكبر خادماً ذليلا للرب (آشور).

أمّا بالنسبة الى الملِك الآشوري (آشور بانيپال)، كان هذا الملِك ينتقل من حربٍ إلى حرب، ومن حصارٍ إلى حصار، ثم ينتقل إلى مدن جائعة وأسرى يسلخ جلودهم وهم أحياء، حيث أنّه يذكر في إحدى لوحاته المدوّنة عما فعله ببلاد إيلام، ما يلي: "لقد خرّبتُ من بلاد إيلام ما طوله مسير شهر وخمسة وعشرين يوماً، ونشرتُ هناك الملح والحسك (لأجدب الأرض) وسقتُ من المغانم إلى آشور أبناء الملوك، وأخوات الملوك، وأعضاء الأسرة المالِكة في إيلام، صغيرهم وكبيرهم، كما سقتُ منها كل مَن كان فيها من الولاة والحُكام، والأشراف والصُنّاع، وجميع أهلها الذكور والإناث، كباراً كانوا أو صغاراً، وما كان فيها من خيل وبغال وحمير وضأن وماشية، تفوق في كثرتها أسراب الجراد، ونقلتُ إلى آشور تراب السوس، ومدكتو، وهلتماش وغيرها من مدائنهم، وأخضعتُ في مدة شهر من الأيام بلاد إيلام بأجمعها؛ وأخمدتُ في حقولها صوت الآدميين، ووقعْ أقدام الضأن والماشية، وصراخ الفرح المنبعث من الأهلين، وتركتُ هذه الحقول مرتعاً للحمير والغزلان والحيوانات البرّية على إختلاف أنواعها". يُقال أنّه تمّ جلب رأس ملِك إيلام القتيل إلى (آشور بانيپال) وهو في وليمة مع زوجته في حديقة القصر، فأمرَ بِوضع الرأس على عمود بين الضيوف، وظل المرح يجري مجراه، ثم علّق رأس الملِك الإيلامي على باب نينوى الى أنْ تعفّن وتفتّت. أما القائد الإيلامي (دنونا) الذي تمّ أسره من قِبل الآشوريين، فقد قام (آشور بانيپال) بِسلخ جلده حيّاً، ثم ذبحه، وضربَ عنق أخيه، وقطع جسمه ووزّعه كهدايا على أهل البلاد، تذكاراً لِإنتصاره على إيلام.

عندما قام (آشور بانيپال) بِقمع ثورة أخيه (شمش شم أوكين) وإستولى على بابل بعد حصارٍ طويل، كان للمدينة منظرٌ رهيب، تتقزز منه نفوس الآشوريين أنفسهم، فقد كان معظم مَن قضت عليهم الأوبئة والقحط، مُلقين في الطرقات أو في الميادين العامة، فريسةً للكلاب والخنازير. حاول الذين كان لهم بقيةً من القوة من الأهلين أو الجنود، أن يفرّوا إلى الريف، ولم يبقَ في المدينة إلا مَن كان ضعيفاً، لا يستطيع أن يجرّ قدميه إلى أبعد من أسوارها. طارد (آشور بانيپال) هؤلاء المُشرّدين، وإستطاع أن يقبض على جميعهم تقريباً، فقامَ بِصبّ جام غضبه ونقمته عليهم، فأمر بأن يتمّ إقتلاع ألسِنة الجنود، وأن يضربوا بعد ذلك بالهراوات حتى الموت، أما الأهالي، فقد أمر بِذبحهم، أما العجول المُجنّحة العظيمة التي شهدتْ منذ خمسين عاماً مجزرةً أخرى شبيهة بهذه المجزرة في عهد جدّه سنحاريب، فتمّ تدميرها. ظلت جثث هؤلاء الضحايا في العرّاء زمناً طويلاً، تفترسها الحيوانات البرّية والطيور.

يبدو أن الآشوريين كانوا يجدون متعةً و تدريباً ضرورياً لأبنائهم في تعذيب الأسرى وسمل عيون الأبناء أمام آبائهم، وسلخ جلود الناس أحياءً، وشوي أجسامهم في الأفران، وربطهم في السلاسل في الأقفاص، ليستمتع عامة الناس بِرؤيتهم، ثم إرسال مَن يبقون منهم أحياءاً إلى الجلّادين. على سبيل المثال، يقول الملِك الآشوري (آشور بانيپال) بهذا الصدد ما يلي:
"لقد سلختُ جلود كل مَن خرج عليّ من الزعماء، وغطّيتُ بِجلودهم العمود، وسمرتُ بعضهم من وسطهم في الجدران، وأعدمتُ بعضهم خزقاً، وصففتُ بعضهم حول العمود على الخوازيق ... أما الزعماء والضُباط الذين ثاروا، فقد قطعتُ أطرافهم". يمضي (آشور بانيبال) في حديثه مُفتخِراً بأنّه "حرق بالنار ثلاثة آلاف أسير، ولم يُبقِ على واحد منهم حيّاً ليتّخذه رهينة". ويقول في نقشٍ آخر من نقوشه ما يلي: "أما أولئك المحاربون الذين أذنبوا في حق آشور وإئتمروا بالشرّ عليّ، فقد انتزعتُ ألسنتهم من أفواههم المُعادية وأهلكتُهم، ومن بقي منهم على قيد الحياة، قدّمتهم قرابين جنازية؛ وأطعمتُ بأشلائهم المُقطّعة الكلاب والخنازير والذئاب وبهذه الأعمال أدخلتُ السرور الى قلوب الآلهة العظام".

ملك آشوري آخر قام بِنقش العبارات التالية على الآجر: "إن عجلاتي الحربية تهلك الإنسان والحيوان ... إنّ الآثار التي أُشيّدها، قد أُقيمت من الجثث الآدمية التي قطعتُ منها الرؤوس والأطراف، ولقد قطعتُ أيدي كل من أسرتُهم أحياءاً".

إحدى اللوحات الآشورية التي تمّ إكتشافها في نينوى، عليها نقوش لِرجال يُخزَقون و يُسلخون و يتمّ قطع ألسنتهم؛ ويُصوّر نقشٌ آخر أحد الملوك الآشوريين وهو يفقأ أعين الأسرى بِرمح، ورؤوسهم مُثبّتة في أماكنها بِحبل يخترق شفاههم.

المصادر

1. ول ديورانت. قصة الحضارة. التراث الشرقي، الشرق الأدنى، آشور، صفحة 470.

2. . جورج رو. العراق القديم. ترجمة وتعليق حسين علوان حسين، بغداد، وزارة الثقافة والإعلام، الطبعة الثانية، 1986م - 1406هـ، صفحة 391 - 392.

3. ول ديورانت. قصة الحضارة. التراث الشرقي، الشرق الأدنى، آشور، صفحة 471.

4. المصدر السابق، صفحة 472.



#مهدي_كاكه_يي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجازر ملوك آشور (1)
- هل السيثيون من أسلاف الكورد؟
- الإمبراطورية الآشورية (5)
- الإمبراطورية الآشورية (4)
- الإمبراطورية الآشورية (3)
- الإمبراطورية الآشورية (2)
- الإمبراطورية الآشورية (1)
- ماذا إقتبس الإسلام من الدين الزردشتي؟
- مقاومة السوباريين للغزو الأجنبي
- تأسيس مملكة آشور
- المسيحية تعود الى جذورها الميثرائية (اليزدانية)
- هل كان النبي إبراهيم من أسلاف الكورد؟
- الحُكم السومري والسوباري في بلاد سوبارتو (4900 – 1820 قبل ال ...
- أسباب إفتقار شعب كوردستان لِكيانٍ سياسيٍّ
- اللغة والثقافة الآشورية
- أصل الآشوريين
- كيف إكتسب الآشوريون إسمهم؟
- السوباريون وهجرة أقوامٍ سامية الى بلاد السوباريين (سوبارتو S ...
- الحضارة الميدية (2)
- الحضارة الميدية (1)


المزيد.....




- رصدته كاميرا بث مباشر.. مراهق يهاجم أسقفًا وكاهنًا ويطعنهما ...
- زلة لسان جديدة.. بايدن يشيد بدعم دولة لأوكرانيا رغم تفككها م ...
- كيف تتوقع أمريكا حجم رد إسرائيل على الهجوم الإيراني؟.. مصدرا ...
- أمطار غزيرة في دبي تغرق شوارعها وتعطل حركة المرور (فيديو)
- شاهد: انقلاب قارب في الهند يتسبب بمقتل 9 أشخاص
- بوليتيكو: المستشار الألماني شولتس وبخ بوريل لانتقاده إسرائيل ...
- بريجيت ماكرون تلجأ للقضاء لملاحقة مروجي شائعات ولادتها ذكرا ...
- مليار دولار وأكثر... تكلفة صد إسرائيل للهجوم الإيراني
- ألمانيا تسعى لتشديد العقوبات الأوروبية على طهران
- اكتشاف أضخم ثقب أسود في مجرة درب التبانة


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مهدي كاكه يي - مجازر ملوك آشور (2)